تحاول الرياض ودكا الوصول إلى حل جزئي يخفف أزمة الروهينغا في السعودية، ولكن بنغلاديش تخشى أن يؤدي هذا الحل إلى تخلي ميانمار عن مسؤوليتها عن أزمة الروهينغا.
ففي مقابلة أجراها وزير الخارجية البنغلاديشي أبول كلام عبد المؤمن مع إذاعة Deutsche Welle الألمانية مؤخراً، قال إن السلطات في دكا تدرس تزويد بعض أفراد الروهينغا الذين يعيشون في السعودية بوثائق قانونية.
فمنذ ما يقرب من 40 عاماً، استقبلت السعودية عشرات الآلاف من لاجئي الروهينغا الذين تعرضوا للاضطهاد في ميانمار.
وقالت الحكومة السعودية لدكا في سبتمبر/أيلول عام 2020 إنه "سيفيدها" أن تمنح هؤلاء اللاجئين جوازات سفر بنغلاديشية لأن المملكة "لا يمكنها الاحتفاظ بأناس لا يحملون جنسية".
ويُشار إلى أن الروهينغا في السعودية لا يحملون جواز سفر من أي دولة. وحتى أبناء اللاجئين الذين وُلدوا في السعودية ويتحدثون العربية لا يُمنحون الجنسية السعودية، حسبما ورد في تقرير لموقع Deutsche Welle الألماني.
ولا تعترف بنغلاديش بالروهينغا من مواطنيها، لذلك يقول الخبراء إن تصريح وزير الخارجية عبد المؤمن بأن دكا تدرس منح جوازات سفر لبعض الروهينغا في السعودية يمكن أن يؤثر على المحادثات التي تجريها الدولة الواقعة في جنوب آسيا مع ميانمار بشأن عودة الروهينغا إلى بلادهم.
وسبق أن حثت السعودية الأمم المتحدة لمضاعفة الجهود الدولية على حكومة ميانمار وثنيها عن المواصلة في انتهاكاتها تجاه أقلية الروهينغا المسلمة، مطالبة أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بمواصلة حث مجلس الأمن لاتخاذ خطوات عملية لرفع المعاناة عن مسلمي الروهينغا.
قرار صعب على دكا وسببه فساد بعض المسؤولين
وقال عبد المؤمن لموقع Deutsche Welle: "لقد ناقشنا الأمر مع السلطات السعودية وأكدنا لها أننا سنجدد جوازات سفر الروهينغا الذين سافروا إلى السعودية من بنغلاديش".
وقال وزير الخارجية البنغلاديشي إن العديد من الروهينغا قدموا في السابق رشوة لمسؤولين بنغال للحصول على جوازات سفر البلاد.
وقال عبد المؤمن: "أعوام 2001 و2002 و2006، سافر الكثير من الروهينغا إلى السعودية بجوازات سفر بنغلادشية. وبعض المسؤولين البنغاليين الفاسدين هم من أصدروا لهم هذه الوثائق".
لكن وزير الخارجية أكد أن دكا لن تكون مسؤولة عن أبناء هؤلاء الأشخاص.
وقال عبد المؤمن لموقع Deutsche Welle: "هؤلاء الروهينغا لم يعودوا إلى بنغلاديش منذ السبعينيات. وأبناؤهم وُلدوا وترعرعوا في بلدان أخرى. ولا يعرفون شيئاً عن بنغلاديش. ونشأوا عرباً"، مضيفاً أن الحكومة السعودية لا تريد ترحيل جميع الروهينغا.
وقال: "أولئك الذين حصلوا بالفعل على الجنسية السعودية سيبقون هناك".
وقد حصل حوالي 300 ألف من الروهينغا بالفعل على تصريح عمل في السعودية. والكثير من الروهينغا الذين يبلغ عددهم 54 ألفاً والذين تريد الرياض إعادتهم الآن إما كانوا يحملون جوازات سفر بنغلاديشية حين سافروا إلى السعودية، أو أنهم استلموها من قنصليات بنغلاديش في السعودية، ليضيفوا تعقيداً جديداً لأزمة الروهينغا في السعودية.
من يجب أن يتحمل مسؤولية الروهينغا؟
يقول س. ر. أبرار، المدير التنفيذي لحركات اللاجئين والمهاجرين في دكا، لموقع Deutsche Welle إنه إذا كان هؤلاء الأشخاص يحملون وثائق بنغلاديشية، فيجب أن تتحمل دكا مسؤوليتهم.
لكنه انتقد ضغط الرياض على السلطات البنغالية لإعادتهم.
وقال: "بنغلاديش، التي لا يتمتع اقتصادها بالقوة الكافية، كانت شجاعة كثيراً بتوفيرها مأوى لهؤلاء الناس. ولا ينبغي للسعودية أن تمارس المزيد من الضغط على البلاد".
ويؤكد أبرار أن الروهينغا في السعودية ليسوا مهاجرين لأسباب اقتصادية. بل هم "فئة مضطهدة. وعلى السعودية أن تتعامل معهم على هذا الأساس".
كيف يؤثر حل أزمة الروهينغا في السعودية على بنغلاديش؟
يرى الخبير أن قبول بنغلاديش بإعادة الروهينغا من السعودية سيضعف من موقفها في محادثاتها مع ميانمار حول إعادة الروهينغا إلى بلادهم.
وقال أبرار: "قد تحاول ميانمار استغلال ذلك لصالحها وإجبار بنغلاديش على الاعتراف بمزيد من اللاجئين الروهينغا من مواطنيها".
ويقول علي رياض، أستاذ العلوم السياسية المرموق في جامعة ولاية إلينوي، إنه موقف صعب على بنغلاديش. لكنه يرى أن المسألة السعودية لن يكون لها تأثير على مفاوضات بنغلاديش مع ميانمار.
وقال رياض لإذاعة Deutsche Welle: "القضيتان منفصلتان. فاعتراف بنغلاديش ببعض الروهينغا كمواطنين لها لا يعني أن تقبل بالاعتراف بجميع أفراد الروهينغا من مواطنيها".