نتائج المصالحة الخليجية التي شهدتها قمة العلا في السعودية على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بعد رفع الحصار عن قطر ضخمة بالتأكيد، أما تأثير الحدث على الرياضة، خصوصاً كرة القدم، فهو أمر رائع لعشاق الساحرة المستديرة.
إسقاط دعوى شبكة BeIn Sports ضد السعودية
في عام 2017، أصدرت دول الحصار الأربع، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قائمة بـ13 مطلباً لقطر، تشمل إنهاء التعاون العسكري مع تركيا والحد من التجارة مع إيران وإغلاق قناة الجزيرة القطرية، لكن شبكة البث الرياضية بالدوحة BeIn Media، التابعة لشبكة الجزيرة سابقاً، لم تُذكر ضمن تلك الشروط. ورغم ذلك وجدت الشبكة الرياضية نفسها في قلب الصدع الخليجي.
فبعد فترةٍ وجيزة من إعلان الحصار في عام 2017، جرى إطلاق شبكة قرصنة تُدعى BeOutQ على القمر الصناعي عرب سات ومقره الرياض، وبثّت الشبكة محتوى مسروقاً من BeIn Sports مع التغطية على الشعار الأصلي بشعارٍ من صُنعها. وسمحت الشبكة الجديدة لملايين الناس بمشاهدة الأحداث الرياضية مباشرة بشكلٍ غير قانوني، مثل مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز التي تمتلك شبكة BeIn Sports الحقوق الحصرية لبثها في الشرق الأوسط.
وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 2018، رفعت شبكة BeIn Sports دعوى قضائية ضد السعودية تُطالب فيها بتعويض مليار دولار عن الأضرار، فيما يُعتقد أنّها أكبر قضية قرصنة رياضية في التاريخ.
إذ قالت صوفي جوردان، المديرة التنفيذية للشؤون القانونية بشبكة BeIn Sports حينها: "من الواضح أنّه يجري استخدامنا بشكلٍ غير عادل كلعبةٍ سياسية وسط نزاعٍ إقليميٍ أوسع. وهذه القضية لها تداعياتها التي تتجاوز شبكة BeIn Sports. فمن خلال BeOutQ، خلقت المملكة العربية السعودية وباء القرصنة. وسوف تكون التداعيات مُدمّرة ولا رجعة فيها في حال عدم تكاتف جميع أطراف صناعات الرياضة والترفيه والبث معاً لتأخذ موقفاً من الأمر".
بينما نشرت منظمة التجارة العالمية تقرير إدانة في يونيو/حزيران عام 2020، وجدت فيه أنّ العديد من المسؤولين السعوديين البارزين روّجوا لشبكة BeOutQ.
وفي يوم الثلاثاء، الرابع من يناير/كانون الثاني، قال مصدرٌ لمجلة Sports Business البريطانية، إن إنهاء الحصار على قطر يُلزمها بإسقاط دعوى BeIn Sports القضائية، إلى جانب قضيتين رئيسيتين أخريين، في مقابل إعادة فتح الحدود مع السعودية. ولكن لم يصدر بعد تعليقٌ رسميٌ على الأمر، بحسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
هل تعود محاولة الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد؟
وافق على صفقة تمديد تغطية شبكة BeIn Sports لكرة القدم الإنجليزية 19 نادياً من أصل 20 نادياً في الشهر الماضي، وكان نادي نيوكاسل يونايتد بالدوري الإنجليزي الممتاز هو الوحيد الذي صوّت ضد الصفقة، في إشارة إلى شعور نادي نيوكاسل بالظلم نتيجة الدور الذي أدّته شبكة BeIn Sports في إفشال استحواذ السعودية على النادي أوائل العام الماضي.
إذ تقدّم اتحادٌ بقيادة صندوق الاستثمارات العامة السعودي، صندوق الثروة السيادي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بعرضٍ قيمته 407 ملايين دولار، من أجل الاستحواذ على النادي الشمالي الشرقي في أبريل/نيسان. وبعد أشهر من الانتظار لاجتياز اختبار مُلاك ومديري الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، تم سحب العرض في يوليو/تموز.
ويُعتقد أنّ قضايا القرصنة لعبت دوراً كبيراً في إفشال عملية الاستحواذ، نتيجة قلق الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بشأن الادعاءات بأن الحكومة السعودية كانت متورّطة بشكل مباشر في سرقة المحتوى عبر شبكة BeOutQ.
وتعرّضت الصفقة أيضاً لانتقادات منذ البداية من قِبل المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين اتّهموا السعودية بأنّها ستستغل نادي نيوكاسل يونايتد في "التبييض الرياضي" لسجل حقوق الإنسان خاصتها.
بينما قال مشجعو نادي نيوكاسل المنحدرون من أصول عربية، في الجاليات اليمنية والمسلمة بشمال شرقي إنجلترا، لموقع Middle East Eye البريطاني، إنّهم "سعداء للغاية" بانهيار صفقة الاستحواذ، مستشهدين بالتورط العسكري السعودي في اليمن.
وقال نيكولاس ماكغيهان، مدير في منظمة Fair Square التي تُراقب انتهاكات حقوق الإنسان بمنطقة الخليج، للموقع البريطاني: "لقد كان القطريون هم العقبة الأكبر في صفقة الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد، لذا فمن المحتمل أن نشهد عودتها إلى النور الآن".
كأس العالم وما بعده
من المرجح أن يفتح إنهاء الحصار الباب على مصراعيه أمام الدول الخليجية لتتعاون معاً في الفترة التي تسبق كأس العالم 2022 في قطر. وكان وجود جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، في السعودية الأسبوع الجاري، ليشهد توقيع اتفاقية المصالحة في العلا، أبلغ تعبير عن مدى أهمية المصالحة لكرة القدم.
وكان إنفانتينو قد طرح سابقاً فكرة توسيع كأس العالم ليشمل 48 فريقاً في جميع أنحاء المنطقة، لتستضيف دول البحرين والكويت والسعودية والإمارات المجاورة بعض المباريات. لكن قطر عارضت تلك الخطط بقوة بصفتها محاولةً لسرقة البطولة من أراضيها.
وفي الشهر الماضي، توصّلت الدوحة والرياض إلى اتفاقٍ لاستضافة نسخ متتالية من دورة الألعاب الآسيوية عامي 2030 و2034، في عرضٍ نادر للوحدة بين الدول المتنافسة. ورغم أن قطر والسعودية تقدمتا بملفين متنافسين للفوز باستضافة كأس آسيا عام 2027، وهي أكبر بطولة رياضية في القارة، فإنه بعد المصالحة بينهما قد ينتهي بهما المطاف إلى التعاون معاً في مواجهة ملف الهند.