كان عام 2020 سيئاً تماماً لحزب الله، القوة الأبرز في لبنان وذراع إيران الرئيسية إقليمياً، فهل يحمل 2021 أنباء أفضل للحزب الشيعي أم أن مزيداً من الضغوط، خصوصاً من أوروبا، في انتظاره؟
دراسة إماراتية تتوقع الأسوأ لحزب الله
صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية نشرت ملخصاً لدراسة أجرتها شبكة العين الإخبارية الإماراتية، في ظل التقارب الصاروخي بين تل أبيب وأبوظبي بعد اتفاق التطبيع بينهما مؤخراً، تلقي الضوء على أن حزب الله، عكس الرأي السائد حالياً، ينتظره مزيد من الضغوطات العام الحالي.
وسبب كون هذا السيناريو الذي خلصت إليه الدراسة يعتبر سباحة عكس تيار التحليلات هو أن الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن تتخذ موقفاً يميل أكثر إلى العودة لسياسات التقارب مع إيران والعودة للاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة دونالد ترامب، وبالتالي من المتوقع تخفيف الضغوط عن طهران ومعها بالتبعية حزب الله اللبناني.
لكن، خلافاً لهذا الاتجاه، ترى شبكة العين أن حزب الله قد يواجه ضغوطاً حقيقية هذا العام بعد صدور قرارات جديدة في أوروبا، إذ كان عام 2020 كارثياً على الحزب، حيث أشارت الدراسة الإماراتية إلى أن الحزب "تلقى ضربات مدمرة في العديد من الدول الأوروبية تأرجحت بين الحظر والعقوبات المشددة. وتمهد هذه الخطوات الطريق لفرض إجراءات أشد عام 2021 تضع مستقبل الميليشيا اللبنانية في القارة العجوز على المحك".
وتشير الدراسة أيضاً إلى أن برلين حظرت حزب الله في أبريل/نيسان، ووجهت "ضربة قاسية للميليشيا التي تعتمد على ألمانيا لجمع التبرعات لتمويل أنشطتها. وبعد أربعة أشهر من هذا التاريخ، وتحديداً في أغسطس/آب الماضي، منعت ليتوانيا أعضاء حزب الله من دخول أراضيها لمدة 10 سنوات، في خطوة لاحتواء تهديد الميليشيا اللبنانية".
واتخذت إستونيا أيضاً "إجراءات ضد الحزب، فمنعت أعضاء حزب الله، المنتمين إلى جناحيه العسكري والسياسي، من دخول البلاد وفرضت عقوبات على بعض قادة الحزب، من المتوقع أن تُحدَّد أسماؤهم خلال الفترة القادمة". واتخذت خمس دول أوروبية حتى الآن إجراءات ضد الحزب، كان العديد منها عام 2020.
وتشير شبكة العين إلى أن "عدد الدول الأوروبية التي تحظر الميليشيا اللبنانية بشكل كامل في أوروبا ارتفع إلى ست دول". وتتوقع الشبكة أيضاً أن سويسرا والنمسا قد "تتخذان إجراءات صارمة ضد حزب الله".
تصنيف حزب الله بين السياسي والعسكري
تتعامل كثير من دول العالم مع حزب الله على مستويين، الأول عسكري والثاني سياسي. أما الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تعتبر الحزب بشكل عام منظمة إرهابية منذ عام 1997، وكندا أيضاً صنفت حزب الله منظمة إرهابية منذ 2002، وتلتها هولندا عام 2004. أما بريطانيا فهي تفرق بين الجناح العسكري للحزب والذي صنفته منظمة إرهابية عام 2008، بينما لا ينطبق التصنيف على الجناح السياسي للحزب. وقد اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً بتصنيف الجناح العسكري للحزب كمنظمة إرهابية في يوليو/ تموز 2013.
لكن شهدت نهايات 2019 وعام 2020 تصاعداً غير مسبوق في الحصار الذي يتعرض له حزب الله، بداية من انطلاق الاحتجاجات الشعبية العارمة في لبنان ووصولاً إلى تأثير حملة الضغط الأقصى التي فرضها ترامب على طهران وهو ما أدى إلى تراجع الدعم المالي الذي تقدمه إيران للحزب.
صحيح أن احتجاجات اللبنانيين أو ثورتهم الشعبية التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2019 تحت شعار "كلن.. يعني كلن"، لم تكن موجهة ضد حزب الله فقط بل ضد فساد الطبقة السياسية بأكملها، لكنها ربما كانت المرة الأولى التي يتعرض فيها زعيم الحزب حسن نصرالله للهتافات الغاضبة المطالبة برحيله، في مؤشر واضح على تراجع قوة الحزب محليا، بحسب مراقبين.
لماذا ترفض بعض دول أوروبا حظر الحزب بالكامل؟
لكن رغم تصنيف الاتحاد الأوروبي للجناح العسكري لحزب الله منظمة إرهابية، ترفض بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا فكرة تصنيف الحزب ككل كمنظمة إرهابية لأكثر من سبب.
أول هذه الأسباب هو حرص باريس على أن تظل لاعباً رئيسياً على الساحة اللبنانية، كونها المستعمر للبلاد خلال الحقبة الاستعمارية، وحزب الله هو القوة المهيمنة تماماً على الساحة السياسية اللبنانية منذ انتهاء الحرب الأهلية وتوقيع اتفاق الطائف قبل ثلاثة عقود.
فإذا ما أقدمت فرنسا على تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية ستنقطع قنوات الاتصال وتقل معها قدرة باريس على لعب دور مؤثر في السياسة اللبنانية، بحسب الرأي السائد في الأوساط الفرنسية. لكن أحداث العام الماضي، وبالتحديد منذ تفجير مرفأ بيروت مطلع أغسطس/آب 2020، وإلقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بثقله خلف تحقيق مطالب اللبنانيين وتشكيل حكومة غير طائفية تساهم في إنقاذ البلاد، وإعطائه مهلة لم يحترمها أحد ولم تحقق مبادرته أي تقدم يذكر، ربما تساهم في تغيير فكر فرنسا في مسألة تصنيف حزب الله ككل منظمة إرهابية.
والسبب الآخر بشكل عام وراء تردد بعض الدول في تصنيف حزب الله منظمة إرهابية هو تحكم الحزب بشكل عملي في مقدرات لبنان السياسية، وهو ما يعني عمليا أن تصنيف الحزب منظمة إرهابية يعني وقف التعامل تماماً مع لبنان بشكل عام، ومن يدفع الثمن سيكون الشعب اللبناني نفسه.
كما أن بعض الدول لا تسمح قوانينها الخاصة بتصنيف حزب يحظى بتمثيل برلماني في انتخابات محلية كمنظمة إرهابية لأن ذلك يعتبر تعدياً على إرادة الناخبين.
وفي ظل تلك المعطيات المتشابكة، إضافة إلى ما قد تتخذه إدارة بايدن من قرارات بشأن التعامل مع إيران وبالتحديد ملف الاتفاق النووي، يظل مصير حزب الله اللبناني معلقاً بشكل كبير بما قد يحدث بين واشنطن وطهران، فهل يتعرض الحزب لمزيد من الضغوط فعلا في 2021؟ أم أن بايدن وإدارته قد تمنح الحزب قبلة الحياة ولو بشكل غير مباشر؟