يسعى الجيش البريطاني لإطلاق برنامج لانتاج طائرات مسيَّرة بريطانية مستلهماً من الطائرات المسيَّرة التركية رغم امتلاكه لطائرات مسيَّرة أمريكية باهظة الثمن ويفترض أنها أكثر تقدماً.
ولكن تجربة الطائرات المسيَّرة التركية دفعت المسؤولين البريطانيين للتفكير في برنامج جديد لبناء طائرات مسيَّرة بريطانية مسلحة، بعد طريقة استخدام أذربيجان لها في صراعها مع أرمينيا في نزاع ناغورني قره باغ الذي انتهى بانتصار باكو.
الطائرات المسيرة التركية حسمت الصراع بين أرمينيا وأذربيجان
يعتقد مسؤولو الدفاع أن استخدام أذربيجان لطائرات تركية بدون طيار أرخص، الذي استمر 6 أسابيع، وكانت حاسمة في هزيمة الأرمن، وإجبارهم على التخلي عن السيطرة على الأراضي في منطقة القوقاز المتنازع عليها.
وقُتل حوالي 5000 جندي من كلا الجانبين، لكن المحللين في مدونة أوريكس، بالاعتماد على الصور ومقاطع الفيديو المتاحة للجمهور، قدروا أن أرمينيا فقدت 224 دبابة مقارنة بـ36 دبابة من أذربيجان.
ونقلت صحيفة The Guardian البريطانية عن مصادر بوزارة الدفاع أن المملكة المتحدة تريد شراء طائرات بدون طيار أرخص سعراً كجزء من مراجعة الدفاع لمدة خمس سنوات، التي من المقرر الكشف عنها في أوائل عام 2021.
لهذا السبب تفكر لندن في بناء طائرات مسيَّرة بريطانية بالطريقة التركية
في وقت سابق من هذا الشهر، قال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، إن الطائرات التركية بدون طيار TB2 هي مثال على كيف أن الدول الأخرى "تقود الطريق" الآن.
وأضاف أن الطائرات بدون طيار "كانت مسؤولة عن تدمير مئات المركبات المدرعة وحتى أنظمة الدفاع الجوي".
وتُظهر لقطات مصورة أخرى نشرتها وزارة الدفاع الأذربيجانية، في أكتوبر/تشرين الأول، ما يُقال إنها طائرات بدون طيار من طراز TB2، تنتقي القوات الأرمينية، وتستخدم المعلومات لاستدعاء إطلاق صواريخ مميتة من أماكن أخرى.
وتبلغ تكلفة طائرات بيرقدار TB2 ما بين مليون دولار ومليونَي دولار لكل منها، وفقاً لتقديرات المحللين، وهو أقل بكثير من 20 مليون دولار تقريباً لكل واحدة من الطائرات بدون طيار المتقدمة، من صنع شركة General Atomics الأمريكية المتخصصة، اشترى الجيش البريطاني منها أسطولاً مكوناً من 16 نسخة.
ولدى طائرات TB2 مدى تشغيل أقصر بكثير من الطائرات الأمريكية يصل إلى 150 كم، لكنها قادرة على التسكع والتحليق في الهواء لمدة تصل إلى 24 ساعة.
ميزتها السعر
ميزة السعر ميزة مهمة للغاية للطائرة بيرقدار، إذ يمكن للقوات العسكرية التي تستخدمها تحمّل خسارة بعضها، خاصة أنها لا تؤدي إلى خسائر بشرية بالنسبة لمشغليها.
فبثمن طائرة واحدة من الطائرات المسيرة الأمريكية التي يستخدمها الجيش البريطاني يمكن شراء نحو 10 طائرات بيرقدار أو أكثر.
ومن هنا تأتي الميزة بالنسبة لاقتراح إنتاج طائرات مسيرة بريطانية تتسم بسعر رخيص، وهو ما يمكّن من إنتاجها بأعداد كبيرة، مع تقليل الخسائر المادية ودون خسائر بشرية.
وهكذا غيَّرت التوازن في المنطقة
وتعلق الصحيفة البريطانية قائلة: "تعمل الطائرات بدون طيار التركية TB2 على تغيير التوازن العسكري بسرعة في المنطقة، واستخدمت بكثافة في الضربات ضد المعارضة الكردية داخل وخارج البلاد وفي ليبيا، في الحرب الأهلية في البلاد".
في الصيف، عشية الصراع، اشترت أذربيجان TB2s من تركيا -أكثر من عشرين وفقاً لبعض التقديرات- ونشرتها بسرعة وفاعلية، ويعتقد على نطاق واسع أنها كانت تقاد بواسطة مسيِّرين أتراك. كما تم بث لقطات الطائرات بدون طيار على لوحات إعلانية رقمية في العاصمة الأذربيجانية باكو.
قال روب لي، طالب الدكتوراه في قسم دراسات الحرب في كينجز كوليدج لندن، والذي كان يتابع الصراع عن كثب: "هناك عنصر علاقات عامة ضخم في هذا الأمر". "في بيئة لا يوجد فيها الكثير من المعلومات المستقلة، ساعد هذا الحكومة الأذربيجانية في السيطرة على السرية الخاصة بالحرب".
وفي النهاية تم التوقيع على هدنة بوساطة روسية بين الجانبين، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني. احتفظت أذربيجان بالأراضي التي احتلتها، بينما اضطرت أرمينيا إلى الانسحاب من الأراضي التي كانت تسيطر عليها بالقرب من ناغورني قره باغ.
وأضاف البروفيسور مايكل كلارك، الزميل المتميز في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (روسي)، وهو مركز أبحاث عسكري: "كان استخدام الأذربيجانيين للطائرات بدون طيار حاسماً".
ولكن فكرة بناء طائرات مسيَّرة بريطانية يواجه بمقاومة.
إذ قال أحد الخبراء إن خطط الطائرات بدون طيار البريطانية ستضفي الشرعية على التكنولوجيا التي يمكن أن تعزز الصراع في المناطق المتنازع عليها.
إذ قال كريس كولز، مدير المنظمة غير الحكومية Drone Wars UK: "تحذر مجموعات المجتمع المدني منذ بعض الوقت من أنه نظراً لأن الطائرات بدون طيار تقلل من تكلفة الحرب، فمن المحتمل أن تغذي هذا النوع من الصراع المرير والقاتل بين الدول المجاورة".