من سيكون خليفة المرشد الإيراني علي خامنئي الذي وصل إلى عامه الـ81 وتظهر تقارير كل بضعة أشهر تثير قلقاً إزاء حالته الصحية.
وتتوالى هذه التقارير منذ سنوات وتصفه كثير منها بأنه "متوعك"، حسبما ورد في تقرير لموقع Al Monitor الأمريكي.
ورغم هذه التقارير المتعددة فليس هناك أي دليل قوي على أن الرجل الذي يحكم إيران منذ عام 1989 في حالة صحية سيئة، إلا أن عمره المتقدم يطرح تساؤلاً بشأن من سيكون خليفة المرشد الإيراني؟
هل يكون من يأتي بعد خامنئي هو ابنه؟
في 15 ديسمبر/كانون الأول، ظهر خامنئي أمام الكاميرات أثناء استقباله عائلة قائد فيلق القدس الراحل قاسم سليماني ولجنة تنظم إحياء الذكرى الأولى لاغتيال الجنرال في 3 يناير/كانون الثاني في بغداد.
وظهر خامنئي مرة أخرى في 20 ديسمبر/كانون الأول لإلقاء كلمة متلفزة بمناسبة اليوم الوطني للتمريض وذكرى ميلاد زينب حفيدة النبي محمد.
وقالت مجلة NewsWeek الأمريكية، السبت 5 ديسمبر/كانون الأول 2020، إن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، نقل سلطاته إلى ابنه، وسط تصاعد المخاوف بشأن تدهور صحته ومواجهة البلاد لتوترات متزايدة مع إسرائيل والولايات المتحدة.
والتقارير المتعلقة بصحة خامنئي واحتمالية أن يخلفه ابنه تُذكّرنا بتقارير مماثلة ظهرت في حقبة مختلفة.
ففي السنوات الأخيرة لسلف خامنئي ومرشده، آية الله روح الله الخميني، ظهرت تقارير مماثلة تزعم أن المرشح الأقوى لخلافة الخميني بعد تدهور حالته الصحية هو ابنه أحمد الخميني. وآنذاك، أشارت التقارير إلى الصلاحيات التي يتمتع بها الابن وتأثيره القوي الذي جعله أحد المرشحين لخلافة والده.
وحتى بعد انتخاب خامنئي مرشداً أعلى بصفة مؤقتة في يونيو/حزيران عام 1989 بعد وفاة الخميني، واصلت وسائل الإعلام التكهن بنشوب صراع على السلطة في المستقبل، وطرحت أسماء عدة، كان من بينها أحمد الخميني مرة أخرى.
"من يشيرون إلى أن مجتبى خامنئي من سيكون خليفة المرشد الإيراني أي المرشد الأعلى المقبل يفتقرون إلى معرفة المبادئ الأساسية للسياسة الإيرانية بعد الثورة"، هكذا علق رجل دين أصولي رفض الكشف عن هويته على التقارير بشأن وراثة ابن خامنئي لوالده.
وقال رجل الدين في تصريح لموقع Al Monito: "لن يقبل الإيرانيون العودة بالتاريخ إلى أيام كان فيها الحاكم يورث البلاد لابنه، أياً كان هذا الأب وهذا الابن".
من سيكون خليفة المرشد الإيراني؟ لجنة سرية تحدد اسمه
ولكن يبدو أن مجلس خبراء القيادة، الذي تُعهد إليه مهمة تعيين وعزل قائد الثورة الإسلامية في إيران، لم يترك الأمر للصدفة.
إذ يضم المجلس لجنة فرعية سرية مؤلفة من ثلاثة أشخاص اُنتخبوا لوضع قائمة بالخلفاء المحتملين للمرشد الأعلى. وهذه اللجنة تُحدّث قائمتها وتحافظ على سريتها حتى يأتي اليوم الموعود.
ومن جانبه، أكد آية الله محسن الأراكي، عضو مجلس خبراء القيادة، في مقابلة أجريت مؤخراً مع وكالة فارس الإخبارية، أن قائمة المرشحين للخلافة تضم بالفعل ثلاثة أسماء وستظل سرية.
ويتفق مصدر آخر، أكثر ميلاً للمعسكر الإصلاحي، مع أن فكرة خلافة مجتبى خامنئي لوالده ليست سوى حلم لبعض "المتشددين". وأضاف: "هم يدركون أن هذا صعب في بلد مثل إيران، رغم أنه من المعروف أن انتخاب خليفة للمرشد الأعلى سيتطلب مباركة نجل الزعيم الحالي القوي، وحوزة قم العلمية، والحرس الثوري الإيراني".
ويُشار إلى أن حالة المرشد الأعلى الصحية دائماً ما تكون موضوعاً لتحليلات وسائل الإعلام، حيث يرى كثيرون أن الاتجاه الذي تسلكه إيران يحدده الشخص المختار لمنصب المرشد.
وقد دفع ذلك كثيرين إلى طرح أسماء مرشحين خلال السنوات الماضية، ورددت وسائل الإعلام أسماء مثل الراحل محمود الهاشمي الشهرودي، وإبراهيم رئيسي، وصادق لاريجاني، وحسن الخميني، والرئيس حسن روحاني، وأحمد خاتمي، وغيرهم؛ وكل واحد من هؤلاء كان أو ما يزال لديه ما يؤهله للمنافسة على منصب المرشد الأعلى.
لكن ثمة عامل شديد الأهمية يغيب عن هذه التقارير، وهو أن "المرشد الأعلى على قيد الحياة ولا يمر بأزمة صحية، وإذا لم يحل به شيء من الله، فسيواصل حياته مثل المرشدين الآخرين"، على حد قول مصدر مقرب من منزل المرشد الأعلى لموقع Al Monitor. وقال: "نحن نعلم أنه يتمتع بصحة أفضل من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب والرئيس المنتخب جو بايدن، وسيواصلون نشر الشائعات لأنها تعكس أفكارهم الحالمة"، حسب تعبيره.
على أن بعض المؤهلين للمنصب والمرشحين المحتملين، أو من يدعمونهم داخل المؤسسة، يسعون إلى تعزيز موقفهم قبل المعركة المرتقبة. ولا أدل على ذلك من المعارك السياسية الدائرة على هامش السياسة الإيرانية.
ففي أعقاب احتجاجات ديسمبر/كانون الأول عام 2017، ورغم دوافعها الاجتماعية والاقتصادية، اُتهم المتشددون بإشعال شرارتها الأولى في محاولة لتوجيه ضربة قوية لروحاني وتحطيم أي فرصة أمامه في المستقبل لتولي منصب المرشد الأعلى.
كما اُعتبر فوز روحاني في انتخابات عام 2017 على رئيسي عقبة في طريق الأخير ليصبح المرشد الأعلى للبلاد في المستقبل. وأشار بعض المحللين أيضاً إلى أن اتهامات الفساد الموجهة إلى أحد مساعدي صادق لاريجاني (الرئيس السابق للسلطة القضائية) تهدف إلى تقليص فرصه في أن يصبح خليفة خامنئي.
وقد يصعد مرشحون آخرون لا يعرفهم الجمهور، أو ليسوا في دائرة الضوء لهذا المنصب، إلى الساحة ويفاجئون المراقبين.