هل ربح المغرب من التطبيع؟ نعم، لكن إسرائيل المستفيد الأكبر لهذه الأسباب

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/27 الساعة 13:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/10 الساعة 15:37 بتوقيت غرينتش
مائير بن شبات إلى جانب كوشنر والعثماني في المغرب/ الإعلام الإسرائيلي

وقعت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وهي بمعنى أدق صفقات توسط فيها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، فمن الطرف الرابح الأكبر- بعد إسرائيل – في تلك الصفقات؟

ترامب مهندس الصفقات لم يحقق هدفه منها

عندما أعلن ترامب عن توصل الإمارات وإسرائيل لاتفاق تطبيع العلاقات بينهما يوم 13 أغسطس/آب 2020، كان هناك إجماع بين المحللين والمراقبين على أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط ليس هو الدافع من وراء الإعلان في ذلك التوقيت، بل سعي ترامب لتأمين الفوز بفترة رئاسية ثانية.

ورغم التحاق البحرين بقطار التطبيع وانضمامها للإمارات في حفل التوقيع على "اتفاقيات إبراهيم" أو اتفاقيات السلام في البيت الأبيض في 15 سبتمبر/أيلول الماضي، وتلاهما السودان ثم المغرب مؤخراً، وعلى الأرجح هناك دول عربية وإسلامية أخرى تسير على نفس الطريق لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، إلا أن ترامب خسر الانتخابات رغم رفضه التسليم بهذه الحقيقة حتى الآن.

دونالد ترامب
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – رويترز

لكن تظل تلك الاتفاقات إنجازاً يحسب لترامب في كل الأحوال، بحسابات السياسة الأمريكية، وسيستفيد منه على الأرجح الحزب الجمهوري حيث إن الدعم الأمريكي لإسرائيل يعتبر من الثوابت في السياسة الخارجية الأمريكية واللوبي الداعم لتل أبيب هو أقوى جماعات الضغط في أروقة السياسة بواشنطن ويتنافس مرشحو الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الفوز بدعم ذلك اللوبي المهم في كل انتخابات تشهدها الولايات المتحدة.

إسرائيل الطرف الرابح وإن خسر نتنياهو

صفقات التطبيع تمثل نجاحاً كبيراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواجه تحدياً انتخابياً جديداً في مارس/آذار 2021 وإذا ما نجح في البقاء في منصبه هذه المرة أيضاً سيكون السبب الرئيسي هو نجاحه في ملف التطبيع، بحسب المحللين والمراقبين الإسرائيليين.

نتنياهو جدعون ساعر الليكود
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/ رويترز

لكن حتى لو خسر نتنياهو الانتخابات، فقد حققت إسرائيل نجاحاً لافتاً يتمثل في شق صف الإجماع العربي على دعم الفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، وكان ذلك يمثل أساس الموقف العربي المعروف بالأرض مقابل السلام.

الآن حقق نتنياهو ما كان يريده ووقع اتفاقيات التطبيع تحت شعار "السلام مقابل السلام"، وأصبحت الإمارات والبحرين حليفين رئيسيين لتل أبيب في منطقة الخليج تمكن تل أبيب من التواجد بصورة مكثفة اقتصادياً وسياسياً وربما عسكرياً أيضاً قرب الحدود الإيرانية مباشرة، وربما يتم الإعلان عن التطبيع مع السعودية أيضاً في أي وقت.

ماذا حقق المغرب من التطبيع؟

عندما أعلن ترامب يوم 10 ديسمبر/كانون الثاني الجاري اتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل، لتنضم الرباط إلى أبوظبي والمنامة والخرطوم، قال المغرب إنه يعتزم استئناف الاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل "في أقرب الآجال".

فالرباط تعتبر أن الاتفاق هو مجرد استئناف للاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية، التي كانت قائمة بالفعل منذ 1994 ولكن تم تجميدها عندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، كما أن الاتفاق الحالي يعتبر اتفاقاً "جزئياً" ينص على رحلات جوية مباشرة بين البلدين واستئناف العلاقات الدبلوماسية الرسمية، لكن لن تفتح سفارة مغربية في إسرائيل.

عام الانتصارات الدبلوماسية بالمغرب
السفير الأمريكي في المغرب يُوقع على اعتماد الخريطة الرسمية للمغرب (مواقع التواصل الاجتماعي)

وحصل المغرب على صفقات سلاح أمريكية فورية قيمتها مليار دولار تشمل طائرات مسيرة متطورة، إضافة إلى مساعدات اقتصادية أمريكية بقيمة 3 مليار دولار سنويا، لكن البند الأهم في الصفقة هو الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وهو ما يعتبر إنجازا كبيرا للرباط، يجعل بعض المراقبين يرون المغرب الرابح الوحيد عربيا من صفقات التطبيع حتى الآن، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

صحيح أن قرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء أثار انتقادات كثيرة وذهب البعض إلى وصفه بأنه وضع بذور لصراع طويل الأمد في المنطقة، وتوقع البعض الآخر أن يقوم الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بالتراجع عن الاعتراف الذي وقع عليه ترامب، لكن المؤكد أن أي قرار بالتراجع لن يكون سهلاً أو يمكن تمريره بسهولة.

فالولايات المتحدة الأمريكية أصبحت أول دولة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء وهو ما يمثل خطوة هامة، من وجهة النظر المغربية، على طريق حسم الصراع مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر لصالح الرباط في نهاية المطاف، حتى وإن انتهى الأمر بإعطاء الإقليم حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية كما عرض المغرب من قبل.

ماذا عن باقي المطبعين؟

مقارنة موقف المغرب بموقف باقي الدول العربية التي اتخذت بالفعل خطوة التطبيع مع إسرائيل، نجد أن الإمارات أيضاً ربما تكون قد حصلت على ما وعدها به ترامب وهي صفقة طائرات الإف-35 التي كانت محرمة على دول الشرق الأوسط لضمان التفوق العسكري لتل أبيب، بعد أن أعطى الكونغرس موافقته على إتمام الصفقة.

بالنسبة للبحرين، تفتح اتفاقيات التطبيع احتمالية شراء التقنيات العسكرية الإسرائيلية المتقدمة، رويترز

لكن في نهاية المطاف هي صفقة أسلحة ضخمة دفعت أبوظبي أو ستدفع قيمتها البالغة 23 مليار دولار، ولا تقارن بما حصلت عليه الرباط من اعتراف أمريكي بمغربية الصحراء ومساعدات اقتصادية تأتي في توقيت صعب بسبب ما يعانيه الاقتصاد المغربي من تداعيات جائحة كورونا.

ويمكن القول إن السودان قد تعرض لعملية ابتزاز مباشرة لإجباره على توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، وهو الوصف الذي استخدمته بالفعل وسائل الإعلام الأمريكية. فالسودانيون دفعوا ثمناً باهظاً للتخلص من نظام عمر البشير وكان الطبيعي أن يتم رفع الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب دعما للديمقراطية الوليدة، لكن بدلاً من ذلك ساومت إدارة ترامب قادة السودان ولم ترفع الخرطوم من اللائحة السوداء إلا بعد الإعلان عن التطبيع مع إسرائيل.

تحميل المزيد