يبدو أن إسرائيل تحاول الاستيلاء على مكانة مصر كممر شديد الأهمية لكابلات الإنترنت البحرية، وهدفها يكاد يتحقق عبر مشاركتها في مشروع Blue Raman العملاق، وبفضل التطبيع الخليجي وأخطاء البيروقراطية المصرية.
إذ تخطط شركة جوجل لإنشاء كابل بحري بين إيطاليا والهند، يسمى مشروع Blue Raman، بطريقة تمثل تهديداً لمصر كمركز تمر عبره اتصالات الإنترنت، حيث يمر عبر أراضيها 17% من الكابلات البحرية حول العالم، ما يجعلها في المركز الثاني في هذا المجال بعد أمريكا.
ومشروع Blue Raman يهدف إلى إنشاء كابل بحري للإنترنت بين إيطاليا والهند، يمر عبر إسرائيل والأردن والسعودية وسلطنة عمان، بعيداً عن المياه الإقليمية المصرية.
وهو كابل إنترنت بحري طوله 5000 ميل، وتكلفته 400 مليون دولار، وينقسم إلى قسمين، الأول هو Raman، وهو على اسم فيزيائي هندي حاصل على جائزة نوبل، ويبدأ من مدينة مومباي الهندية، مروراً بالمحيط الهادي وسلطنة عمان ومنها للسعودية، والثاني يسمى Blue، يبدأ من مدينة جنوا الإيطالية، مروراً بالبحر المتوسط وإسرائيل، ويلتقي النصفان في مدينة العقبة الأردنية القريبة من الحدود السعودية.
مشروع Blue Raman فيه تهديد لمصر كواسطة عقد للاتصالات في العالم ومركز رئيسي لمرور الكابلات البحرية، وسيربط المشروع بين الأعداء التاريخيين، ويفتح ممراً جديداً لحركة الإنترنت، حسب وصف صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
ويعتقد أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسعودية الشهر الماضي والتي نفتها الرياض تمهد لتحالف واسع يشمل اليونان والهند والإمارات.. ولكن كيف سيكون مستقبله بعهد بايدن؟
أرباح طائلة مهددة بسبب مشروع Blue Raman
تحقق مصر أرباحاً كبيرة من رسوم العبور لهذه الكابلات البحرية، حيث ترد هذه الأموال إلى خزائن الدولة.
فقد حققت الشركة المصرية للاتصالات المملوكة للحكومة إيرادات تجاوزت 2.9 مليار جنيه أي 184 مليون دولار كعوائد خلال عام 2019 وحده من الكابلات الدولية.
وأسهمت رسوم عبور الكابلات عادة بنسبة تتراوح بين 6.62% إلى 17.39% من الإيرادات بين عامي 2008 و2019، وفقاً لدراسة أجرتها شبكة الكابلات البحرية.
ويعتقد أن خطوة جوجل سوف تقلل إيراداتها، إذ إن مسار مشروع Blue Raman يعني أن مصر ستخسر استثمارات المشروع، إضافة إلى رسوم العبور الممول من جوجل تليكوم إيطاليا والاتصالات العمانية، وستصبح إسرائيل مركزاً مهماً على شبكة جوجل للألياف البصرية، حسبما ورد في تقرير لموقع دويتش فيليه الألماني.
وهكذا تساعد البيروقراطية المصرية إسرائيل
رغم أن مصر هي مركز للكابلات البحرية عبر الإنترنت، مع وجود 17 كابلاً تمرون عبر البلاد، فإن مصادر القطاع الخاص والمسؤولين الحكوميين السابقين الذين تحدثنا إليهم قالوا إن مصر لا تزال تفتقد للاستثمارات الكبرى، ولم تستخدم هذه الكابلات بأفضل ما في وسعها.
وما يقرب من ثلث سكان العالم يعتمدون على مصر للوصول إلى الإنترنت، وتفرض مصر رسوم عبور هي من الأعلى عالمياً، والشركات المالكة للكابلات غير راضية عن الرسوم المرتفعة للغالية، حسب نشرة إنتربرايز الاقتصادية.
والشركة المصرية للاتصالات المملوكة للدولة هي محتكر تشغيل وشريك في عدد من كابلات الإنترنت المارة في مصر.
فنظراً لموقع مصر الجغرافي الفريد، الرابط بين أوروبا وآسيا، ما جعلها نقطة اتصال مثالية في شبكة الإنترنت العالمية، استغلت الشركة المصرية للاتصالات هذه الميزة، واكتسبت حصصاً إضافية في الكابلات البحرية، وشرعت في بناء كابلات جديدة من الصفر. وأصبحت شريكاً في العديد من الكابلات التي تمر عبر البلاد، وتمتلك عدداً قليلاً من الكابلات الأخرى.
حالياً، تعمل جميع الكابلات البحرية تقريباً من آسيا إلى أوروبا عبر مصر، من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط.
تل أبيب تقول إن مصر باتت مساراً مزدحماً
وتزعم بعض التقارير الإسرائيلية أنه من الناحية الفنية يزيد المسار المزدحم في مصر من مخاطر حدوث أعطال في الكابلات، والمخاوف بشأن مرونة الشبكة، كما أن المياه الضحلة في قناة السويس تجعل الكابلات البحرية عبر هذه المنطقة عرضة للخطر.
ودفع المسار المزدحم الذي يمر عبر مصر، والعديد من اضطرابات الإنترنت، أصحاب المصلحة في الصناعة لاستكشاف طرق بديلة وأرخص، مثل كابل Blue-Raman من Google، الذي سيمر عبر إسرائيل.
وقد يكون حان الوقت للمصرية للاتصالات لسياسة أكثر مرونة وتخفيض رسوم عبور الكابلات البحرية وخدماتها، حسب دراسة عن الكابلات البحرية وتكاليفها.
ويبدو أنه ستكون لإسرائيل قريباً مكانة مهمة على شبكة Google العالمية المتوسعة للألياف الضوئية، كونها جزءاً رئيسياً من مشروع Blue Raman البحري لشركة Google، الذي سيتجاوز مصر، حسب موقع Haaretz.com.
ويبدو أن الإسرائيليين يسعون عبر حملة عبر الإنترنت إلى إبراز أو المبالغة في عيوب الكابلات المارة عبر مصر، إذ تتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن تعرض مصر لانتقادات بسبب رسومها الباهظة على حق مرور الكابلات البحرية التي تمر عبر مصر، والتي يقال إنها تبلغ حوالي 300 مليون دولار لكل كابل، وفقاً لما تقوله صحيفة Haaretz الإسرائيلية، فيما أشارت تقارير إلى أن هذا الرقم غير صحيح.