حسم المجمع الانتخابي الأمر وأصبح جو بايدن رسمياً الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة الأمريكية، لكن دونالد ترامب ما زال ثابتاً على موقفه الرافض للنتيجة، لأن الانتخابات -كما يردد دون دليل- مزورة، وعلى الأرجح لن يحضر حفل تنصيب بايدن، فمن سبقه إلى هذا الغياب النادر؟
المجمع الانتخابي قال كلمته وبايدن الرئيس
كما كان متوقعاً، صدَّق المجمع الانتخابي الأمريكي، الثلاثاء 14 ديسمبر/ كانون الأول، رسمياً على أن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن على حساب منافسه الجمهوري دونالد ترامب، ليصبح بايدن الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة.
وحصل بايدن على 306 أصوات في المجمع الانتخابي مقابل 232 لترامب، وهي نفس النتيجة التي أعلنتها وسائل الإعلام الأمريكية قبل أكثر من شهر، وعقب المصادقة على فوزه، قال بايدن في تصريحات بمدينة ويلمنغتون: "كما فعلنا على مر التاريخ، حان الوقت لفتح صفحة جديدة".
ويجتمع جميع الناخبين البالغ عددهم 538 في ولاياتهم للإدلاء بأصواتهم لمنصب الرئيس الأمريكي، بناءً على نتائج الانتخابات من قِبَل جميع الولايات البالغ عددها 50 ولاية، وواشنطن العاصمة. ويحتاج مرشح الرئاسة إلى الفوز بغالبية أصوات أعضاء المجمع الانتخابي لضمان الوصول إلى البيت الأبيض.
ويتبقى إجراء آخر روتيني، حيث ستجري مناقشة نتائج تصويت المجمع الانتخابي لإعادة المصادقة عليها، خلال جلسة للكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني القادم، برئاسة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس.
وفي الظروف العادية تعد الخطوة إجراءً شكلياً يتم بعد حسم مراحل الاقتراع الشعبي العام غير المباشر المعمول به في الولايات المتحدة والذي يمثل بها المجمع حلقة مفصلية، إلا أنها هذه المرة اتخذت بُعداً استثنائياً، إذ لا يزال ترامب وأنصار له رافضين الاعتراف بالهزيمة.
هل غيَّر ذلك شيئاً في موقف ترامب؟
لا يبدو أن تصديق المجمع الانتخابي على فوز بايدن قد غيَّر شيئاً في موقف ترامب، بحسب مصدر مقرَّب من البيت الأبيض تحدث لشبكة CNN، ورغم أن المصدر أشار إلى أن الرئيس المنتهية ولايته قد اعترف سراً لبعض مستشاريه بأنه "لن يبقى في البيت الأبيض لفترة ثانية"، فإن ترامب يخبر أنصاره علناً أن المعركة لا تزال مستمرة في المحاكم بهدف مواصلة جمع التبرعات.
وقال مصدر آخر لنفس الشبكة إن الاقتراح الذي يروّج له بعض الجمهوريين، ومنهم مساعد البيت الأبيض للسياسة المحلية ستيفين ميلر بإرسال "ناخبين بديلين" للكونغرس يوم 6 يناير/كانون الثاني المقبل "أمر يدعو للسخرية". المصدر يشير إلى اختيار ممثلين للمجمع الانتخابي في الولايات التي يحكمها جمهوريون ليكونوا بمثابة ممثلين موازيين للممثلين الرسميين، وهي محاولة لا تحظى بأي سند قانوني أو حتى موافقة المسؤولين الجمهوريين في تلك الولايات.
لكن الأمر الذي يبدو أن المصادر المقربة من البيت الأبيض يجمعون عليه هو أن الرئيس المنتهية ولايته على الأرجح سيرفض حضور حفل تنصيب بايدن المقرر له يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، فهل سيكون ترامب أول رئيس أمريكي يرفض حضور تنصيب خلفه؟
لكن قبل الخوض في التاريخ واستدعاء من رفضوا حضور تنصيب من خلفوهم في البيت الأبيض، من المهم التوقف قليلاً عند أداء ترامب منذ ظهور خسارته للانتخابات الرئاسية في محاولة فهم السبب الرئيسي وراء غيابه المتوقع عن تنصيب بايدن. وهذه النقطة رصدتها مجلة The National Interest الأمريكية في تقرير بعنوان "ما هي حركة ترامب الأخيرة ضد جو بايدن؟".
فعلى الرغم من أن ترامب يعشق الأضواء وقد تكون النرجسية هي أبرز سماته الشخصية، وهو ما يعني أن ابتعاده عن الأضواء التي ستكون مسلطة بالكامل على حفل تنصيب بايدن في ذلك اليوم، فإن ترامب يظل شخصاً يصعب التنبؤ بتصرفاته، وبالتالي فإنه قد يفعل أي شيء في ذلك اليوم حتى يخطف الأضواء من بايدن.
حضور ترامب حفل تنصيب بايدن لن يحقق للرئيس المنتهية ولايته ما يريده بطبيعة الحال، وبالتالي فإن ترتيباته لخروج غير متوقع من البيت الأبيض يوم 20 يناير/كانون الثاني وترتيب حدث جماهيري ضخم في فلوريدا تزامناً مع تنصيب بايدن يبدو حتى الآن الخطوة الأخيرة الأكثر احتمالاً لساكن البيت الأبيض الرافض الاعتراف بخسارته في الانتخابات ويصفها بالأكثر تزويراً في التاريخ ويقارنها بانتخابات العالم الثالث.
مَن رفض حضور تنصيب خلفه في البيت الأبيض؟
كان أول رئيس أمريكي يرفض حضور تنصيب خلفه هو الرئيس جون أدامز الذي خسر فرصة البقاء في الرئاسة لفترة ثانية – مثل ترامب – وغادر البيت الأبيض رافضاً البقاء لتنصيب توماس جيفرسون الذي فاز بالرئاسة على حسابه. وكان ذلك في انتخابات عام 1798، بحسب تقرير لصحيفة الاندبندنت البريطانية.
ومن المفارقات أن الرئيس الثاني الذي قام بنفس الأمر بعد ذلك بنحو ثلاثة عقود كان الرئيس جون كوينسي أدامز، نجل الرئيس جون أدامز نفسه. وخسر أدامز الابن الانتخابات عام 1828 ليفقد هو الآخر فرصة البقاء في البيت الأبيض لفترة ثانية لصالح أندرو جاكسون، ليقرر الرئيس الخاسر مغادرة البيت الأبيض في اليوم السابق لتنصيب خلفه رافضاً حضور حفل التنصيب.
وبعد أربعة عقود، جاء الدور على الرئيس أندرو جونسون ليصبح الرئيس الأمريكي الثالث الذي يرفض حضور حفل تنصيب خلفه أولسي غرانت الذي فاز بالانتخابات عام 1868، واختار الرئيس الخاسر – بعد فترة واحدة أيضاً – أن يبقى في البيت الأبيض ليوقّع على بعض التشريعات ثم غادر البيت الأبيض دون عودة.
وبالتالي فإن ترامب لن يكون الرئيس الأمريكي الأول الذي يتجاهل حفل تنصيب سلفه، فقد سبقه جون أدامز ونجله وأندرو جونسون، لكن يظل غياب الرئيس المنتهية ولايته عن تنصيب خلفه بايدن سابقة لم تحدث منذ أكثر من قرن ونصف.