تعتزم دولة الإمارات استيراد منتجات من مستوطنات إسرائيلية غير شرعية مقامة على أراضي الفلسطينيين، مثل النبيذ من مستوطنة "ايتمار"، وزيت الزيتون من "براخا"، والعسل من "حرميش"، والطحينة فمن جبل "جرزيم"، وغيرها من المنتجات الاستيطانية التي ضمتها قائمة أممية سوداء بداية العام الجاري.
هذا ما كشف عنه رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، يوسي داغان، عبر صفحته على فيسبوك، الخميس الماضي، 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري. وبتفاخر، أضاف داغان: "منتجات (مستوطنات) السامرة (وهو الاسم اليهودي لمنطقة شمال الضفة الغربية) ستُباع بكميات كبيرة في بلد مسلم".
احتفاء بمنتجات المستوطنات الإسرائيلية التي "ستصدر لأول بلد عربي مسلم"
وكان داغان يحتفي بتوقيعه يوم 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، 4 اتفاقيات تصدير لمنتجات هذه المستوطنات، إلى أبوظبي، من خلال شركة "فام" الإماراتية. وكتب في مدونته: "لقد وقَّعنا 4 اتفاقيات تصدير مباشر، من الشركات في (مستوطنات) السامرة إلى شركات في الإمارات العربية المتحدة".
ونشر داغان شريط فيديو أثناء توقيعه الاتفاق بالإمارات، وفي خلفيته لافتة كبيرة، كُتب عليها باللغتين العربية والعبرية "اتفاق تصدير من مدينة شومرون إلى دولة الإمارات العربية المتحدة".
وفعلياً، لا توجد مدينة اسمها شومرون، وإنما مجموعة من عشرات المستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت على آلاف الدونمات المسروقة من الأراضي الفلسطينية في شمالي الضفة الغربية. وفي الحفل قال داغان: "نحمد الله أننا عشنا ووصلنا إلى هذه الأيام".
ورد عليه رئيس مجلس إدارة "فام" فيصل علي موسى: "أود أن أشكر السيد يوسي داغان على فتح الأبواب لنا، لأن هذه أول اتفاقية بيننا وبين شركتي طورا وبرادايس".
وكانت إسرائيل والإمارات قد وقعتا، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقوبلت الاتفاقية برفض شعبي عربي واسع اعتبرها "طعنة وخيانة للقضية الفلسطينية"، في ظل استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية ورفضها إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ما الاتفاقيات الأربع بين المستوطنات الإسرائيلية وحكومة أبوظبي؟
أولاً: شركة طورا
وهي الشركة التي أشار إليها المسؤول الإماراتي، وتقع في مستوطنة "رحاليم"، وتنتج تلك الشركة الاستيطانية النبيذ وزيت الزيتون.
أُنشئت المستوطنة المذكورة عام 2002، على أراضٍ مُغتصبة من قرى "إسكاكا"، و"ياسوف" و"يتما" الفلسطينية، جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية.
ويمتلك الشركة الزوجان فيريد وأريتز بن سعدون، اللذان يقولان على الموقع الإلكتروني للشركة إنهما "يرتبطان بشكل كبير بإسرائيل وأرضها"، بحسب الموقع الإلكتروني للشركة.
ثانياً: شركة "برادايس"
أما شركة "برادايس" فتتخذ من مستوطنة "حرميش" مقراً لها، بحسب الموقع الإلكتروني للشركة الذي اطَّلعت عليه وكالة الأناضول.
وأقيمت حرميش في العام 1984 على المئات من الدونمات من أراضي بلدة "قفّين" الفلسطينية، في محافظة طولكرم شمالي الضفة الغربية.
ثالثاً: شركة "نبيذ أرنون"
وتتخذ شركة "نبيذ أرنون" من مستوطنة إيتمار مقراً لها. وأقيت "إيتمار" عام 1984، على أراضٍ مُغتصبة من قرى "عوارتا"، و"بيت فوريك" و"عقربة"، الفلسطينية شمالي الضفة الغربية.
رابعاً: شركة "نبيذ هار براخا"
والشركة الرابعة التي وقَّعت الإمارات اتفاقاً معها هي شركة "نبيذ هار براخا" المقامة على أراضي الفلسطينيين في مستوطنة "براخا".
وأقيمت مستوطنة براخا عام 1983 على أراضي قرى "كفر قلّيل"، و"بورين"، و"عراق بورين" الفلسطينية، إلى الجنوب من مدينة نابلس.
وتقول شركة "نبيذ هار براخا"، على موقعها الإلكتروني الذي اطلعت عليه الأناضول، إنها أُقيمت عام 2007، وتنتج سنوياً 50 ألف زجاجة نبيذ.
وتقول عائلة "لافي" المالكة لمصنع الخمور على موقع الشركة: "جاءت العائلة لتستقر في جبل براخا، جبل جرزيم، إيماناً منها بأن منطقة أرض السامرة هي مهد ثقافة شعب إسرائيل". وتضيف العائلة: "المنظر التوراتي، وجو البحر الأبيض المتوسط الذي يشعر به هذا الجزء من البلاد، دفع (مالك المصنع) نير (لافي) إلى زرع كروم العنب على الجبل".
الأرباح ستذهب لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية وسرقة أراضي الفلسطينيين
ولم يتضح على الفور قيمة الاتفاقيات التي تم توقيعها أو الأرباح التي ستدرها على المستوطنات، لكن رئيس مجلس المستوطنات، داغان، قال في تدوينته إن الأرباح ستسهم في زيادة أعداد المستوطنين وتوسيع المستوطنات.
وكتب داغان: "المجلس الإقليمي في السامرة هو أول سلطة بلدية في الدولة، تنجح في التوصل إلى اتفاقيات مع شركات من الإمارات".
وأضاف: "هذا جزء مهم من المسار الاستراتيجي لتمكين السامرة، في عدد السكان والبنية التحتية والثقافة". وتابع داغان: "نعمل باستمرار وفي كل مكان لتحويل السامرة إلى قوة اقتصادية أيضاً".
المستوطنات الإسرائيلية ومنتجاتها غير شرعية وغير معترف بها دولياً
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قد دعا الشركات العالمية إلى عدم التعاون مع منظومة المستوطنات بعد وضع قائمة بأسماء 112 شركة عالمية على "القائمة السوداء" لتعاملها مع منظومة المستوطنات.
وصدرت القائمة في مارس/آذار الماضي، قبل توقيع الحكومة ومؤسسات إماراتية عشرات الاتفاقيات مع شركات تتبع لمنظومة المستوطنات.
وتؤكد قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة هي غير شرعية وغير قانونية، وجريمة حرب.
وباستثناء الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات، ترفض كل دول العالم اعتبار منتجات المستوطنات بضائع إسرائيلية. وكان الاتحاد الأوروبي، الذي يرفض الاستيطان، قد قرر في العام 2015، وسم منتجات المستوطنات، بهدف تمييزها للمستهلكين، وهو ما أثار غضب إسرئيل.