تحتل أخبار لقاحات كورونا الصدارة هذه الأيام حول العالم، وهناك تساؤلات كثيرة منها ما يتعلق بالموافقة الطارئة، فماذا تعني ولماذا لا يطبقها الاتحاد الأوروبي عكس الولايات المتحدة وبريطانيا؟
هيئات الدواء الرسمية والموافقة على اللقاح
بدأت الولايات المتحدة الأمريكية أمس الإثنين 14 ديسمبر/ كانون الأول أكبر حملة في تاريخها لتوزيع لقاح فيروس كورونا الذي طورته فايزر/ بايونتيك واحتفت جميع الأوساط الأمريكية ببدء عملية توزيع اللقاح، حيث إن أمريكا هي أكثر دولة تعاني من تفشي الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 300 ألف أمريكي.
وكانت بريطانيا قد سبقت الولايات المتحدة بأسبوع، حيث أصبحت البريطانية مارغريت كينان ذات الـ90 عاما أول شخص في العالم يتناول لقاح فايزر/ بيونتيك بالفعل، وكان ذلك يوم الثلاثاء 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
لكن دولاً مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية لم تبدأ بعد حملة تقديم اللقاح لمواطنيها، رغم أن شركة بايونتيك التي قامت بتطوير لقاح كورونا الذي تنتجه فايزر هي شركة ألمانية، والسبب يتعلق بهيئة الدواء الأوروبية (إيما) والتي لم توافق بعد على اللقاح بصورة رسمية.
ماذا تعني الموافقة الطارئة على اللقاح؟
تمر عملية تطوير اللقاحات بمراحل متعددة ومعقدة تبدأ بالبحث ودراسة الخريطة الجينية للفيروس، وصولاً إلى التجارب داخل المعمل على الحيوانات، وصولاً إلى التجارب على البشر أو ما يعرف بالتجارب السريرية وهي في العادة عملية تستغرق سنوات طويلة.
ولا بد لأي لقاح أو علاج بشكل عام من الحصول على موافقة أعلى هيئة مسؤولة عن الأدوية في كل دولة، وتمر عملية الموافقة من جانب هيئة الأدوية بمراحل وإجراءات تستغرق في العادة وقتاً طويلاً.
والمقصود بالموافقة الطارئة هو أن تقوم هيئة الأدوية باختصار أو تسريع إجراءاتها لتعطي موافقة طارئة – أو مشروطة – لتناول اللقاح، وهو ما قامت به هيئة الدواء والأغذية الأمريكية بالفعل وهيئة الأدوية البريطانية، لذلك بدأت عملية تناول اللقاح بالفعل في البلدين.
أما في أوروبا، بعكس الولايات المتحدة وبريطانيا، لا تصدر هيئة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي (إيما) أي موافقات طارئة لاستخدام اللقاحات، بمعنى أنها لا بد أن تمر بالاختبارات المعتادة.
متى يتوقع أن تبدأ أوروبا توزيع اللقاح؟
وقد صرحت مديرة هيئة الدواء الأوروبية إمير كوك الإثنين بأن إجراءات الموافقة على لقاح فيروس كورونا بالاتحاد الأوروبي تسير بأقصى سرعة ممكنة، وسوف يصدر القرار في هذا الصدد قبل 29 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وقالت إمير في تصريحات للصحفيين بالعاصمة الهولندية أمستردام: "نحن نعمل على مدار الساعة من أجل الموافقة على أول لقاح لفيروس كورونا". وأضافت أن المواعيد النهائية سيتم "إعادة تقييمها بشكل دائم". وأكدت إمير أنه لن يكون هناك أي تنازلات بشأن سلامة اللقاح.
ويبدو أن إمير كانت ترد بشكل غير مباشر على وزير الصحة الألماني ينس شبان الذي دعا إلى تسريع إجراءات الموافقة على استخدام لقاح كورونا، بعد حصول اللقاح على الموافقة على استخدامه في بريطانيا.
فخلال المشاورات التي أجرتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مع رؤساء حكومات الولايات في مؤتمر عبر الهاتف حول القيود الصارمة على المخالطات في عيد الميلاد ورأس السنة، قال شبان إن الأمر يتعلق بثقة المواطنين في قدرة الاتحاد الأوروبي على التصرف.
وأضاف أن الحكومة الألمانية وحكومات الولايات جاهزة لإعطاء اللقاحات اعتباراً من الخامس عشر من الشهر الجاري. وتابع الوزير المنتمي إلى حزب أنغيلا ميركل المسيحي الديمقراطي أن جرعات التطعيم الأولى جاهزة للتسليم ويمكن البدء في إعطاء اللقاح بعد صدور التصريح مباشرة، ونُقِلَ عن شبان قوله: "كل يوم يمكننا أن نبدأ فيه بشكل مبكر، يقلل المعاناة".
ماذا عن اللقاح الصيني واللقاحات الأخرى؟
هذه الأنباء بشأن لقاح فايزر/بيونتيك ضد كورونا والموافقة عليه بشكل طارئ في أمريكا وبريطانيا وانتظار الموافقة من جانب الاتحاد الأوروبي تزيد من سخونة الجدل الدائر بالفعل في تلك المجتمعات وحول العالم بشأن ما إذا كان آمناً تناول اللقاح.
وقد شهدت ألمانيا ودول أخرى مظاهرات ضد القيود المفروضة من جانب الحكومات والهادفة إلى احتواء تفشي الفيروس الذي أودى بحياة أكثر من 1.6 مليون شخص حول العالم بالفعل، كما حاول بعض المتظاهرين اقتحام المراكز التي يجري إعدادها لتوزيع لقاحات كورونا في ألمانيا منذ الأسبوع الماضي.
ولقاح فايزر/بيونتيك ليس الوحيد الذي أصبح متاحاً، فهناك أيضاً لقاح روسي والذي بدأت الحكومة الروسية حملة للتطعيم به بالفعل لمواطنيها الأسبوع الماضي، كما أن دولاً مثل الإمارات ومصر والبحرين والمغرب بدأت بالفعل في تقديم لقاح ساينوفارم الصيني للعاملين في القطاع الصحي وكبار السن، بعد أن أقرته هيئات الأدوية في تلك البلاد.
وعلى الرغم من أن التوصل للقاحات كورونا خلال أقل من عام يعتبر إنجازاً علمياً لم يتوقعه كثيرون، إلا أن تعدد اللقاحات واختلاف إجراءات اعتمادها رسمياً بين دولة وأخرى يمثل عنصراً إضافياً يستخدمه أصحاب نظريات المؤامرة للتشكيك في كل ما يتعلق بوباء فيروس كورونا منذ ظهوره في الصين قبل نحو عام من الآن.