لم تبدأ الصين حملة تطعيم لمواطنيها ضد فيروس كورونا بلقاح ساينوفارم الذي أنتجته لعدم وجود حاجة لذلك، فما قصة اللقاحات الصينية ونسبة فاعليتها وأي الدول بدأت في تطعيم مواطنيها بتلك اللقاحات؟
ماذا يميز اللقاح الصيني وما نسبة فاعليته؟
ساينوفارم شركة أدوية مملوكة للصين أنتجت لقاحين من بين خمس لقاحات صينية ضد فيروس كورونا المسبب لجائحة كوفيد-19 العالمية التي أودت بحياة نحو مليون و620 ألف شخص حول العالم وأصابت ما يقرب من 73 مليوناً. ووصلت اللقاحات الصينية الخمسة إلى المراحل النهائية من التجارب السريرية -شأنها شأن اللقاحات الأخرى حول العالم- لكن تلك التجارب السريرية للقاحات الصينية تتم خارج البلاد بسبب انخفاض تفشي الفيروس هناك.
وهناك ندرة في المعلومات المتوفرة بشأن مراحل تطوير اللقاحات الصينية وهو ما يجعل كثير من خبراء الصحة حول العالم يبدون تشككهم تجاه تلك اللقاحات.
وساينوفارم واحدة من شركتي الأدوية الرئيسيتين في الصين، والأخرى الأكبر هي شركة ساينوفاك، وأنتجت كل منهما لقاحاً مضاداً لفيروس كورونا يقوم على الوسيلة التقليدية في إنتاج الأمصال والتي تعتمد على استخدام جرعات من الفيروس الميت لتحفيز الجسم البشري على إنتاج أجسام مضادة للفيروس.
وهذا النوع من اللقاحات يكون أكثر صعوبة في تصنيعه من اللقاحات الأخرى التي تعتمد على نسخ حية من الفيروس، كما أنها قد تؤدي إلى ردة فعل غير متوازنة لجهاز المناعة في الجسم البشري ولكن هذا النوع من اللقاحات أثبت نجاحه تاريخياً.
هل اللقاح الصيني أكثر فاعلية من غيره؟
لقاح فايزر/بيونتيك (الأمريكي/ الألماني) ولقاح موديرنا (أمريكي) فعالاً بنسبة 95% بحسب الشركتين، بينما كانت فاعلية لقاح سبوتنيك (الروسي) فعالاً بنسبة 70%، وارتفعت تلك النسبة إلى 90% مع اكتمال التجربة السريرية للمجموعة التي حصلت على نصف الجرعة في البداية ثم جرعة كاملة بعد أربعة أسابيع.
أما بالنسبة للقاح ساينوفارم الصيني فقد أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الأسبوع أن التجارب السريرية التي خضع لها 31 ألف متطوع من 123 جنسية يعيشون على أراضيها أثبتت فاعلية اللقاح بنسبة 86%.
وكانت ساينوفارم قد أعلنت الشهر الماضي (نوفمبر/تشرين الثاني) أن نحو مليون شخص قد تناولوا جرعات طوارئ من اللقاح (بمعنى جرعات تجريبية) وأن "أفراداً قليلين فقط ظهرت عليهم أعراض خفيفة"، لكن نقص الشفافية في تداول معلومات تفصيلية من جانب الشركة الصينية قد أثار شكوكاً لدى خبراء الصحة.
ومن هؤلاء بروفيسور تيري رئيس مجموعة أبحاث اللقاح في معهد بيتر داورتي الذي قال لصحيفة الغارديان البريطانية أن "بيان الشركة في حد ذاته مؤشر جيد ومبكر بشأن سلامة أحد أنواع اللقاحات"، مضيفاً أنه "بصراحة شديدة هذا النوع من اللقاحات على الأرجح تكون له أعراض جانبية سلبية" (النوع الذي يعتمد على فيروسات ميتة كاللقاح الصيني).
ولم تصدر الصين بعد أي معلومات تخص المراحل الأخيرة من التجارب السريرية للقاحاتها رغم بدء توزيع تلك اللقاحات، وبدون تلك المعلومات تظل سلامة وفاعلية اللقاحات غير واضحة.
أي الدول تستخدم اللقاح الصيني؟
حصل لقاح ساينوفارم على موافقة طارئة للاستخدام في عدد قليل من الدول كما تقوم الشركة الصينية بتجارب سريرية نهائية في 10 دول من بينها الأرجنتين والإمارات والمغرب. وكانت تتم التجارب أيضاً في بيرو لكنها علقت تلك التجارب نتيجة "لعرض جانبي خطير" ظهر على أحد المتطوعين للدراسة، بحسب بيان للحكومة البيروفية أمس الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وكانت الإمارات أول دولة توافق على استخدام اللقاح الصيني في سبتمبر/أيلول الماضي، كما قال جمال الكعبي أحد مسؤولي الصحة لشبكة CNN الأمريكية هذا الأسبوع، وقد تناوله نحو 100 ألف متطوع حتى الآن.
واللقاح الصيني متاح الآن في البحرين للعاملين في مجال الصحة بعد أن شارك 7700 شخص في تجاربه السريرية، كما تسلمت مصر أول شحنة من اللقاح الصيني عن طريق الإمارات الخميس الماضي. وتخطط المغرب أيضاً للاعتماد على لقاح ساينوفارم لتنفيذ خطتها الطامحة إلى توفير اللقاح لـ80% من كبار السن من مواطنيها.
ويبدو أن الصين قد قدمت وعوداً متضاربة لعدد من الدول والمناطق النامية لتجعل لها الأولوية في الحصول على اللقاح، وهو ما أطلق عليه بعض المحللين "دبلوماسية اللقاح"، لكن بكين لم تحدد علناً أي دولة ستكون لها الأولوية. وأعلنت الصين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أنها ستنضم لكوفاكس وهي المبادرة الدولية لضمان توزيع عادل للقاحات كورونا.
كم عدد الجرعات التي يتم تصنيعها؟
لا تتوفر معلومات دقيقة أيضاً بشأن عدد الجرعات من جانب ساينوفارم، لكن بعض التقارير الإعلامية تحدثت أن الشركات التابعة لساينوفارم قد توفر 100 مليون جرعة هذا العام، وربما تزيد القدرة الإنتاجية لتصل إلى 300 مليون جرعة. وفي الأسبوع الماضي أعلنت السلطات الصحية في الصين أن بكين يمكن أن يكون لديها 600 مليون جرعة لقاح بنهاية العام الجاري.
لكن في جميع الأحوال يعتبر توصل العالم للقاحات لجائحة كورونا في أقل من عام إنجازاً علمياً بكل المقاييس، بحسب تقرير لموقع Vox الأمريكي رصد أبرز نقاط يمكنها أن تكون سلبية بشأن لقاحات كورونا لكنها ليست أمراً مخيفاً ويمكن التعايش معها.
أول تلك النقاط هي احتمالية حدوث أعراض جانبية سلبية على المدى الطويل لمن يتناول اللقاح لكنه احتمال ضعيف، والنقطة الثانية أيضاً احتمالها ضعيف وهي خاصة بتوفر جرعات اللقاح للبشر جميعاً، وثالثاً الخوف من تسييس عملية اللقاح سواء إنتاجه أو توزيعه وهي نقطة ستتراجع حدتها مع الوقت على الأرجح.