وافق الكنيست الإسرائيلي بهيئته كاملةً، بالقراءة التمهيدية، على قانون حل الكنيست بتأييد 61 عضواً ورفض 54 من أصل 120 عضواً، وذلك بعد أن أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، أن حزبه "أزرق ـ أبيض" سيصوِّت الأربعاء، على حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات رابعة في أقل من عامين، فماذا يعني ذلك بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومستقبله السياسي؟
الخلافات تنفجر بين نتنياهو وغانتس
في مؤتمر صحفي عقده غانتس، مساء الثلاثاء، لإبداء موقفه من مشروع قانون حل الكنيست الذي طرحه زعيم المعارضة، رئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد -والذي يحتاج كغيره من المشاريع للتصويت عليه ثلاث قراءات ليصبح سارياً- هاجم غانتس، نتنياهو بعد تصاعد الخلافات بينهما، وقال: "أروني دولة أخرى يحجب فيها رئيس الوزراء موازنة حكومته ويؤخر التعيينات. أين يحدث هذا أيضاً؟".
ومضى بالقول: "هناك ملايين المواطنين يشعرون بالحزن، والشركات تغلق أبوابها، ومزيد من المواطنين وجدوا أنفسهم في محنة وفقر، وفي هذا الوقت لم يتم وضع ميزانية لدولة إسرائيل، لذلك سيصوت (أزرق-أبيض) غداً (الأربعاء) بحل الكنيست".
وقبل عقد غانتس مؤتمره الصحفي، توجه إليه نتنياهو عدة مرات طالباً منه رفض مشروع القانون، بقوله: "إن هذا ليس وقت الانتخابات"، وفق قناة "كان" الرسمية. والثلاثاء، قال نتنياهو مخاطباً غانتس: "سنصوّت غداً (الأربعاء) ضد حل الكنيست ولمصلحة الوحدة. أدعو غانتس إلى القيام بالشيء ذاته من أجل علاج كورونا، وجلب اللقاحات وتقديم الدعم الاقتصادي لمواطني إسرائيل".
والإثنين، خاطب زعيمُ المعارضة، غانتس قائلاً: "حان الوقت لكي تتوقف عن كونكم متعاونين مع نتنياهو، كانت لديك نوايا حسنة، لكن الأمر لم ينجح.. الآن هناك حاجة إلى الإصلاح". وتابع لابيد، في تغريدة على تويتر: "أنت لست جالساً في حكومة وحدة، لكن في حكومة فاسدة تُسبب أضراراً جسيمة للاقتصاد الإسرائيلي". وأردف: "نحن بحاجة إلى حكومة تعمل من أجل المواطنين لتوحيد الإسرائيليين وإعادة بناء الاقتصاد".
إسرائيل نحو انتخابات رابعة في أقل من عامين
منذ أبريل/نيسان 2019، جرت 3 انتخابات عامة في إسرائيل، قبل تشكيل الحكومة الحالية في مايو/أيار، وفق اتفاق ائتلافي بين نتنياهو وغانتس، يقضي بتولي كل منهما رئاسة الوزراء لمدة 18 شهراً بالتناوب.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية بين نتنياهو وغانتس تهدف جزئياً إلى تزويد إسرائيل بالاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه في أعقاب أسوأ أزمة سياسية بتاريخها، ومع انتشار جائحة فيروس كورونا.
وكان من المقرر أن يتولى نتنياهو رئاسة الوزراء في النصف الأول من الاتفاق الممتد لثلاث سنوات، مع تولي غانتس المنصب في نوفمبر/تشرين الثاني 2021. كما تضمنت الصفقة العديد من البنود التي كانت ستؤدي تلقائياً إلى انهيار التحالف، ومن ضمن ذلك، الفشل في تمرير الميزانية.
ماذا يعني حل الكنيست بالنسبة لنتنياهو؟
في حالة حل الكنيست وانهيار الحكومة، سيظل نتنياهو رئيساً للوزراء طوال الحملة الانتخابية التي ستستمر ثلاثة أشهر أخرى، بالتزامن مع صعود إدارة أمريكية جديدة، لن تكون ودودة مع نتنياهو كما كان ترامب. ويبدو أن غانتس قد خلص إلى أنه سيكون من الأفضل تسريع إجراء التصويت على حل الكنيست، تزامناً مع استمرار محاكمة نتنياهو بشأن تهم الفساد، ومع استمرار خروج كورونا عن السيطرة.
حيث من المتوقع أن تصل ذروة محاكمة نتنياهو في فبراير/كانون الثاني المقبل، إذ من المقرر أن يدلي عدد من الشهود بأقوالهم، في التهم المنسوبة إلى نتنياهو بالاحتيال وخيانة الأمانة وقبول رشى، في سلسلة فضائح اتُّهم فيها بتقديم خدمات لشخصيات إعلامية ثرية مقابل تغطيات إخبارية إيجابية عنه وعن أسرته.
لكن من ناحية أخرى، يعتقد نتنياهو أنه يستفيد من تأخير محادثات الميزانية مع غانتس، إذ سيعطيه ذلك مزيداً من الوقت نحو الحصول على لقاح فيروس كورونا وبدء الاقتصاد في التعافي، العام المقبل، مما يمنحه على الأرجح فرصة أفضل في الانتخابات إذا حدثت.
ويتهم الجمهور الإسرائيلي نتنياهو- الذي يواجه احتجاجات أمام منزله منذ أشهر- بالفشل ويطالبونه بالرحيل، مع استمرار جائحة كورونا وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
يقول عضو الكنيست عوفر شيلح، مهاجماً نتنياهو في تصريحات صحفية، الثلاثاء: "الحكومة برئاسة نتنياهو حكومة سيئة بكل معنى الكلمة، نتنياهو فشل فشلاً ذريعاً في التعامل مع كورونا"، وأضاف: "معظم الجمهور الإسرائيلي يعتقد أن بنيامين نتنياهو فشل فشلاً ذريعاً في التعامل مع كورونا، ويريد استبداله".
لكن استطلاعات الرأي تتوقع أن حزب نتنياهو، الليكود، سيستمر في الظهور كأكبر حزب بالبرلمان في الانتخابات المقبلة، لكن بمقاعد أقل بكثير مما لديه حاليًا. أما حزب غانتس "أزرق-أبيض"، فقد انخفضت أسهمه أكثر من ذلك، مما قد يجعل من مصلحة نتنياهو وغانتس تقديم تنازلات وتجنب انتخابات جديدة.
في النهاية، سيظل المشهد السياسي الإسرائيلي مشدوداً هذه الفترة باتجاه ما ستُظهره الأيام القادمة من مواقف حقيقية أمام الكنيست حتى يُحل بثلاث قراءات، فحتى لو تمت المصادقة على اثنتين وبقيت الثالثة يمكن استدراك الأمر، وبالتالي ما تزال الأبواب مفتوحة أمام المساومة بين غانتس ونتنياهو.