رئيس فرنسا السابق نيكولا ساركوزي سياسي يميني يواجه عدة محاكمات قد تنتهي به خلف القضبان، بينما الرئيس الأمريكي اليميني دونالد ترامب الذي تنتهي ولايته في يناير/كانون الثاني المقبل قد يجد نفسه يواجه نفس المصير، فالتشابه بينهما مذهل.
شبكة CBC الكندية نشرت تقريراً بعنوان: "هل يمكن أن تكون المشكلات القانونية لرئيس فرنسي سابق قدراً لترامب؟"، تناول أوجه الشبه العديدة بين ساركوزي وترامب على المستوى السياسي والشخصي أيضاً.
لماذا يجب أن يهتم ترامب بمحاكمات ساركوزي؟
من المعروف أن دونالد ترامب لا يقرأ كثيراً، وبالتأكيد لن يرغب في القراءة عن محاكمة نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي اليميني السابق، تشير المتاعب التي يواجهها ساركوزي بعد تركه منصبه في عام 2012 إلى مصير المستقبل القانوني للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته.
يُتَّهَم ساركوزي بالفساد واستغلال النفوذ بعد تركه منصبه، ومثل الرؤساء الأمريكيين، يتمتَّع نظراؤهم الفرنسيون بالحصانة أثناء خدمتهم، وفي حالة ساركوزي، فقد تمتَّع الرئيس الفرنسي السابق بتلك الحصانة في الفترة من 2007 إلى 2012.
الاتهام هو أنه في عام 2013، وعد ساركوزي قاضياً فرنسياً بمنصبٍ في موناكو، مقابل الحصول على معلوماتٍ سرية للغاية تخصُّ أحد التحقيقات القانونية العديدة بشأنه قبل وبعد توليه الرئاسة.
ينفي ساركوزي ذلك، ويشير إلى أن القاضي لم يحصل على منصبٍ في موناكو، وقال لمحطة BFMTV مطلع الشهر الجاري: "أنا لست مخادعاً. لست فاسداً".
تشابه مُذهِل
إن أوجه الشبه بين ساركوزي وترامب مُذهِلة، وأحدها هو أن ناخبيهم وجدوا أن أسلوبهم الرئاسي الصادم مُرهِق، وكلاهما تقاعَدَ بعد فترةٍ واحدة.
في عام 2012، اختار الفرنسيون رئيساً "عادياً"، وكان هذا هو المصطلح الذي استخدمه الرئيس التالي فرانسوا هولاند لوصف نفسه، لكن الفرنسيين سرعان ما سئموا "الحياة الطبيعية" وتقاعَدَ هولاند هو الآخر أيضاً بعد فترةٍ واحدةٍ فقط.
وفي المقابل، اختاروا الناشط والزعيم السياسي إيمانويل ماكرون. ومثل ساركوزي، يحب ماكرون المعارك ويحب اختيارها، حتى مع الزعماء الأجانب والصحافة الأجنبية.
ومثل ترامب، أحبَّ ساركوزي الأضواء دائماً، وتصفه وسائل الإعلام الفرنسية بأنه وحشٌ سياسي يتوق إلى اهتمام الجمهور، سواء كان جيِّداً أم سيئاً، ومثل ترامب، طلَّقَ مرَّتين، ثم تزوَّج عارضة أزياء، كارلا بروني، لكن هذا الزواج تمَّ عندما كان في منصبه.
إما الولاء وإما الانتقام
حين كان في منصبه، أُطلِقَ عليه "الرئيس الشامل"، الذي انخرط في كلِّ سياسةٍ تقريباً، فعيَّن موالين له في معظم المناصب العليا، وتعرَّضَ العديد منهم لمشكلاتٍ لتجاوز حدود القانون.
ومثل ترامب، كان ساركوزي يطالب بالولاء، وكما كَتَبَ أحد الناشطين الفرنسيين في صحيفة Le Monde، فقد كان الأمر بالنسبة لساركوزي "إما الولاء وإما الانتقام".
والآن، بصفته رئيساً سابقاً، يجد ساركوزي نفسه يغوص ليس في مستنقعٍ واحدٍ، بل في ثلاث مستنقعاتٍ قانونية.
بدأ المستنقع الأول بشكلٍ جديّ يوم الخميس 25 نوفمبر/تشرين الثاني. وهذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها رئيسٌ سابق تهمةً خطيرةً أمام المحكمة تتعلَّق بالفساد واستغلال النفوذ. وفي حالة إدانته، يواجه هو ورفاقه أحكاماً تصل إلى 10 سنوات سجن.
ساركوزي هو أيضاً أول رئيس دولة فرنسي سابق يتم التنصُّت على هواتفه، وقد يتعاطف معه ترامب، الذي اتَّهَمَ إدارة أوباما زوراً بالنتصُّت على هواتف حملته.
وتتعلَّق التهمة بتحرُّكات ساركوزي ومحاميه لإقناع غلبرت أزيبرت، القاضي في أعلى محكمة استئناف فرنسية، بمنحهم ملفاً سرياً يتعلَّق بتحقيق آخر للشرطة في شؤون تتعلَّق بساركوزي. في المقابل، قيل إن ساركوزي وَعَدَ باستخدام نفوذه لتدبير وظيفة رائعة للقاضي في موناكو.
أصبحت القضية أكثر تشابكاً حين اكتشف قضاة التحقيق أن ساركوزي ومحاميه والمتهم الآخر، تييري هيرزوغ، أدركوا أنهم قيد التحقيق. اتَّخَذوا إجراءات مُراوِغة، وأخفوا نقاشاتهم باستخدام هواتف جديدة وأسماءً مُزيَّفة.
ووَصَفَ مكتب المُدَّعي المالي الوطني الفرنسي في عام 2017 جهود المُتَّهمين بأنها "ميثاق فساد". وقال: "أساليبهم كانت تلك التي يتَّبعها مجرمون ذوو خبرة"، وكان ردُّ ساركوزي قاسياً، ووَصَفَ التنصُّت بـ"الفضيحة التي ستظل قائمةً لفترةٍ طويلة"، وشبَّه هذا الأسلوب بأساليب الشرطة السرية المُروِّعة في ألمانيا الشرقية الشيوعية.
أولى محاكماته فحسب
لسوء حظ ساركوزي، ليست هذه سوى أولى محاكماته. في ربيع العام المقبل 2021، سيخضع هو والعديد من زملائه للمحاكمة في ما يُسمَّى قضية بيغماليون. والتهمة هي أن حملته الانتخابية في عام 2012 استخدمت شركة بيغماليون للعلاقات العامة لغسيل الإيصالات، وبالتالي ملأت خزائن الحملة بملايين أكثر مِمَّا تسمح به قوانين تمويل الحملات.
وتتضمَّن المحاكمة الثالثة المُحتَمَلة عشرات الملايين من الدولارات من معمر القذافي الزعيم الليبي آنذاك، من بين أشخاصٍ آخرين، وكانت هذه أموالاً نُقِلَت إلى فرنسا في حقائب لتمويل حملة ساركوزي الرئاسية في عام 2007.
ومثل ترامب، استخدَمَ ساركوزي كلَّ السبل القانونية لإطالة أمد العملية، وطوال الوقت كان يشجب التأسيس القانوني لفرنسا بلغةٍ خبيثة.
ترامب رجل أعمال، وهو أغنى كثيراً من ساركوزي، المحامي والسياسي طوال حياته. لكن مثل ساركوزي، يواجه ترامب بالفعل تحقيقاتٍ على عدة جبهات.