عندما تسلم هذا الإشعار من غوغل، لم يصدق ما رآه.
استيقظ كليروث، مطور الألعاب الذي طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي، على رسالة تخبره بتعطيل كل حساباته على غوغل بسبب "انتهاك خطير لسياسات غوغل".
أول تفكير جال بذهنه هو حدوث عطل ما بهاتفه، فذهب إلى جهاز الكمبيوتر وفتح متصفح Chrome، متصفح الإنترنت من شركة غوغل، واكتشف تسجيل الخروج من حسابه بالفعل. حاول الوصول إلى خدمة البريد الإلكتروني Gmail، ولكنه اكتشف قفل حسابه.
قال كليروث لموقع Business Insider الأمريكي: "كل شيء معطل ومقفل وغير متصل".
حاول الاستئناف على تعطيل حسابات غوغل، وتبين أنه ليس وحده
كان لدى كليروث بعض الخيارات، أحدها محاولة استعادة بياناته على غوغل، مما منحه بعض الأمل. ولكنه لم يصل بعيداً في تلك العملية بسبب وجود خيار آخر للاستئناف ضد الحظر، فأرسل طلب الاستئناف.
وتلقى الرد في اليوم التالي: رأت غوغل أنه انتهك شروط الخدمة، ولكنهم لم يوضحوا ما فعله على وجه التحديد، بينما أوضحوا أن حسابه لن يُستعاد مرة أخرى. (تواصلنا مع شركة غوغل للتعليق على هذا الأمر).
ويعد كليروث واحداً من عدة أشخاص شهدوا تعليق حساباتهم على مدار الأيام والأسابيع القليلة الماضية. ورداً على التغريدة التي أوضح فيها كليروث مخاوفه من قفل حسابه على غوغل بعد 15 عاماً من الاستخدام، نشر الآخرون عن تأثير حظرهم من استخدام خدمات الشركة التي تدير معظم الخدمات التي نستخدمها في حياتنا اليومية.
قال سيتفان روغلي، مطور برمجيات من بيركينهيد، بريطانيا: "أستخدم حساب غوغل لأغراض شخصية ومهنية منذ سنوات، وعليه الكثير من مختلف أنواع البيانات المهمة. وفي يوم ما عندما حاولت استخدام الخدمة بشكل طبيعي اكتشفت عدم قدرتي على تسجيل الدخول".
تحقق روغلي من حساب البريد الإلكتروني الاحتياطي ووجد رسالة تخبره أن حسابه الرئيسي أُقفل بسبب انتهاك شروط الخدمة.
قال روغلي: "ظننت أنني حصلت على إنذار أو تنبيه من قبل، فبحثت كثيراً ولكن لم أتوصل لأي شيء. ثم اتبعت رابطاً لاستعادة حسابي، ولكن حصلت على رسالة تقول إن حسابي لا يمكن استعادته مجدداً".
خسر روغلي بيانات هائلة تتضمن رسائل إلكترونية وصوراً ووثائق ومخططات طورها من أجل أعماله. وعبر عن ذلك قائلاً: "خسرت حسابي وكل البيانات التي كانت عليه".
ونشرت إحدى العاملين في جوجل ساخطة أنه في يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول، تعرض حساب زوجها للقفل ولم يتمكن من استعادته مجدداً. وزعم آخرون أنهم حُظروا من استخدام خدمات مايكروسوفت، وأن حظر الوصول إلى حسابات فيسبوك قد يكون على نفس القدر من الضرر.
سيناريو مصغر للكارثة الكبرى
وقال أرال بالكان، المناهض لسيطرة الشركات التقنية الكبيرة على بياناتنا وحياتنا: "هكذا ستكون الحياة عندما نتعامل مع شركات عملاقة مجهولة الهوية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات".
وأضاف: "هذا واحد من الأسباب التي توضح لنا ضرورة وأهمية تمويل وتطوير تقنية صغيرة على المستوى البشري لتكون بديلاً لسيطرة الشركات الكبرى على حياتنا".
الأمر أشبه باحتراق منزلك
لقد قضينا الفترة المعاصرة الأخيرة من تاريخ الإنترنت في وضع المزيد والمزيد من حياتنا على الإنترنت، من زياراتنا للمطاعم وتقييماتنا للمتاحف، والاعتماد على غوغل لتوصيلنا إلى الفنادق حيث نلتقط صوراً ننشرها على فيسبوك وإنستغرام، حتى لم يعد لنا الكثير من حياتنا بعيداً عن متناول الشركات التقنية الكبيرة. نستخدم خدمة البريد الإلكتروني Gmail من غوغل لأعمالنا ونثق في برنامج Skype من مايكروسوفت لإجراء مكالمات الفيديو مع أصدقائنا وعائلاتنا.
ولا ندرك فداحة الأمر حتى نخسر قدرتنا على الوصول لتلك الخدمات. عندما تتعطل إحدى الخدمات الرئيسية والمهمة مثل Gmail مؤقتاً، ستجد أنك بلا أي قوائم لأعمالك أو لجهات الاتصال. ما بالك إذا حدث ما هو أسوأ ووجدت نفسك ممنوعاً من استخدام تلك الخدمات، بالتأكيد سيكون التأثير مدمراً.
ما عليك سوى أن تلقي نظرة على ما خسره كليروث لتدرك نوع البيانات التي نتخلى عنها ونسلمها طواعية للشركات التقنية الكبيرة.
خسائر مادية كبيرة
يقول كليروث: "ما زلت أحاول تجميع كل شيء فقدته، وما زلت أتفاجأ بمرور الوقت بهذا الكم الهائل من البيانات المفقودة".
هناك الأمور الواضحة، مثل إمكانية الوصول لخدمات البريد الإلكتروني Gmail، ومقاطع الفيديو YouTube، وإشعارات أعياد الميلاد والمناسبات في Google Calendar، وهو ما سيؤدي إلى "بعض المواقف المحرجة".
ولكن مع خدمات البريد الإلكتروني، لم يخسر كليروث فقط الرسائل الخاصة بعمله. يقول: "أتسلم عدداً كبيراً من تراخيص البرامج التي أشتريها عبر البريد الإلكتروني، خاصة البرامج الصوتية باهظة التكلفة. لدي منتجات برمجية من أكثر من عشرين شركة مختلفة ربما خسرت إمكانية استخدامهم أيضاً، بسبب عدم إمكانية الوصول للبريد الإلكتروني المسجل بهم".
وهناك أيضاً العديد من التطبيقات والخدمات التي كان يسجل كليروث دخوله إليها باستخدام حساب غوغل، لن يتمكن من الوصول إليها مجدداً. ويقول: "إذا كانت تطبيقات مدفوعة، سيتعين عليّ شراؤها مجدداً إذا غيرت هاتفي. حتى الموسيقى التي اشتريتها من تطبيق Google Music اختفت. حمل التطبيق على عاتقه مسح كل ملفات الموسيقى التي نزلتها من خلاله على هاتفي".
حتى الملاحظات التي كان يدونها كليروث ويحتفظ بها على Google Keep اختفت. وقال متحسراً: "أسجل في تلك الملاحظات الكثير من الأفكار الرائعة عن مشروعات شخصية ومهنية، إلى جانب بعض الملاحظات الأخرى المهمة التي أحب تذكير نفسي بها، ولا يمكنني تذكرها الآن".
وأضاف: "ذاكرتي ليست جيدة، وهذا أحد أسباب امتلاكي لكل تلك الخدمات التي تقدمها غوغل".
يشعر مطور الألعاب بالخيانة من شركة غوغل التي منعت وصوله لمساحات شاسعة من حياته الرقمية في لحظة. ويقول: "يبدو أن الشركة تغويك بكل وسائل الراحة التي تقدمها لك حتى تتمكن من استخدام بياناتك كما يحلو لها، وربما توزعها هنا وهناك دون أي إشعار مسبق".
وأضاف: "الأسوأ والأكثر إحباطاً هو عدم وجود وسيلة تضمن بها عدم تكرار ذلك في المستقبل مع أي خدمة أخرى. بعض النظر عما تفعله أو من تقرر التعامل معه، هناك دائماً مخاطر لخسارة كل شيء".
ولم يعرف سبب تعطيل حساباته
ومن المقلق أيضاً غياب الشفافية وعدم توضيح ما فعله كليروث لانتهاك شروط الخدمة. ويقول: "أواصل التفكير في السبب الذي جعلهم يغلقون حساباتي، والذي ربما يكون مجرد خلل في الخوارزمية البرمجية أو شيء من هذا القبيل. من الصعب ألا أشعر بالخيانة والغضب الشديد نظراً للكم الهائل من بياناتي لدى غوغل".
وأضاف: "أشعر بالغضب أيضاً من نفسي لعدم التفكير ولو لحظة عن احتمالية خسارة حسابي على غوغل بكل ما يحتوي وكل الحسابات الأخرى المرتبطة بحسابي على غوغل. ولكن من الواضح أنني لست الوحيد الغارق في تلك الطمأنينة الخادعة".