يبدو أن تصدير الطاقة الشمسية بشكل اقتصادي أصبح هدفاً قابلاً للتحقق، وقد نرى العديد من دول العالم تتحول من استيراد النفط إلى استيراد الطاقة الشمسية، فهل يعني ذلك أن العالم العربي يمكن أن يتحول إلى مُصدّر للطاقة الشمسية بدلاً من النفط المتراجع.
ومؤخراً تم اختيار مزرعة للماشية في قلب أستراليا، لإنشاء أكبر محطة طاقة شمسية في العالم، وستستخدم الطاقة المولّدة من المشروع لتزويد سنغافورة بالطاقة في نهاية المطاف.
مساحتها أكبر من لبنان
وتشتهر أستراليا بمزارع الماشية الضخمة التي تفوق مساحتها بعض الدول، ومن هذه المزارع مرزعة قطب الكازينوهات جيمس باكر كجاكارو، التي تبلغ مساحتها 10000 كيلومتر مربع، أي تعادل مساحة لبنان.
وتم تخصيص هذه المزرعة لإنشاء محطة للطاقة الشمسية بقيمة 20 مليار دولار، وفقاً للشركة المسؤولة عن المشروع صن كيبل (Sun Cable).
تم منح محطة الطاقة الشمسية التي تبلغ قوتها 10 غيغاوات، والتي ستكون مرئية من الفضاء بعد أن يتم بناؤها، وضع المشروع الرئيسي من قبل الحكومة الأسترالية. وجذبت المحطة مستثمرين كباراً بما في ذلك أندرو فورست ومايك كانون بروكس.
قال الرئيس التنفيذي لشركة Sun Cable، ديفيد جريفين، لصحيفة The Guardian Australia، إن الموقع سيشغل حوالي 12000 هكتار، وإنه تم تقديم إحالة للمشروع إلى هيئة حماية البيئة في الإقليم الشمالي -وهي المرحلة الأولى من عملية الموافقات الطويلة التي من المتوقع السماح ببدء البناء فيها في أواخر عام 2023، وإنتاج الطاقة بحلول عام 2026 والتصدير بحلول عام 2027.
يتحدث عن أسباب اقتراح موقع Newcastle Waters، قال جريفين إن الموقع كان "نقطة التقاء لبعض المعايير الرئيسية".
وقال: "إنه يقع على ممر السكك الحديدية من أديلايد بجنوب أستراليا إلى داروين في شمالها، وهو أمر رائع بالنسبة للخدمات اللوجستية لدينا نظراً للكم الهائل من المواد التي سيتعين علينا نقلها إلى الموقع". كما أنها على بعد 30 كم من طريق ستيوارت السريع، الطريق السريع الرئيسي الذي يمر عبر الإقليم الشمالي ذي الكثافة السكانية المنخفضة.
وقال: "إنه نوع من التوازن أيضاً، لأنه يقع إلى الجنوب بما يكفي للابتعاد عن البقعة الرئيسية التي تأثرت بموسم الأمطار، لذلك فهذا الموقع مورد شمسي ثابت على مدار العام". "هناك الكثير من الشمس وليس هناك الكثير من السحب".
وقال جريفين إن الموقع ليس بعيداً عن مدينة داروين التي سيتم تصدير الطاقة عبرها، كما أن الأرض الحالية "مثالية حقاً لبناء مزرعة شمسية لأنها مسطحة للغاية".
تصدير الطاقة الكهربائية إلى سنغافورة
سترسل خطوط النقل العلوية الكهرباء التي تولدها صن كيبل إلى داروين، وتغذي شبكة الكهرباء بولاية أستراليا الشمالية، لكن جريفين قال إن ثلثي الطاقة سيتم تصديرها إلى سنغافورة عن طريق كابلات عالية الجهد تحت البحر.
سيكون هناك كبلان على الأقل، قطر كل منهما أصغر قليلاً من كرة القدم، مع قدرة Sun Cable على توفير حوالي خمس احتياجات سنغافورة من الكهرباء، حيث تتطلع الدولة إلى الابتعاد عن نظام الطاقة الذي يعمل بالغاز باهظ التكلفة.
وقال جريفين أيضاً إن المزرعة الشمسية يمكنها توفير الطاقة للمجتمعات النائية في الإقليم الشمالي، التي تعتمد حالياً على مولدات الديزل باهظة الثمن لتوليد الكهرباء.
وتتوقع Sun Cable أن المشروع سيولد 1500 وظيفة مباشرة، و10000 وظيفة غير مباشرة أثناء البناء، وحوالي 350 وظيفة دائمة بمجرد تشغيله.
العالم العربي يمكن أن يتحول إلى مُصدّر للطاقة الشمسية
نفس الظروف التي تتسم بها منطقة وسط أستراليا الصحراوية موجودة في المناطق الصحراوية العربية الشاسعة، حيث الأراضي المنبسطة، والسماوات الصافية الخالية من السحاب، وساعات النهار الطويلة، والأهم القرب من الأسواق الأوروبية المتعطشة للطاقة.
خلال السنوات العديدة الماضية كتب الكثير عن الإمكانات الضخمة التي تتمتع بها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في توليد الطاقة الشمسية، حيث لا تفتقر إلى الشمس الساطعة.
وقدّرت الوكالة الدولية للطاقة أن إمكانيات توليد الكهرباء باستخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة وحدها يمكن أن يصل إلى مئة ضعف الطلب على الكهرباء في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا مجتمعة.
وعشية صدور الالتزامات من مؤتمر الأمم المتحدة الحادي والعشرين حول المناخ، حان الوقت لتطوير هذا المصدر الغني للطاقة ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة والواقع بالقرب من السواحل الجنوبية لأوروبا، وتعزيز جهود الاتفاق على إطار لاستيراد الطاقة النظيفة المستدامة من شمال إفريقيا.
ومنذ عام 2012 فقط، تُبذل الكثير من الجهود لتبني إطار عمل يسمح باستيراد الطاقة المتجددة من المغرب إلى ألمانيا، مروراً بفرنسا وإسبانيا، بيد أن تجارة الكهرباء بين البلدان عادة ما تصبح حقيقة عندما تعود بالنفع على الجميع. ولتجارة الكهرباء ميزة إضافية تتمثل في زيادة تعميق العلاقات السياسية.
وبالفعل ظهرت قبل ثلاث سنوات فكرة مشروع ديسرتيك، التي خلقت حماساً كبيراً لاعتمادها على إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في الصحراء، وإيصالها بكابلات إلى أوروبا. إلا أن حراك الشارع العربي بات يلقي بظلاله على هذا المشروع العملاق، بل ويعرقله، حسب موقع دويتش فيليه.
بدت رؤية مشروع ديسيرتيك منذ البداية مثيرة ومقنعة في نفس الوقت، فهي تقوم على فكرة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في صحاري "منطقة مينا" (تشمل دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا).
وكانت خطة المشروع تقوم على إقامة محطات شمسية وهوائية في دول المنطقة، لتزويد السكان المحليين بالكهرباء، بل وتصديرها إلى أوروبا، ما سيمكن من تخفيض انبعاث ثاني أكسيد الكربون.
الخطوات الأولى لإنجاز هذا المشروع تم اتخاذها فعلاً، فقد قام كونسرتيوم- ديسيرتيك، الراعي للمشروع بالتعاون مع الوكالة المغربية للطاقة الشمسية بتنفيذ مشروع نموذجي بهذا الصدد، سيُمكن المغرب ابتداءً من عام 2014 من تصدير طاقة خضراء نظيفة إلى أوروبا عبر الكابل البحري الذي يربطه بإسبانيا.
كما أنَّ هناك مشاريع مماثلة مبرمجة في كلِّ من الجزائر وتونس.
فهل يتعلق الأمر بمجرد بداية مشجعة، أم بانطلاقة حقيقية لهذا المشروع العملاق؟ سورن شولفين، من معهد لايبنتز للدراسات الجهوية والعالمية، أبدى شكوكه بهذا الصدد، حين قال "الحالة الجزائرية تثير إشكالات من الآن، لأن علاقات الجزائر بالجار المغربي ليست على ما يرام". فالجزائر ستكون بحاجة، على الأرجح، إلى المغرب كبلد عبور لتصدير الكهرباء إلى أوروبا، "إنها مشكلة حقيقية، فلا بد من إطار سياسي عام ملائم لإنجاز مشروع ديسيرتيك في المنطقة".
مجرد أفكار.. حتى الآن!
تتجاوز هذه الرؤية إطار محطات الطاقة النموذجية، فحينما يتأمل المرء خارطة المنطقة التي يشملها مشروع ديسرتيك، فسيرى أجزاءً من أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط مرتبطة فيما بينها بشبكة من الخطوط، تتخللها محطات للطاقة الشمسية والهوائية. إن تشبيكاً من هذه الدرجة يحتاج إلى حد أدنى من التعاون بين دول منطقة "مينا".
وحينما تمت بلورة المشروع لم يكن أحد يتوقع الحراك السياسي الشعبي الذي يعرفه العالم العربي حالياً، والذي عصف بأنظمة عدة، وجعل دولاً أخرى تدخل في دوامة من عدم الاستقرار.
هذا التطور جعل عدداً من أعضاء كونسرتيومـ ديسيرتيك يقللون من أهمية هذه الخارطة الأولية، كما يوضح ذلك سورن شولفين "حينما نطرح السؤال، مثلاً على شركة (ميونيخ لإعادة التأمين) يقولون هذه الخارطة ليست إلا سيناريو يمكن أن يتحقق في المستقبل".
ويرى سورن شولفين أن مشروع ديسرتيك لا يمكن القول حتى الآن إنه يشمل فعلياً كل منطقة "مينا". "في الوقت الراهن هناك مشاريع مع دول محددة كالمغرب، وبالتالي فإن البعد الإقليمي في هذه المرحلة ليس مهما". ويضيف شولفين أن دولاً مثل ليبيا ومصر مهمة في مشروع ديسيرتك على المدى البعيد.
إلا أنَّ الخبير الألماني لا يذهب إلى حد وصف رؤية ديسرتيك بعدم الواقعية، خصوصاً أن الدول المصدّرة للغاز والبترول لا تنعم كلها بالاستقرار. وعلاوة على ذلك أضاف شولفين "حسب علمي لا توجد قوى سياسية وازنة حتى في الدول الإسلامية تعارض مشروع ديسرتيك بقوة".
كهرباء الصحراء للاكتفاء الذاتي أولاً
ويرى الخبراء أن خيار الطاقة الشمسية مفيد في جميع الأحوال للمنطقة العربية لتلبية حاجتها المتزايدة من الكهرباء، بغضّ النظر عمَّا تخطط له أوروبا، كما يوضح ذلك فولكر كفاشنينغ، أستاذ الطاقات المتجددة في المدرسة العليا للتقنية والاقتصاد في برلين.
وتشير كل التوقعات الديموغرافية إلى زيادة في سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال الأربعين سنة المقبلة، قدرها 45%. وبهذا الصدد يوضح فولكر كفاشنينغ قائلاً "إن سعر تقنية الطاقة الشمسية في المتناول نسبياً، ومن المنطقي والمفيد جداً انفتاح (دول منطقة مينا) على مصدر الطاقة هذا".
وبغض النظر عن وجود مشروع ديسرتيك من عدمه، فإن هذه البلدان ستكون مضطرة، في جميع الأحوال، إلى تطوير قدراتها في مجال الطاقة الشمسية. ويبقى التساؤل قائماً حول ما إذا كانت هذه الطاقة موجهة بالدرجة الأولى لتغطية الحاجيات المحلية، أم أنها ستنقل إلى أوروبا؟. "من الصعب تقدير هذا الأمر على المدى المتوسط"، يرى فولكر كفاشنينغ.
المغرب عملاق الطاقة الشمسية الإقليمي
يعمل المغرب من الآن على تنفيذ برنامج طموح للطاقة الشمسية يسعى لتغطية 14% من حاجيات البلاد من الطاقة الكهربائية في أفق عام 2020، بقوة قدرها 2000 ميغاواط. وإضافة إلى ذلك هناك مخطط لبناء محطات للطاقة الهوائية. والهدف هو إنتاج 42% من حاجيات البلاد من الكهرباء بشكل نظيف خلال 18 عاماً.
ولدى المغرب محطة ضخمة لإنتاج الطاقة الشمسية في بلدة ورزازات على أطراف الصحراء الكبرى، وقد تسهم هذه المحطة في تحديد ملامح مستقبل الطاقة في العالم.
ولا يهدف المغرب من وراء هذا المشروع إلى تغطية احتياجاته المحلية فحسب، بل أيضاً إلى تصدير الطاقة الشمسية إلى أوروبا. وقد تسهم هذه المحطة في تشكيل مستقبل الطاقة في إفريقيا، بل وفي العالم أجمع.
وثمة مواقع عديدة مشابهة لهذا الموقع في قارة إفريقيا، وتقام في الوقت الحالي محطات لإنتاج الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط، مثل الأردن ودبي والمملكة العربية السعودية. وقد باتت الطاقة الشمسية، منذ أن هبطت أسعارها، بديلاً لا غنى عنه للنفط، حتى في الأجزاء الأغنى بالنفظ من العالم.
وقد فاقت المرحلة الأولى من المحطة المغربية "نور-1" كل التوقعات بالفعل، من حيث كمية الطاقة التي أنتجتها. وقد جاءت هذه النتيجة مواكبة لأهداف المغرب، التي تتمثل في تقليل تكاليف استيراد الوقود الأحفوري من خلال التركيز على مصادر الطاقة المتجددة، في حين تلبي احتياجات الطاقة التي تزيد بمعدل 7% سنوياً.
وقد ساعد استقرار المغرب سياسياً واقتصادياً في تأمين الدعم المالي اللازم، فقد ساهم الاتحاد الأوروبي مثلاً بنسبة 60% من تكلفة مشروع ورزازات.
مصر تركز على اليونان وقبرص
وتسعى مصر لنيل نصيبها من التصدير المحتمل للطاقة الكهربائية لأوروبا.
فقد وصف الدكتور هاني النقراشي، خبير الطاقة العالمي، مشروع الربط الكهربائي بين مصر وأوروبا عن طريق قبرص واليونان بـ"الفرصة" التي يمكن من خلالها أن تستفيد مصر بتصدير منتج ذي قيمة مرتفعة، وهي الكهرباء بدلاً من تصدير الغاز.
وأضاف "النقراشي"، في تصريحات لـ"الوطن" أن "الخط الكهربائي يبدأ من محطة كهرباء البرلس الجديدة، وهي واحدة من المحطات الثلاث التي وردتها شركة سيمنس في زمن قياسي، لتضخ نحو نصف إنتاجها الكهربائي في كابل بحري يصل إلى قبرص ومنها إلى اليونان، وهي محطة تعمل بالغاز الأرضي بنظام الدورة المركبة التي طورتها سيمنس لتصل كفاءتها إلى الرقم القياسي 61%، وهذا الرقم يدل على مقدار تحويل الطاقة الحرارية المخزونة في الغاز عند حرقه إلى طاقة كهربية".
وذكر "النقراشي" أنه يمكن تقدير هذا الرقم، بمقارنته بكفاءة محطات الكهرباء التقليدية في أنحاء العالم التي تعمل بالمازوت أو الفحم، فهي بين 30% و40% أي نحو النصف.
ولفت أن هذا المشروع يفيد كلاً من قبرص واليونان في الحصول على كهرباء أنظف وأرخص من إنتاجها من مناجم الفحم في اليونان، أو استيراد المازوت في قبرص، حيث إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري عند حرق الغاز أقل من نصف مثيلاتها عند حرق الفحم.
وأشار إلى أن هذا لن يكون خط الربط الوحيد بين دول شمال إفريقيا وأوروبا، بل ستتبعه خطوط أخرى بعد أن يئست ألمانيا، وهي رائدة التحول إلى الطاقات المتجددة، من محاولات تطويع طاقة الرياح والطاقة الفوتوفلطية، وكلاهما متقلب، لتتوافق مع نمط الطلب على الكهرباء في مجتمعها المدني الصناعي بعد التحقق من أن التخزين الكهربائي يتكلف أكثر من ثلاثة أضعاف الكهرباء المُنتجة لأن الكهرباء تنتج مرتين بجانب تكلفة التخزين، على حد قوله.
ونوه بأن "بلاد مثل ألمانيا وغيرها في وسط أوروبا، تحتاج لكهرباء حسب الطلب لسد الفجوات الناتجة عن تقلبات الطاقات المتجددة المتاحة عندها، لذلك فهي سترحب مبدئياً بالكهرباء الغازية المصرية، لأنها أنظف من كهربائها الفحمية، ولكنها ستتطلع لكهرباء متجددة في المستقبل، خاصة أن الغاز المخزون في الأرض سينضب يوماً ما، قد يكون أقرب مما نتمنى.
كما أعلنت الحكومة الجزائرية عزمها على بناء محطات عدة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بتكلفة تقديرية تتراوح بين 3.2 و3.6 مليار دولار للوفاء بالطلب المحلي المتزايد على الكهرباء ولبيعها للخارج.
ووفقاً لـ"رويترز" كثيراً ما شدَّدت الجزائر، وهي عضو في منظمة "أوبك" ومورد كبير للغاز لأوروبا، على الحاجة إلى تدشين مشاريع طاقة متجددة لتنويع مصادر الطاقة والحفاظ على الغاز للتصدير.
لماذا يبدو السوق الأوروبي غير مواتٍ للشمس العربية؟
بغض النظر عن حالات عدم الاستقرار السياسي في بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فهناك تطورات قد تجعل تصدير الطاقة الشمسية من المنطقة العربية إلى أوروبا مشروعاً غير ضروري حالياً للأوروبيين.
فهناك انخفاض مطرد في أسعار توليد الطاقة بواسطة الخلايا كهروضوئية Photovoltaik، في أوروبا.
ولذلك يرى عدد من الخبراء أن استيراد الطاقة الكهربائية من الصحراء رهين في المدى البعيد بمستوى أسعار الطاقة المتجددة في أوروبا.
ومن العقبات التي تواجه توسيع التجارة الإقليمية بين شمال إفريقيا وأوروبا قصور الربط الكهربائي بين القارتين، وضعف التكامل المادي في شبكات الكهرباء الأوروبية. فليس هناك حالياً سوى خط واحد لنقل الكهرباء بين شمال إفريقيا وأوروبا، بالتحديد بين المغرب وإسبانيا.
وعلاوة على ذلك، فإن الربط بين إسبانيا وباقي بلدان أوروبا محدود، مع عدم إقامة مشاريع جديدة لنقل الكهرباء لزيادة هذه القدرة خلال العقود الثلاثة الماضية.
في الوقت نفسه، تتمتع إسبانيا بفائض في الطاقة المولدة بسبب التراجع الاقتصادي الذي شهدته أوروبا على مدى السنوات الماضية. وبالتالي أصبح السماح بدخول الطاقة المتجددة من شمال إفريقيا إلى إسبانيا فكرة غير عملية.
وكانت إيطاليا، التي تمثل بوابة أخرى محتملة لدخول الكهرباء من شمال إفريقيا، في وضع مماثل.
ولأسباب تتعلق بالنجاعة الاقتصادية لا يعتقد سورن شولفين أن أوروبا ستستورد في المستقبل 30 إلى 40% من حاجياتها من الكهرباء.
ويرى أن هذه النسبة لن تتجاوز في أحسن الأحوال نسبة 10%. وأضاف بهذا الصدد "يجب انتظار ما إذا كان من الممكن توسيع قاعدة الطاقات المتجددة في أوروبا بشكل سريع، وفي هذه الحالة قد لا تحتاج أوروبا لاستيراد كهرباء الصحراء في أفق 2050".
والمفارقة أن السبب الرئيسي غير المركز عليه الذي يدفع أوروبا لتقليل استيراد النفط والغاز المستورد هو نفسه السبب الذي قد يجعل أوروبا غير متحمسة لاستيراد الطاقة الشمسية من المنطقة العربية.
فأوروبا المسكونة بهواجس المخاوف (الوهمية أحياناً) من محيطها العربي التركي الروسي، لا تريد أن تتحول من الاعتماد على الوقود الأحفوري العربي والروسي إلى الطاقة الشمسية العربية.