المناظرة التليفزيونية الأولى بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، الثلاثاء 29 سبتمبر/ أيلول، ستتبعها مناظرتان قبل يوم التصويت 3 نوفمبر/تشرين الثاني، لكن الأولى ربما تكون الحاسمة في شكل المنافسة بينهما، فما أبرز الخطوط الرئيسية التي توضح أهميتها؟
موقع CNN International الأمريكي نشر تقريراً حول تلك الخطوط الرئيسية، حيث يدخل بايدن المناظرة وهو يتقدم السباق الانتخابي بحسب استطلاعات الرأي، وهو ما يضيف أهمية مضاعفة لتلك المناظرة بالنسبة للرئيس الحالي الذي عليه أن يخرج فائزاً بشكل واضح من تلك المواجهة إذا ما أراد الحفاظ على حظوظه في البقاء رئيساً لفترة ثانية.
ومع تبقِّي 36 يوماً فقط على موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأشرس في تاريخ أمريكا الحديث، إليك 5 خطوط رئيسية تحتاج إلى استيعابها لفهم مجريات الأسبوع المقبل من مسار حملة المتنافسين في الانتخابات الأمريكية، وتم تصنيف هذه القضايا الرئيسية بالترتيب من الأقل أهمية وصولاً للقضية الأهم وهي رقم 1.
5. هل يستطيع ترامب ضم ولايات جديدة إلى خريطة داعميه؟
يسافر ترامب إلى مدينة دولوث، بولاية مينيسوتا اليوم التالي للمناظرة، أي الأربعاء 30 سبتمبر/أيلول، إذ يحاول يائساً العثور على موطئ قدم له في الولاية التي فازت بها المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016، حتى يتمكن من قلب نتيجة الولاية في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبلة.
ويأتي ذلك على الرغم من أن استطلاعاً جديداً كُشف عنه يوم الأحد 27 سبتمبر/أيلول، وأجرته شبكة راديو مينيسوتا Minnesota Public Radio بالمشاركة مع صحيفة Minneapolis Star-Tribune وقناة KARE-11 التلفزيونية، جاءت نتائجه لتشير إلى أن ما يسعى إليه ترامب قد يكون تحدياً صعباً، إذ حملت تقدماً لجو بايدن بنسبة 48% إلى 42% لترامب الذي يتولى الرئاسة حالياً. وتتفق نتيجة هذا الاستطلاع مع البيانات الأوسع نطاقاً في هذا السباق الانتخابي، وإن لم تجر بعد انتخابات عامة في الولاية التي يعوّل ترامب على قلب نتائجها هذه المرة.
لكن من الواضح أن ترامب وفريقه يرون شيئاً ما في ولاية مينيسوتا، التي خسرها ترامب بفارق 1.5 نقطة مئوية في عام 2016، فقد كان نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، وإيفانكا ترامب، الابنة الكبرى للرئيس، في الولاية الأسبوع الماضي لحضور تجمع "الشرطة من أجل تأييد ترامب" Cops for Trump، وترامب نفسه كان في بيميدجي، بولاية مينيسوتا، في 18 سبتمبر/أيلول.
فيما يتعلق بترامب، فإن جعل مينيسوتا (وأصواتها العشرة في المجمع الانتخابي) ولاية تحمل فرصةً ما للمنافسة لصالحه بات أمراً لا غنى عنه تقريباً، لا سيما مع المنافسة المحتدمة التي تشهدها حالياً ولايات كان تقدم فيها وحملت له الفوز في عام 2016، مثل بنسلفانيا وميشيغان وأريزونا وفلوريدا.
في الوقت الحالي، يمتلك بايدن بوضوح عديداً من المسارات المعقولة للحصول على 270 صوتاً انتخابياً (الحد الأدنى للأغلبية في المجمع الانتخابي) على خلاف ترامب.
4. كم عدد الجمهوريين المنشقين عن ترامب؟
من الطبيعي، أن تشهد الانتخابات الرئاسية الأمريكية كل أربع سنوات تأييداً ديمقراطياً واحداً أو اثنين للمرشح الجمهوري (على سبيل المثال، تأييد السياسي الديمقراطي زيل ميلر للمرشح الجمهوري للرئاسة جورج دبليو بوش)، والعكس بالعكس.
لكن غير المسبوق في هذه الانتخابات، ليس فقط عدد الجمهوريين الذين تجاوزوا ولاءهم للحزب لدعم بايدن الديمقراطي مقابل ترامب الجمهوري، وإنما أيضاً مدى حيثية هؤلاء المسؤولين وأهميتهم.
وآخر هؤلاء المتجاوزين لحزبهم التقليدي هو حاكم ولاية بنسلفانيا السابق، الجمهوري توم ريدج، الذي انضم إلى صفوف المنافسين الديمقراطيين، وأعلن في مقالة كتبها في صحيفة The Philadelphia Inquirer يوم الأحد 27 سبتمبر/أيلول، عن نيته التصويت لصالح بايدن في الانتخابات المقبلة، وكتب ريدج عن ترامب: "إنه يفتقر إلى التفهُّم والنزاهة والفطنة والنضج اللازم للقيادة".
وبإعلانه هذا، ينضم ريدج إلى زملائه الجمهوريين السابقين في الحكومة الأمريكية، كريستين تود ويتمان (من وكالة حماية البيئة الأمريكية) وكولن باول (مستشار الأمن القومي السابق)، اللذين أعلنا تأييدهما لبايدن. كما يدعم بايدن راي لا هود، عضو الكونغرس الجمهوري السابق من ولاية إلينوي، وتشاك هاغل، السيناتور الجمهوري السابق عن ولاية نبراسكا، وكلاهما خدم في حكومة أوباما.
فهل هناك مزيد من الانشقاقات القادمة؟ من جانب من؟ ومتى؟ وفي حين أن تلك الانشقاقات لن تغير من آراء المؤيدين المتشددين داخل الحزب الجمهوري، فهل تداعيات تخلي مسؤولين جمهوريين كبار عن ترامب وإعلان وقوفهم إلى جانب بايدن تتواصل لتؤثرّ في أصوات الناخبين المتأرجحين؟
3. اشتعال المعركة الخاصة بترشيح باريت لعضوية المحكمة العليا
انتهت مرحلة الترقب، إلى حد كبير، في المعركة المتعلقة بتأكيد ترشيح ترامب للقاضية إيمي كوني باريت، لمقعد المحكمة العليا الذي شغر مؤخراً بوفاة القاضية روث غينسبرغ ذات الميول الليبرالية، والمنتظر الآن أن تشتعل أزمة كبيرة خلال جلسة التصويت (أو المصادقة) على قرار تعيينها في مجلس الشيوخ بما لا يقل عن 50 صوتاً جمهورياً (أغلبية مجلس الشيوخ).
ومع ذلك فإن هذا لا يعني أن المخاطر ليست كبيرة، خاصة فيما يتعلق بأعضاء مجلس الشيوخ المستدعين لهذا الاختيار، وتضم قائمة المستدعين (المعروفين أيضاً بأعضاء اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ): المرشحة الديمقراطية لمنصب نائب الرئيس كامالا هاريس، النائبة عن ولاية تكساس، والسيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، تيد كروز، والسيناتور الجمهوري عن ولاية نيوجيرسي، ليندسي غراهام، إلى جانب السيناتور الديمقراطية إيمي كلوبوشار، عن ولاية مينيسوتا.
وتُراقب هذه الجلسات عن كثب من جانب الجهات المانحة والناشطين، ويمكنها التأثير في اختيار أعضاء مجلس الشيوخ لأي ترشيحات مستقبلية سواء لمناصب قيادية أو الإدارة الوطنية للبلاد، فعلى سبيل المثال، برزت كلوبوشار عندما اختلفت مع مرشح سابق لترامب لعضوية المحكمة العليا، هو بريت كافانو، خلال جلسات الاستماع الخاصة بالتصويت على ترشيحه في مجلس الشيوخ.
وهو ما يعني باختصار، أن كل سيناتور، جمهورياً كان أو ديمقراطياً، يريد أن يستغل هو أيضاً هذه اللحظة، وسيبدأ في السعي لتقديم نفسه على أنه ذو دور رئيسي في معركة التصويت على مرشحة ترامب لعضوية المحكمة العليا.
2. كيف يفوز بايدن بالمناظرة؟
ويحتل نائب الرئيس السابق، جو بايدن، مقعد الصدارة في استطلاعات الرأي الآن، لكنّ أداءً ضعيفاً خلال المناظرة قد يمثل مشكلة كبيرة مع ذلك.
والواقع أن هذا حاضر بالتأكيد في حالة بايدن، فقد أظهر طوال حياته المهنية، وفي المرحلة التمهيدية من عملية ترشيحه في عام 2020، أن إمكانياته المتعلقة بالمناظرات متوسطة للغاية، ومع ذلك، فهو أفضل حالاً في المناظرات الفردية من تلك التي تضم أكثر من مُناظر في وقت واحد.
ويعاني بايدن للتفكير بسرعة في غالب الأحيان خلال هذه المناظرات، وفي بعض الأحيان يتلفت إلى أن وقته أوشك على النفاد، فيضطر إلى قطع فكرته في منتصف عرضها.
ومن ثم، فإنَّ مفتاح بايدن للفوز بهذه المناظرة هو تجنب الانجرار إلى الخنادق التي سيحاول ترامب دفعه إليها. ويحتاج بايدن إلى إبقاء التركيز مسلطاً على موضوع محدد: وهو المتعلق بكيفية استجابة ترامب (أو ضعف تعامله) مع جائحة كورونا.
1. كيف يفوز ترامب بالمناظرة؟
لكي يفوز ترامب بالمناظرة، يحتاج لتغيير ديناميكية عمله الحالية في السباق، فقد أشار استطلاعان جديدان صدرت نتائجهما يوم الأحد 27 سبتمبر/أيلول، أحدهما من إجراء The New York Times/Siena College والآخر أجرته The Washington Post/ABC News، إلى تأخره بمقدار 8 و10 نقاط مئوية على التوالي.
أسلوب ترامب التقليدي في المناظرات بسيط إلى حد كبير، فهو سيرمي بأي شيء وكل شيء على نائب الرئيس السابق، وسيفوز ترامب بمراده من أي من تلك الادعاءات، وسيكون ثمة كثير منها، إذا أخرج بايدن عن نقاط الانتقاد الأساسية لترامب أو جعله يظهر في مظهر المنزعج العاجز عن الرد.
وقد أشار ترامب بالفعل إلى خططه المنتظرة فيما يتصل بإثارة قضية تتعلق بنجل بايدن، هانتر، ومقعده في مجلس إدارة شركة Burisma Holdings. (فصيحةُ "أين هانتر؟" خلال التجمعات الانتخابية باتت شبه لازمة مستمرة عند ترامب). كما أنه سيحاول الانحراف بالنقاشات إلى نظريات مؤامرة شاطحة في أوهامها. حتى إنه كتب على موقع تويتر صباح الأحد 27 سبتمبر/أيلول: "سأطالب بشدة بإجراء اختبار منشطات لجو بايدن (النائم) قبل أو بعد المناظرة المقررة يوم الثلاثاء 29 سبتمبر/أيلول".
ومن المتوقع أيضاً أن ترامب سيُقاطع ويتنمّر ويدّعي المداهنة -لبايدن ولمديري المناظرة على حد سواء- لمجرد محاولة السيطرة على المنصة والظهور بمظهر "الرئيس". واستناداً إلى مناظراته السابقة مع هيلاري كلينتون في عام 2016، فإن ترامب سيُعلن نفسه فائزاً، بغض النظر عما سيحدث بالفعل خلال المناظرة.