متجاوزة نظيرتها الأمريكية، أصبحت البحرية الصينية بالفعل هي الأكبر في العالم، بأسطول يتكون من أكثر من 350 سفينة حربية، بما في ذلك أسطول سريع النمو من المدمرات والناقلات والغواصات، وذلك وفقاً لتقرير البنتاغون للقوة العسكرية الصينية لعام 2020، الذي يرصد وتيرة ومدى التحديث العسكري الصيني الطموح.
وبحسب مجلة National Interest الأمريكية، يثير هذا الواقع الجديد القلق في الولايات المتحدة الأمريكية، ويؤثر على مطوري أسلحة البنتاغون والبحرية الأمريكية، التي تعد الأقوى والأحدث فنياً وتقنياً في العالم. وبحلول نهاية هذا العقد، من المتوقع أن تشغل الصين ما يصل إلى 360 إلى 400 سفينة حربية.
وهذه ليست خطة كبيرة فحسب، إذ أصبحت السفن والغواصات الصينية، أكثر حداثة، يقول التقرير إن "بحرية جيش التحرير الشعبي، أصبحت قوة حديثة ومرنة بشكل متزايد، وركّزت على استبدال الأجيال السابقة من المنصات، بقدرات محدودة لصالح مقاتلين أكبر حديثين ومتعددي الأدوار".
"تطور البحرية الصينية يتنامى بشكل مثير للقلق"
يقول تشاد سبراجيا، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الصين، "إن الصين هي أكبر دولة منتجة للسفن في العالم من حيث الحمولة، وتزيد من قدرتها على بناء السفن بجميع الفئات البحرية".
في حين أن الأسطول الصيني المتنامي هو بالفعل أكبر بكثير من 293 سفينة تابعة للبحرية الأمريكية، فإن بعض قادة البحرية والمراقبين يشيرون إلى أن الأرقام هذه قد لا تكون في النهاية مقياس التفوق. يوضح تقرير البنتاغون هذه النقطة، ولكن مع التحذير الواضح من أن حجم الأسطول الصيني الناشئ، وسرعة تطوره، أمر مثير للقلق بالفعل.
بالنسبة إلى إجمالي عدد السفن الصينية، هناك بالتأكيد المزيد من القوة البحرية قد أضيفت، ومن المهم أيضاً تسليط الضوء على مزايا بناء السفن الصينية. فوفقاً لتقرير البنتاغون، فإن "الصين تنتج محلياً توربينات الغاز البحرية ومحركات الديزل، بالإضافة إلى جميع الأسلحة والأنظمة الإلكترونية الموجودة على ظهر السفن تقريباً، ما يجعلها شبه مكتفية ذاتياً لجميع احتياجات بناء السفن".
ومن أجل تمييز نطاق مشروع بناء السفن الصيني بشكل أفضل، يحتاج المرء فقط إلى فحص بنائه الحالي للناقلات والمدمرات. فبعد أن أطلقت بكين حاملة الطائرات الثانية Shangdong، بدأت بالعمل على حاملة طائرات ثالثة، وفقاً لتقرير خدمة أبحاث الكونغرس الصادر في مايو/أيار 2020، يقول التقرير إن بحرية جيش التحرير الشعبي قد يكون لديها ما يصل إلى 400 سفينة و4 حاملات طائرات بحلول عام 2025.
المدمرات الصينية.. منافسة التفوق التقني الأمريكي
بالنسبة لحاملتها الثالثة، تسعى بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني إلى بناء سطح حاملة أكثر سلاسة وقوة، شبيه بحاملة الطائرات الأمريكية الخارقة "فورد جيرالد"، التي تتمتع بنظام المنجنيق الكهرومغناطيسي لقذف الطائرات في الهواء. يولد المنجنيق الكهرومغناطيسي إطلاقاً سلساً للطائرات، والذي يختلف عن الإقلاع من نوع "البندقية" الذي يعمل بالبخار، أيضاً يعمل نظام المنجنيق الكهرومغناطيسي على توسيع خيارات هجوم السفينة إلى ما هو أبعد من "قفزة التزلج" الحالية لدى البحرية الصينية.
وتجذب المدمرة الصينية الناشئة من النوع 055 Nanchang انتباه المخططين الأمريكيين، ومن المثير للاهتمام أن السفينة تمثل جهداً صينياً واضحاً لبناء مدمرة متخفية.
وبحسب تقارير، لا تحتوي السفينة على صوارٍ كبيرة بارزة على سطحها، أو العديد من الأسلحة الخارجية المثبتة على جسمها، ويبدو أن لديها انحناء جسم ممزوج مع سطح خارجي أملس، في بعض النواحي يبدو أن السفينة تشبه بعض عناصر مدمرة USS Zumwalt المتخفية التابعة للبحرية الأمريكية.
أيضاً، قد يمثل الموضع المركزي لمنصة سطح السفينة الصينية، جهداً متعمداً لمحاذاة مركز ثقل السفينة، وبالتالي تقليل احتمال الانقلاب في البحار الهائجة. تحتوي المدمرة الصينية Nanchang 055 على مدافع متشابهة جداً مثبتة على سطح السفينة ومنصة سطح منحنية ناعمة ومسطحة دائرية، مثل المدمرة USS Zumwalt، هناك اتصال خطي بزاوية داخلية بدن السفينة. علاوة على ذلك، تظهر ألواح الرادار من النوع 055 ممزوجة بجوانب السفينة. بشكل عام ، يبدو أن السطح الخارجي للسفينة يحتوي على عدد أقل من "الحواف الحادة" أو الخطوط التي يحتمل أن تكون أكثر قابلية للاكتشاف بواسطة رادار العدو.
ويبدو أن هذه التطورات يأخذها الأمريكيون بالاعتبار، إذ يقوم مطورو البحرية الأمريكية لمدمرة USS Zumwalt المتخفية ذات التقنية العالية بتوسيع نطاق مهمة السفينة، واستكشاف ذخيرة جديدة لبنادقها، إذ أطلقت مؤخراً المدمرة الشبحية التابعة للبحرية الأمريكية صاروخ Evolved Sea Sparrow و SM-2 من أنظمة الإطلاق العمودي Mk 57، وهي المرة الأولى التي تطلق فيها السفينة الجديدة أسلحة من هذه النوعية، كجزء من عملية التنشيط القتالية المستمرة. فيما تستكشف البحرية الأمريكية مجموعة جديدة أخرى من الأسلحة لمدمرتها الشبحية USS Zumwalt لإعداد السفينة بشكل أفضل للحرب المستقبلية ضد الأعداء المتقدمين تقنياً.
في السياق، يذكر تقرير وزارة الدفاع الأمريكية أيضاً على وجه التحديد سفن الحرب البرمائية الهجومية الصينية، واصفاً إياها بأنها "ذات الأسطح الكبيرة والقدرات العالية"، والتي لا تختلف عن السفن الهجومية البرمائية من فئة Wasp الأمريكية. ستوفر هذه السفن للبحرية الصينية "قدرة تحمل ومرونة أكبر للعمليات طويلة المدى من سفن الإنزال الأقدم للبحرية الصينية، والتي تم تخفيض عددها على مدى العقد الماضي، وستسمح على وجه الخصوص لإسقاط قوة أكثر أهمية في عمق المحيط الهادي.
طموح البحرية الصينية أبعد ممّا هو معلن
على الرغم من أن هذه الأرقام وحدها لا تعطي بالضرورة نظرة ثاقبة على المزايا النوعية مثل التدريب الشخصي والخبرة، إلا أنها تشير إلى قدرة متزايدة على إبراز قوة الصين البحرية لما هو أبعد من البر الرئيسي الصيني، تجاه المطالبات البحرية المتنازع عليها للصين في بحر الصين الجنوبي، ونحو الجمهورية تايوان، التي تعتبرها بكين مقاطعة منشقة.
جانب آخر من جوانب التعزيزات البحرية الصينية الجدير بالاهتمام هو القواعد العسكرية الصينية في الخارج. على الرغم من أن البصمة الخارجية لبكين خفيفة مقارنة مع نظيرتها الأمريكية، فمن الواضح أن الصين تأمل في إبراز قوتها بشكل أكبر في المناطق المجاورة. تعتبر القواعد البحرية الحالية أو المخطط لها، لاسيما في سريلانكا وباكستان دليلاً على ذلك، ويمكن أن تساعد في إعاقة أي خصم للصين في حالة نشوب صراع في غرب المحيط الهادي أو ما حوله.
وبتطوير القدرات المتزايدة بشكل مطرد من حيث القياسات النوعية والكمية للبحرية الصينية، فإن بكين تضع نفسها في وضع أفضل لاتخاذ ما تريده في بحر الصين الجنوبي وحتى في الخارج، كما تقول المجلة الأمريكية.