تراجعت أسعار النفط بنسبة 9% خلال الأسبوع الماضي، لكن من المستبعد أن تتوجه السعودية، أكبر مصدّر للخام النفط في العالم، لخفض الإنتاج في أي وقت قريب.
وأفادت صحيفة The Financial Times البريطانية، يوم الخميس 10 سبتمبر/أيلول، نقلاً عن 5 مصادر خاصة، بأنَّ السعودية ستُبقي على مستويات الإنتاج كما هي، بالرغم من الغضب الذي اشتعل في المملكة على خلفية انخفاض عقود آجال خام برنت لأقل من 40 دولاراً هذا الأسبوع.
ولم تقل أسعار خام برنت عن 40 دولاراً منذ بداية يونيو/حزيران هذا العام.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، خفضت السعودية أسعار بيع نفطها الخام في آسيا لمواجهة تراجع الطلب بين بعض أكبر مستهلكي النفط في العالم، مثل الصين، بحسب تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
إلى جانب ذلك خفضت السعودية إنتاجها بمقدار مليون برميل يومياً إضافية في يونيو/حزيران لدعم الأسعار. ووفقاً لآخر تقرير شهري لمنظمة الدولة المُصدِّرَة للنفط (أوبك)، أنتجت السعودية نحو 8.4 مليون برميل يومياً في يوليو/تموز.
لكن أخبرت المصادر الخاصة صحيفة The Financial Times أنَّ الرياض مترددة في تبني المزيد من خفض الإنتاج، لا سيما بالنظر إلى موقعها على رأس ما يُسمَى مجموعة "أوبك +"، التي تضم 13 دولة عضو في (أوبك)، بالإضافة إلى دول أخرى من كبار المنتجين مثل روسيا وعمان وكازاخستان.
وفي ما يلي 3 أسباب تفسر لماذا يُرجَّح أنَّ السعودية لن تخفض إنتاجها قريباً.
- لا ترغب في التخلي عن حصة سوقية لدول منافسة
يقال إنَّ السعودية تشعر بالقلق من أنها إذا خفَّضت الإنتاج، فستتنازل عن حصتها في السوق لمُصدِّرين منافسين وتُقوِّض اتفاقية "أوبك +" لخفض الإنتاج بمقدار 7.7 مليون برميل يومياً حتى ديسمبر/كانون الأول، بعد اتفاق سابق بتخفيض قدره 9.7 مليون برميل يومياً.
وتعرضت أسعار برنت لضربة في أبريل/نيسان، بعدما أدت عمليات الإغلاق الناجمة عن فيروس كورونا المستجد إلى نسف الطلب على الوقود. وفي حين انخفضت أسعار خام برنت تقريباً من سعر إغلاق مرتفع بلغ 59.31 دولار في بداية مارس/آذار إلى أعلى بقليل من 19 دولاراً في أبريل/نيسان، انخفضت أسعار الخام الأمريكي إلى 40 دولاراً للبرميل.
لا "حصص مجانية" لمخالفي اتفاق الخفض
اتفقت أوبك وشركاؤها على خفض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل في مايو/أيار ويونيو/حزيران، لكن عدداً من الأعضاء تباطأ في الالتزام بالاتفاق، مثل العراق ونيجيريا.
وتوصلت المجموعة إلى اتفاق في يوليو/تموز لتمديد خفض الإنتاج حتى أغسطس/آب، تلاه التزام من العراق، ثاني أكبر عضو في الكتلة، بالالتزام بأهدافها المُتفَق عليها، باقتطاع 400 ألف برميل يومياً من إنتاجها في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول.
لكن هيليما كروفت، رئيسة استراتيجيات السلع في شركة RBC Capital Markets، قالت في مقابلة مع موقع Business Insider في يوليو/تموز، إنَّ "الغش"من الدول الأصغر التي تباطأت في الالتزام بخفض الإنتاج سيظل مطروحاً.
والأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للرياض، أنَّ الإمارات، التي لطالما كانت حليفاً قوياً للمملكة، أعلنت الأسبوع الماضي أنها أنتجت أكثر من الحصة المُتفَق عليها. وبعد الالتزام باتفاقيات إنتاج "أوبك" لما يقرب من 4 سنوات، يمثل هذا مشكلة للسعودية، التي مارست ضغوطاً علنية على دول مثل العراق ونيجيريا بسبب مخالفتها لاتفاق الحصص.
الحفاظ على ديناميات "أوبك"
المملكة العربية السعودية ليست على استعداد لتقويض اتفاق "أوبك" لأنه من مصلحة الجميع أن يبقى الاتفاق ساري المفعول.
وفي هذا السياق، قال أنس الحاجي، الذي يقدم المشورة للحكومات المُنتِجَة للنفط، لصحيفة The Financial Times إنَّ أية تخفيضات أخرى من جانب السعودية من شأنها "تعقيد دينامية عمل أوبك… كيف تُقنِع الدول التي تكافح بالفعل للالتزام بالتخفيضات الإضافية لإجراء تخفيضات إضافية أعمق؟ من مصلحة الجميع لأوبك + الحفاظ على مسار الحالي".
فيما علَّقت هيليما كروفت من RBC: "على الرغم من التراجع الأخير في أسعار النفط، نعتقد أنَّ قيادة "أوبك +" ستواصل توجيه جهودها نحو ضمان امتثال أفضل بدلاً من الضغط من أجل تخفيضات أعمق في هذه المرحلة".