هل تمنع معاهدة لوزان تركيا من التنقيب عن النفط؟ حقائق مهمة حول الاتفاقية التي تنظم العلاقة بين أنقرة واليونان

عربي بوست
تم النشر: 2020/09/02 الساعة 09:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/02 الساعة 10:52 بتوقيت غرينتش
تركيا أبرمت معاهدة لوزان بعد انتصارها على اليونان بقيادة أتاتورك/رويترز

مع تصاعد التوتر التركي اليوناني، يتم تداول أخطاء شائعة عن معاهدة لوزان التي أُبرمت بين تركيا والدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، والتي تمت لتحديد الحدود وطبيعة العلاقات مع أثينا.

وأبرمت هذه المعاهدة بعد حرب الاستقلال التركية، والتي أدت إلى طرد المحتلين من البلاد.

ما هي معاهدة لوزان؟

هي ليست أكثر من معاهدة سلام وقعتها حكومة الجمعية الوطنية التركية (المجلس الوطني الكبير) في أنقرة بعد طرد القوات اليونانية من قِبل الجيش التركي بقيادة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، في 24 يوليو/تموز 1923 مع الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان واليونان ورومانيا وصربيا وكرواتيا وسلوفينيا، بعد إلغاء معاهدة "سيڤر" التي كانت قد وقعتها الدولة العثمانية في 10 أغسطس/آب 1920، تحت ضغوط وإملاءات الحلفاء.

ونصت بنود المعاهدة التي تضمنت 143 مادة على استقلال تركيا وتحديد حدودها، وحماية الأقليات المسيحية اليونانية الأرثوذكسية في تركيا، في مقابل حماية الأقليات المسلمة في اليونان.

ومن بين أهم ما يتم الترويج له وهو بعيد عن الحقيقة التاريخية، أن معاهدة لوزان أُبرمت في ظل انكسارات الأتراك واحتلال دول الحلفاء لأجزاء كبيرة من تركيا، في حين أن معاهدة لوزان وقعت بعد انتصار تركيا على اليونانيين وطردهم من الأراضي التركية، إنما يصح هذا الكلام على معاهدة "سيفر" التي وقعت في ظل خسارة الدولة العثمانية الحرب، وهي المعاهدة التي لم تعترف بها تركيا الجديدة.

هل  تنتهي عام 2023؟

ومن الأخطاء الشائعة القول إن معاهدة لوزان عمرها مئة عام تنتهي في عام 2023، في حين أن نص المعاهدة بموادها كاملة وملاحقها لم يأت على ذكر سقف زمني لانتهائها.

وعلى ما يبدو فإن هؤلاء يتجاهلون حقيقة مثبتة في العلاقات الدولية، وهي أن معاهدة لوزان كأي معاهدة بين الدول تبقى سارية المفعول ما لم يُذكر فيها تاريخ انتهاء صلاحيتها.

ونص معاهدة لوزان ليس فيه تاريخ انتهاء صلاحية كما في النص الكامل للمعاهدة المترجم إلى اللغة العربية الموضوع من قبل المعهد المصري للدراسات.

هل تمنع معاهدة لوزان تركيا من التنقيب عن النفط؟

وتدور أحاديث عن أن معاهدة لوزان تمنع تركيا من التنقيب عن البترول، وهو ما لم تأت المعاهدة على ذكره تصريحاً أو تلميحاً، ومعروف أن تركيا تنقب عن النفط منذ سنوات طويلة على أراضيها وفي البحار دون أي اعتراض من أي دولة معنية بالمعاهدة.

وبمتابعة لمواقع رسمية تركية، فإن عدد الحقول المكتشفة حتى الآن في تركيا يبلغ 14 حقلاً، فهل معاهدة لوزان تمنع تركيا من حقها في التنقيب عن البترول؟

هل تمنع فرض رسوم على العبور من المضايق؟

وإذا كانت معاهدة لوزان لعام 1923 قد نصت على "الاعتراف بمبدأ حرية المرور والملاحة وإعلانهما، عن طريق البحر والجو، في وقت السلم كما في زمن الحرب، في مضيق الدردنيل وبحر مرمرة والبوسفور"، فإن المروجين للمقولات غير الدقيقة يتحدثون عن أن تركيا لا يحق لها تقاضي رسوم مرور أو منع مرور القطع الحربية ويتجاهلون معاهدة "مونترو" لعام 1936 التي هي مكملة لمعاهدة لوزان.

ومنحت معاهدة "مونترو" تركيا الحق الكامل بالسيطرة على مضايق البسفور والدردنيل وضمانات المرور للسفن المدنية في وقت السلم، وقيد مرور السفن البحرية التي لا تنتمي لدول البحر الأسود، حيث أعطت المادة 21 لتركيا الحق في إغلاق الممرات البحرية في حالة الحرب أو الأخطار المتوقعة.

المعاهدة لا تمنع تركيا من التنقيب عن النفط/رويترز

ولا وجه من أوجه الصحة لمقولات رائجة بأن تركيا بموجب معاهدة لوزان لا يحق لها تحصيل رسوم مرور السفن عبر المضايق.

ونشرت وسائل إعلام تركية وعربية مطلع عام 2011 تصريحات لوزير الطاقة حينذاك تانر يلديز أكد فيها أن بلاده تدرس زيادة الرسوم على النقل البحري في البوسفور، وأن هذه الخطوة المقترحة لا تتعارض مع معاهدة "مونترو" الدولية لحماية النقل والعبور البحري في مضيق البوسفور، حيث إن الاتفاقية تتضمن أحكاماً تجيز للدولة المشرفة، وهي تركيا، أن تضع قيوداً على النقل والعبور في المضيق.

وإذا كان البعض يربط بين معاهدة لوزان وتصريحات الرئيس التركي المتكررة عن "تركيا الجديدة" أو "الجمهورية الثانية" عام 2023، فإن هذا لا يعني حكماً صوابَ ما ذهبوا إليه من أن ذلك على صلة بدعاوى انتهاء المعاهدة، بل إن عام 2023 سيكون ذكرى مرور مئة عام على تأسيس الجمهورية التركية ودلالات ذلك ورمزيته عند شعوب العالم أجمع.

علامات:
تحميل المزيد