لماذا عادت الانقلابات العسكرية لإفريقيا بعد هدوء دام لفترات.. هذه أهم الأسباب

عربي بوست
تم النشر: 2020/08/24 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/26 الساعة 12:55 بتوقيت غرينتش
جنود من الجيش المالي - رويترز

حملت الـ24 ساعة الماضية تطورات مهمة في السودان لم يكن يتوقع حدوثها لاسيما بعد التطمينات التي قدمها المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، السبت 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، لكن سرعان ما تبدل الأمر وحصل ما يصفه البعض بـ"الانقلاب".

وأقدم المكون العسكري في المجلس السيادي الانتقالي في السودان على الإطاحة بالمكون المدني الشريك في السلطة، وعلى رأسه عبد الله حمدوك رئيس الوزراء، وعدد آخر من المسؤولين المدنيين في الحكومة التي تشكلت عقب إزاحة الرئيس السابق عمر البشير في ديسمبر/كانون الأول 2019.

هذه التطورات فتحت النقاش حول سؤال هام هو لماذا عادت الانقلابات العسكرية مرة أخرى لإفريقيا بعدما هدأت الأمور قبل عقدين من الزمن؟ فخلال العقد الأخير فقط وقعت عدة عمليات عسكرية هامة، أبرزها الإطاحة بالرئيس المدني الراحل في مصر محمد مرسي على يد الجيش في يوليو/تموز 2013، ثم شهدت مالي والسودان وتشاد وعدد آخر من البلدان الإفريقية هذه العملية، فما هي الأسباب؟

الفساد وسوء الإدارة

ويرى مراقبون وخبراء أن الانقلابات العسكرية منتشرة في إفريقيا، عادة ما تتأتى بسبب تولي غير الأكفاء مناصب قيادية وتفشي الفساد.

وتشير تقديرات غير رسمية إلى وجود ما لا يقل عن 100 انقلاب ناجح في إفريقيا في العقود الأربعة الماضية، وأكثر من ضعف العدد محاولات للانقلاب لم يُكتب لها النجاح.

الميليشيات المسلحة في إفريقيا الوسطى

وعادة ما تبدأ معظم الاستيلاءات العسكرية على السلطة، من قبل بعض الضباط الصغار المتمردين داخل الجيش، ويقومون بالاستيلاء على السلطة عن طريق احتجاز القادة أو إجبارهم على التنحي (كما هو الحال في مالي) ثم يلقون دعماً لاحقاً، وفق مراقبين.

فيما يلي عرض لتاريخ الانقلابات في جنوب القارة الإفريقية:

زيمبابوي

في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، زحف جيش زيمبابوي بالآليات العسكرية إلى العاصمة هراري، واستولى على هيئة الإذاعة الحكومية وأعلن السيطرة على الدولة.

كما وضع مدبرو الانقلاب على الفور أكبر رؤساء العالم سناً في ذلك الوقت، روبرت موغابي (بلغ آنذاك 93 عاماً) وعائلته قيد الإقامة الجبرية.

كان هذا بمثابة نهاية لحكمه الذي دام 37 عاماً، حيث تصاعدت الضغوط عليه من الجيش والمحتجين، وبدأت عمليات المساءلة في البرلمان.

وأطيح بموغابي بعد تكهنات برغبته في أن تخلفه الحكم زوجته جريس موغابي، البالغة من العمر 51 عاماً، وهي فكرة عارضها الجيش.

ورغم الترحيب الشعبي باستقالة موغابي من رأس الدولة الواقعة بالجنوب الإفريقي، لكن التغيير المنشود لم يحدث منذ ذلك الحين، فلا تزال البلاد تعاني انخفاضاً في العملة المحلية وارتفاعاً في معدلات البطالة.

السودان

شهد السودان منذ استقلاله عن بريطانيا عام 1956 أربعة انقلابات عسكرية، فضلاً عن العديد من المحاولات التي باءت بالفشل، وقد تلى معظم تلك العمليات إعدامات لعسكريين ومدنيين.

يأتي أبرز تلك الانقلابات، ما نفذه الرئيس المعزول عمر البشير في يونيو/حزيران 1989، على حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي، وتولى آنذاك منصب رئيس مجلس قيادة ما عُرف بـ"ثورة الإنقاذ الوطني"، وخلال العام ذاته أصبح رئيساً للبلاد.

الجيش السوداني نشر قواته على الحدود لأول مرة منذ ما يقارب 25 عاماً، أرشيفية/ رويترز

وفي أبريل/نيسان 2019، أُطيح بالبشير في انقلاب عسكري، بعد احتجاجات شعبية واسعة ضد حكمه الذي استمر 30 عاماً.

ثم تولى المجلس العسكري إدارة الدولة، وأُودع البشير سجن "كوبر" المركزي شمالي الخرطوم، عقب عزل الجيش له من الرئاسة في 11 أبريل/نيسان 2019.

وكجزء من اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين الذي تم التوصل إليه في أغسطس/آب الماضي، يترأس عبدالله حمدوك حكومة البلاد حتى إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

ومع ذلك، فإن الأجزاء الرئيسية من الاتفاق، مثل تعيين حكام الولايات المدنيين وتشكيل البرلمان، لم يتم تنفيذها بعد، وهو ما جعل الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات أوسع وأسرع لا تزال مستمرة.

لكن الإثنين 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أطاح المكون العسكري بالمكون المدني من السلطة في البلاد وسط توتر كبير يشهده السودان

بوركينا فاسو

لم تشهد الدولة الواقعة جنوب غرب إفريقيا انتقالاً سلمياً للسلطة السياسية رغم استقلالها منذ 1960، حيث عاشت 10 محاولات انقلاب أغلبها تمكن من تولي مقاليد السلطة.

وفي سبتمبر/أيلول 2015، شهدت البلاد محاولة انقلاب بارزة، عندما قام أعضاء من فوج الأمن الرئاسي، وهي وحدة عسكرية مستقلة، باحتجاز الرئيس الانتقالي للبلاد ميشيل كافاندو ورئيس الوزراء يعقوبة إسحاق زيدا، والعديد من أعضاء مجلس الوزراء.

الصورة مصدرها صحيفة The Telegraph البريطانية

وكانت هذه الحكومة الانتقالية قد تشكلت عقب انتفاضة بوركينا فاسو 2014، عندما أطاحت حركة شعبية بالرئيس بليز كومباوري منذ فترة طويلة.

ومع ذلك، فشل المجلس العسكري بقيادة الجنرال جيلبرت ديندير، في تعزيز سلطته، وواجه احتجاجات ضده، إضافة إلى ضغوط شديدة من المجتمع الدولي، ثم من الجيش النظامي، لاستعادة الحكومة الانتقالية.

وكان من أبرز الانقلابات الدموية في هذا البلد الإفريقي، في أكتوبر/تشرين الأول 1987، إذ نظم الكابتن بليز كومباوري، انقلاباً ضد الرئيس اليساري الكابتن توماس سانكارا، من دعاة الوحدة الإفريقية، والذي يلقب أحياناً باسم "تشي جيفارا" الإفريقي.

الغابون

وفي يناير/كانون الثاني 2019، استغل بعض الضباط المتمردين داخل صفوف الجيش الغابوني، سفر الرئيس علي بونغو أونديمبا، للعلاج خارج البلاد، وقاموا بإلقاء بيان طالبوا فيه تشكيل "مجلس إصلاح وطني"، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على انقلاب عسكري.

في يوليو/تموز 2019، استولى بعض الضباط العسكريين على السلطة في البلاد، لكن الانقلابيين واجهوا ضغوطاً من جميع أنحاء القارة لإجهاض مهمتهم غير الديمقراطية على الفور وتم اعتقالهم لاحقاً.

أوغندا

شهدت الدولة غير الساحلية الواقعة شرق إفريقيا عدة انقلابات منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1962.

أكثر من 6 محاولات انقلاب عسكرية آخرها عام 1986 بقيادة الرئيس الحالي يويري موسيفيني، الذي لا يزال في السلطة حتى الآن.

وفي فبراير/شباط 1966، وقع أول انقلاب عسكري في أوغندا، إذ أطاح "ميلتون أوبوتي" بالملك "موتيسا الثاني" ملك ما كان يعرف بـ"بوغاندا".

وبعد ذلك بخمس سنوات، استولى الجنرال عيدي أمين، على الحكم بانقلاب، منهياً بذلك حكم الرئيس أوبوتي.

وُصف حكم أمين الذي استمر تسع سنوات بـ"الدموي"، وتحدثت تقارير عن مقتل ما بين 100 ألف و500 ألف شخص في عهده، وهو ما ساعد على نشأة حركة معارضة مسلحة تدعى "جيش التحرير الوطني الأوغندي".

حين سعت أوغندا عام 1978 إلى ضم مقاطعة تنزانية، اندلع صراع عسكري تحالف فيه جيش التحرير الأوغندي مع "قوة الدفاع عن شعوب تنزانيا"، وقد أفضى ذلك في أبريل/نيسان 1979 إلى إسقاط نظام عيدي أمين، الذي فرّ إلى ليبيا ومنها إلى السعودية حيث توفي في 2003.

وبعد فرار أمين، جرت ثلاثة انقلابات أخرى أعوام 1980 و1985 و1986 على التوالي، وقاد الانقلاب الأخير يويري موسيفيني الذي فاز في 2011 بولاية رئاسية جديدة.

وحتى الآن لم يشهد الأوغنديون انتقالاً سلمياً للحكومة.

منطقة جنوب إفريقيا

شهدت منطقة جنوب إفريقيا عدداً أقل من انقلابات شرق وغرب القارة السمراء، وعزا محللون ذلك إلى المؤسسات القوية في تلك الدول والتزامها بالحكم الديمقراطي، إذ شهدت دولة ليسوتو حتى الآن انقلابين اثنين، وزيمبابوي انقلاباً واحداً.

تحميل المزيد