جاء فيديو المواطن الكويتي الذي يصفع وافداً مصرياً، ليفجر أزمة جديدة بين الشعبين، ويثير تساؤلات حول سر تكرار المشكلات بين المصريين والكويتيين تحديداً من بين كل الشعوب العربية الأخرى، حسبما يقول بعض المعلقين المصريين.
ويهدف هذا التحليل إلى رصد أسباب تكرار المشكلات بين المصريين والكويتيين، بعيداً عن الأفكار العنصرية والصورة النمطية الشائعة التي تُتَّهم بها الشعوب والتي في الأغلب لها أساس علمي.
أول شيء يمكن ملاحظته أن مثل هذه الحوادث والعلاقات التي يشوبها أحياناً توتر بين الشعوب، ليست قاصرة على المصريين والكويتيين ولا الشعوب العربية وحدها.
فالواقع أن هناك توتراً لا يخفى على أحد بين الأمريكيين والمكسيكيين؛ وبين الفرنسيين والمغاربة (عرب شمال إفريقيا)؛ والألمان والأتراك.
والعوامل المشتركة وراء هذه الحالات هي وجود هجرة كبيرة من شعب إلى بلد آخر، وحدوث أزمات سياسية أو اقتصادية أو دينية، وأخيراً وجود تيار أو تيارات شعوبية تؤجج الخلافات وتنفخ في نارها عبر وسائل تواصل اجتماعي تتغذى على مثل هذه الأحداث حتى لو حاولت التقليل من خوارزميتها الفتنوية.
الشعبان العربيان الأقرب لبعضهما هما الأكثر في المشكلات
ومما يشير إلى أن المسألة لا تتعلق بالكويت ومصر وأنه لا عيب في أحد هذين الشعبين أو كليهما، أنه يمكن النظر إلى الحالة السورية-اللبنانية كنموذج.
توجد جالية مصرية صغيرة في لبنان، تقدَّر بنحو 40 ألفاً، والجالية تحظى بنظرة إيجابية من الشعب والدولة اللبنانيين؛ نظراً إلى صغر حجمها مقارنة بالجالية السورية خاصةً، بالإضافة إلى نظرة اللبنانيين العامة إلى مصر والتي ترتبط بزعامتها للمنطقة ودورها التاريخي مع لبنان الذي انتهي فعلياً منذ عهد عبدالناصر ولكن آثاره النفسية ما زالت موجودة في أذهان اللبنانيين الذين تجمدت صورتهم عن مصر عند عهد عبدالناصر وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ.
في المقابل فإن الشعب اللبناني نفسه المرحِّب بالوجود المصري تخرج من بعض أطيافه نظرة شديدة العنصرية تجاه السوريين لأسباب معقدة، بعضها يرتبط بممارسات الوجود العسكري والأمني السوري الذي استمر عقوداً في البلاد، وخلق عقدة لدى السُّنة والمسيحيين أو نظرة الشيعة السلبية إلى أغلب السوريين بأنهم مؤيدون للمعارضة باعتبارهم سُنة، أو الخوف المسيحي من سوريا باعتبار لبنان جزءاً تاريخياً من سوريا، التي تمثل في نظره البحر المسلم الذي يُخشى على لبنان الذوبان منه.
إضافة إلى ذلك فإن عقوداً من فشل التنمية بسوريا في عهد البعث خاصة في الريف، مقابل انفتاح لبنان الثقافي والتعليمي عبر سلسلة من مؤسسات التعليم الأفضل في المنطقة، خلقت فجوة كبيرة بين الشخصيتين السورية واللبنانية رغم أنهما أقرب شعبين عربيين إلى بعضهما البعض، بل إن أغلب المسلمين اللبنايين كانوا يرفضون فصل الفرنسيين للبنان عن سوريا الكبرى، ومناطق كثيرة في الأطراف اللبنانية أقرب إلى سوريا منها إلى لبنان.
وأخيراً والأهم فإن كثافة الوجود السوري، لجوءاً وعمالاً، بعد الحرب السورية وتضافر الأزمات الاقتصادية خلقا مزيداً من المواقف السلبية تجاه السوريين، ولكن هذا لا يمنع أن نسبة كبيرة من اللبنانيين قد تكون أغلبية ترفض العنصرية ضد السوريين وتحاربها، مثلما ترفض نسبة كبيرة من الكويتيين أي إهانة للمصريين، ولكن تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي تركز على السلبيات.
يثبت توتر العلاقة بين السوريين واللبنانيين أن تراكم الظروف كفيل بإفساد العلاقة بين أقرب الشعوب.
المصريون بالعراق من أبناء عبدالحليم حافظ إلى المطاردة في الشوارع
وليست الحوادث المصرية الكويتية هي الأولى من نوعها بالنسبة للجاليات المصرية.
فعندما بدأ المصريون يتوافدون إلى العراق في السبعينيات مع بدء طفرته النفطية تزامناً مع المشكلات الاقتصادية المصرية، يقول أحد المصريين الذين ذهبوا للعراق مبكراً لـ"عربي بوست"، إن العراقيين كانوا يأتون لرؤية المصريين باعتبار أن جميعهم مثل عبدالحليم حافظ وأم كلثوم.
تدفق المصريون بالملايين على العراق من الطبقات كافة (وأغلبها طبقات فقيرة، وأصبحت بغداد قاهرة مصغرة، ولعب المصريون دوراً مهماً في اقتصاد البلاد خلال الحرب).
ولكن خلال الثمانينيات من القرن العشرين، تعرض المصريون لإهانات وتواترت، بل كانت هناك أنباء عن عمليات قتل (قد تكون هناك مبالغات في هذا الأمر) بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية في عهد صدام حسين، وذلك بعد أن تضافرت الأزمات الاقتصادية بالعراق وعودة المقاتلين من الجبهة مع تضخُّم أعداد المصريين، متسبِّبة في توتر العلاقة الوثيقة بين الشعبين.
وفي ألمانيا، كان العمال الأتراك يُصفون بالعمال الضيوف، ولكن اليوم لا هؤلاء العمال أصبحوا ضيوفاً، ولا هم امتزجوا في البلاد بشكل كبير، وبعد دور الأتراك الكبير في بناء البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، هوجم لاعب الكرة الألماني ذي الأصول التركية مسعود أوزويل هناك لمجرد التقاطه صورة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
سر تكرار المشكلات بين المصريين والكويتيين.. علاقة كثيفة تترتب عليها مشاكل أكثر
وقد يردَّ قائل بأن أعداد المصريين كبيرة في بقية دول الخليج ولا تحدث المشاكل نفسها.
الحقيقة أن هذا غير دقيق.
فنِسب المصريين في الكويت هي الأعلى بدول الخليج، والوجود المصري كثيف تحديداً في الكويت والسعودية، وهو أقل بالإمارات وسلطنة عمان (حيث يتركز المصريون في الأوساط المهنية وليست الحرفية)، وقطر وسط بين النموذجين مع ميل إلى أن تكون الجاليات المصرية والعربية بها من الطبقة الوسطى.
والحقيقة أن الكويت والسعودية منذ بداية طفرتهما النفطية أكثر اعتماداً على المصريين والعرب (لا سيما الشوام) عامةً من عُمان والإمارات الأكثر ارتباطاً تاريخياً بالهند وإيران، واللتين اعتمدتا في تجارب التنمية على الخبرات الغربية، (لا سيما البريطانية).
وهذا يعني أن السعودية- لا سيما الكويت- لديها ذائقة مصرية وعربية أكثر من دول الخليج العربية الجنوبية الأكثر ارتباطاً بالذائقة الهندية، والنموذج الإداري الغربي.
والعلاقة الوثيقة ثقافياً وتاريخياً وسياسياً بين مصر والكويت ليست من قبيل كلام المجاملات الذي يقال لترطيب الأجواء في مثل هذه الأزمات.
وهي علاقة متبادلة وعفوية، فقد ذهبت البعثات التعليمية المصرية مبكراً للكويت، كما أن الكويت جعلت شخصيات مصرية تمثلها في المحافل الدولية، وكان لجمال عبدالناصر موقف معروف في رفض محاولات الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم لضم الكويت إبان استقلالها.
وكان المصريون هم الجالية العربية الأكبر لدى الكويت خاصة بعد موقف مصر الرافض للغزو العراقي، كما كانت القاهرة في الأغلب صاحبة النصيب الأكبر من المساعدات التي يقدمها صندوق التنمية الاقتصادية الكويتي الذي يعتبر الأعرق بين الصناديق العربية.
وبقدر كثافة العلاقة بقدر ما تكثر المشاكل كطبيعة كل البشر، وليس الشعوب والدول فقط.
لماذا لا تتكرر المشاكل نفسها مع المصريين في بقية دول الخليج؟
لكن يبقى السؤال: لماذا لا تتكرر المشكلات نفسها في السعودية التي تستضيف جالية مصرية أكبر من الكويت؟
الحقيقة أن الجالية المصرية في السعودية واجهت عديداً من المشاكل بحكم عددها الكبير أيضاً، وقد تكون نسبتها أقل من الكويت، ولكن هذا في الأغلب ليس بسبب فارق بين الشعبين السعودي والكويتي (السعوديون أقرب شعوب الخليج إلى الكويت)، ولكن لاختلاف طبيعة النظامين.
في السعودية الحياة الطبيعية مصادَرة تقريباً، خاصة في عهد ولي العهد الحالي الأمير محمد بن سلمان، وهذا يجعل تورط أي شخص- سواء كان سعودياً أو وافداً- في مشكلة، مخاطرة.
فالاتحاد السوفييتي كان يضم مئات القوميات والأديان التي يكره بعضها بعضاً، ولكن لم نسمع عن الخلافات بينها إلا بعد انهياره، كان القمع الشيوعي يقمع الحريات والخلافات معاً، ولكن بعد سقوطه تنفجر المشكلات، بينما في البلدان الأكثر حرية فإن المشكلات تكون يومية ولا تتراكم (الهند نموذجاً).
والكويت تعد من أفضل دول الخليج في مجال الحريات، وهذا لا يعني فقط حرية الكلام؛ بل أيضاً يفتح الباب للمشكلات.
الأهم أن مشكلات الكويت تتفاقم
ولكن الأهم من كل ذلك أن الكويت لديها مشكلات اجتماعية وسياسية واقتصادية متفاقمة تنعكس على علاقة شعبها مع أكبر جالية عربية لديه.
يشهد العالم صعود موجة من الشعبوية ضد المهاجرين.
وبعد جائحة كورونا أصبحت كثير من الدول منها الكويت في مأزق، في ظل تراجع أسعار النفط وبطالة تتزايد من قبل الأزمة في أوساط شبابها، الذين إما أنهم يأنفون من تولي بعض الوظائف أو لم يؤهَّلوا لها أو يعانون من صورة نمطية قد لا تكون صحيحة بالضرورة، تجعل توظيفهم حتى من قِبل مواطنيهم الكويتيين صعباً (في معظم دول العالم حتى المتقدمة يفضِّل أصحاب العمال توظيف الوافدين).
والأخطر تعاني البلاد أكثر من جاراتها الخليجيات من عجز في الموازنة.
إذ تشير تقديرات دولية إلى أنَّ الكويت ستكون الدولة الوحيدة في العالم التي تُعاني عجز ميزانية يصل إلى 30% من إجمالي الناتج المحلي، بسبب ضربة جائحة فيروس كورونا، وتراجع أسعار النفط بعد نحو عقد من حالات عجز الميزانية.
يتطلب ذلك إجراءات تقشفية صارمة، في وقت تبلغ فيه نسب العمالة الوافدة بالكويت أكثر من الثلثين (نحو 70%)، وهو ما يفتح باب الجدل، إذ يربط البعض بين هذه الإجراءات والجاليات الأجنبية والعربية وتصبح عبارات مثل "الأغراب يأكلون خيرات البلاد" رائجة، خاصة في أوساط الشباب الذي يواجه مشكلات البطالة، ويتناسى البعض وليس الكل دور هؤلاء الوافدين في نهضة البلاد.
ولكن في بقية دول الخليج ليس هناك مجال كبير لمثل هذه الدعوات، (تظهر بصورةٍ أقل في السعودية)، لأن الأنظمة الأخرى بالخليج تقوم بإجراءات تقشفية ولا أحد يعترض، وهي إذا رأت أن هناك زيادة في عدد العمالة فإنها تطردها أو تفرض ضرائب باهظة عليها بقسوة ولا أحد يعترض حتى أصحاب المصالح الوطنيين الذين يعتمدون على هذه العمالة (كما حدث في السعودية).
الجاليات المصرية الضحية الأولى لتراجع التيارات الإسلامية والقومية
في الكويت مجتمع ما زال يستطيع التكلم، وبعض الكلام في الأزمات يكون سيئاً، هذه هي الحقيقة التي نراها بكل المجتمعات المفتوحة وشبه المفتوحة من أمريكا إلى ألمانيا لتركيا للبنان والكويت.
ولكن ما يزيد من مثل هذه الأزمات في الكويت أيضاً، تراجع التيارات القومية والإسلامية والليبرالية، لصالح التيارات الشوفينية الشعوبية.
تراجع التيار القومي أولاً في الكويت مع نكسات الأنظمة القومية العربية وجرائمها التي وصلت لذروتها بغزو الكويت، وتراجعت التيارات الإسلامية والليبرالية والحقوقية بالأخص مع هزيمة الربيع العربي، فخلت الساحة للتيارات الشعوبية التي تخاطب الغرائر الشوفينية، وهي تيارات يراها الثلاثي المهيمن على النظام العربي (قادة مصر والسعودية والإمارات) خيراً من التيارات الإسلامية والحقوقية وخيراً حتى من التيارات القومية التي لا يمكن ضمان السيطرة على حماستها للقضية الفلسطينية، حتى لو اتفقوا مع الثلاثي في العداء للإسلاميين والديمقراطية وتركيا.
والمفارقة أنَّ ترك الساحة لهذه التيارات الشعوبية العنصرية كان ضحيته الكبرى الجالية المصرية في الكويت، ويمكن أن يكون ضحيته الجالية المصرية بالسعودية والإمارات عند أول خلاف مع القاهرة.
أما محاولات بعض المؤيدين للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وبعض نشطاء اليسار المصري، الربط بين ما يحدث من توترات وموقف الكويت المحايد في الصراع بين قطر والثلاثي المصري السعودي الإماراتي، إضافة إلى وجود تيار إسلامي قوي بها، فهو نموذج للتفكير الاختزالي الذي أوصل المنطقة للمأزق الحالي.
فأولاً، الكويت بها تيار إسلامي لكنه غير مسيطر ولا مقرب إلى السلطة، بل إن الشخصيات المقربة إلى الثلاثي العربي في الكويت يحظون بوضعٍ أفضل وحمايةٍ أكبر من حجمهم.
كما أن الكويت ليست جزءاً من المحور الإسلامي بالمنطقة أو حليفاً لقطر أو تركيا، وهي تاريخياً لديها علاقة وثيقة مع القاهرة والرياض تحديداً.
ولكن الكويت منزعجة مثلها مثل أغلب الدول والشعوب العربية من المحيط للخليج، من استقواء الثلاثي العربي المصري السعودي الإماراتي ومحاولته فرض أجندته على بقية الدول العربية الـ22، وضمن ذلك فرض قمع الإسلاميين ووأد أي بقايا محدودة للديمقراطية في العالم العربي من المحيط الخليج.
هذا الشعور الذي لا يفهمه أنصار السيسي وكثير من اليساريين والقوميين المصريين موجود في المغرب والجزائر وتونس والأردن، وحتى العراق والصومال، ويصل للحكومة الشرعية في اليمن المدعومة من السعودية.
هل الإسلاميون في الكويت وراء العداء للجالية المصرية؟
هذا الانزعاج العربي عامة والكويتي خاصة ليس نابعاً من ميل النظام في الكويت أو غيرها من الدول العربية إلى الإخوان (هذا الافتراض يرى أن من يرفض إقصاء الإخوان جسدياً هو خلية نائمة لهم)؛ بل ينبع من قلق الكويت وغيرها من الدول العربية أولاً على استقلالها الوطني وخشيتها من مزيد من تدخلات الثلاثي، وشعورها بأن الخطر الإخواني المزعوم قد يكون أقل من أطماع هذا الثلاثي غير المعروفة حدودها.
كما أن هذه الضغوط تُعرّض الوحدة الوطنية لهذه الدول لتصدُّعات لا مبرر لها في وقت فإن أغلب هذه الدول العربية يتم خوض الخلافات بين أنظمتها وتياراتها السياسية المختلفة وبين الإسلاميين عبر البرلمان والإعلام وغيرها من القنوات الطبيعية.
فمحاولة لي الحقائق والإيهام بأن الإسلام السياسي الكويتي له دور في تسميم العلاقة بين الشعبين، الرد عليها هو أن معظم الدوائر الشعوبية المعادية للمصريين في الكويت معادية أيضاً للإسلاميين والقوميين في الأغلب.
على العكس بالنسبة للإسلاميين الكويتيين فإن مصر ليست السيسي؛ بل هي بلد محمد مرسي وحسن البنا، كما كانت مصر بالنسبة للقوميين ليست بلد أنور السادات في ذروة خلافهم معه؛ بل بلد عبدالناصر.
والأهم أنه معروف أن جزءاً ليس بقليل من الجاليات المصرية بالخليج أصلاً متعاطف مع الإسلاميين، وظهر ذلك في نتائج الانتخابات الرئاسية التي أوصلت مرسي للرئاسة، وهو أمر يجعل الإسلاميين الكويتيين متعاطفين مع هذه الجالية، إضافة إلى أن الإسلاميين مثلهم مثل القوميين في مثل هذه الأحداث الشعوبية بأي بلد عربي، يكونون عادةً أقل شوفينية من المواطنين العاديين.
لماذا لا تتعرض الجالية الهندية للمشكلات نفسها؟
يظل أحد الأسئلة المطروحة: لماذا تحدث المشكلات بين بعض الكويتيين وأفراد الجالية المصرية وليس الجالية الهندية رغم أنها أكبر من المصرية؟
السبب في ذلك هو طبيعة الجالية الهندية، سواء من حيث المهن التي تعمل فيها أو طبيعة الشخصية أو العلاقة مع الكويتي، فالمصري كعربي ندٌّ للكويتي، وهذا يخلق بقدر ما يخلق، صداقات ومصاهرات وزيجات، وعلاقة تلمذة يخلق في المقابل مشكلات.
كما يجب ملاحظة أن المصريين يعملون في نسبة لا بأس بها من الوظائف المتوسطة التي يعتبر الكويتيون أنهم مؤهلون لها، بينما نسبة كبيرة من العمالة الآسيوية- لا سيما الهندية- تعمل في مهن يأنف منها الكويتيون.
مما يفاقم الأمور في الكويت أيضاً عدم نضج النظام القانوني الكويتي رغم أنه يظل الأعرق بين دول الخليج.
وتعد الكويت الدولة الأولى خليجياً، في تطبيق النظم القانونية والإدارية الحديثة (والأكثر تاثراً بمصر في هذا الشأن)، ورغم ذلك فإن طبيعة الإدارة في البلاد ما زالت تحمل شوائب عشائر تقليدية كبيرة يصعب التخلص منها في عدم صرامة النظام السياسي، الذي له حدود في قدراته على إحداث التغييرات بالمجتمع.
يظهر ذلك في عديد من الممارسات القبلية التي تخترق الانتخابات رغم أنف السلطة.
على العكس في بقية دول الخليج الأخرى، فرغم أن الشوائب القبلية والفهم التقليدي للدين والعادات قد يكون موجوداً، فإنه يقابَل بدولة باطشة قوية تستطيع أن تفعل في المجتمع ما تشاء.
يمكن رؤية هذا في التغييرات الهائلة التي أجراها الأمير محمد بن سلمان في المجتمع السعودي، وكيف مرت دون أدنى اعتراض.
الخلاصة أن الأحداث الفردية بين المصريين والكويتيين، هي محصلة كثافة الوجود المصري في الكويت، مع الأزمات الاقتصادية بالبلاد، مع صعود التيارات الشعبوية في ظل حرية محدودة ومرتبكة بالكويت، وتراجع التيارات القومية والإسلامية والليبرالية في العالم العربي برمته.