أقفلت صناديق انتخابات أعضاء مجلس الشعب السوري الأحد الماضي في كل المحافظات السورية التي يسيطر عليها النظام.
وعلى عكس ما كان الوضع قبل اندلاع الثورة، فقد شهدت الانتخابات إقبالاً ضعيفاً، وعزوفاً ملحوظاً للمواطنين عن عشرات المراكز الانتخابية الأخرى.
مرّت الانتخابات البرلمانية السورية وسط تشكيك في قدرة النظام والحكومة ومجلس الشعب الجديد على إنقاذ الاقتصاد بعد انهياره أمام العقوبات الدولية المفروضة عليه.
قاد النظام الانتخابات الأخيرة تحت راية حزب البعث العربي الاشتراكي الذي هيمن على الانتخابات، وانتقاء المرشحين بحسب انتمائهم السياسي الموالي للحزب والنظام، سواء من فئة العمال والفلاحين التي تشكل نسبة 50% من أعضاء مجلس الشعب السوري، و50% من باقي فئات الشعب غالبيتهم أعضاء وعاملين في حزب البعث.
واجهت الانتخابات بالصورة التي أجريت عليها، موجة من الانتقاد والتساؤلات، حول الدور المتوقع من البرلمان الجديد، وهل يمكن للنظام أن يمنحه صلاحيات قانونية تتيح له إنقاذ البلاد تشريعياً، أم سيظل البرلمان تحت إمرة النظام وأتباعه كما هو عليه الآن؟
لا أمل في النواب
منذر سلوم ناشط مدني في محافظة دمشق يرى في حديثه لـ"عربي بوست" أن
النظام والسلطات السورية عَمَدا خلال الأيام الماضية إلى تنظيم انتخابات برلمانية بعد تأجيلها مرتين منذ أبريل/نيسان الماضي، بسبب جائحة كورونا.
وقال إن 1685 مرشحاً خاضوا سباق الوصول إلى مجلس الشعب السوري في استحقاق يجري كل 4 سنوات في سوريا، في أكثر من 7400 مركز انتخابي في كل من دمشق وحلب وحماة وحمص واللاذقية وطرطوس ودرعا ودير الزور، وسط أجواء ضعيفة إلى حد كبير في إقبال المواطنين للتصويت على المرشحين.
وشكك في قدرة مجلس الشعب السوري المنتخب مجدداً على لعب دوره الأساسي في إقرار القوانين والتشريعات في الجمهورية، لاسيما أنه يجوز لكل 10 أعضاء تقديم مشروع قانون إلى مكتب المجلس ممثلاً برئيسه.
كما يجوز لرئيس الجمهورية أو الحكومة اقتراح القوانين وعرضها على البرلمان ممثلاً برئيسه، كما يتمتع مجلس الشعب بنوعين خاصين من التشريع: الأول تعديل الدستور، والثاني إصدار العفو العام، أما العفو الخاص فيمنحه رئيس الجمهورية بمرسوم، غير أنه في التطبيق يمكن لرئيس الجمهورية منح العفو العام بمرسوم تشريعي.
ولفت إلى أن هذه المهام لن تمر على مجلس الشعب السوري قبل مرورها على الأجهزة الأمنية والقيادية المركزية التي يهيمن عليها حزب البعث الحاكم في سوريا، وأنه حتماً سيكون دور ومهمة مجلس الشعب الجديد كما أدواره السابقة التي تقتصر على إملاءات نظام الأسد وأجهزته الأمنية والتصفيق لخطابات بشار الأسد تحت قبة البرلمان.
ورأى أنه بذلك سيكون مجلس الشعب السوري الجديد عاجزاً عن سن التشريعات والقرارات التي من شأنها تقويض يد المقربين من النظام السوري وهيمنتهم على القطاع الاقتصادي والاستثمارات دون الشعب، وستستمر بذلك معاناة الشعب السوري.
سيطرة حزب البعث
(م.س) مراقب انتخابات في محافظة حلب يرى أن حزب البعث الحاكم في سوريا ومخابراته ما زالا يقومان بدور المنظم والمدير، رغم كل ما قيل وأشيع عن إصلاحات وتعديلات انتخابية خاصة بالترشيحات وانتخابات مجلس الشعب السوري.
وأنه يقوم بانتقاء الشخصيات والمرشحين بحسب انتمائاتهم السياسية الموالية بشدة للنظام وطبقاً للانتماءات الدينية والمذهبية أيضاً الموالية له.
ويرى أن مرشح البرلمان يحاول نسج علاقات متينة وقوية مع شخصيات نافذة في أجهزة أمن النظام وشخصيات نافذة في حزب البعث، بالرغم من أنه قد يكون مستقلاً وغير حزبي، لكن يتوجب عليه القيام بذلك لتأمين فوزه بالانتخابات التي تبدو شكلية.
وهذا ما يفعله عشرات المرشحين في انتخابات أول من أمس في محافظة حلب، أثناء تقدمهم بطلبات الترشيح لانتخابات مجلس الشعب السوري.
من جهته رامي قصباني، ناشط سياسي ومدني في العاصمة دمشق، يرى أن مهام البرلمان الجديد تتلخص في أول جلسة يعقدها لتحديد رئيسه، ثم تتحول الحكومة الحالية إلى حكومة تسيير أعمال، لحين تعيين الأسد رئيساً جديداً للوزراء ويكلف بتشكيل حكومة جديدة، ثم يواكب البرلمان المنتخب الانتخابات الرئاسية المتوقع إجراؤها في العام المقبل 2012.
ولفت إلى أن مجلس الشعب يضم 250 مقعداً، نصفها مخصص للعمال والفلاحين، والنصف الآخر لباقي فئات الشعب الموالي للنظام فقط دون الانتماء للشعب.
إيرانيون وأفغان يصوتون
أما محمد فريجة (معارض وعضو الهيئة السياسية في حماة) فينتقد الوضع العام في سوريا قائلاً: "في ظل كل ما شهدته سوريا من دمار وخراب على أيدي العصابة الحاكمة في دمشق طالت البشر والحجر والشجر وتدمير وتمزيق النسيج المجتمعي السوري، يخرج علينا النظام بلعبة جديدة يسميها انتخابات برلمانية".
حتى يوهم المجتمع الدولي بأن الدولة السورية استعادت صحتها وعافيتها، وهذا الكلام عارٍ عن الصحة تماماً، بعد أن قتل مليون مواطن وهجّر 10 ملايين وبقي تحت سيطرته 7 ملايين جلّهم من المرتزقة الطائفيين الذين استجلبهم من إيران وأفغانستان ولبنان.
وأن هؤلاء هم مَن يقومون بعملية التصويت بدلاً عن الشعب السوري الذي قتله وهجّره هذا النظام المجرم.
ودعا فريجة المجتمع الدولي إلى رفض هذه الانتخابات وعدم الاعتراف بها، كما رفضها أبناء الشعب السوري في مناطق النزوح ودول المهجر.