أصيبوا جميعاً بالفيروس وبينهم رُضّع وطاعنون بالسن.. كيف نجت عائلة مكونة من 17 فرداً من كورونا؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/07/08 الساعة 12:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/08 الساعة 12:06 بتوقيت غرينتش
تعيش أربعة أجيال من عائلة جارج معًا في منزل في دلهي. جميع البالغين تقريبًا أثبتت إصابتهم بالفيروس التاجي الجديد ، بمن فيهم 90 عامًا و 87 عامًا/ (موكول جارج)

حين علم موكول جارغ أنّ أحد أفراد عائلته أُصيب بفيروس كورونا الجديد، أدرك على الفور أنّها ليست سوى بداية؛ إذ ظلّت عائلته مقيدة داخل المنزل طيلة أسابيع خلال حالة الإغلاق المفروضة بطول البلاد، وتناولوا الطعام معاً في المنزل الذي يتشاركونه داخل العاصمة الهندية نيودلهي. وكان عددهم 17 شخصاً، بأعمار تتراوح من ثلاثة أشهر وحتى 90 عاماً.

وصُدِمَ موكول (33 عاماً) بسبب سؤالٍ بسيط ومدمر: كم روحاً سيفقدون؟ إذ قال: "كنا نعلم أنّنا سنُصاب جميعاً بالعدوى. وكنا واثقين من أنّنا سنُضحي بشخصٍ ما".

"قابلية وراثية"

تقول صحيفة Washington Post الأمريكية: في الهند، من الشائع أن تعيش أجيالٌ مختلفة من نفس العائلة تحت سقفٍ واحد، وهو الأمر الذي يُعَد مصدر فخرٍ ثقافي. بينما أشارت إحصاءات الحكومة إلى أنّ 42% من الأسر في الهند ليست أسراً أوّلية.

وفي غضون أيام قليلة، ثبُتت إصابة 11 فرداً من عائلة جارغ بالفيروس. وبينهم جد موكول طريح الفراش (90 عاماً)، وجدته (87 عاماً)، ووالده المصاب بالسكر وارتفاع ضغط الدم (62 عاماً)، وعمه المصاب بنفس المرضين (60 عاماً).

وقال زرير أودواديا، طبيب الصدر في مستشفى هندوجا بمومباي، إنّه شهد حالات حيث عانى أفراد نفس العائلة من أعراض حادة بعد الإصابة بالفيروس، مما يُشير إلى قابليةٍ وراثية. كما شهد السيناريو المعاكس أيضاً حيث أظهرت بعض العائلات حالات أخف حدة، حتى رغم إشارة العوامل الأخرى إلى خطورة المرض الشديد.

وربما كان العيش معاً يُمثّل نقطة ضعف بالنسبة لعائلة جارغ، لكنّه كان مستودعاً للقوة أيضاً؛ إذ حظي الأشقاء الثلاثة وعائلاتهم، ووالدهم ووالدتهم، بترتيب يُدعى "الأسرة المشتركة" منذ عقود.

حيث احتل كل شقيق وعائلته طابقاً واحداً شاسعاً داخل البناية المُؤلّفة من أربعة طوابق شمال غرب دلهي طيلة السنوات التسع الماضية. ويعمل كل شقيق مع أبنائه في تجارةٍ منفصلة.

هكذا تسلل الفيروس إليهم

كان أفراد العائلة شديدي اليقظة في اتّخاذ الاحتياطات ضد الفيروس؛ إذ التزموا المنزل جميعاً. وكانوا يسمحون لفردٍ واحد فقط بالخروج إلى المتجر لشراء الإمدادات للعائلة بأكملها. واعتادوا تعقيم الشخص الذي أنجز مهمة التسوّق في طقسٍ يشمل إغراق "كافة أجزاء جسده المكشوفة" بالمطهرات وفقاً لموكول.

وفي أواخر أبريل/نيسان، بدأ أحد أعمام موكول يشعر بالوهن والحمى. وأعتقدت العائلة في البداية أنّها حمى عادية. وبعد مضي أيام قليلة، مرضت عمته أنيتا أيضاً. ثم أُصيب والدا موكول بالحمى، وكذلك جدته.

وقالت مينا ديفي (58 عاماً)، والدة موكول: "كنا واثقين أنّنا لن نُصاب بفيروس كورونا لأنّنا اتّخذنا كل الاحتياطات بحذرٍ شديد. ولكن فجأة، أصابتنا الحمى واحداً تلو الآخر".

لكن أفراد عائلة جارغ تردّدوا في إجراء الاختبار رغم ذلك، أملاً في أن ينتهي الإعياء قريباً، فضلاً عن خشيتهم من التعرّض للنبذ في حال ثبتت إصابتهم بالفيروس، أو ربما أُودعوا في الحجر المؤسسي. وتحسّباً للأسوأ، بدأ جميع أفراد العائلة في عزل أنفسهم داخل غرفهم في أدوارهم المنفصلة.

وبعد خمسة أيام من الحُمى، بدأت أنيتا (54 عاماً) تُعاني من صعوبة في التنفس. فأجرت اختبار فيروس كورونا، وجاءت النتائج إيجابيةً في اليوم التالي. وكتب موكول في تدوينة تصف معاناة عائلته، شُوهِدت أكثر من 400 ألف مرة: "بدأ كل شيءٍ في الانهيار بعد تلك اللحظة".

وأثبتت أنيتا أنّها أشد الحالات خطورةً في العائلة. ونُقِلَت إلى مستشفى خاص بعد تدهور حالتها. وقال نجلها أبهيشيك (26 عاماً): "حينها ضربنا الذعر بشدة".

لكن الفيروس تصرّف على نحوٍ غير مُتوقّع؛ إذ أثبتت الاختبارات إصابة موكول وشياملال (90 عاماً)، جد أبهيشيك، بالفيروس دون أن تظهر عليهما أيّ أعراض على الإطلاق. بينما أُصيبت جدتهم بينا (87 عاماً) بحمى دامت لشهرٍ كامل، مع سعال وصداع، لكنّ حالتها لم تتدهور مطلقاً إلى درجةٍ تستلزم دخولها المستشفى. بينما جاءت نتيجة اختبار فيروس كورونا لابن عمه (29 عاماً) وزوجته سلبية. بينما هناك أربعة أطفال تقل أعمارهم عن ستة أعوام لم تُجرَ عليهم الاختبارات، أو أثبتت الاختبارات عدم إصابتهم بالفيروس.

عائلة محظوظة 

وتدرّب موكول ليصير طبيباً، قبل الحصول على ماجستير في إدارة الأعمال والانضمام إلى شركة التغليف البلاستيكي المملوكة لوالده. وساعد مع البالغين الأصغر في تنسيق الرعاية بأقاربه، وتوزيع الأسيتامينوفين وشراب السعال ومكملات الفيتامين. وكان العائلة سعيدة الحظ لامتلاكها ما يكفي من الموارد المالية، التي ساعدتها في اجتياز المرض، على حد قول موكول.

وبالنسبة لمينا، كان مرضها يتضمّن الحمى والسعال والصداع وآلام الجسم التي استمرت لنحو أسبوعين. وقضت أيامها في الاستماع إلى الموسيقى التعبّدية والصلاة من أجل أن تُشفى عائلتها، مع عجزها عن رؤية أحفادها. وكانت زوجة ابنها تترك وجبات الطعام على عتبة بابها. بينما قضت نحو شهر معزولة داخل غرفتها.

وكانت نقطة التحول الكبرى هي قدرة أنيتا على العودة إلى المنزل بعد قضاء 10 أيام في المستشفى، حيث تلقّت علاجاً بالأكسجين. وصفّق الجيران وقرعوا أجراسهم من الشرفات احتفالاً بعودتها، بينما تُلقي العائلة بتلات الزهور.

وبعد أن أجروا الاختبارات جميعاً وعادت النتائج سلبية في أوائل يونيو/حزيران؛ التأم شمل العائلة من جديد على طاولة العشاء للمرة الأولى منذ أسابيع. وشهد العشاء تبادل الضحكات، والطعام النباتي الشهي، وحلوى الكاسترد. وقال أبهيشيك إنّ قدرته على عناق أبناء إخوته بعد فترةٍ طويلة منحته "شعوراً رائعاً".

لكن العائلة حصلت على نصيبها من الأنباء السيئة أيضاً؛ إذ قال موكول إنّ اثنين من أقارب الأسرة البعيدين ماتا بسبب الفيروس في الأسابيع الأخيرة. وكان كلاهما قد اتصل بعائلة جارغ للاطمئنان عليهم وتقديم الدعم المعنوي لهم خلال صراعهم مع كوفيد-19. وقال موكول: "ليس هذا مرضاً تسهل هزيمته. لقد كنا محظوظين بشدة".

تحميل المزيد