"تحية هتلر تُلقى في أكثر وحدات الجيش الألماني سرية".. كان هذا ما كشف عنه تحقيق حول اختراق اليمين المتطرف للقوات الخاصة الألمانية.
وقررت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارينباور حل سَرية من القوات الخاصة الألمانية، قائلة إن ثقافة التطرف اليميني سُمح لها بالتطور خلف "جدار من السِّرية الذي يميز الوحدة".
وقالت أنيغريت كرامب كارينباور للصحفيين أمس الأربعاء، إنه تبين أن "القيادة السامة" في السَّرية عززت موقف اليمين المتطرف بين بعض أعضاء وحدة قيادة القوات الخاصة (KSK).
صرف بعض أعضاء الوحدة شديدة السِّرية وتقليص تدريبها
وسيتم توزيع نحو 70 جندياً على السرايا القتالية الثلاث الأخرى بالقوات الخاصة، في حين أن "أولئك الذين أوضحوا أنهم جزء من المشكلة وليسوا جزءاً من الحل، يجب أن يغادروا القوات الخاصة الألمانية"، حسب الوزيرة.
وتم تقليص تدريب المؤسسة بالكامل وانتشارها مع استمرار التحقيق في التطرف وتنفيذ الإصلاحات.
تم تشكيل KSK كوحدة عسكرية في عام 1996، مع التركيز على عمليات مكافحة الإرهاب وعمليات إنقاذ الرهائن من المناطق المعادية، وخدمت هذه الوحدة في أفغانستان والبلقان وعملياتها سرية.
هل تتجاهل الحكومة اختراق اليمين المتطرف للقوات الخاصة الألمانية؟
يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن ألمانيا لم تفعل ما يكفي لمعالجة التطرف اليميني داخل جيشها بشكل عام.
ومع ذلك أكدت كرامب كارينباور، أنها شعرت بأن الإصلاح هو المسار الصحيح بدلاً من حل قيادة القوات الخاصة برمتها (KSK) بأكملها.
وقالت وزيرة الدفاع الألمانية: "إن الغالبية العظمى من الرجال والنساء في القوات الخاصة الألمانية وبالجيش الألماني ككل مخلصون لدستورنا، من دون استثناءات".
وجاء هذا التحقيق بعدما أُلقيت تحية هتلر في حفل للسَّرية
وبدأ المحققون العسكريون يتفحصون هذه الوحدة وعلاقتها باليمين المتطرف منذ أن أبلغت مجموعة من المذيعين الألمان في عام ،2017 أنه في حفلة وداع للوحدة، قام الأعضاء بإلقاء تحية هتلر.
كما استمعوا خلال الحفل إلى الموسيقى المتطرفة اليمينية، وشاركوا في لعبة تنطوي على قذف رأس خنزير.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أفاد الجيش الألماني بأن 20 جندياً يشتبه في أنهم يمينيون متطرفون.
وهناك أسلحة تسربت منها، فهل ذهبت للمتطرفين؟
وشكَّلت وزيرة الدفاع الألمانية لجنة مستقلة في مايو/أيار 2020؛ للتحقيق في اختراق اليمين المتطرف للقوات الخاصة الألمانية واقتراح إصلاحات، وذلك بعد العثور على مخبأ للأسلحة والمتفجرات والذخائر في أحد منازل المتطرفين المشتبه بهم في ساكسونيا، والتي قالت الوزيرة إنها كشفت عن "بُعد جديد" للمشكلة.
وقالت إن التحقيق كشف عن "أوجه قصور خطيرة" في سجلات الوحدة، وإن هناك العديد من العناصر المفقودة، من ضمنها الذخيرة والمتفجرات.
وأضافت أنه لم يتضح ما إذا كانت الذخائر استُخدمت أو تُركت بعد أو سرقت.
وتعد ولاية ساكسونيا من معاقل اليمين المتطرف في ألمانيا، وهي تقع فيما كان يُعرف قديماً بألمانيا الشرقية، وهي بدورها المناطق التي حقق فيها هتلر أول انتصاراته عام 1930.
وفي ولاية تورينغن المجاورة لساكسونيا، فإن السياسي توماس كِمريش، رشح لمنصب رئيس وزراء الولاية، بفضل دعم حزب "البديل" اليميني الذي استبعد مرشحه لكي يتمكن كِمريش من تشكيل تحالف أوسع ويطيح برئيس وزراء الولاية بودو راميلو الذي كان يستند لتحالف يساري جرى التفاوض بشأنه.
ولكن بعد حالة من الغضب انتشرت في جميع أرجاء البلاد، تراجع كِمريش معلناً استقالته.
لكن تلك الاستقالة لم تأت إلا بعد أن أبرز "الحزب الديمقراطي الحر"، الذي ينتمي إليه كِمريش، ضعفَ وتداعي ما يطلق عليه الألمان اسم "جدار الحماية" (Brandmauer) –وهو الجدار الذي من المفترض أنه، بموجب اتفاقية سياسية دامت لعقود من الزمن، يحول دون أن تمارس قوى أقصى اليمين تأثيراً حقيقياً في السياسة الألمانية.
لقد وصل الأمر لتسلل اليمين المتطرف إلى المجموعات الصديقة للبيئة
الأغرب هو أن هناك مؤشرات على تسلل اليمين المتطرف الألماني إلى مجموعات خضراء متدثراً بدعوات لحماية الأرض
وفي هذا الإطار، نشرت صحيفة The Guardian البريطانية تقريراً أشارت فيه إلى مجلة جديدة ربع سنوية تدعى (Die Kehre) أي الدوران، تصف نفسها بأنها "مجلة للحماية الطبيعية".
في مقالها الافتتاحي، تصف المجلة علم البيئة بأنه "جواهر التاج" لليمين و"الذي سرقته" الحركة الخضراء اليسارية في السبعينيات.
وتناقش إعادة تعريف الموضوع بعيداً عن حماية المناخ نحو حماية الوطن.
وتحذّر عدة مقالات من الخطر الذي تشكله مزارع الرياح على أنواع الطيور "الأصلية" في ألمانيا و"غابات القصص الخيالية".
وقالت دانييلا جوتشليتش، إحدى علماء السياسة الذين أجروا الدراسة الاستقصائية حول هذا الأمر: "لقد اكتشفنا عدداً كبيراً من المجموعات البيئية التي كانت على اتصال بمُنظِّري اليمين المتطرف".
وأضافت"اكتشفنا أن الكثيرين شعروا بأنهم غير قادرين على مواجهة التحدي وطلب الدعم". ومحاولات استخدام القضايا الخضراء لتمرير الأفكار اليمينية المتطرفة ليست جديدة، حسبما قال يانيك باسيك، المتحدث باسم "فارن"، وهي هيئة ترعاها الحكومة ضد التطرف بين الجماعات البيئية.
وقال المزارع الألماني جان-هينينج ديركس، إن المزارعين محبطون من البيروقراطية المتزايدة التي تفرضها اللوائح الجديدة بشأن استخدام الأسمدة وحماية الحشرات، مضيفاً أن التناقضات القانونية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي تعني أن المزارعين الألمان يكافحون للتنافس ضد نظرائهم في أوروبا الشرقية، وهذا يتيح الفرصة للمجموعات اليمينية للدخول في الأمر.