يبدو أن الإمارات قد أخذت مسألة التطبيع مع إسرائيل إلى مستويات أخرى تتخطى العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى آخر يتعلق بالمساعدة في ملفات مشتركة على أراضي دول أخرى، والحديث هنا عن اليمن، فهل تقدم أبوظبي موطئ قدم لتل أبيب عبر المجلس الانتقالي الساعي لانفصال الجنوب؟
"عملاء سريون"
قبل يومين نشرت صحيفة إسرائيل اليوم تقريراً تحدث عن وجود "أصدقاء سريين" لإسرائيل في اليمن، لفت انتباه موقع MiddleEastMonitor البريطاني الذي نشر تقريراً أمس الإثنين 22 يونيو/حزيران بعنوان "المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في اليمن "صديق سري" لإسرائيل"، تحدث عن العلاقات بين الطرفين وأهداف تل أبيب من أن يكون لها موطئ قدم في اليمن.
لكن الواقع أن استخدام توصيف "سري" يدعو للسخرية، لأن "الصديق السري" لا تتم تسميته أو بالأحرى فضحه بتلك الطريقة، لكن هذا الأسلوب تحديداً أصبح بصمة خاصة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يتفاخر بهرولة أغلب "القادة العرب" لإقامة علاقات مع إسرائيل، ودائماً ما يقوم بتسريب اللقاءات التي تتم بعيداً عن أعين الإعلام، وكان لقاء نتنياهو مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان أحدث النماذج في هذا السياق.
اعتراف علني واتهام من الحوثي
وبعد ساعات من تقرير الصحيفة الإسرائيلية، كتب هاني بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في تغريدة عبر تويتر، أنه "لا مانع (لديهم) من فتح علاقة مع إسرائيل لضمان حق الفلسطينيين في قيام دولتهم بسلام وأمان إلى جانب إسرائيل".
وكان طبيعياً أن تقول جماعة الحوثي اليمنية إن إسرائيل "تبحث عن موطئ قدم لها في اليمن"، بمساعدة الإمارات، وذلك في تصريحات لوزير إعلام ما تسمى حكومة الحوثيين غير المعترف بها، ضيف الله الشامي، نشرها موقع "المسيرة نت" التابع للجماعة مساء أمس الإثنين، بحسب وكالة الأناضول.
الشامي اعتبر أن "العدو الإسرائيلي يرى اليمن خطراً عليه بموقعه الاستراتيجي، ويعمل على إيجاد موطئ قدم له في اليمن عبر دور إماراتي"، وأضاف: "هناك تواصل يجري مع الكيان الصهيوني وما ظهر منه حتى الآن هو لقاء (خالد) اليماني (وزير الخارجية السابق في الحكومة الشرعية)، وتصريحات ما يسمى المجلس الانتقالي".
ماذا تريد الإمارات؟
الإمارات هي الداعم العسكري والسياسي والاقتصادي للمجلس الانتقالي الجنوبي والرغبة الإماراتية في انفصال جنوب اليمن عن شماله ليست سرية ولا توقعات من جانب مراقبين أو محللين، وبالتالي فإن الحديث عن وجود علاقات بين الانفصاليين في جنوب اليمن من جهة والإسرائيليين من جهة أخرى يطرح تساؤلات مهمة حول ما تسعى إليه الإمارات في المنطقة العربية.
ففي 9 يونيو/حزيران الجاري، حطت ثاني طائرة إماراتية في مطار بن غوريون الإسرائيلي في غضون شهر، في رحلة مباشرة من أبوظبي إلى إسرائيل، بزعم تقديم مساعدات لفلسطين، لكن الحكومة الفلسطينية رفضت تلك المساعدات لعدم التنسيق المسبق معها، فيما عدتها فصائل فلسطينية "تطبيعاً مرفوضاً"، ولم تكن تلك هي المرة الأولى، وتلاها خروج قرقاش بتصريحه عن "الخطوط المفتوحة".
سعي إسرائيل لأن يكون لها موطئ قدم في جميع الدول العربية مفهوم ومكاسبه بالنسبة للدولة العبرية لا تخفى على أحد، وأن تكون لها علاقات وتواجد "وأصدقاء" في اليمن تحديداً له هدف استراتيجي آخر أيضاً لا يخفى على أحد ويتعلق بإيران وتواجدها هناك سواء من خلال حزب الله اللبناني أو إيران والعلاقة مع الحوثيين.
لكن يظل الدافع الإماراتي يمثل علامة استفهام تزداد تضخماً كل يوم مع تكشف دورها في المنطقة من اليمن إلى ليبيا والسودان ومصر وتونس وغيرها. صحيح أن عداء ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد لثورات الربيع العربي وسعيه لإجهاضها ليس سراً، وعداءه لتيارات الإسلام السياسي أيضاً ليس سراً، لكن أن يتخطى الأمر إنفاق مليارات الدولارات لتمويل الانقلابيين في ليبيا وتونس والسودان والانفصاليين في اليمن، إلى مساعدة إسرائيل في أن يكون لها عملاء في جنوب اليمن قبل حتى أن يتم إعلان الانفصال بشكل رسمي مستوى آخر من المعاداة للثوابت العربية أو على الأقل ما تبقى منها.