مرحلة جديدة من العمل في مشروع "نيوم" الذي أطلقه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عام 2017، دخلت حيز التنفيذ ضمن المشروع، وعليه قامت السلطات السعودية مؤخراً بإزالة عدد من العقارات والمنازل والاستراحات الواقعة ضمن إطار المشروع.
وقد علِم "عربي بوست"، أنّ السلطات أزالت بالفعل ما يقارب من 12 عقاراً، منها منازل واستراحات في منطقتي علقان وثرم الواقعتين على حدود منطقة "نيوم" وتبعدان مسافة 100 كم عن قرية الخريبة.
إزالة العقارات
كما علِم "عربي بوست" من مصادر خاصة، أنّ الحكومة السعودية بدأت في إزالة الأبنية والعقارات التي تحمل مشكلات قانونية مثل وجود إشكاليات فيما يتعلق بمصدر صكوك ملكية هذه العقارات ومدى صحتها، أو فيما يتعلّق بوجود بعض النزاعات والمشكلات حولها.
فقد قامت تحت هذه الذريعة بإزلة بناية كاملة في قرية قيال الواقعة مباشرة على ساحل إحدى قرى مشروع "نيوم"، وتعود ملكيتها لمواطن سعودي يدعى فؤاد الغريض، كان قد اشترى المبنى من أحد الأشخاص بصك شرعي، لكن فيما بعد ثبت أنّ هناك مشكلات تحوم حول ملكية الصك ومصدره.
وهو الأمر الذي دفع السلطات السعودية إلى إلغاء ملكية الصك واتخذت من ذلك ذريعة لهدم البناية، حيث أشارت مصادر مطلعة إلى أنّ السلطات السعودية تبدأ بالعقارات والأملاك التي تحوم حول ملكيتها مشكلات؛ حتى تتخذ منها ذريعة لهدم المنازل والبيوت ومصادرتها.
المصادر أكدت أنّه بدأت فعلياً أعمال التخطيط وشق الطرق من قِبل شركات ومؤسسات تعمل مع مشروع "نيوم"، فقد شوهدت معدات وآليات ثقيلة بدأت تعمل في تمديد خطوط مياه وكهرباء، وأعمال في تمهيد الأراضي.
كما شرعت السلطات السعودية بعد هدم المنازل والعقارات بمنطقتي علقان وثرم، في إنشاء مناطق عازلة، ووضعت حواجز ترابية بين قرى ومناطق "نيوم" أو ما يُعرف بين الأوساط البدوية بـ"العقم الترابي"؛ وذلك لمنع الوجود فيها مرة أخرى.
شيوخ الحويطات والأمن
اجتماع مشترك ضمَّ شيوخاٌ من قبيلة الحويطات مع محافظ ضباء محمود بن حسين الحربي، ووكيل وزارة الداخلية للشؤون الأمنية محمد المهنا، في مقر محافظة ضبا؛ للتعريف بالناس الذين يقطنون القرى الرئيسية الأربع التي ستضم مشروع "نيوم"، وهي قرى (قيال، العصيلة، شرما، الخريبة).
وأيضاً لبحث كيفية تهيئة وإقناع سكان قرى ومناطق "نيوم" بمغادرة مناطق سكناهم من دون إحداث بلبلة أو أي صخب تجاه السلطات السعودية، كما بحث الاجتماع قيمة التعويضات التي من الممكن أن تُعطى للسكان المهجَّرين.
وأكدت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست"، أن قرار الترحيل نافذ ولا تراجع عنه من قِبل السلطات السعودية، ولا تزال لجان الإحصاء تجوب قرى ومناطق "نيوم"؛ لإنهاء عمليات إحصاء العقارات والأبنية التي ستتم إزالتها ومصادرتها وترحيل السكان منها، وتعمل على تحديد الأراضي والمباني والأملاك وحصرها هي وساكنيها.
وأكدت المصادر المطلعة أن عائلة عبدالرحيم الحويطي -الذي قتلته قوات الأمن في أثناء إخلاء منزله بالقوة- لم تتلقَّ أية تعويضات حتى هذه اللحظة، رغم أنّ بعض المصادر قالت في وقت سابق، إنّ قبائل الحويطات هي التي ترفض التعويض وأية عروض مالية مقابل عملية التهجير حتى لو كانت عروضاً سخية.
مصادر سعودية رسمية أكدت في وقت سابق، أنّ السعودية قد عرضت تعويضات نقدية سخية وعقارات بديلة لمن سيتعرضون للترحيل بسبب مشروع "نيوم"، وهو الأمر الذي نفاه كثير من أبناء القبيلة جملة وتفصيلاً، معتبرين أن الرؤية لا تزال ضبابية حيال مسألة التعويضات والبدائل التي سيتم توفيرها.
وفي هذا السياق يؤكد المواطن السعودي محمد الحويطي، أحد سكان قرية "الخريبة"، لـ"عربي بوست"، أن الرؤية ضبابية وغير واضحة حيال التعويضات، مشيراً إلى أنّه تقرر فقط صرف منحةٍ قدرها 620 ألف ريال سعودي فقط.
وهذا ما صرح به أمير منطقة تبوك، منوهاً إلى أنّ التفاصيل غائبة عن كيفية صرفها، وهل هي لكل أسرة أو لكل منزل أو لكل عقار، مؤكداً أنّه لا يعلم بفحوى ولا تفاصيل موضوع التعويضات؛ لعدم وجود شفافية.
وتساءل في الوقت نفسه: "هل من يملك بيتاً مكوناً من خمس غرف سيُصرف له المبلغ نفسه الذي يُصرف لمن بيته أصغر؟"، واستطرد: "كما أنه لم يتم تحديد المناطق والعقارات البديلة التي سيتجه إليها السكان بعد تهجيرهم من منازلهم"، وهذا بحد ذاته يعتبره الحويطي إجحافاً وظلماً كبيراً بحقهم.
حالة الخوف التي تسيطر على السكان ربما تكون مبررة، إذ إن استخدام القوة في التعامل مع الرافضين، والسجن والاعتقال والتهديد سيكون هو المصير المحتوم، حيث يستهدف المشروع إجلاء 30 ألف شخص، وعملية التحضير للإجلاء بدأت منذ ثلاثة أشهر، تمهيداً لعملية التهجير، التي وضعها القائمون على المشروع على مرحلتين، تتمثل المرحلة الأولى في مناطق: (قيال، العصيلة، شرما، الخريبة) جنوباً، والثانية (البدع، مقنا، المويلح) شمالاً.