سلاسل توريدها تضررت بشدة.. كيف تأثرت أسواق الأطعمة الحلال في أمريكا خلال جائحة كورونا؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/05/30 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/30 الساعة 09:36 بتوقيت غرينتش
فيروس كورونا: كيف يتعامل باعة الأطعمة الحلال في الولايات المتحدة مع السوق المُتقلِّبة للحم البقري؟، تعبيرية/ Istock

قفَّازاتٌ وأقنعة واقية. غسيلٌ دوري للأيدي. والكثير من المُطهِّرات والعلامات على الأرض لإبقاء الزبائن على بُعدِ ستة أقدام من بعضهم. غيَّرَت جائحة فيروس كورونا المُستجد بشكلٍ جذري تجربة التسوُّق في محلات سعد للجملة في ديترويت بولاية ميشيغان الأمريكية. 

تُعرَض قطع اللحم الحلال، المعروفة بأصولها اللبنانية وجزَّاريها التقليديين، عادةً أمام الزبائن الشغوفين بملء عربات تسوُّقهم. لكن مع إجبار الفيروس الأمريكيين على البقاء في منازلهم، وإغلاق المطاعم والفنادق والمدارس، تختفي اللحوم من معروضات بعض المتاجر، كما أشار تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.

اضطرابات في سلاسل توريد اللحوم

تسبَّبَت عدوى كوفيد-19 في إغلاق مصانع تجهيز اللحوم في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ما أدَّى إلى اضطراباتٍ في سلاسل التوريد تردَّد صداها في مشاريع الأعمال بمدينتي ديربورن وديترويت. وأدَّت التقلُّبات في سلاسل التوريد، لاسيَّما في سوق لحوم الأبقار، بمحلات سعد للجملة وغيرها من شركات الأطعمة الحلال العربية الأمريكية إلى الاستفادة من الإمدادات الدولية لتلبية طلب الزبائن. 

قالت سمر سعد، نائبة مدير متجر اللحم في ديترويت، وأمين خزانته، إن العمل في البداية كان مستقراً رغم تفشي الوباء في المدينة والمقاطعة، إذ أصيب 19,292 شخصاً بحلول 19 مايو/أيار الجاري. 

وشهدت المبيعات صعوداً حين أُعلِنَ أمر البقاء في المنزل بولاية ميشيغان، في 23 مارس/آذار، بالتزامن مع الزيادة المعتادة في المبيعات في الفترة السابقة على شهر رمضان. 

ثم اتَّضَح أن هناك مشكلة تتعلَّق ببائعي اللحوم والدواجن الذين يتسلمون لحومهم من محلات سعد، لأنهم حين يتأخَّرون في الصباح يتعذَّر فتح المتجر في ذلك الوقت، وهو ما أدَّى إلى انخفاضٍ طفيفٍ في المبيعات. 

قالت سعد لموقع Middle East Eye البريطاني: "لم أتوقَّع قط أنني سأشهد اليوم الذي نقلق فيه إزاء إمدادات اللحم البقري". وأضافت: "لم أتوقَّع قط أنني سأشهد اليوم الذي نضطر فيه لإجراء تغييراتٍ في السعر في منتصف الأسبوع". 

وتابَعَت: "كان علينا أن نغلق خدمة الطلبات على موقعنا الإلكتروني، لأن مخزوننا سينفد، وأن نستعيد مخزوننا مرةً أخرى، فأقضي يومي على الموقع الإلكتروني لتفعيل الخدمة، ومن ثم إغلاقها مرةً بعد أخرى". 

أين اللحم البقري؟ 

أظهَرَ اختبارٌ أُجرِيَ أواخر أبريل/نيسان، لستين عاملاً بمصنعٍ لتعليب اللحوم غربيّ ولاية ميشيغان أنهم مُصابون جميعاً بفيروس كورونا المُستجد. وتُظهِر بياناتٌ من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إجمالي 4913 حالة إصابة مُسجَّلة بكوفيد-19 في 115 منشأة أمريكية للحوم والدواجن، ووفاة 20 منهم بحلول 27 أبريل/نيسان. 

قال جورج كواكينبوش، المدير التنفيذي للجنة صناعة اللحوم بولاية ميشيغان، لموقع Middle East Eye: "ما نشهده هو أن سلاسل الإمداد خاصةً، وبشكلٍ أساسي منشآت تعبئة اللحوم، يجب أن تتكيَّف مع عصر كوفيد-19". 

وهذا يعني إبطاء أو إيقاف الإنتاج لحماية العمال. قال كواكينبوش: "شهدنا انخفاضاً كبيراً في رؤوس الماشية في السوق، ليس فقط في ميشيغان بل عبر البلاد، بينما تتعامل هذه المصانع مع آثار كوفيد-19". 

وقدَّرَ الاتحاد الدولي لعمال الأغذية والتجارة المتحدة انخفاضاً بنسبة 10% في قدرة ذبح الأبقار، في نهاية أبريل/نيسان. قال كواكينبوش إن هذا يضع بعض معروضات اللحم البقري في حالة نقصٍ مؤقَّت، لكن هذا لا يعني نقصاً في اللحم البقري ككل. 

أما بالنسبة لمحمد حيدر، وهو مالكٌ من الجيل الثالث لمتجر Famous Hamburger بمدينة ديربورن، فقد ارتفع سعر اللحم البقري المفروم بحوالي 12% منذ منتصف مارس/آذار إلى أبريل/نيسان. وقد ناقش هو وبائعوه المحليون احتمالية وقوع اضطراباتٍ في حجم الإمداد. 

وقال جو كوني، المدير التنفيذي للحسابات بشركة Tyson Foods، في ندوةٍ عُقِدَت مؤخَّراً عبر الإنترنت مع المديرين التنفيذين لشركاتٍ عاملة في هذا القطاع: "هناك احتماليةٌ لحدوث قصورٍ في المدى القصير، وقد يكون هناك تحوُّلٌ تجاه أنواعٍ مختلفة من اللحم، مثل لحم بطن الخنزير، والتي تتنوَّع بين لحم الخنزير المُقدَّد ولحم الخنزير المُدخَّن، وهي متوافرة بصورةٍ أكبر في خدمات تقديم الطعام عمَّا هي في المحال التجارية". 

وهذا بالطبع ليس بشرى طيبة لمنشآت تصنيع اللحم الحلال. قال كوني: "تُستهلَك شرائح اللحم البقري المُستخدَمة في صناعة البرغر بصورةٍ كبيرة. الطلب مرتفع ومن الصعب الحصول عليها". 

وتزيد أسعار اللحم البقري من الارتفاع الحالي في التكاليف التي تشهدها حالياً المطاعم لشراء المواد الغذائية والمواد الخام. وقال حيدر لموقع Middle East Eye: "إن زيادةً بنسبة 3% وحتى 5% من الحد الأدنى من تكلفة الطعام لَهي ضربةٌ كبيرةٌ جداً حين تكون أسعارنا ثابتة". 

ونظراً لأن جميع مصانع معالجة لحوم البقر تستأنف العمل بقدرٍ ما، قال كواكينبوش، من لجنة صناعة اللحوم بولاية ميشيغان، إن الأسعار قد تستقر قريباً. وأضاف: "شهدنا زيادةً في رؤوس الماشية في السوق خلال الأسابيع العديدة الماضية، لذا يمنحنا هذا بعض الأمل في أننا كصناعةٍ كاملة في الجانب المنخفض من الأزمة، ونحن نزيد قدرتنا الإنتاجية". 

البقاء في المنزل 

بعدما أصدر غريتشين وايتمر، حاكم ولاية ميشيغان، أمراً تنفيذياً في 16 مارس/آذار، يقضي بفرض قيودٍ على عمل المطاعم وخدمات التوصيل، دَفَعَ متجر ومطعم Famous Hamburger بخيارات خدمات التوصيل والتسليم إلى مواقع التواصل الاجتماعي. 

ومع ذلك، عانى المطعم من خسارةٍ بمقدار من 75 إلى 80% في مبيعات مارس/آذار. وتصاعدت هذه الخسارة إلى 100% حين أُغلِقَ المتجر على مدار شهر أبريل/نيسان. 

ووفقاً لتقديرات جمعية المطاعم الوطنية، بلغت خسائر المبيعات في قطاع المطاعم وخدمات الطعام بولاية ميشيغان 1.2 مليار دولار. 

ومثل غيره من أصحاب المطاعم، تقدَّم حيدر بطلبٍ للحصول على تمويلٍ طارئ. وقال: "لقد كانت مساعدةً أكيدة. المال وحده يمكن أن يفعل الكثير… نريد أن نكون في أمان، هذا أهم بالنسبة لي الآن". 

وسوف يتبع تخفيف القيود وإعادة تشغيل اقتصاد ولاية ميشيغان خطة حاكم الولاية المؤلَّفة من ست مراحل، مع السماح للمطاعم بفتح أبوابها مُجدَّداً في المرحلة الخامسة. وتريد جمعية ميشيغان للمطاعم أن تجري إعادة الفتح يوم 29 مايو/أيار، بمجرد أن تنتهي صلاحية الأمر التنفيذي. 

وقال جاستن وينسلو، المدير التنفيذي لجمعية ميشيغان للمطعام في بيانٍ له: "لقد دُمِّرَت مطاعم ميشيغان منذ إغلاقها القسري في 16 مارس/آذار. وتلك المطاعم التي ستبقى قيد العمل سوف تستعد لمواجهة أو تجاوز التحدي، لكن الإجراءات القياسية الجديدة والضرورية ستحافظ على سلامة العاملين والضيوف". 

تحميل المزيد