رغم ظهور زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، بعد ثلاثة أسابيع من اختفائه الذي أثار الشائعات حول وفاته، فإن السيناريوهات المتعلقة بمن قد يخلف الزعيم إذا مات فجأة لا تزال تشغل وسائل الإعلام الأمريكية، في ظل القلق من الترسانة النووية للدولة المغلقة تماماً، فما تلك السيناريوهات؟
مجلة ذا ناشيونال إنتريست الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: "4 أشياء ستحدث إذا مات كيم جونغ أون"، تناول السيناريوهات الافتراضية للإجابة عن سؤال: ماذا سيحدث إذا مات كيم جونغ أون فجأة؟ رغم الظهور الدرامي للزعيم بعد التكهنات بموته.
صندوق مغلق
على الرغم من نشر صورة له نهاية الأسبوع الماضي وهو يقص شريط افتتاح مصنع جديد للسماد خارج العاصمة بيونغ يانغ، ظهر فيها أنه حي يُرزق بعد اختفاء لثلاثة أسابيع، أربك شبكة CNN ووسائل الإعلام الأخرى وحتى بعض أجهزة المخابرات، في حين وصفته صحيفة The Washington Post بالفخ- فإن سيناريوهات ما قد يحدث إذا مات الزعيم المثير للجدل فجأة لا تزال حاضرة بقوة.
فالتنبؤ بما قد يحدث في كوريا الشمالية ليس بالأمر السهل، ولأسباب وجيهة ومفهومة، كثيراً ما أخطأ المحللون في فهم بيونغ يانغ، وفي حالتنا هذه، تُفاقم حقيقة أن هذا البلد الشاب نسبياً لم يشهد سوى تغييرين في قيادته منذ تأسيسه عام 1948، من صعوبة التحليل.
ولكن توجد على الجانب الإيجابي حقيقة أن كوريا الشمالية، المعروفة رسمياً باسم جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية أو كوريا الديمقراطية، غالباً ما تتبع قواعد محددة، ولذا، إذا استرشدنا بالماضي، فماذا قد نتوقع؟
الغموض لن يدوم طويلاً
في الحالتين السابقتين للانتقال السياسي، أعلنت الحكومة وفاة الزعيم عبر وسائل الإعلام الرسمية في غضون أيام قليلة، ومن المرجح أن يتضمن أي إعلان بشأن الزعيم الحالي تفاصيل حول تكوين لجنة التشييع، ورئيس تلك اللجنة سيعطينا إشارة قوية عن رئيس الدولة الجديد.
الخليفة سيكون عضواً من عائلة كيم على الأرجح
في الآونة الأخيرة، ظهرت كثير من التكهنات حول احتمال أن تكون شقيقة الرئيس كيم، كيم يو جونغ، خليفته المحتملة. ووصف المسؤولون الأمريكيون الذين التقوا كيم وشقيقته علاقتهما بالوثيقة (لكنها هرمية)، حتى في ظل التكهنات بأنها أخفقت في نيل استحسانه في بعض الأحيان.
إلا أنه تجدر الإشارة أيضاً إلى أن كوريا الديمقراطية لم تترأسها امرأة قط، وإذا كان من المقدر للزعيم الكوري الشمالي الحالي أن يعيش حياة طويلة، فهذا لا يعني أن نتوقع أن يطول عمر خليفته المنتظر، كما كان الحال مع الأخ غير الشقيق لكيم، كيم جونغ-نام، الذي اغتيل في ماليزيا عام 2017.
غير أنه من المرجح أن يكون خليفته أحد أفراد أسرته، بالنظر إلى حقيقة أن نظام كوريا الديمقراطية ملكي، وهو، فضلاً عن ذلك، نظام ملكي أرسى شرعيته في قصة شبه خرافية عن الصفات شبه الإلهية التي تتمتع بها سلالة كيم.
كوريا الشمالية قد تدخل في حالة من التوتر
الدول المنغلقة والاستبدادية التي تعاني من العقوبات الدولية والركود والمرض غالباً ما تتساءل تلقائياً عما إذا كان من المحتمل أن يسعى الغرباء- الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والصين- إلى الاستفادة من حالة عدم اليقين في أثناء الفترة الانتقالية للقيادة، وفي ظل الاستقرار النسبي وغياب الصراع الداخلي، فهذا الخوف ليس له ما يبرره، ولكن لن يكون مفاجئاً أو غير منطقي أن تتصرف كوريا الشمالية بهذه الطريقة في لحظة ضعف.
وقد يزداد خطر الصراع العرضي في أثناء المراحل الأولى للعملية الانتقالية، لكن فرصة الاتفاق الدبلوماسي سترتفع كذلك، فعندما قضى كيم إيل سونغ، أول زعيم لكوريا الديمقراطية، نحبه عام 1994 وسط مجاعة، كان قد شارك بالفعل في محادثات مع إدارة كلينتون، وكانت تسير في اتجاه إيجابي.
وتولى وريثه، كيم جونغ إيل، مسؤوليات المفاوض، جزئياً، لأن تحركات والده مهدت الطريق، واعتبر الزعيم الجديد استمرار المفاوضات استكمالاً لإرث والده، وأسفرت تلك المفاوضات عن "الإطار المتفق عليه" الذي نتج عنه إغلاق مفاعل بيونغ يانغ للبلوتونيوم، وتجميد تجارب الصواريخ بعيدة المدى لمدة نحو 8 سنوات.
وإذا غادر الرئيس كيم عالمنا مبكراً، فقد تسنح الفرصة للعودة إلى طاولة المفاوضات، خاصة بالنظر إلى الوضع المبهم لكوريا الشمالية، وربما تكون هذه هي اللحظة التي ستؤتي فيها محاولات الرئيس ترامب السابقة لإقامة علاقة بين الولايات المتحدة وكوريا الديمقراطية أُكلها، لكن تحويل الفرص إلى تقدُّم على أرض الواقع يتطلب صوتاً هادئاً ولمسات خفيفة، وهو ما أظهره الرئيس الأمريكي من حين لآخر في تعاملاته مع بيونغ يانغ.