بحسب وكالة رويترز، حذر ترامب في مكالمة هاتفية يوم 2 أبريل/نيسان مع محمد بن سلمان من أنه ما لم تخفض منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الإنتاج، فقد لا يتمكن من وقف تشريع الكونغرس الذي يدعو إلى انسحاب القوات الأمريكية من المملكة. وبعدها بعشرة أيام، خفضت روسيا وأوبك الإنتاج.
إذ سارع ترامب، الذي رحب من حيث المبدأ بانخفاض أسعار النفط والوقود، لاسيما في حالة التدهور التي يمر بها الاقتصاد، إلى حشد الجهود بعد اعتراض الجمهوريين في مجلس الشيوخ من الولايات المنتجة للنفط، الذين أصبحوا مستعدين الآن للموافقة على مشروع القانون المعادي للسعودية ما لم توقف المملكة حرب الأسعار. وقد دفع ذلك ترامب للاتصال بمحمد بن سلمان (فضلاً عن إجراء سلسلة من المكالمات مع بوتين)، وهو ما نتج عنه اتفاق جديد لمنظمة أوبك وإبطاء انخفاض الأسعار على الأقل.
تراجع الرصيد السعودي في الولايات المتحدة
تقول الباحثة كارين يونغ، لموقع Al Monitor الأمريكي، إن اتفاق أوبك بلس الجديد لإنهاء حرب الأسعار ضروري، لكنه بمفرده لا يمكنه إحياء الطلب على النفط أو التخلص من المعروض الفائض خلال فترة الركود العالمي التي أطلق عليها صندوق النقد الدولي "الإغلاق الكبير". وقد يساهم النفط الرخيص بدوره في المساعدة في إنعاش الاقتصاد مرة أخرى.
ويُشار إلى أنه على مدار أكثر من سبعة عقود، شهدت الشراكة الأمريكية السعودية في بعض الأحيان تبني مناهج مختلفة- حول أسعار النفط، والعراق، وعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وحقوق الإنسان، وما إلى ذلك- لرسم مسار يصب في مصلحة كلا الجانبين، أو على الأقل يحد من الاختلافات ويقلل من خطر الصراع.
إلا أن مقتل جمال خاشقجي أدى إلى تراجع علاقات المملكة مع أعضاء الكونغرس ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية التي انتقدت سجلها في مجال حقوق الإنسان. كما حصلت السعودية، إلى جانب إيران وسوريا، على أدنى التصنيفات في المنطقة في التقرير السنوي الأخير للجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن إدارة ترامب لا تنحاز إلى أحد الأطراف في نزاع السعودية والإمارات ومصر والبحرين مع قطر، التي تستضيف المقر الإقليمي للقيادة المركزية الأمريكية.
أجندة العلاقات الأمريكية-السعودية القادمة
ورغم هذه الاختلافات، تتطلب الأجندة المعقدة التي ستشهدها السنوات القادمة تعاوناً أوثق: فيما يخص أسعار الطاقة، بعد الركود العالمي، ومكافحة الإرهاب للتصدي لعودة القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعد تهديد إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية، ومشكلة إيران، وما هو أكثر بكثير.
وقبل ظهور جائحة كوفيد-19، حذر البنك الدولي من أن دول المنطقة الضعيفة التي تشهد صراعات: ليبيا وسوريا واليمن والعراق ولبنان، والأراضي الفلسطينية تواجه عدم استقرار وأزمة متفاقمة.
وازدادت هذه التوقعات المخيفة سوءاً مع ظهور كورونا وانخفاض أسعار النفط. إذ ستفلس الجهات المانحة الأمريكية والغربية في المستقبل المنظور، كما تواجه الدول الخليجية المنتجة للنفط حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي. لكن هذه الدول الضعيفة التي تشهد صراعات ستحتاج إلى دعم دبلوماسي واقتصادي إقليمي كي تحصل على فرصة لتحقيق الاستقرار والنمو بعد انتهاء هذه الصراعات، وكي "تتحاشى أن تتحول إلى دول فاشلة وملاذات للإرهاب".
يقول موقع المونيتور، من الصعب تخيل التعامل مع أي من هذه القضايا دون تعاون أمريكي سعودي وثيق وقوي، والتعاون مع شركاء إقليميين آخرين.
المخاطرة الأمريكية بالعلاقة مع السعوديين
ويفضل ولي العهد السعودي التعاون الأمريكي، وليس الروسي أو الصيني. وثمة أصوات في المملكة، وفي دول الخليج تدعو إلى التوجه إلى الشرق باتجاه بكين، كي تكون بديلاً للولايات المتحدة. ولكن لا يبدو أن هذا ما يميل إليه محمد بن سلمان، وربما من مصلحة واشنطن أن تزيد من قربه من الفلك الأمريكي والغربي.
قد يأتي وقت في المستقبل يتعين فيه على الولايات المتحدة مهاجمة المملكة والمخاطرة بالعلاقة بينهما، كما فعل ترامب الشهر الماضي حسبما أفادت تقارير. وفي بعض الأحيان قد يضطر الأصدقاء والشركاء إلى التشاحن، إذا لزم الأمر. لكن العلاقة بينهما مهمة. وبالنظر إلى التحديات الصعبة التي ستواجهها المنطقة في السنوات القادمة فلا تحتاج الولايات المتحدة إلى مشكلة سعودية لتضيفها إليها.