من نقل الموتى إلى قرصنة الأدوية.. كيف تغيرت مهمات الجيوش والمخابرات في عصر كورونا؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/05 الساعة 22:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/06 الساعة 12:21 بتوقيت غرينتش
دول عديدة لجأت إلى جيوشها لدعم جهود مواجهة أزمة فيروس كورونا/رويترز

يبدو أن مهمات الجيوش في عهد فيروس كورونا قد تغيرت.

ففي ظل الفوضى التي خلقها الوباء لجأت الدول إلى جيوشها لإنقاذها من الأزمة بعد أن تعثرت الأجهزة المدنية في مواجهة التفشي الهائل للفيروس.

إليك أشهر مهمات الجيوش في عهد فيروس كورونا  

الجيش الإيطالي من دفن الموتى للغناء للمصابين 

ألقيت على الجيش الإيطالي مهمة  ثقيلة في ظل الأزمة الكبيرة التي اجتاحت البلاد والتي جعلت إيطاليا الدولة الأكثر تضرراً من الفيروس فيما يتعلق بعدد الضحايا ونسبة الإصابة لإجمالي عدد السكان.

ولجأت إيطاليا إلى جيشها بعد أن فاقت الأزمة قدرات أجهزة الدولة المدنية في مقدمتها الأجهزة الصحية وحتى خدمات تكفين الموتى.

 وأصبح دور الجيش الإيطالي في نقل توابيت لضحايا فيروس كورونا ذائع الصيت وأفضل تجسيد لحجم الكارثة التي حلت بالبلاد.

وبدأ الجيش الإيطالي هذه المهمة من مدينة بيرغامو  إحدى معاقل المرض، حينما نقل الجثث إلى محارق جثث خارج إقليم لومبارديا (شمال البلاد)، بعد أن عجزت الخدمات المحلية عن التعامل مع القتلى.

 ودفع الجيش الإيطالي الثمن على أعلى مستوى حيث أعلنت وزارة الدفاع الإيطالية، إصابة رئيس أركان الجيش في البلاد بفيروس كورونا، كما سجلت الدولة إصابة رئيس منطقة بيدمونت بالفيروس ذاته.

 ولكن دور الجيش الإيطالي تجاوز ذلك إلى محاولة التسرية عن المصابين.

إذ فاجأ عناصر الجيش الإيطالى أحد مرضى فيروس كورونا في المستشفى الميداني للجيش الإيطالي بمدينة بياتشينزا، واحتفلوا معه بعيد ميلاده وقدموا له هدية مع "تورتة".

الجيش الإسباني: الانضباط في عهد الفوضى 

 كشف الجيش الإسباني عن موقف صادم وقع في البلاد بسبب أزمة كورونا.

إذ أعلنت وزارة الدفاع الإسبانية أن عسكريين ممن يساعدون في مكافحة انتشار وباء كورونا، عثروا على نزلاء دور لرعاية المُسنّين بدون من يرعاهم، وآخرين موتى على أسرّتهم.

وقال الادعاء العام في إسبانيا إنه تم فتح تحقيق بشأن الأمر.

وقالت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبلز، لقناة تلفزيونية خاصة إن "الحكومة ستكون صارمة وغير مرنة عندما يتعلق الأمر بطريقة التعامل مع كبار السن" في دور رعاية المسنين.

 وأضافت "عثر الجيش، خلال زيارات معينة، على بعض كبار السن الذين تُركوا مهمَلين تماماً، وحتى أمواتاً في أسرّتهم في بعض الحالات".

 وقالت وزارة الدفاع إن العاملين في بعض دور الرعاية تركوها بعد رصد فيروس كورونا.

 وقال مسؤولون بقطاع الصحة إن جثث المتوفين من نزلاء دور رعاية المسنين تُحفظ في الظروف العادية في أماكن تخزين باردة لحين استلامها من قبل خدمات الدفن.

 ولكن عندما يشتبه في أن سبب الوفاة له علاقة بفيروس كورونا، يُترك المتوفى في سريره إلى حين استلامه من قبل طاقم خدمة دفن مزود بمعدات مناسبة. 

وفي مدريد، التي شهدت أكبر عدد من حالات الإصابة والوفاة، قد يستغرق الأمر ما يصل إلى 24 ساعة، بحسب مسؤولين.

والآن ها هو يقوم بصناعة الكمامات

ويقوم الجيش الإسباني بتقسيم مهامه في البلاد، في محاولة للسيطرة على فيروس كورونا، الذي اجتاح البلاد وجعل إسبانيا الدولة الثانية في أوروبا بأكثر عدد إصابات ووفيات، ويقوم الجيش الإسباني بصنع الكمامات بنفسه، وتخييطها على الماكينات.

 كما قام عدد من قوات الجيش الإسباني بالمساعدة في تحويل أرض المعارض في إسبانيا Ifema إلى أكبر مسشتفى لعلاج فيروس كورونا في البلاد، وذلك في محاولة لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المصابين وعلاجهم في أسرع وقت، وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة.

 وكان رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتشيز قال: "نحن في حالة حرب"، وذلك بعد يوم من التحذير من أن "الأسوأ لم يأت بعد" في تفشي الفيروس، مضيفاً أن "الجيش سيلعب دوراً أكبر في التصدي للوباء، ودعا إلى مساعدة اقتصادية أكبر من الاتحاد الأوروبي".

اللافت أن الجيش الإسباني الذي كان يلقى عادة استقبالاً فاتراً يصل إلى حد الجفاء في إقليم كتالونيا ذي النزعات الانفصالية فإنه قوبل هذه المرة بالترحاب بسبب  دوره الإنساني في إنقاذ المصابين ودعم السلطات المحلية في مواجهة الكارثة.

الجيش الفرنسي مازال صامداً رغم القصف 

وأعلنت فرنسا إصابة 600 فرد من جيشها بفيروس كوفيد 19 إلا أنها أكدت أن قدرتها العسكرية لا تزال سليمة، وفقاً لتقارير إعلامية نشرت في 4 أبريل/نيسان 2020.

وأشارت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنسا بارلي إلى أنه تم تسجيل 600 حالة مصابة بفيروس كورونا المستجد بين صفوف الجيش الفرنسي المنغمس حالياً في عملية مكافحة الإرهاب في إفريقيا، على الرغم من أنها أكدت أن قدرة قواتها لا تزال دون تغيير، وقالت: "إن الوضع آخذ في التطور، ونحن نتابعه عن كثب، لكن قدرتنا التشغيلية لم تتلق أي تأثير".

أقوى جيش في العالم في موقف حرج

إذ يفترض أن الجيش الأمريكي الذي يحتل مكانة أقوى جيش في العالم بلا منازع سوف يساعد الدول الحليفة في مواجهة مثل هذه الأزمات.

 ولكن يبدو أنه يتعثر حتى في مساعدة عدد من ولايات دولته، بل مساعدة نفسه.

إذ امتدت أزمة فيروس كورونا إلى داخل الجيش الأمريكي إلى درجة دفعت قائد حاملة الطائرات النووية ثيودور روزفلت إلى مراسلة البنتاغون للمطالبة بإنقاذ ومعالجة جنوده الذين ينهش الفيروس في أجسادهم.

 وانتهت هذه الأزمة بإقالة الكابتن بريت كروزييه قائد الحاملة من عمله، بعدما تسرب الخطاب الذي كتبه لرؤسائه للعلن ويطلب فيه من البحرية اتخاذ إجراءات أقوى للسيطرة على تفشي فيروس كورونا على متن حاملة الطائرات.

ومع انتشار الفيروس داخل الجيش الأمريكي نفسه خاصة على السفن الحربية، فستكون الآلة العسكرية الأمريكية لبعض الوقت مقيدة اليدين والقدمين. 

وقد تفقد مؤقتاً القدرة على إجراء عمليات واسعة النطاق خارج الأراضي الأمريكية.  

ورغم ذلك فقد تدخل الجيش الأمريكي في عدد من المناطق بالبلاد ولكن في وقت يراه البعض متأخراً.

ولكن يظل القرار ليس في يده ولكن في يد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان يتعامل في البداية مع أزمة كورونا بأنها أمر من اختلاق خيال العلماء.

وانتشر الجيش الأمريكي في شوارع نيويورك بعد إعلان ترامب الولاية منطقة كوارث بسبب فيروس كورونا.

 وجاء ذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت 4 أبريل/نيسان 2020، أن حكومته سترسل آلاف العسكريين إلى الولايات لمساعدتها في التعامل مع فيروس كورونا المستجد.

 وأضاف ترامب في لقاء مع الصحفيين أنه "يتم إرسال ألف عسكري إلى مدينة نيويورك، من بينهم أطباء عسكريون وممرضون".

 وقبل ذلك اتجهت سفينة عسكرية أمريكية  إلى ولاية نيويورك الأكثر تضرراً من الفيروس لتتحول هناك إلى مستشفى وتوفر ألف غرفة إضافية لمعالجة المصابين.

 وقال ترامب إن "الجيش الأمريكي مستعد للعب دوره في المعركة مع كورونا".

سفينة إسعاف ضخمة تابعة للبحرية الأمريكية لحظة دخولها إلى نيويورك كورونا

 كما اعتمدت الولايات المتحدة قانون الإنتاج العسكري لمنع تصدير المنتجات الصحية.

وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر إن الجيش أرسل آلافاً من عناصر الحرس الوطني من 50 ولاية و4 مناطق تابعة إلى عدة مناطق، فضلاً عن نشر مستشفيات ميدانية في اثنتين من كبريات المدن الأمريكية، وإرسال سفينتين طبيتين تابعتين للبحرية إلى نيويورك ولوس أنجلوس.

 ولكن أكثر ما يمكن أن يقدمه الجيش الأمريكي لبلاده في هذه المرحلة ليس فقط الدعم اللوجستي والطبي في الميدان، ولكن الاستفادة من خبرته العلمية لإيجاد علاج ولقاحات لهذا المرض المتوحش.

وفي هذا الإطار، كشف وزير  الدفاع الأمريكي، عن أن الباحثين التابعين للجيش انضموا إلى السباق المتعدد الأطراف لتطوير لقاح ضد كورونا المستجد وأدوية.

 الجيش المصري.. حملة تطهير مبكرة

على الرغم من عدم انتشار الفيروس بشكل كبير في مصر حتى الآن من خلال ما يظهر من الأرقام المعلنة، فإن الجيش المصري أعلن عن وفاة اثنين من قيادييه بسبب مرض كورونا.

وقال الجيش المصري إنهما أصيبا خلال جهود مكافحة الفيروس، مما أثار شكوكاً شحول صحة الإعلان لأن السلاح المكلف بمكافحة الفيروس وتطهير الأماكن العامة هو سلاح الحرب الكيماوية بينما القياديان المصابان ينتميان إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية.

وحتى الآن فإن الجهد الرئيسي للجيش المصري في مواجهة فيروس كورونا يتوجه إلى عمليات التطهير، خاصة تطهير المباني والمؤسسات العامة.

 كما يقوم الجيش المصري عبر مصانعه بدور في سد الفجوة التي حدثت في مجال إنتاج المطهرات ومعدات الوقاية نتيجة الإقبال الكبير على شرائها والحاجة المتزايدة إليها في المستشفيات.

وفي هذا الإطار، أعلن الجيش المصري عن تخصيص عربات ومنافذ لبيع هذه المستلزمات الطبية بأسعارها الطبيعية في مواجهة محاولات البعض استغلال الأوضاع من أجل رفع أسعارها.

كما ذكرت وسائل إعلام مصرية أن الجيش المصري ابتكر اختراعاً سماه "ممر التطهير"، ووصفته بأنه يعد طفرة ووسيلة فعالة في القضاء على انتشار فيروس كورونا المستجد.

ويعمل ممر التطهير للأفراد فقط، عن طريق مرور الفرد داخل الممر، ومن ثم يقوم الممر برش الفرد بمادة التعقيم والتطهير اللازمة، فيتم القضاء على الفيروس العالق بالفرد خصوصاً الموجود في الملابس والذي ثبت أنه يدوم على القماش لبضعة أيام.

وحسب موقع "مصر الآن" سيتم تركيب "ممر التطهير" في المؤسسات والهيئات والأماكن التي تشهد ازدحاماً سكانياً كبيراً وإقبالاً من المواطنين، وذلك حرصاً على سلامتهم وسلامة المختلطين بهم بما يحقق انحساراً لوباء فيروس كورونا داخل المؤسسات والهيئات والوزارت، التي يتعامل المواطنون المصريون معهم.

في إسرائيل.. اللجوء لأساليب الموساد الملتوية للحصول على معدات مكافحة كورونا

في إسرائيل يقود الموساد والشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) عملية مكافحة كورونا.

فالموساد يتولى جلب أدوات ومعدات مكافحة كورونا، مستغلاً أساليبه الملتوية.

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر حكومية إسرائيلية، عن استعانتها بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" في الحصول على أجهزة تنفس صناعي ومعدات طبية أخرى لمواجهة فيروس كورونا المستجد. 

صحيفة "The Washington Post" أكدت في تقرير، نجاح جهاز الموساد في الحصول على ملايين الأقنعة ومسحات القطن الطبي وأدوات فحص للكشف عن الفيروس في الأيام الأخيرة، وعدد قليل من أجهزة التنفس الصناعي. 

إسرائيل اتخذت إجراءات مشددة لمواجهة فيروس كورونا/رويترز

وسبب لجوء إسرائيل للموساد، هو أنه في ظل إصدار الدول التي تصنع المعدات الطبية قوانين صارمة تحظر تصديرها خلال هذه الفترة، بسبب نقصها في جميع أنحاء العالم بسبب فيروس كورونا.. كان لا بُدّ من أساليب "العمليات القذرة" -كما يصفها مصدر مقيم في أراضي 48- من أجل جلبها. وهنا تأتي مهمة "الموساد" الأمنية.

ويستخدم الموساد خبرته في العمليات الأمنية من خلال التعاون مع عصابات العالم السّفلي "المافيا" للحصول على احتياجات إسرائيل الطبية، حسبما كشف لـ "عربي بوست" طبيبٌ فلسطينيٌّ يعمل في مختبر بيولوجي تابع لإحدى المشافي الإسرائيلية.

وتستخدم هذه الطريقة أيضاً وسيلة الابتزاز وجمع المعلومات الاستخباراتية عن الشخصيات "الفاسدة" في القطاع الصحي وصناع القرار في كل دولة ومعرفة نقاط ضعفها، حيث يقوم "الموساد" بمساومتها.. وقد حصل هذا السيناريو في دول بأمريكا اللاتينية وإفريقيا وغيرها.

وبينما يتولى جهاز "الموساد" المختص بالعمليات الخارجية الحملة شبه العسكرية لاستجلاب حاجات إسرائيل من اللوازم الطبية لمواجهة كورونا، يتولى جهاز المخابرات "الشاباك" إدارة الأزمة داخلياً، لدرجة أنه دخل على خط مهام وزارة الصحة، مستخدماً "تطبيقات أمنية دقيقة" في رصد المصابين بكورونا وهي نفسها التطبيقات التي كانت تستخدم في "الملاحقة الأمنية للمقاومين الفلسطينيين".

تحميل المزيد