"بينما يموت الناس بالمئات من جراء فيروس كورونا، فإننا ممنوعون من الحصول على المطهرات والكمامات وأجهزة الكشف".. تكشف هذه الكلمات أن وراء تحوُّل إيران لبؤرة كورونا بالشرق الأوسط مأساة كبيرة وقد ينتج عنها كارثة أكبر.
مأساة قد يكون حكام طهران أبرز المسؤولين عنها، ولكن تظل العقوبات الأمريكية هي الجاني الأكبر، وسط تحذيرات من أن ما يحدث في إيران قد يتحول إلى كارثة عالمية.
وأصبحت إيران بؤرة كورونا بالشرق الأوسط وثالث أكبر دولة في العالم من حيث عدد المصابين، حيث وصل عدد الإصابات، وفقاً للمتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جهانبور، إلى 14991 حالة، في 16 مارس/آذار ، مع وفاة 853، وتعافي 4996 حالة.
ولم تُظهر معدلات انتشار فيروس كورونا في إيران أي توجه للتباطؤ.
يمكنك أن تلوم الحكومة الإيرانية على تعاملها مع الوباء، ويمكنك أن تلوم الإهمال والفساد، والاحتكار، إلى آخره.
لكنَّ هناك شيئاً كبيراً كان له عظيم الأثر في تفشى فيروس "كورونا المستجد" بإيران: العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران، منذ مايو/أيار 2018، والتي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما قرر سحب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.
مخاوف من تسبُّب العقوبات في جعل إيران بؤرة الوباء بالمنطقة
عندما بدأت أخبار الإصابة بفيروس "كورونا المستجد" تأتي من الصين في ديسمبر/كانون الأول 2019، اعتقدت القيادة الإايرانية أن البلاد بمنأى عن هذا الفيروس المستجد، وتعاملت بشكل طبيعى دون النظر إلى اتخاذ أي تدابير وقائية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل إنها شعرت بالقلق على تضرر التجارة بين طهران وبكين، الشريك التجاري الأكبر والأهم لإيران تلك الأيام، ولم توقف رحلات الطيران بين البلدين، واستمرت في استقبال الزوار والطلاب الصينيين، الذين يشار إليهم إلى الآن بأصابع الاتهام في انتشار الفيروس بإيران.
في ذلك الوقت كان يزور إيرانَ كثير من العرب الشيعة من مختلف البلدان المجاورة، وعندما بدأوا في العودة إلى بلادهم، أعلنت كل من الكويت، والبحرين، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والعراق، ولبنان، عن تسجيل أول إصابات بفيروس كورونا، وكانت جميع الإصابات لأشخاص لهم تاريخ سفر إلى إيران، خاصةً مدينة قُم الدينية.
من هنا بدأت الأصوات تتعالى داخل وخارج إيران، بضرورة تخفيف العقوبات الأمريكية على طهران، لكيلا تتحول إلى بؤرة لنشر الوباء في منطقة الشرق الأوسط، فسيطرة إيران على فيروس كورونا، في مصلحة المنطقة.
واشنطن تعلن تخفيف القيود على التجارة الإنسانية
في 27 فبراير/شباط 2020، وفي خطوة من إدارة ترامب لتخفيف العقوبات المفروضة على إيران للسماح لها بشراء الإمدادات والأدوية الطبية، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية بعض الإعفاءات للبنك المركزي الإيراني، لبدء العمليات التجارية الخاصة بالسلع الإنسانية.
يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة طهران، ابو القاسم مهدوي، ان اعلان ادارة ترامب عن تخفيف العقوبات عن التجارة الانسانية، محض هراء.
إذ يقول لـ"عربي بوست"، "من البداية، تعمدت ادارة ترامب ان تجعل العقوبات على طهران تؤثر على التجارة الانسانية، تلك الإعفاءات التى تحدثت عنها وزارة الخزانة مجرد اعلان روتيني، لا فائدة منه".
يقول أستاذ الاقتصاد أبو القاسم المهدوي لـ"عربي بوست": "منذ عام 2018، لم تعد إيران قادرة على شراء الأدوية والمعدات الطبية من الشركات الأوروبية، بسبب مخاوفها من العقوبات الأمريكية الثانوية".
في العام الماضي، ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أنَّ حملة أقصى ضغط تجاه إيران قد تسببت في أزمات كبيرة لعديد من الإيرانيين المصابين بأمراض نادرة على وجه التحديد؛ لعدم قدرة البلاد على شراء أدوية علاج السرطان، وأمراض الدم.
يؤكد الأطباء داخل إيران أن العقوبات الأمريكية هي المتسببة الأولى في انهيار قطاع الرعاية الصحية بإيران، من قِبل تفشى فيروس كورونا.
لكن ماذا فعلت العقوبات مع فيروس كورونا في إيران؟
عندما بدأت الإصابات بفيروس كورونا المستجد في الزيادة بإيران، هرع الناس إلى الصيدليات لشراء المطهرات، والقفازات الطبية، والكمامات، والأدوية المضادة للفيروسات.
لكن مع زيادة الطلب، بدأت تلك السلع في النفاد من الصيدليات بكل مكان تقريباً في إيران، ومن هنا بدأت المشكلة، وبدأت الآثار الواضحة للعقوبات الاقتصادية.
يقول الطبيب الصيدلي علي مختاري، الذي يعمل في إحدى كبرى الصيدليات بالعاصمة الإيرانية طهران: "نتفهم رد فعل الناس في البداية، الحرص على اتخاذ التدابير الوقائية أمر جيد، لكن أمامنا عقبة العقوبات التي تحرمنا من شراء المواد اللازمة لتصنيع الأدوية المهمة لمواجهة فيروس كورونا".
تنتج إيران عديداً من الأجهزة الطبية، والأدوية، ومنتجات التطهير محلياً، لكنها في النهاية تعتمد على المواد والمكونات المستوردة من الخارج في تصنيع تلك الأوية والمنتجات، خاصةً تلك التي تستوردها من الصين، وألمانيا.
يقول أحد مديري مصانع تصنيع الأدوية في ايران، لـ"عربي بوست"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "كان لدينا مخزون من تلك المواد الخام لتصنيع الأدوية المضادة للفيروسات، والملابس الطبية الواقية، لكن الآن نحن في مرحلة خطرة، بدأ المخزون في النفاد، وتلك كارثة لن تتحملها البلاد إطلاقاً".
ماذا يفعل الإيرانيون للحصول على الأدوية والمعدات الطبية؟
منذ عام 2018، وتنفيذاً لخطة "أقصى ضغط" الأمريكية على إيران، والتي فرضت على طهران كثيراً من القيود على استيراد المواد الخام للأدوية، والمعدات الطبية، يتعرض مخزون البلاد للخطر.
تخشى عديد من شركات الأدوية الإوروبية التعامل مع البنك المركزي الإيراني؛ لعدم التعرض للعقوبات الثانوية الإيرانية، وحتى التعامل مع البنوك التجارية الإيرانية الصغيرة تم تقييده من قِبل إدارة ترامب، بإدراج تلك البنوك على قوائم الإرهاب الخاصة بالولايات المتحدة.
في ظل تلك الأزمة العالمية والإنسانية، التي تمر بها أغلب دول العالم، إذا افترضنا أن هناك شركة أو شركتين أوروبيتين، خاطرت وقبِلت التعامل تجارياً مع إيران، من خلال بنك تجاري غير معروف للإدارة الامريكية، سيكون هناك عائق آخر، وهو كيفية نقل وشحن تلك المواد والمعدات الطبية إلى إيران.
يقول علي رضا محمدي، عضو شعبة مستوردي الأدوية، لـ"عربي بوست": "إذا نجحنا في الوصول إلى شركة أوروبية، توافق على إجراء معاملات تجارية معنا، فكيف سيتم نقل الأدوية والمعدات الطبية إلى إيران، فمنذ انسحاب ترامب من الصفقة النووية، أنهت أغلب شركات الشحن الدولية عملها في إيران".
بجانب عدم وجود شركات شحن ونقل دولية، يمكنها التعامل مع إيران في ظل العقوبات الأمريكية، هناك قيود السفر التي فرضها جيران إيران بالمنطقة، خاصةً تعليق الرحلات الجوية، خصوصاً أن نقل الأدوية والمعدات الطبية في ذلك الوقت العصيب يحتاج إلى شحن جوي؛ للسرعة في احتواء تفشي فيروس كورونا.
فعلى سبيل المثال، واجهت إيران نقصاً كبيراً -إن لم يكن ندرة- في وجود مجموعات اختبار فيروس كورونا، وعندما حاولت منظمة الصحة العالمية مساعدة إيران في هذه المشكلة، وإرسال مجموعات الاختبار، عن طريق العراق، كانت بغداد قد علّقت جميع الرحلات الجوية مع جارتها، وأغلقت المعابر الحدودية مع الجمهورية الإسلامية في إيران.
لم يكن أمام منظمة الصحة العالمية إلا اللجوء إلى الإمارات العربية المتحدة، ووفقاً لمصدر مسؤول في الحكومة الإيرانية، بعد إجراء عدة اتصالات بين القيادة الإيرانية في طهران، وحاكم دبي، وبناءً على طلب من منظمة الصحة العالمية، قررت دبي إرسال مساعدات منظمة الصحة العالمية إلى إيران، عن طريق الطيران العسكري.
لكن علي رضا محمدي يرى أن هذا الأمر من الصعب تكراره، ولن يكون مفيداً وفعالاً في ظل تلك الظروف الصعبة التي تمر بها إيران حالياً.
يقول محمدي لـ"عربي بوست": "محاولة إيجاد بنك إيراني، بإمكان الشركات الأوروبية التعامل معه، ومحاولة إيجاد طريقة للشحن، عملية غير مرنة ومضيعة للوقت، لا يمكن الاعتماد على تلك الطرق الآن".
ويجادل الخبراء في القطاع الطبي والاقتصادي بعدم جدوى إعلان إدارة ترامب تخفيف العقوبات على التجارة الإنسانية.
إذ يقول محمدي لـ"عربي بوست": "لا يمكن حتى الاستفادة من إعلان وزارة الخزانة الأمريكية بعكس العقوبات على السلع الإنسانية، لأنه حتى يومنا هذا، لا يوجد أي بند واضح في إعلان الوزارة فيما يخص بقدرة إيران على استيراد أجهزة التنفس الصناعي، والمواد المطهرة".
ماذا عن أداة التبادل التجاري بين إيران والدول الأوروبية؟
في عام 2019، وفي محاولة من الأطراف الأوروبية الموقِّعة على الاتفاق النووي (المملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا)، احتواء الأزمة بين طهران وواشنطن، بعد انسحاب الأخيرة من الصفقة النووية، أطلقت الدول الثلاث، آلية لدعم التبادل التجاري، تسمح للاتحاد الأروبي باستكمال نشاطه التجاري مع إيران، فيما أطلق عليها اسم انستكس.
حينها رفض المعسكر المحافظ تلك الآلية التجارية، التي تدعم فقط التجارة الإنسانية (الغذاء والدواء)، وقال عضو البرلمان المحافظ مجتبي ذو النور: "إنها تصلح للبلاد التي خاضت حرباً، وانهزمت، لن تساوم إيران على الدواء والغذاء".
في الوقت نفسه، لم تأخذ الحكومة الإيرانية الأداة المالية على محمل الجد، لأنها لا توفر تصدير النفط إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر المهم بالنسبة إلى إيران، بعد أن جرَّدتها العقوبات الأمريكية من واردات نفطها.
لكن في ظل أزمة تفشي فيروس كورونا، اقترح البعض أنه الوقت المناسب لتفعيل تلك الأداة المالية، لإنقاذ إيران من موقفها الصعب، لكن وفقاً لخبراء الاقتصاد داخل إيران، فإن تلك الأداة التجارية لم تتخذ أي خطوة إلى الآن، ولم تقدم الشركات الأوروبية الصغيرة المساهمة فيها أي مساعدة لإيران.
ليست العقوبات وحدها المشكلة
منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران عام 1979، والحكومات المتوالية تحاول أن تلقي باللوم على العقوبات الأمريكية، في تردي الأحوال الاقتصادية بالبلاد.
لكن في حقيقة الأمر، يدرك الإيرانيون أنه ليست فقط العقوبات هي المشكلة في اقتصاد بلادهم الهش، فهناك أيضاً فساد الإدارة الذي لا يمكن إغفاله في أزمة تفشي فيروس كورونا.
عندما بدأ فيروس كورونا في الانتشار، بالصين، كانت بكين تواجه أزمة في الكمامات والقفازات الطبية، فرحبت الإدارة الإيرانية بتصدير أعداد كبيرة من تلك المنتجات إلى الصين.
ولم تستمع الحكومة الإيرانية إلى الأصوات التي حذَّرت من احتمال تعرُّض إيران لفيروس كورونا، وأنه يجب الإبقاء على مخزون البلاد من تلك المنتجات الطبية.
يقول الصحفي الإيراني، رامين (اسم مستعار)، لـ"عربي بوست": "في بداية شهر يناير/كانون الثاني، بدأ التجار الإيرانيون تصدير الكمامات إلى الصين بمبالغ كبيرة، تحت إشراف الحكومة الإيرانية، حتى المصانع الطبية الحكومية التي تنتج تلك السلع، كانت تعمل بطاقتها كاملةً؛ لتصدير إنتاجها إلى الصين، دون الأخذ في الاعتبار، إمكانية تعرُّض البلاد للفيروس".
شركة إلكترونية تحتكر الكمامات.. يخبئون 50 مليوناً
عندما زادت وطأة أزمة تفشي فيروس كورونا في إيران، وتكدّس الناس أمام الصيدليات بالساعات لشراء الكمامات والمواد المطهرة، بدأت ظاهرة الاحتكار في الظهور.
معصومة (45 عاماً)، تعمل موظفة في القطاع الحكومي، تقول لـ"عربي بوست": "أستيقظ في السادسة صباحاً كل يوم، للذهاب إلى الصيدلية؛ في محاولة يائسة لشراء كمامات ومواد التطهير لأسرتي".
تقول معصومة بنبرة حزن، في مكالمة هاتفية معها: "يئِست من البحث عن كل تلك الأمور، كل يوم، لكني أخاف على أطفالي الخمسة من الفيروس، ولا أعرف ماذا أفعل".
ومِثل عشرات الآلاف من الإيرانيين، بحثت معصومة عن الكمامات ومواد التطهير على الإنترنت؛ في محاولة لإيجاد بعضها، فوجدت شركة "ديجي كالا" التي تعتبر واحدة من أكبر المتاجر الإلكترونية على الإنترنت في إيران.
تروي معصومة، قصتها مع تلك الشركة، لـ"عربي بوست"، فتقول: "تلك الشركة هي الوحيدة التي تمتلك أنواع الكمامات كافة، والمنظفات، وفوراً، شرعت في إتمام شراء عدد من الكمامات والمطهرات، لكني دفعت ضعف راتبي مقابل ثمنها".
يقول الصحفي الإيراني رامين، لـ"عربي بوست": "سعر الكمامة الواحدة على موقع شركة ديجي كالا يصل إلى ما يعادل 400 دولار، وتقريباً هو الموقع الوحيد الذي يمتلك أعداداً هائلة من المنتجات الطبية كافة".
بعد أن انتشرت أخبار تلك الشركة بين الإيرانيين، قررت السلطات الأمنية والقضائية في إيران تقفّي أثر هذا المتجر الإلكتروني، لتجد أن الشركة تمتلك مستودعات، تضم نحو 50 مليون من الكمامات والقفازات الطبية، وبيعها بأسعار باهظة.
يقول الصحفي رامين لـ"عربي بوست": "لا نعرف بالتحديد من هم مالكو تلك الشركة الحقيقيون، ولا نعرف من أين يأتون بكل تلك الكميات من الكمامات".
حاول "عربي بوست"، التواصل مع أي شخص من فريق إدارة الموقع الإلكتروني لتلك الشركة، للتعليق على اتهامات السلطات الإيرانية لها باحتكار المواد الطبية، لكن لم نتلقَّ أي إجابة.
لم يتوقف أمر احتكار الكمامات، والمواد المطهرة عند تلك الشركة، فقد أعلن الحرس الثوري الإيراني أن منظمة الاستخبارات التابعة له اكتشفت مستودعاً في طهران يضم مواد طبية تصل قيمتها إلى مليوني دولار.
وهو ما دفع رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي، إلى اتخاذ الإجراءات كافة ضد عمليات الاحتكار، بتهمة الإفساد في الأرض، تلك التهمة التي عقوبتها الإعدام في إيران.
إيران تستنجد وتطلب 5 مليارات دولار لمواجهة كورونا
مع ازدياد أعداد الإصابات بفيروس "كورونا المستجد" في إيران، ناشد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، المجتمع الدولي بذل الجهود لتخفيف العقوبات بصورة فعلية على إيران، قائلاً: "إن العقوبات تعيق الجهود المبذولة لمكافحة الفيروس، وتمنع الشعب الإيراني من الحصول على المعدات الطبية، والأدوية".
بينما اتخذ البنك المركزي الإيراني خطوة إضافية، وطلب من صندوق النقد الدولي 5 مليارات دولار، لمساعدة إيران في احتواء تفشي فيروس كورونا.
وقال عبدالناصر همتي، محافظ البنك المركزي الإيراني، الذي يخضع للعقوبات الأمريكية، إن استجابة الصندوق الدولي لطلب إيران ستكون إشارة جيدة إلى رغبة العالم في مساعدة بلاده في محاربة الفيروس.
في الوقت نفسه، ومع اقتراب عيد النوروز (رأس السنة الفارسية)، الذي يستغله الإيرانيون في السفر والتنقل بين المحافظات، تصر السلطات الإيرانية على عدم فرض الحجر الصحي على أي مقاطعة، مكتفيةً فقط بفحص المواطنين على مداخل المحافظات.
إلى الآن، لا توجد أي إشارة على رغبة حقيقية من جانب الولايات المتحدة في رفع العقوبات بشكل جدي عن التجارة الإنسانية؛ لمساعدة إيران في احتواء تفشي فيروس كورونا.
ويبقى أمام الرئيس ترامب فرصة، لإثبات أن إدارته لم تستغل العقوبات الاقتصادية المرتبطة بالأهداف السياسية، في زيادة الحصار على شعب يعاني الويلات من جراء وباء ينتشر بسرعة جنونية، واقتصاد على حافة الانهيار.
هذه الأحداث تذكّر الإيرانيين بالزلزال المدمر الذي تعرضت له البلاد عام 2003.
حينها سارعت الإدارة الأمريكية بقيادة جورج دبليو بوش، والتي كانت تتخذ موقفاً سلبياً من إيران، إلى إرسال فرق الإنقاذ والمساعدة، والمستشفيات الميدانية؛ لمساعدة إيران في محنتها.
وفي محاولة يائسة من جانب الإيرانيين، أطلقوا حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، لدعوة المجتمع الدولي إلى إنهاء الحصار، ورفع العقوبات على بلادهم.
يقول أحد الأطباء في مقاطعة جيلان التي سجَّلت أعداداً كبيرة من الإصابة بفيروس كورونا، شريطة عدم الكشف عن هويته، لـ"عربي بوست": "إذا استمرت العقوبات على إيران، فسيشهد العالم كارثة إنسانية قريباً".
لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
توافق « عربي بوست » أحياناً على عدم التعريف بأسماء مصادر تقدم معلومات حساسة لقرائنا. وبموجب إرشادات الموقع، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر وذات مصداقية، وأننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، وبعضهم يتساءلون ما إذا كانت هذه المصادر موجودة أصلاً. لكن لدينا قواعد وإجراءات لمحاولة معالجة هذه المخاوف.
فبالإضافة إلى المراسل، يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر. ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم أو من ينوب عنه قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. وعندما تكون القصة مبنية على معلومة مركزية من مصدر مجهول، فيجب الموافقة عليها بشكل عام من قبل رئيس التحرير.
نحن نتفهم حذر القراء، ولكن لا يمكن أبداً الحصول على المعلومات حول العديد من القصص المهمة في مجالات حساسة، مثل السياسة والأمن القومي والأعمال، إذا استبعدنا المصادر غير المعرّفة. فالمصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية. حتى في بعض الأحيان من أجل سلامتها.
يعتقد بعض القراء أن المصادر تكون أكثر صدقاً إذا تم نشر أسمائها، ومن غير المرجح أن يكذبوا إذا تم الكشف عن هويتهم. إلا أن المراسلين في العديد من المناطق يعرفون أن العكس هو الصحيح. فالمصادر في المناصب الحساسة غالباً ما سيتحدثون ببساطة بحسب التوجهات الرسمية. وسيكونون صريحين فقط إذا كانوا يعرفون أن أسماءهم لن يتم الكشف عنها.