أصبحت الأطعمة الحلال مؤخراً تمثل حصة كبيرة من سوق الأغذية حول العالم، ولم تعد حكراً على الدول المسلمة؛ بل إن أكبر دولتين في هذا المجال ليستا من الدول المسلمة، لكن في حال أُقيمت الألعاب الأولمبية هذا العام فستصبح ماليزيا المورِّد الأكبر للأطعمة الحلال، فما القصة؟
موقع بيزنيس إنسايدر الأمريكي نشر تقريراً بعنوان: "ازدهار السوق العالمية للأطعمة الحلال.. وكيف تسعى دولتان مسلمتان لاستغلال ذلك"، ألقى فيه الضوء على تطور قصة الأغذية الحلال حول العالم.
البرازيل وأستراليا ونيوزيلندا
كان الطعام الحلال من قبلُ سوقاً متخصصاً ومتاحاً في الأغلب بالبلدان المسلمة، لكنه اليوم بدأ في الازدهار، وبدأت العربات المتنقلة والمطاعم التي تُقدم أطباقاً تقليدية وتلتزم التعاليم الغذائية الإسلامية، تظهر في كل مكانٍ حول العالم، إلا أن أغلب البلدان المستفيدة من هذا الازدهار ليست ذات أغلبية مسلمة.
إذ إن 8 من أكبر 10 مورِّدين للحوم الحلال في العالم، هي بلدانٌ ذات تعداد سكاني مسلم صغير نسبياً، مثل البرازيل وأستراليا، وحتى نيوزيلندا تُعد رائدةً في توريد اللحوم الحلال، لكن الآن، تحاول الشركات في البلدان ذات الأغلبية المسلمة الحصول على حصةٍ أكبر بالسوق.
ماليزيا والأولمبياد
تكثف شركة الطعام الماليزية MyChef إنتاج الوجبات الحلال الجاهزة، بدايةً من الأرز المقلي وحتى الدجاج البرياني، وتُشحَن حقائب الوجبات إلى اليابان، في الوقت المناسب لأولمبياد طوكيو 2020، وتُعد ماليزيا البلدَ الوحيد الذي يُقدم طعاماً حلالاً خلال الأولمبياد، المقرر أن يبدأ في يوليو/تموز القادم.
قبل تفشي فيروس كورونا، كان من المتوقع أن تجذب اليابان رقماً قياسياً من السياح هذا العام يصل إلى 40 مليوناً، وقدَّرَت ماليزيا أن 8 ملايين منهم سيكونون من المسلمين.
قال أحمد حسيني حسن، المدير الإداري لشركة MyChef: "وهكذا، فأطمعتنا الحلال ليست ماليزية فقط، ولكننا نُقدم الوجبات الحلال العالمية، وهذا هو ما طوَّرناه. وقد قدمنا منتجات حلالاً ماليزية الصنع، مُعَدة في ماليزيا، وتلبي احتياجات جميع الجنسيات الأخرى في اليابان".
تعني كلمة "حلال" في اللغة العربية "مقبول"، وتشمل التعاليم الإسلامية قائمة بالمسموحات والمحظورات الغذائية، وعلى سبيل المثال، لا يتناول المسلمون الملتزمون الأطعمة الحلال لحم الخنزير أو المشروبات الكحولية، ويتوقع أحمد بيع الأطعمة الحلال المعبأة، من خلال آلات البيع والمتاجر والأكشاك في القرية الأولمبية.
هل يتم الإلغاء؟
أثار تفشي فيروس كورونا المخاوف من احتمال إلغاء الألعاب الأولمبية أو تأجيلها؛ لكن حتى هذه اللحظة، قال أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية إن الحدث سيُقام بموعده في يوليو/تموز.
في مارس/آذار، أُضيئت الشعلة الأولمبية في مكان إقامة الألعاب القديمة باليونان؛ احتفالاً ببداية المراحل التي ستنتهي بمراسم افتتاح الألعاب الأولمبية، ويقول أحمد إنه يريد استغلال الأولمبياد كمنصة انطلاق لدفع الصادرات الحلال، ويضيف: "لم يكن القصد هو دخول السوق والخروج منه بعد فترة؛ بل نريد أن ندخله ونبقى فيه مدة طويلة".
من البلدان الأخرى التي تنافس على حصةٍ في هذا السوق، البوسنة والهرسك، التي يعتنق نصف تعدادها السكاني الإسلام، وتستضيف الدولة الواقعة في جنوب شرقي أوروبا كل عامٍ، مَعرضاً للأطعمة الحلال يستمر 3 أيام في عاصمتها سراييفو، وهي محاولة لجذب حشود المسلمين المحليين والدوليين.
قال حميد كورجاكوفيتش، خبير في جودة الطعام: "شهدنا على مدار السنوات الـ10 الماضية تقريباً، زيادة في أعداد الزوار القادمين من الشرق الأوسط إلى البوسنة والهرسك. ولذا تشمل كثير من المطاعم الآن قوائم طعام تحتوي على أطعمة حلال".
بالنسبة إلى المسلمين، فإن إمكانية الوصول إلى أماكن أكثر تُقدِّم وجبات حلالاً ساخنة مقارنة تتيح لهم فرصاً للسفر، وقال أمير هادي عزيمي، وهو مسلم من ماليزيا: "بصفتي مسلماً ماليزيّاً، أشعر بسعادة غامرة كلما تمكنت من الحصول على طعام حلال في أثناء سفري، خاصة أنني أسافر كثيراً. ولذلك يساعد هذا الأمر على جعل تجربة السفر أكثر سهولة عليَّ. الحال أفضل كثيراً هذه الأيام مقارنة بالماضي".