رغم ذكائها وتطورها فمخاطرها مكلفة.. هل بإمكان برامج الترجمة الآلية أن تحل محل المترجمين البشريين؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/02/22 الساعة 09:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/22 الساعة 09:10 بتوقيت غرينتش
استخدام البرامج الفورية خطير ، خاصة عندما تكون الكلمات لها أكثر من معنى/ Istock

ضع كلمة "crottin de chèvre" الفرنسية في ترجمة جوجل، وسوف يخبرك أنها تعني "روث الماعز". لذا، إذا ظهرت تلك الكلمة في أي قائمة طعام لن تختارها على الأغلب، وسوف تضيِّع على نفسك فرصة تذوق "جُبن الماعز" الشهير الشهي الذي يُقدَّم غالباً ضمن المقبلات في فرنسا.

لهذا السبب تعترف جوجل بأن أداة الترجمة المجانية، التي يستخدمها حوالي 500 مليون شخص حول العالم، لا يُفترض بها أن تحل مكان المترجمين البشريين، كما تقول شبكة BBC البريطانية.

مخاطر الترجمة الآلية مرتفعة

قد يقبل الزوار والسائحون بعض الأخطاء نظراً لأنها تقنية رخيصة وسهلة الاستخدام. ولكن عندما تكون المخاطر مرتفعة، كما هو الحال في الأعمال أو القانون أو الطب، فيظهر قصور تلك الخدمات بشكل هائل.

تقول سامانثا لانغلي، المحامية السابقة التي تعمل الآن مترجمة قانونية معتمدة من الفرنسية إلى الإنجليزية: "استخدام ترجمة جوجل قد يؤدي إلى أخطاء خطيرة، خاصة عندما تكون الكلمات لها أكثر من معنى، وهو ما يظهر بشكل واضح في مجالات مثل القانون أو الهندسة".

لكن هذا لا يعني أن المترجمين المحترفين لا يستخدمون أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب (CAT Tools). وهي تطبيقات أكثر تطوراً تساعدهم في ترجمة المصطلحات والصيغ المتكررة.

حتى أن أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب تُستَخدَم هذه الأيام ضمن الدورات التدريبية الحديثة للغات. ولكن، ما مدى جودتها؟

أدوات الترجمة الحديثة

أحد أشهر الأدوات الجديدة تُعرَف بـ"سماعة الترجمة". عادةً ما تكون مقترنة بتطبيق هاتف ذكي، بحيث يلتقط التطبيق اللغة الأجنبية ويترجمها في السماعة إلى المستخدم.

يقول أندرو أوتشوا، الرئيس التنفيذي لشركة Waverly Labs الأمريكية الناشئة التي تنتج سماعات الترجمة: "استغرقت السماعات عقوداً من البحث للوصول إلى إطار عمل الخوارزميات المصممة للتعرُّف على أنماط الحديث بنفس الطريقة التي تعمل بها الشبكة العصبية في الدماغ البشرية".

وأضاف: "دمج ذلك مع تقنية التعرُّف على الحديث سمح لنا باتخاذ خطوات هائلة فيما يتعلق بالدقة".

تقول باولا غراتسي، المترجمة المحترفة بوكالة Wordbank العالمية للتسويق والترجمة: "لا شك في أن أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب تتوصل سريعاً إلى بعض المصطلحات الصعبة في النصوص المترجمة من كتيبات التعليمات أو الاستبيانات".

وأضافت: "محتوى الاستبيانات يمثِّل نمطاً متكرراً كثيراً، وأداة الترجمة الجيدة يمكنها تسريع عملية ترجمة الاستبيانات بشكل كبير".

قيود وحدود

في الاجتماعات والمؤتمرات تنتشر أجهزة الترجمة، مثل سماعات Waverly، بشكل كبير جداً. ولكن حتى تلك التقنية الحديثة، التي تجمع بين تقنية الشبكات العصبية للتعرف على الكلام ومحركات الترجمة التي تعتمد على الإنترنت، لها قيود وحدود لا يمكن تجاوزها.

ينبغي على المستخدم أن ينتظر بضع ثوانٍ على الأقل لترجمة الجملة، وربما أكثر إذا كان الاتصال بالإنترنت ضعيفاً. ولا تزال أجهزة الكمبيوتر تفتقر أيضاً إلى دقة التواصل البشري.

تقول زوي كوبر، مديرة العلامة التجارية والمحتوى بوكالة Wordbank: "تقنيات الترجمة مفيدة بلا شك في إنشاء بعض أنواع المحتوى، مثل كتيبات التعليمات الإرشادية".

وتضيف: "لكن إذا كنت تريد خلق علاقة مع القارئ، تحتاج إلى مترجم بشري لجعل النص يبدو طبيعياً ويكتسب بعض المشاعر، وهو ما ينطوي غالباً على إعادة هيكلة وصياغة الجملة بالكامل".

أدوات تقتل الإبداع؟

يقول أنطونيو نافارو غوزالفيز، المترجم من الإنجليزية إلى الإسبانية: "أعتقد أن أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب تقتل الإبداع".

يضيف: "إذا أظهرت الأداة تطابقاً جزئياً للنص المترجم، أجد أن تجاهل جزء من الجملة وترجمة البقية أصعب بكثير من صياغة الجملة بالكامل من الصفر". ويعتقد أندرو أوتشوا أن هذه المشكلة قد تُحل خلال السنوات العشر المقبلة.

ويقول: "عندما يتعلق الأمر بالتعبير عن المشاعر ونبرة الصوت، نحتاج إلى تقنيات لتحليل المشاعر، وهي ليست موجودة حتى الآن ولكن قد تكون متاحة خلال 10 سنوات".

مهارات ثمينة مطلوبة بقوة

لا يزال إتقان اللغات الأجنبية من المهارات المطلوبة في سوق العمل. في بريطانيا، هناك حوالي 15% من الوظائف المنشورة في موقع التوظيف Reed تطلب لغةً أجنبية.

وأظهر بحثٌ جديد للمجلس الأمريكي لتعليم اللغات الأجنبية أن 75% من شركات التصنيع تحتاج إلى موظفين يتقنون لغات أجنبية متنوعة. ومع ذلك، تراجع تعلُّم اللغات الأجنبية في المدارس البريطانية.

كشف تقرير حديث لشبكة BBC البريطانية انخفاضاً يصل إلى 50% في معدلات تعلّم اللغات الأجنبية في المدارس الثانية منذ 2013. وتتخذ وزارة التعليم البريطانية بعض التدابير لوقف هذا التدهور والتراجع.

وقالت وزارة التعليم البريطانية: "نلتزم بضمان زيادة أعداد الطلبة الدارسين للغات الأجنبية، ولهذا السبب هي إلزامية الآن في المناهج الوطنية لكل الأطفال من عمر 3 سنوات إلى 9 سنوات".

ويظل تحدث اللغات الأجنبية بإتقان، بالنسبة لزوي كوبر على الأقل، مهارةً ثمينة. وتقول زوي كوبر: "لا تزال هناك الكثير من الفرص أمام دارسي اللغات الأجنبية، سواء في تخصص الترجمة أو التسويق العالمي".

وترى زوي أن إتقان لغة أجنبية له مزايا أخرى حتى إذا لم تكن تستخدم تلك المعرفة على المستوى المهني. وتقول: "كيف يمكنك التعرف على بلد ما وفهم ثقافتها دون أن تتحدث لغتها؟ حتى مع توافر تطبيقات الترجمة الصوتية، سوف تشعر بأن هناك شيئاً مفقوداً".

علامات:
تحميل المزيد