كيف أهدى ترامب المتشددين الإيرانيين فرصة ذهبية للفوز في الانتخابات البرلمانية؟ تيار روحاني معرَّض للهزيمة الثقيلة

عربي بوست
تم النشر: 2020/02/17 الساعة 13:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/17 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش
الرئيس الإيراني حسن روحاني/رويترز

سعى روحاني منذ توليه الرئاسة في إيران في عام 2013، إلى أن يكون قوة اعتدالٍ في البلاد، متراجعاً عن سياسات سلفه محمود أحمدي نجاد الاقتصادية الشعبوية، ونهج المواجهة في العلاقات الخارجية.

وتستمر فترة ولاية روحاني الحالية إلى منتصف عام 2021، لكن من المتوقع على نطاق واسع أن تكون الانتخابات البرلمانية المقررة في 21 فبراير/شباط بداية النهاية لاتجاه روحاني في السياسة الإيرانية. إذ يُتوقع على نطاق واسع أن يفوز المتشددون والمحافظون المتطرفون بأغلبية في البرلمان المقبل، بحسب تقرير لموقع وكالة Bloomberg الأمريكية.

1. من يسيطر على البرلمان الآن؟

على الرغم من وجود أحزاب سياسية في إيران، فإنها غير ممثلة رسمياً في البرلمان. بدلاً من ذلك، هناك فصيلان سياسيان عريضان، هما: الإصلاحيون ورجال الدين، مع ظلال مختلفة من التقليدية داخل كل مجموعة. 

سيطر على البرلمان المؤلف من 290 مقعداً تحالفٌ مكون من إصلاحيين ومعتدلين ومحافظين براغماتيين منذ الانتخابات الأخيرة في عام 2016، والتي عززت نتيجتها من تأييد روحاني وحكومته. أمَّا فصيل الأصولييين الإيديولوجيين (المحافظين) فهو الأقلية في هذا البرلمان، ويضم أكثر أجنحة السياسة الإيرانية يمينية ودينية وتشدداً، وهؤلاء الذين يميلون إلى إعطاء الأولوية لأجهزة الأمن في البلاد والقيادة الدينية زمام الأمور فوق كل أحد، ومعظهم يعارضون التعامل مع الغرب ويميلون بالأساس إلى سياسات معادية جذرياً للولايات المتحدة.

2. لماذا يعد التيار المحافظ مرشحاً للفوز بتلك الانتخابات؟

راهن روحاني بمصداقيته ومصداقية تياره في الصفقة التي عقدتها إيران مع القوى العالمية في عام 2015، والتي وافقت على الحد من برنامجها النووي في مقابل التخفيف من العقوبات التي شلّت اقتصادها. لكن بحلول عام 2018، سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الولايات المتحدة من الصفقة وشرع في فرض عقوبات قاسية على إيران، حارماً إياها من الفوائد الاقتصادية التي كانت قد توقعت تحقيقها من الاتفاقية. ومن ثم فقد أخذ السياسيون المعتدلون الذين دعموا روحاني يفقدون بالفعل بعض أنصارهم بعد عجزهم عن الوفاء بوعود تحقيق حريات اقتصادية أكبر. فقد تركهم الانقلاب الأمريكي على الاتفاق النووي في موقف أضعف بكثير إلى جانب تقويته من موقف المتشددين الذين عارضوا إلى حد كبير الاتفاق النووي منذ البداية.

3. إذاً فإن الأمر يتعلق بفقد المعتدلين للدعم الشعبي؟

ليس هذا فحسب. إذ خلال الأسابيع التي سبقت الانتخابات، منع مجلس صيانة الدستور الإيراني المؤلف من 12 عضواً، وهو هيئة قوية من خبراء قانونيين مسؤولين عن التحقق من أهلية المرشحين، آلاف الأشخاص من الترشح. وقد شمل هذا نحو 75% من النواب الحاليين داخل ائتلاف المعتدلين، وبعض السياسيين المحافظين المتحالفين مع روحاني. وانتقد الرئيس وعدد من الإصلاحيين البارزين استبعاد هؤلاء المرشحين. وقال روحاني إنهم خلقوا بالفعل سباقاً يحسم الفوز لفصيل واحد ولا يمنح الناخبين أي خيار. لكن المجلس دافع عن قراراته وقال إن عدداً كبيراً ممن تم حظرهم كانوا إما متهمين بالفساد وإما بسلوكهم "سلوكاً مناهضاً للدولة". كان من بين هؤلاء المستبعدين ست نساء من بين 15 سيدة أردن الترشح مرة أخرى على مقاعدهن. وكانت انتخابات عام 2016 قد شهدت حصول النساء على 17 مقعداً، فيما يعد عدداً قياسياً، و14 منهن كن إصلاحيات. هناك عامل آخر في الانتخابات، وهو أن بعض الإصلاحيين يقولون إنهم سيقاطعون التصويت رداً على حملة القمع العنيفة التي واجهت بها الدولة الاحتجاجات التي اندلعت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي كانت شرارتها ارتفاع مفاجئ في أسعار البنزين.

4. ما هي الصلاحيات التي يتمتع بها البرلمان الإيراني؟

إنها صلاحيات ضعيفة بالمقارنة مع مراكز السلطة الأخرى. فالسلطة النهائية في إيران تقع على عاتق المرشد الأعلى، وهو آية الله علي خامنئي حالياً، ويشرف على اختياره مجموعة من العلماء والسياسيين الإسلاميين. وهناك الرئيس، الذي يُنتخب شعبياً، وهو من يرشّح أعضاء الحكومة ويتولى رئاستها التنفيذية. أمَّا مجلس صيانة الدستور، فإلى جانب إشرافه على جميع المرشحين للمناصب، فإنه يتمتع بحق النقض (الفيتو) على جميع التشريعات التي يُقرّها البرلمان. لكن، ومع ذلك، تبرز في الجلسات البرلمانية مناقشات السياسات التي تنتهجها الدولة وتشهد توجيه الانتقادات للحكومة. كما يعمل البرلمان رقيباً على السلطة التنفيذية من خلال إقراره للميزانية، والمعاهدات، وتعيين وزراء الحكومة، إضافة إلى الحق في عزلهم.

5. كيف سيؤثر فوز المحافظين في الاقتصاد الإيراني؟

الغالب أن يتم إلغاء التشريعات التي أخذ روحاني يسعى للحصول على موافقة البرلمان عليها. وقد يشمل ذلك مشاريع القوانين المتعلقة بجهوده الرامية إلى جعل القطاع المصرفي الإيراني يتماشى مع المعايير الدولية لتجنب العقوبات المفروضة على المقرضين الإيرانيين من "مجموعة العمل المالي الدولية"، والتي تُعنى بمكافحة التهديدات التي تتعرض لها نزاهة النظام المالي مثل غسل الأموال. وهناك تشريع آخر يُحتمل أن يموت، وهو إعادة تسمية وطرح العملة الإيرانية، الريال، التي تراجعت قيمتها بشدة بعد فرض العقوبات الأمريكية. في حين يكفل التخلص من عدة أصفار من عملات الصرف تسهيل عمل الشركات والحكومة، ويمكن أن يساعد في كبح التضخم. علاوة على ذلك، فإن مؤسسة سياسية أكثر نزوعاً للمواجهة قد تشجع الولايات المتحدة على تطبيق مزيد من العقوبات على إيران. وأخيراً وليس آخراً، يرتاب كثير من المتشددين في الدول الأوروبية ويؤيدون قطع العلاقات تماماً مع الاتحاد الأوروبي، والتركيز على علاقات تجارية أقوى مع دول مثل الصين وروسيا.

تحميل المزيد