قائمة الشركات التي لها روابط تجارية بمستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة صدرت أخيراً عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فلماذا تأخر صدورها أكثر من ثلاث سنوات؟ وما هي أبرز تلك الشركات؟ وماذا تعني تلك القائمة من الناحية القانونية والسياسية؟
ماذا حدث؟
أمس الأربعاء 12 فبراير/شباط، حدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان 112 شركة، قال إن لها روابط تجارية بمستوطنات يهودية في الضفة الغربية، وذكر التقرير الصادر في جنيف عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بعد تأجيل طويل، أن 94 شركة من المؤسسات المعنية مقرها إسرائيل، و18 في ست دول أخرى، هي الولايات المتحدة وبريطانيا ولوكسمبورغ وهولندا وتايلاند وفرنسا.
وجاء في نص التقرير: "وقد تعرف التقرير على 112 كياناً تجارياً، والذي يعتقد مكتب حقوق الإنسان بأن لديه أسباباً معقولة لاستنتاج بأن لدى تلك الكيانات نشاطاً أو عدة أنشطة متعلقة بالمستوطنات الإسرائيلية، حسب ما تم تعريفها في قرار مجلس حقوق الإنسان 31/36.
"وقد استخدم مكتب حقوق الإنسان منهجية معقدة وصارمة لتحديد لائحة الكيانات التجارية ولتطبيق الولاية المنوطة به من مجلس حقوق الإنسان. هذا وقد أجرى المكتب مشاورات مع الفريق العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وأجرى مناقشات مستفيضة مع الدول المعنية والمجتمع المدني ومراكز الفكر والأكاديميين وغيرهم، وذلك بالإضافة لاستشارات مستفيضة مع الشركات المعنية ذاتها".
"مع الأخذ بعين الاعتبار أن المستوطنات تعتبر غير قانونية في إطار القانون الدولي، فإن التقرير يوضح أن الإشارة من قِبل مفوضية حقوق الإنسان إلى تلك الكيانات التجارية لا يمثل تقييماً قانونياً لنشاطات تلك الكيانات أو الشركات. إن اتخاذ أي خطوات إضافية بهذا الصدد سيعتمد على أعضاء الدول لمجلس حقوق الإنسان الذين سيقيمون هذا التقرير في الدورة المقبلة للمجلس الذي سيفتتح أعماله في 24 فبراير/شباط".
لماذا تأخر صدور التقرير؟ وما خلفية إعداده؟
كان قرار مجلس حقوق الإنسان 31/36 الذي تم تبنيه في 24 مارس/آذار 2016، قد طلب من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إعداد تقرير لمتابعة تقرير 2013 الصادر عن البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في الآثار المترتبة على المستوطنات الإسرائيلية في مجال الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، حدد القرار معالم التقرير الحالي بالإشارة إلى عشرة أنشطة محددة مدرجة في الفقرة 96 من تقرير بعثة تقصي الحقائق.
التقرير إذن كان يفترض صدوره قبل نحو أربع سنوات، لكن تم إرجاؤه أكثر من مرة، ويأتي إصداره عشية الاجتماعات السنوية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان التي تنطلق في الأسبوع الأخير من فبراير/شباط الجاري.
ماذا تعني القائمة بالنسبة للشركات؟
المفوضة الحالية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه صرحت بأنها "على دراية بأن هذا الموضوع كان وسيستمر في كونه مثيراً للجدل"، مضيفة: "ولكن بعد عملية مراجعة دقيقة أنا راضية بأن التقرير يعكس الاعتبارات الجدية المتعلقة بهذه الولاية المعقدة وغير المسبوقة. وكذلك أنا واثقة بأن التقرير سيستجيب وبالشكل المناسب لطلب مجلس حقوق الإنسان والمتضمن في قرار 31/36، لذلك نأمل أن هذا التقرير المبني على الحقائق سيتم فهمه في هذا الإطار، وألا يتم تحريف أو تشويه مضمونه لخدمة اهداف سياسية أو أيديولوجية".
لكن المؤكد أن التقرير يمثل ضغطاً على الشركات المعنية، سواء من الناحية القانونية أو حتى الدعوات لمقاطعة أنشطتها، وهذا ما عكسته ردود الفعل التي صدرت حتى الآن، سواء من الجانب الفلسطيني أو الإسرائيلي.
وعلى الأرجح ستواجه الشركات خطوات متنوعة من الاستهداف، كحملات مقاطعة أو سحب استثمارات بهدف زيادة الضغوط على إسرائيل فيما يخص مستوطناتها، كما أنها قد تواجه معارك قضائية، فقد قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، في صفحته على فيسبوك: "نطالب الشركات بإغلاق مقارها وفروعها في المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، التي تخالف بوجودها القوانين الدولية والقرارات الأممية، على الفور"، وأضاف: "سنلاحق الشركات التي ورد ذكرها في التقرير قانونياً عبر المؤسسات القانونية الدولية وعبر المحاكم في بلادها على مشاركتها بانتهاك حقوق الإنسان في فلسطين".
وكما هو متوقع، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التقرير، ووصفه بأنه نتاج عمل "هيئة متحيزة وغير مؤثرة"، وقال نتنياهو: "بدلاً من التعامل مع قضايا حقوق الإنسان، يحاول هذا المجلس تشويه سمعة إسرائيل. نرفض بأشد العبارات وباشمئزاز أي محاولة من هذا القبيل"، فيما وصف وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس التقرير بأنه "استسلام مخزٍ" لضغوط من جماعات مناهضة لإسرائيل.
الشركات تشعر بالقلق
إحدى الشركات التي ورد ذكرها في التقرير وهي خدمة تأجير المنازل (إير.بي.أند بي) كانت قد أقرت بالفعل بأنها تنشر إعلانات عن منازل في مستوطنات، لكنها قالت في أبريل/نيسان الماضي إنها ستتبرع بالعائدات من أي حجز في تلك المناطق إلى منظمات الإغاثة الإنسانية.
وذكرت شركة أخرى هي "جنرال ميلز" المنتجة لتشيريوس أن اسمها ورد في القائمة بسبب منشأة تصنيع "تستخدم الموارد الطبيعية ولا سيما المياه والأرض لأغراض العمل"، وأضاف متحدث باسم الشركة لرويترز أن نحو 50٪ من العاملين فلسطينيون يتمتعون بكل المزايا الاجتماعية، وأن "المنشأة لها تاريخ من العمل المستمر ورضا الموظفين".
ومن الشركات الأخرى المدرجة في التقرير شركات سفر وشركة منتجة للصلب. ولم تردّ هذه الشركات بعد على طلبات رويترز للتعقيب.