يبدو أن الثغرات في تبريرات ترامب لاغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، يتوالى كشفها.
وكان مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، واضحاً يوم الجمعة 3 يناير/كانون الثاني 2020، حين قال إن الرئيس دونالد ترامب أمر بضربة جوية أسفرت عن مقتل قاسم سليماني، أقوى مسؤول عسكري في إيران، بسبب "تهديدات وشيكة لحياة الأمريكيين".
ووصفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الضربة أيضاً بأنها عمل "دفاعي"، وقال ترامب إنه أعطى هذا الأمر؛ "لوقف الحرب"، وليس لبدئها.
وحين سُئل بومبيو عن "التهديدات الوشيكة"، خلال مقابلة مع شبكة CNN، صباح يوم الجمعة، قال وزير الخارجية إنه لا يستطيع الخوض في كثير من التفاصيل، لكنه قال إن ضربة الطائرة المسيَّرة أنقذت أرواح الأمريكيين.
وقال بومبيو: "كانت هذه تهديدات موجودة في العراق"، حين سُئل عن وجود أي تهديد وشيك للأراضي الأمريكية.
ولكن ثمة ثلاث ثغرات على الأقل في هذه المزاعم، حسبما ورد في تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
اغتيال سليماني لا يعني انتهاء التهديد في الواقع
تحدث بريت ماكغورك، الدبلوماسي المخضرم ومسؤول الأمن القومي الذي عمل مؤخراً مبعوثاً رئاسياً خاصاً للتحالف العالمي لمواجهة داعش، عن هذا التخبط، في مداخلة له على قناة MSNBC، يوم الجمعة 3 يناير/كانون الثاني.
وقال ماكغورك لمحاوِرة قناة MSNBC، نيكول والاس، إنه حتى لو تم التخطيط لهذه الهجمات الوشيكة، فهذا غريب، لأنه إذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أن هناك خلايا بالعراق كانت جاهزة لمهاجمة الأمريكيين، في أنحاء البلاد.
وأضاف: "وعلى ما يبدو، لم يكن سليماني سينفذ تلك الهجمات بنفسه. وأفترض أن هذه الخلايا ما تزال موجودة. لذلك فالوضع متقلب للغاية، وسيردُّ الإيرانيون، وبعدها ستعود مسؤولية ما ينبغي أن نفعله على الولايات المتحدة".
وأردف قائلاً: "قواتنا موجودة، لقد كانت هناك فترة طويلة. لذا فالتخلص من سليماني لا يعني بالضرورة انتهاء هذا التهديد على الإطلاق".
وتابع أنَّ أمر ترامب بقتل سليماني في الواقع "يمكن أن يحد من انضباط هذه المجموعات، ومن ثم فإن المواطنين الأمريكيين ما يزالون في خطر جسيم. لقد طلبنا من جميع الأمريكيين مغادرة العراق اليوم، وسنرسل الفرقة 82 المحمولة جواً، كتيبة كاملة إلى الشرق الأوسط، وهذا يشير إلى أنه يتعين على الاستخبارات الداخلية دق ناقوس الخطر".
الثغرات في تبريرات ترامب لاغتيال قاسم سليماني.. 3 أدلة "ضعيفة للغاية"
منذ يوم الجمعة، أشارت تقارير أخرى قدمتها روكميني كاليماتشي في صحيفة The New York Times الأمريكية، إلى أنه حتى المعلومات الاستخباراتية الأساسية التي أشارت إليها إدارة ترامب على أنها تستلزم ضرب سليماني، "ضعيفة للغاية".
ذكرت روكميني أن مصادر أخبرتها بأن هذه الأدلة التي تشير إلى ذلك يمكن تقسيمها إلى ثلاث حقائق:
- سجلات السفر التي تُظهر أن سليماني كان في سوريا ولبنان والعراق للقاء الوكلاء الشيعة الذين لديهم موقف عدائي تجاه الولايات المتحدة، وهي زيارة قال أحد المصادر إنها كانت "مهمة اعتيادية" للجنرال الإيراني.
- المعلومات التي تُظهر أن سليماني طلب موافقة المرشد الأعلى على تنفيذ عملية، وصدور الأوامر له بـ "الحضور إلى طهران؛ للتشاور ومزيد من التوجيه يشير إلى أن العملية كانت كبيرة".
- علاقة إيران، خلال فترة وجود ترامب في السلطة، بالولايات المتحدة أصبحت متوترة بشكل متزايد. وتجلى ذلك مؤخراً في الاحتجاجات خارج السفارة الأمريكية في العراق والهجوم الذي أسفر عن مقتل مقاول أمريكي.
قفزة غير منطقية
لكن، حسبما ذكرت روكميني، أخبرها أحد المصادر بأن هذه العوامل ليست دليلاً على هجوم "وشيك" على المصالح الأمريكية قد يؤدي إلى مقتل المئات، كما يزعم البيت الأبيض.
وذكرت قائلة: "يصف المسؤول تفسير هذه المعلومات الاستخباراتية بأنها قفزة غير منطقية".
لم تظهر عبارة "تهديد وشيك" في البيان الأوّلي للبنتاغون، وهو ما يشير إلى أن "المحامين أدركوا أن ثمة مشكلة تواجههم".
بينما تستمر التفاصيل في التكشف حول ما أقنع إدارة ترامب بالضبط بأن سليماني يمثل "تهديداً وشيكاً"، يرفع الخبراء القانونيون أيضاً الراية الحمراء.
البنتاغون لم يستخدم تعبير "تهديد وشيك" في البداية، ولكن المحامين هم من نصحوا به
تقول أونا هاثاواي، أستاذة القانون الدولي بجامعة ييل والمحامية السابقة للأمن القومي في مكتب المستشار العام بوزارة الدفاع، لصحيفة The Washington Post: "التهديد الوشيك هو المبرر الذي يتعين عليك استخدامه لاتخاذ إجراء دفاعي".
ورغم أن إدارة ترامب استخدمت هذه الكلمة مراراً في الأيام التي تلت إعلان الغارة الجوية، أشارت أونا إلى أنها لم تُستخدم في البيان الأوَّلي للبنتاغون حول هذه المسألة.
وقالت لصحيفة The Washington Post: "هذا يجعلني أتساءل عما إذا كان المحامون قد أدركوا أن ثمة مشكلة تواجههم".