كواليس الصراع على رئاسة الحكومة العراقية.. هل يستغل الصدر الحراك لفرض مرشحه السري على حلفاء إيران بالبرلمان؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/24 الساعة 16:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/24 الساعة 21:16 بتوقيت غرينتش
الزعيم الشيعي مقتدى الصدر/رويترز

"استقالة رئيس الجمهورية أو حل مجلس النواب" أعتاب جديدة وصلت إليها الأزمة السياسية في العراق بعد تصاعد الصراع على رئاسة الحكومة العراقية إثر رفض المتظاهرين ومعهم التيار الصدري للمرشح الأخير الذي قدمته تحالف البناء الموالي لإيران لتولي رئاسة الحكومة. 

وأدى رفض الحراك والتيار الصدري لمرشح تحالف البناء وزير التعليم العالي قصي السهيل لرئاسة الوزراء، إلى دفع المقربين من إيران للتخلي عن هذا الترشيح، والبحث عن شخصية بديلة لإرضاء رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المقيم في طهران.

ولكن اللافت أن الرئيس العراق برهم صالح لوح بتقديم استقالته من المنصب جراء الضغوط السياسية التي تمارس عليه من قوى مقربة من طهران لقبول مرشحها لرئاسة الوزراء، بحسب مصدر في مكتبه.

وقال المصدر غير مخول بالتصريح لـ"عربي بوست"، إن "صالح أبلغ القوى السياسية في اجتماع قصر السلام، مساء الأحد 22 ديسمبر/كانون الأول 2019، بنيته بتقديم استقالته من المنصب، بسبب الضغوط السياسية، وعدم اتفاق القوى السياسية في مجلس النواب على اختيار الكتلة الأكبر من أجل تكليف مرشحها لرئاسة الوزراء".

ويدور خلاف في العراق حول مفهوم الكتلة الأكبر، وهل أكبر كتلة فائزة في الانتخابات (كتلة التيار الصدري) أو أكبر كتلة شكلت في البرلمان (الكتلة الموالية لإيران وهي تحالف البناء التي يقودها قائمة الفتح).

وتضاربت الأنباء بشأن رد مجلس النواب على طلب الرئيس تحديد الكتلة الأكبر.

إذ أفادت تقارير إعلامية بأن البرلمان العراقي، أعلن الثلاثاء، أنه سلَّم رئيس الجمهورية، برهم صالح، كتاباً حدَّد فيه أن "كتلة البناء" هي الأكبر. لكن البرلمان تراجع لاحقاً، ونفى أنه خاطب الرئيس بشأن الكتلة الأكبر.

الرئيس يرفض مرشح إيران، ولكن ماذا عن حل مجلس النواب؟

وأعرب رئيس الجمهورية عن رفضه لترشيح قصي السهيل لرئاسة الوزراء خلال لقائه بقيادة تحالف البناء، وقال له إنه لا يريد أن يكون طرفاً في الصراع البيت الشيعي على رئاسة الوزراء، مشيراً إلى أن الأسماء التي طرحتها الأحزاب الشيعية غير مقبولة لدى المتظاهرين وساحات الاحتجاج.

وبشأن حل مجلس النواب وإجراء الانتخابات المبكرة، أوضح المصدر، أن المادة 64 من الدستور العراقي تنص على أن يحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، وبموافقة رئيس الجمهورية، وبعدها يدعو الرئيس إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ حل البرلمان.

الصدريون مصرون على الرفض

وحث كاظم أبو دعاء العيساوي المعاون الجهادي السابق لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، نواب ائتلاف سائرون على موقفهم وإصرارهم على رفض تسمية قصي السهيل لرئاسة الوزراء.

وقال مصدر في سائرون غير مخول بالتصريح لـ"عربي بوست"، "بأمر من مقتدى الصدر ترأس قائد سرايا السلام السابق أبو دعاء العيساوي اجتماعاً لنواب ائتلاف سائرون بحضور النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، وأمرهم بالاستمرار بموقفهم السياسي الرافض لتسمية مرشحي تحالف البناء وكتلة الفتح، والعمل على اختيار شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء".

وكتلة سنية تطالب الفتح بالتراجع

من جهته، دعا تحالف القوى العراقية "السني" كتلة الفتح الجناح السياسي للحشد الشعبي إلى سحب ترشيح وزير التعليم العالي قصي السهيل وتقديم مرشح آخر.

وذكر بيان للقوى العراقية في رسالة موجهة إلى تحالف البناء المقرب من طهران، اطلع "عربي بوست" على نسخة منه، بعد اجتماع أعضاء تحالف القوى العراقية وجد أن ترشيح قصي السهيل لا يتطابق مع متطلبات المرحلة ولم تجمع عليه أغلبية قوى المجتمع.

وقال إن التحالف لن يقدم دعمه إلا لمرشح يحظى بأكبر عدد ممكن من الرضا الاجتماعي والتوافق السياسي ليكون قادراً على إدارة الدولة في ظرف استثنائي وحساس مثل الآن.

وأضاف البيان"على قيادات تحالف البناء التراجع عن ترشيح السهيل وترشيح شخصية أخرى تحظى بأكبر عدد من التوافق الجماهيري والسياسي، وتنطبق عليها الشروط المطلوبة".

الرئيس العراقي برهم صالح مع رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي/رويترز

وقال مسؤول في كتلة الفتح رفض ذكر اسمه لـ"عربي بوست"، إن "تحالف البناء عقد اجتماعاً، مساء الإثنين، بقيادة رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس كتلة الفتح هادي العامري، بحضور مستشار الامن الوطني فالح الفياض وعدد من القيادات السياسية في التحالف، أبلغوا رئيس الجمهورية برهم صالح سحب ترشيح وزير التعليم قصي السهيل، بسبب عدم توافق الكتل السياسية على ترشيحه".

وأوضح أن معارضة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وامتناع سائرون التابعة للصدر عن عن دعم السهيل دفع البناء والفتح خصوصاً إلى سحب ترشيحه من عند رئيس الجمهورية، وتحاول قيادة الفتح إيجاد شخصية توافقية تحظى بمقبولية لدى المتظاهرين وساحات الاحتجاج وإرضاء الصدر.

وقال إن هناك الكثير من الأسماء طرحت على الطاولة السياسية، أبرزها وزير التعليم قصي السهيل، ووزير السابق محمد شياع السوداني، ومحافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، ورئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، إلا أن جميع الأسماء المذكورة رفضت ولم تتلق الدعم الكامل لا من الصدر ولا من المتظاهرين.

الصدريون يتنازلون عن حق الترشيح، ولكنهم يقترحون اسم وزير سابق  

وكان ائتلاف سائرون التابع للصدر، قد أعلن تنازله عن حقه بترشيح شخصية لرئاسة الوزراء، وترك تسميته إلى المتظاهرين في ساحات الاحتجاج.

كما أعلن تارة أخرى عن تنازله عن هذا الحق لرئاسة الجمهورية.

ويقول النائب عن سائرون أمجد العقابي لـ"عربي بوست"، إن "الائتلاف ليس له شخصية محددة لرئاسة الوزراء، إلا أنه يدعم الشخصية التي تمتلك المواصفات المطلوبة والمناسبة التي يرغب بها المتظاهرون، وقادرة على إدارة الحكومة في المرحلة المقبلة".

وأضاف "نرى الوزير السابق محمد توفيق علاوي هو الأقرب هذا المنصب، حيث تم تقديم اسمه مرفقاً بتواقيع أعضاء مجلس النواب كمرشح لرئاسة الوزراء.

وأوضح أن 72 ساعة المقبلة ستشهد حسم الصراع السياسي وتكليف شخصية من قبل رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة المقبلة، على أن يكون جميع وزرائها مستقلين غير متحزبين لجهة أو لطائفة معينة.

تحميل المزيد