تركيبة جيش حفتر تتسم بتناقض شديد، فهي تجمع في صفوفها بين خليط غير متجانس من المقاتلين والمرتزقة الذين سبق أن تقاتلوا وجهاً لوجه في ساحات أخرى.
إذ تضم ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر كتائب ومسلحين من سلفيين مدخليين متشددين، وكتائب أمنية لنظام القذافي البائد، ولجاناً شعبية من نفس النظام السابق، وأخرى تضم مسلحين من قبائل الشرق وآخرين من قبائل الغرب، ناهيك عن مرتزقة من السودان وتشاد وفاغنر الروسية، وضباط إماراتيين ومصريين وفرنسيين، بحسب ما نقلت وكالة الأناضول عن مصادر متعددة متطابقة.
كما تضم قوات حفتر سلفيين جهاديين ومنشقين عن قوات حكومة الوفاق السابقة.
تركيبة قوات حفتر.. نجله يقود أكبر الوحدات رغم صغر سنه
تتراوح قوات حفتر إجمالاَ ما بين 25 و30 ألف مسلح، منهم 7 آلاف من العناصر العسكرية المدربة.
ويعد اللواء 106 مجحفل أكبر وحداته القتالية عدداً وتسليحاً، ويقوده ضابط صغير السن قليل الخبرة برتبة مقدم فقط، وذلك لكونه نجل خليفة حفتر، الذي يستنسخ تجربة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي وضع ابنه خميس على رأس كتيبة أمنية.
ويمكن تقسيم بقية كتائب حفتر إلى:
1 – كتائب السلفية المدخلية: مشابهون للقاعدة وداعش
وتتبنى فكراً متطرفاً شبيهاً بفكر تنظيمي "داعش" والقاعدة الإرهابيين، غير أنها تختلف عنهما في إيمانها بطاعة أولي الأمر، ولأن السعودية (عرابة هذا التوجه) تدعم حفتر، فالسلفيون المدخليون يدعمون الأخير، رغم أن فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، هو من تنطبق عليه صفة "ولي الأمر"، باعتباره القائم بمهام رئيس الدولة.
واللافت أن حفتر الذي يبرر محاولته الاستيلاء على طرابلس بطرد "المتطرفين" منها يستعين هو نفسه بميليشيات متطرفة!
ومن أشهر رموز وكتائب التيار المدخلي في ليبيا الموالين لحفتر:
– محمود الورفلي: مطلوب دولياً بسبب قتل الأسرى
أحد قادة حفتر، وتولى قيادة "كتيبة النداء"، التابعة لقوات الصاعقة، في مدينة بنغازي (شرق) ورقاه حفتر مؤخراً رغم أنه مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وقتله لأسرى وحرق جثثهم ونشر فيديوهات عنها.
– كتيبة التوحيد السلفية: يتهمون خصومهم بأنهم خوارج
ويقودها أشرف الميار، وشاركت في 2014 في قتال مجلس ثوار بنغازي، الذي يضم ثواراً سابقين أطاحوا بنظام القذافي في 2011، ويصف الميار من يخالفون حفتر بـ "الخوارج" ويفتي باستباحة دمائهم.
– كتيبة سبل السلام: تنشط في منطقة الكفرة، أقصى الجنوب الشرقي للبلاد، ويقودها عبدالرحمن الكيلاني، وسبق لها أن خاضت معارك ضد المعارضة التشادية المسلحة، كما أنها ليست على وفاق مع التيار الصوفي عندما نبشت قبر الإمام السنوسي، والد الملك الليبي إدريس السنوسي، ومؤخراً استدعى حفتر الكتيبة للمشاركة في معركة طرابلس.
– كتيبة الكانيات: سلفيون جهاديون ومنشقون عن الوفاق
يقودها الإخوة الكاني، وينتمون للسلفية الجهادية، وتتمركز الكتيبة في مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)، ضمت إليها العديد من جنود نظام القذافي السابق، وتحالفت في البداية مع حكومة الوفاق.
لكن كان لديها مشروعها الخاص، وبسبب عدم انضباطها تم حلها، لكنها تحالفت فيما بعد مع قوات حفتر، ولعبت دوراً أساسيا في سقوط عدة أحياء جنوبي العاصمة لمعرفتها الجيدة بميدان المعركة.
2- كتائب نظام القذافي:
بعد سقوط نظام القذافي في 2011، سعى حفتر لإعادة استمالة وتجنيد عناصر كتائبه السابقة، وأشهرها كتيبة امحمد المقريف، وكتيبة خميس، واللواء 32 معزز، وعناصر هذه الكتائب مدربون بشكل جيد على استخدام مختلف الأسلحة.
ومن أشهر قادتهم:
– محمد بن نايل: قائد اللواء 12 مجحفل، ويتمركز في القاعدة الجوية ببراك الشاطئ (700 كلم جنوب طرابلس)، مركز قبائل المقارحة، واستعان به حفتر في السيطرة على قاعدة تمنهنت الجوية في سبها (جنوب)، وقاعدة الجفرة الجوية الاستراتيجية (وسط).
– عبدالسلام الحاسي: من قبيلة الحاسة (شرق) وعيّنه حفتر قائداً على عملية السيطرة على طرابلس، لكن خسارته لمركز القيادة في مدينة غريان (100 كلم جنوب طرابلس)، دفع حفتر إلى استدعائه وعزله، وراجت إشاعات بأنه تمت تصفيته بعد العثور على جثة مشوهة الوجه لها مواصفات الحاسي خاصة من الناحية الطول، رغم نفي قوات حفتر ذلك.
– المبروك السحبان: كلفه حفتر مؤخراً بقيادة عملية استعادة غريان التي سقطت بيد قوات الوفاق في 26 يونيو/حزيران الماضي، ويعتبر من الشخصيات الموالية لنظام القذافي، وينتمي إلى المقارحة ثاني أهم قبيلة من حيث التسليح في عهد القذافي بعد قبيلة القذاذفة، الذي كلف بمحاصرة مدينة الزنتان إبان الثورة، كما قاد عملية السيطرة على منطقة الهلال النفطي.
– مسعود الضاوي: أحد القادة الأوفياء لنظام القذافي، حاول إعادة تنظيم القوات في منطقة ورشفانة بعد دخول الثوار طرابلس، تولى قيادة اللواء 26 مشاة، وشارك في الهجوم على طرابلس، لكن تم اغتياله على يد ميليشيا الكانيات في فم ملغة.
ومن أشهر الكتائب المنبثقة عن نظام القذافي
– اللواء 22 ترهونة: تم دمجه مع كتيبة سلفية
ويضم مقاتلين من النظام السابق، خاصة قوات النخبة في اللواء 32 معزز، وكتيبة محمد المقريف، وقام حفتر في بداية هجومه على طرابلس بدمجه مع اللواء السابع (الكانيات) تحت اسم اللواء التاسع، بقيادة اللواء عبدالوهاب المقري، الذي قُتل مع محسن الكاني وشقيقه عبدالعظيم.
– الصحوات: غدروا بالمقاتلين في بنغازي
وتضم أنصار القذافي الذين كانوا مهيكلين ضمن اللجان الشعبية (مدنيين مسلحين)، ولعبوا دوراً أساسياً في هزيمة مجلس ثوار بنغازي، الذي كان عناصره يحاصرون قوات حفتر في قاعدة بنينة الجوية وقاعدة الرجمة العسكرية شرق بنغازي، قبل أن تباغتهم الصحوات داخل المدينة، كما تنتشر الصحوات في حي قصر بن غشير بمحاذاة المطار القديم الذي يسيطر عليه حفتر (25 كلم جنوب طرابلس).
3 – مسلحون قبليون: أغلبهم من الشرق
تشارك عدة قبائل خاصة في الشرق الليبي إلى جانب قوات حفتر، على غرار قبيلة الفرجان التي ينتمي لها حفتر وتنتشر في سرت (شمال) وترهونة (غرب) وأجدابيا (شرق)، بالإضافة إلى قبائل العبيدات التي ينتمي إليها رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، وقبائل الحاسة، والمجابرة والبرغاثة والعواقير والبراعصة وغيرهم.
أما في الغرب فتدعم حفتر قبائل ورشفانة وجزء من قبيلة الزنتان، وفي الجنوب فيدعمه المقارحة في براك الشاطئ وأولاد سليمان في سبها، وكذلك المغاربة والزوية في الهلال النفطي شمالاً والكفرة بالجنوب الشرقي.
4- المرتزقة: المال يدفع الأعداء السابقين إلى الانضمام لجيش حفتر
نظراً للنقص العددي الذي تعاني منه ميليشيات حفتر، وشساعة مساحة ليبيا، لجأ حفتر إلى مرتزقة أفارقة ورس لملء الفراغ، ناهيك عن ضباط وفنيين إماراتيين وفرنسيين ومصريين لدعم قواته في التخطيط والاستخبارات وتسيير الطائرات بدون طيار والتدريب وصيانة الأسلحة.
ومن أبرز الجماعات المسلحة التي اعتمد عليها حفتر:
– جبهة التناوب والوفاق التشادية: وهي جماعة متمردة دعمت حفتر بـ700 عنصر، بحسب تقرير أممي.
– جيش تحرير السودان، جناح عبدالواحد نور: جماعة متمردة تنشط في إقليم دارفور غربي السودان، ويشارك 200 عنصر منها في القتال إلى جانب حفتر.
– جيش تحرير السودان جناح مني مناوي: تنظيم متمرد في دارفور، ويشارك بـ300 عنصر في دعم ميليشيات حفتر.
– تجمع قوات تحرير السودان: يقوده الطاهر حجر، تنظيم متمرد في دارفور غير مشهور، لكن 500 إلى 700 من مسلحين يقاتلون في صفوف ميليشيات حفتر.
– قوات الدعم السريع السودانية (الجنجويد): ويقودها محمد حمدان دقلو، الملقب بـ "حميدتي"، نائب رئيس مجلس السيادة في السودان، وحسب التقرير الأممي، فإن ألف مقاتل من الدعم السريع يتواجدون في قاعدة الجفرة الجوية لحمايتها، والمفارقة أن هذه القوات التي حاربت الجماعات المتمردة في دارفور، تقاتل اليوم جنباً إلى جنب معها ضد قوات حكومة الوفاق، رغم أن الخرطوم تنفي ذلك.
– مرتزقة شركة فاغنر الروسية: وبلغ عددهم في سبتمبر/أيلول الماضي 1400 عنصر، بحسب صحيفة بلومبرغ الأمريكية، بينما قالت صحيفة "لاستامبا" الإيطالية أن آلافا منهم وصلوا لمحاور القتال جنوبي طرابلس، وبعد أن كان نشاطهم مقتصراَ على منطقة ورشفانة ومدن الاتجاهات الأربعة تم رصدهم في محاور متقدمة جنوبي طرابلس، على غرار محور السويحلي بوادي الربيع.