يرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه عومل بظلم أكثر من "سحرة سايلم" -أشخاص اتهموا بممارسة السحر في قرية سايلم (1692م) وحُكم عليهم بالإعدام إما بالحرق أو الشنق- لكن كان من المحتمل أن يصبح الأمر أسوأ.
إذ تعرض الرئيس الباكستاني السابق، برويز مشرف، لمساءلة محتملة عام 2008؛ مما دفعه للاستقالة من منصبه. وفي النهاية، صدر مطلع هذا الأسبوع حكمٌ بالإعدام بحقه مشرف لاتهامه بالخيانة العظمى.
ترامب ليس الأول
تقول مجلة Politico الأمريكية، على الجانب الآخر، لم يكن ترامب حتى أول رئيس يخضع للمساءلة هذا الشهر. فهذا الشرف -أو بالأحرى الخزي- من نصيب كاري لام الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ.
نجت لام من تصويت على قرار لمساءلتها في 5 ديسمبر/كانون الأول بهامش أصوات 36 لصالحها إلى 26 صوتاً، لكن لم يكن يتعين عليها القلق كثيراً. فهذا التصويت هو مجرد خطوة وسيطة، إلى جانب أنَّ وضع الحزب الشيوعي على سُلَّم النفوذ في بكين كان ليسمح له بالتدخل في النهاية في حال خسرت التصويت. وهذه رفاهية لا يمتلكها ترامب في حال اتخذت محاكمته أمام مجلس الشيوخ مساراً مخالفاً للتوقعات.
وتثير الصعاب التي يواجهها ترامب ولام ومشرف سؤالاً حول طبيعة الفرصة التي توفرها الدول المختلفة لمُشرّعيها ومواطنيها لعزل/ محاسبة رؤسائها.
أنظمة المساءلة والعزل تختلف من دولة لأخرى
في الأنظمة البرلمانية، يمكن ببساطة استبدال رئيس الحكومة الوطنية لأي سبب، إذا فقد ثقة غالبية أعضاء الغرفة الأدنى في البرلمان (ما يعادل مجلس النواب الأمريكي).
وهناك دول أخرى تتبنى نفس عملية مساءلة الرئيس وسحب الثقة التي تتبعها الولايات المتحدة، ومنها: البرازيل وروسيا والهند وفرنسا وألمانيا وكوريا الجنوبية والفلبين والنمسا والمجر وبلغاريا وأيرلندا.
النرويج
وعلى الرغم من أنَّ المشرعين الأمريكيين سحبوا الثقة من 3 رؤساء الآن، فإن بطل العالم في مساءلة وعزل القادة هي النرويج، التي أسست نظامها للمساءلة والعزل على غرار النظام الأمريكي، ولجأت إلى العزل 8 مرات حتى عام 1927 حين توقفت عن استخدام الآلية الدستورية عقب فشل محاولة عزل رئيس الوزراء و6 من أعضاء حكومته.
البرازيل
من جانبها، تُقدم البرازيل أحدث مثال على عملية عزل ناجحة، التي حدثت للرئيسة ديلما روزيف في عام 2016. وكان مجلس النواب البرازيلي قد شن عملية مساءلة حول إدارة ميزانية الدولة، أعقبتها إجراءات شبه متطابقة لتلك المستخدمة في الولايات المتحدة. وانتهى الأمر بعزل روسيف من الرئاسة، وتولى نائبها مهامها بينما كان مجلس الشيوخ البرازيلي ينظر في مسألة عزلها.
ليتوانيا
كان أول رئيس أوروبي يُعزَل من منصبه بعد المساءلة وسحب الثقة هو رولاندس باكسس، رئيس ليتوانيا. وتزامنت عملية مساءلة باكسس في عام 2004 -وهو رئيس شعبوي جامح تربطه صلات برجال أعمال روس- مع مخاوف عامة من تدخل روسيا في سياسة ليتوانيا. لكن التشابه بين ما يحدث مع ترامب وما حدث مع باكسس ينتهي هنا، فهذا الأخير كان نادماً حين وقف أمام البرلمان يدافع عن نفسه، لكن دون جدوى.
فرنسا
في حين يتمتع الرئيس الفرنسي بالحصانة من المقاضاة الجنائية العادية أثناء توليه منصبه، إلا أنه قد يتعرض للعزل بموجب تعديلات صدرت عام 2014، على أن يكون سبب العزل "أي خرق لواجباته يتعارض بوضوح مع ممارسة صلاحياته". ولبدء عملية المساءلة الرامية للعزل، يجب أن يوقع 10% من أعضاء مجلس الشيوخ و10% من نواب مجلس النواب على مشروع قرار. ولتمرير مشروع القانون، تلزم موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ والنواب على الإقالة، وهو إجراء يؤدي بعد ذلك إلى تشكيل محكمة جمهورية عليا خاصة للنظر في التهم. وتتبع جمهورية التشيك نموذجاً مشابهاً.
إيطاليا
أما إيطاليا فلديها واحد من أكثر أنظمة المساءلة ابتكاراً في العالم. إذ يجب أن يكون سبب عزل الرئيس الخيانة العظمى، وإذا وافقت الأغلبية في البرلمان، يمثل الرئيس أمام هيئة محلفين مؤلفة من المحكمة الدستورية و16 مواطناً عادياً.
النمسا
وفي النمسا، يمكن إقالة الرئيس من خلال تصويت وطني استثنائي (استفتاء عام) وعبر المحكمة الدستورية في البلاد. وفي رومانيا، صوّت المواطنون في استفتاءين منذ عام 2007 لعزل رئيسهم، لكن كليهما انتهى بالفشل.
إيران
لكن الديمقراطيات الغربية ليست وحدها من تمتلك أنظمة مساءلة وعزل. فحتى ألد أعداء ترامب في إيران لديهم إجراءات مساءلة وعزل. إذ أقيل أبوالحسن بني صدر، أول رئيس لإيران بنجاح في عام 1981. ويمكن أيضاً عزل أعضاء الحكومة الإيرانية، وقد واجه الرئيس الحالي حسن روحاني دعوات علنية لإقالته في عام 2019.