الآن وقد صوّت مجلس النواب بالموافقة على عزل ترامب، فماذا بعد؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/19 الساعة 10:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/19 الساعة 10:46 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب/ رويترز

انتهت المرحلة الأولى من إجراءات عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتصويت بالأغلبية في مجلس النواب، لكن هذا لا يعني أن عزل ترامب أصبح محسوماً، فما الخطوة التالية وما السيناريو الأقرب للواقع؟

ماذا حدث؟

في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول بتوقيت الشرق الأوسط، عزل مجلس النواب الأمريكي ترامب بعد التصويت بالموافقة على فقرتين هما "إساءة استخدام النفوذ" و "عرقلة عمل الكونغرس"، بحسب ما أفادت شبكة سي إن إن.

جاء التصويت على الفقرة الأولى أو البند الأول من بنود الاتهام الموجه لترامب وهو "إساءة استخدام السلطة" بالموافقة بـ 230 صوتاً مقابل رفض 197 عضواً، وبنفس النتيجة تقريباً تمت الموافقة على البند الثاني من التهم "إعاقة عمل الكونغرس"، حيث صوت 229 بنعم مقابل 198 صوتوا بلا.

كيف كان رد فعل ترامب؟

ترامب كان يلقي كلمة في ميتشيغان وبدا أن أحد مساعديه أطلعه على نتيجة العزل، إذ قال: "كل عضو جمهوري صوّت لصالحنا.. لم نخسر صوتاً جمهورياً واحداً.. الحزب الجمهوري لم يسبق له أن تمت مواجهته بهذه الطريقة إلا أنه أيضاً لم يسبق له أن كان متحداً كما هو حالياً"، بحسب سي إن إن.

ولفت ترامب بكلمته إلى تصويت ثلاثة أعضاء ديمقراطيين ضد العزل، واصفاً ذلك بأنه أمر "لم يسمع به في السابق"، مؤكداً بالقول: "الديمقراطيون دائماً متحدون، فكّروا في الأمر: 3 ديمقراطيين انضموا إلى جانبنا".

ترامب هنا كان يشير إلى أن جميع أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب (حزب الرئيس) صوتوا ضد اتهامه، بينما صوت 3 من الديمقراطيين لصالحه أيضاً، وهو ما اعتبره أمراً غير مسبوق وهذه مبالغة معتادة من ساكن البيت الأبيض.

ما الخطوة التالية إذاً؟

ما تم حتى الآن هو بمثابة توجيه اتهامات محددة لترامب من جانب مجلس النواب، وهو في هذه الحالة يمثل الادعاء أو النيابة في المحاكمات الجنائية المدنية، والخطوة التالي هي بدء المحاكمة.

مجلس النواب يقرر مساءلة ترامب، والرئيس الأمريكي:
رئيس مجلس النواب في الولايات المتحدة نانسي بوليسي خلال التصويت على مساءلة ترامب/رويترز

المحاكمة تتم في مجلس الشيوخ الذي يتكون من 100 عضو، ويحظى فيه الجمهوريون بأغلبية 53 مقعداً مقابل 47 للديمقراطيين، وهؤلاء الأعضاء يمثلون هيئة المحلفين، بينما يترأس المحاكمة رئيس المحكمة الدستورية العليا ودوره يقتصر على ضمان سير إجراءات المحاكمة بصورة سلسة دون خروج عن النص، فهيئة المحلفين (أعضاء مجلس الشيوخ غير مسموح لهم بالحديث من الأساس داخل قاعة مجلس الشيوخ التي ستكون مقر المحكمة).

أعضاء مجلس النواب (من الديمقراطيين) سيمثلون جهة الادعاء، وستكون هناك جهة الدفاع عن ترامب وتتشكل أيضاً من مجلس النواب (من الجمهوريين) ويمكن للطرفين استدعاء الشهود وتقديم الأدلة أمام هيئة المحكمة.

بعد الانتهاء من تلك الخطوة، يتم التصويت كما حدث في مجلس النواب، لكن الاختلاف هنا هو أنه بينما تصويت مجلس النواب يحتاج لأغلبية بسيطة (50% + واحد)، فإن تصويت مجلس الشيوخ (هيئة المحلفين) يحتاج أغلبية الثلثين، وهذا يعني أنه تتم إدانة ترامب ومن ثم عزله من منصبه لابد أن يصوّت 67 عضواً بالموافقة على الإدانة، وفي ظل تركيبة المجلس الحالية يعد ذلك أمراً مستبعداً إلى حد كبير.

ومن المتوقع أن تنطلق إجراءات المحاكمة في مجلس الشيوخ الشهر المقبل يناير/كانون الثاني، وفقاً للسيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، على أن يعلن عن التاريخ المحدد للبدء في ذلك الأسبوع المقبل.

ووفقاً للدستور الأمريكي وبالتحديد الفقرة الثالثة من المادة الثانية، ترسل القضية برمتها إلى مجلس الشيوخ، إذ ينص الدستور على أن "لمجلس الشيوخ وحده سلطة إجراء محاكمة في جميع تهم المسؤولين. وعندما ينعقد مجلس الشيوخ لذلك الغرض، يقسم جميع أعضائه باليمين أو بالإقرار. وعندما تتم محاكمة رئيس الولايات المتحدة، يرأس رئيس القضاة الجلسات: ولا يجوز إدانة أي شخص بدون موافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين".

هل ترامب أول رئيس يتعرض للعزل؟

لا بل هو الرابع، فقد سبقه بيل كلينتون (ديمقراطي)  قبل 20 عاماً، والسبب هو أن الرئيس الأسبق واجه اتهامات الحنث باليمين وتعطيل العدالة في خضم قضية مونيكا لوينسكي (متدربة في البيت الأبيض قالت إن الرئيس مارس معها أفعالاً مشينة في مكتبه بالبيت الأبيض)، وفي مجلس الشيوخ (نفس الموقف الذي وصل إليه ترامب)، تم رفض اتهام الحنث باليمين بـ 55 مقابل 45 صوتاً واتهام تعطيل العدالة بـ 50 مقابل 50 صوتاً.

بيل كلينتون وترامب / أرشيفية

وفي عام 1974 تم إدراج إجراءات العزل ضد الرئيس ريتشارد نيكسون (جمهوري) بسبب فضيحة ووترغيت، وفي صلب القضية كانت قضية اقتحام مكاتب للحزب الديمقراطي في منطقة ووترغيت في حزيران/ يونيو 1972، وخلال هذا الاقتحام اعتقلت الشرطة خمسة رجال حاولوا تثبيت عدسات تنصت وتصوير وثائق، واتضح أن المتهمين تابعين للجنة الانتخابية التابعة لنيكسون.

وفي مجلس الشيوخ كان يُتوقع حصول غالبية الثلثين الضرورية للعزل عن المنصب، لكن نيكسون استبق قرار الإدانة والعزل بأن قدم استقالته رغم أنه كان في بداية فترة حكمه الثانية.

أما الحالة الأولى فكانت عام 1868، حين اتهم الكونغرس الرئيس أندري جونسون بخرق قانون اتحادي ينظم إعفاء الوزراء من مهامهم في الحكومة، وصوّت مجلس النواب بغالبية ساحقة للبدء في إجراءات العزل ضد الرئيس، لكن العزل لم يحصل، لأن عدد الأصوات الضرورية لتحقيق غالبية الثلثين لم تتحقق.

تحميل المزيد