هناك نظرية تقول إن أسماء الدول حول العالم ترجع لأربعة أصول تتعلق بصفة مميزة للدولة أو الإقليم أو تسمية وصفية استرشادية أو وجود جماعات بشرية لها قصة أو اسم معين أو شخص ذي حيثية، أما في الشرق الأوسط فالأمر مختلف، فما هي القصة؟
مجلة فوربس الأمريكية بحثت في قصة تسمية دول الشرق الأوسط ونشرت تقريراً بعنوان: "من أين جاءت أسماء دول الشرق الأوسط الحالية؟".
من أين تأتي تسمية الدول؟
من آلهة قديمة إلى غزال متجول وخور بطيء الحركة، ثمة بعض القصص المثيرة للاهتمام (وربما الوهمية) وراء تسمية العديد من الدول والأقاليم في الشرق الأوسط بأسمائها الحالية.
ثمة نظرية مفادها أنَّ مصدر تسمية كل دولة في العالم تقريباً يعود إلى أحد أربعة أشياء: إما سمة مميزة للبلد، أو وصف إرشادي لها، أو أشخاص من تلك المنطقة أو شخص مهم. قد يكون هذا صحيحاً على الصعيد العالمي، لكن الوضع في الشرق الأوسط أعقد بعض الشيء.
لماذا الأمور مختلفة في الشرق الأوسط؟
أحد الأسباب الرئيسية لذلك يتمثَّل في عدم وجود سجلات تاريخية مكتوبة، إذ تطورت الكثير من أسماء دول الشرق الأوسط عبر لغات متعددة حتى وصلت إلى ما نعرفها عليه اليوم. فقد تطورت عبر ألسنة الإغريق والرومان والبربر وغيرهم. نتيجة لذلك، من بين العشرات من الخطوط الجيوسياسية الرئيسية في المنطقة حالياً، فإنَّ ما يقرب من ثلث تلك الدول لا تملك توضيحاً معيناً لسبب تسميتها.
وتُعد السمات الجغرافية -الطبيعية والاصطناعية- مصدراً سائداً في كثير من الأحيان يُستمد منه أسماء الدول، التي تمتلك تأكيداً أكبر بشأن أصل تسميتها. سُمّيت مجموعة كبيرة أخرى من الدول نسبةً إلى أشخاص يعيشون في المنطقة أو إلى حكّامها. وثمة دولتان يعود أصل تسميتهما إلى آلهة في العصور القديمة. وتبقى أسباب تسمية عدة دول أخرى إما غامضة أو محل خلاف في كثير من الأحيان.
كيف أثرت الجغرافيا على التسمية؟
ترجع تسمية حوالي 12 من المناطق الجيوسياسية الرئيسية في المنطقة إلى بعض السمات الجغرافية أو الطبيعية.

أخذت دول مثل الجزائر والكويت وتونس أسماءها من أسماء عواصمها. تأتي تسمية العاصمة الجزائرية "مدينة الجزائر" نسبةً إلى مجموعة من الجزر الصغيرة الممتدة على طول الخط الساحلي للمدينة.
أطلق الإغريق اسم "تونس" على العاصمة التونسية المجاورة، وهو الاسم الذي اُستمد على الأرجح من كلمة بربرية تعني "مخيم" أو "مكان للتوقف".
ما هو أصل تسمية الكويت والبحرين والعراق؟
ويعود أصل تسمية مدينة الكويت إلى تصغير لكلمة "الكوت" وتعني "القلعة" أو "الحصن"، وكانت تُطلق على البيوت الحصينة المبنية على هيئة قلعة أو حصن بالقرب من الماء، وذلك وفقاً لقاموس أكسفورد الموجز لأسماء الأماكن العالمية (وهو مصدر رئيسي للمعلومات الواردة في هذا المقال).
وقد سُمّيت دول أخرى بأسمائها الحالية نسبةً إلى معالمها الجغرافية وسماتها الطبيعية، وغالباً ما يكون الماء عاملاً مميزاً مهماً في تسمية المناطق ذات الطبيعة المناخية الجافة.
جاءت تسمية دولة "البحرين" في إشارة إلى المياه الممتدة شرق وغرب الجزيرة، وربما يعود أصل تسمية دولة "العراق" بهذا الاسم إلي ضفاف نهري دجلة والفرات اللذين يمران عبر البلاد، إذ تعني كلمة "العراق" في اللغة العربية "الشاطئ" أو "الضفة".
وعلى الرغم من أنَّ "الأردن" يمتلك أيضاً نهراً ربما يعود إليه الفضل في تسميته، يبقى مصدر تسمية "نهر الأردن" نفسه غير مؤكد. قد تشير التسمية إلى "نهر دان"، نسبةً إلى دان بن يعقوب، أحد أبناء النبي يعقوب.
بالمضي قدماً في نفس الاتجاه، تعتبر الضفة الغربية مجرد وصف للأرض الواقعة غرب نهر الأردن. وقد يكون النصف الآخر من الأرض الفلسطينية "غزة" مأخوذاً من الكلمة العبرية "az" وتعني القوة، وذلك بسبب القلعة التي بنيت في المنطقة.
وقد اشتق اسم إمارة "الفجيرة"، واحدة من الإمارات السبع المكوّنة لدولة الإمارات العربية المتحدة، من جدول مائي يحمل نفس الاسم يمر أسفل أحد جبال الإمارة. وقد يرجع سبب تسمية إمارة "الشارقة" إلى موقعها في الطرف الشرقي للخليج.
وغالباً ما يُقال إنَّ تسمية إمارة "رأس الخيمة" بهذا الاسم يعود إلى موقعها الجغرافي في أقصى الطرف الشمالي للبلاد. ومن ناحية أخرى، قد تعود التسمية إلى خيمة كبيرة تعلوها وسيلة إنارة كانت تستخدم وسيلة مساعدة ملاحية أو قد يكون الاسم مشتقاً من "شبه الجزيرة" أو "البروز الأرضي" الذي توجد فيه الإمارة الأصلية.
ربما تأتي تسمية جيبوتي، الدولة الواقعة في منطقة القرن الإفريقي، بهذا الاسم نسبةً إلى كلمة "gaboui"، وتُعني "لوحة" باللغة العفرية، في إشارة إلى المناظر الطبيعية المسطحة في المنطقة. على النقيض من ذلك، اشتق "لبنان" اسمه من الكلمة السامية "ليفان" وتعني "الأبيض"، في إشارة إلى جباله المغطاة بالثلوج.
على أطراف المنطقة، يعتبر اسم "إقليم الصحراء الغربية" المتنازع عليه في ظاهر الأمر وصفاً عقيماً للأرض الواقعة على حافة أكبر صحراء حارة في العالم، لكن أصل تسمية هذا الامتداد الرملي مشتق من الكلمة العربية "صحراء".
ماذا عن الأشخاص؟
الفئة الكبيرة الأخرى من التسميات المحلية تضم الدول المسمّاه بأسماء أشخاص، وتجمع أحياناً بين إشارات إلى طبيعة سكان الأرض أيضاً.
في غرب المنطقة، اشتقت موريتانيا اسمها من أكبر مجموعة عرقية في البلاد "شعب موري" (المعروف لدى الأوروبيين في العصور الوسطى باسم الموريون). على الجانب الآخر من القارة، أطلق الأوروبيون اسم "السودان" على مساحة جغرافية أكبر تمتد من غرب إفريقيا إلى شرق وسط إفريقيا، قبل أن يتحدّد في إطار حدود الدولة الحالية، ويعني الاسم "أرض السود".
وقد يسمّى في بعض الأحيان بلد بأكمله على اسم شخص واحد فقط. تأتي تسمية "إسرائيل" نسبةً إلى اسم نبي الله إسرائيل (يعقوب، حفيد النبي إبراهيم). وبحسب النص التوراتي، تعني كلمة إسرائيل في اللغة العبرية "الشخص الذي يجاهد مع الله".
وتُعد المملكة العربية السعودية مثالاً آخر مع حقيقة كونها مزيجاً من اسم سلالة عائلة "آل سعود" والأراضي العربية التي تحكمها، تأسست الدولة السعودية الأولى على يد محمد بن سعود في القرن الثامن عشر. وتأسست المملكة الحالية على يد الملك عبدالعزيز آل سعود في عام 1932.
وأخذت إمارة "عجمان"، إحدى إمارات دولة الإمارات، اسمها من الكلمة الفارسية "عجم"، وتعنى "غير العرب". وكانت اللغة الفارسية أيضاً مصدر تسمية دولة "إيران"، وتعني بالفارسية "أرض الآريين". تعني كلمة "الآري" في اللغة الفارسية القديمة "النبيل" أو "صاحب النسب العالي".
ويرجع أصل تسمية "تركيا" أيضاً إلى الشعب الحاكم هناك، الذي يُطلق عليه اسم "Ti-Kiu" أو "Tu-Kue" بحسب مصادر صينية في القرن السادس لوصف شعب إمبراطورية آسيا الوسطى.
اكتسبت دول أخرى أسماءها نسبةً إلى مجموعات وافدة. يقال إنَّ اسم "فلسطين" مشتق من الكلمة الإغريقية "Palaistina" والكلمة العبرية "Peleshet"، وكلتاهما تعني "الغزاة"، في إشارة إلى غزو الفلسطينيين للمنطقة في القرن الثاني عشر.
بعيداً عن الحياة الدنيوية الفانية، ثمة دولتان على الأقل يعود أصل تسميتهما إلى أسماء آلهة.
اُشتق الاسم الغربي لمصر "Egypt" من الكلمة اليونانية القديمة "Aegyptos"، ومن الهجاء اليوناني للكلمة المصرية "حت-كا-بتاح"، وتعني معبد الإله بتاح، أحد أشهر آلهة مصر القديمة في عاصمتها، التي أصبح اسمها فيما بعد "ممفيس" واعتمد هذا الاسم لتغطية المنطقة الأوسع. وقد أطلق المصريون القدماء على أراضيهم اسم "Kemet" وتعني "الأرض السوداء"، في إشارة إلى التربة الطينية الداكنة على طول نهر النيل. ويُطلق المصريون المعاصرون على بلادهم اسم "مصر" وتعني "البلد".
تأتي تسمية "سوريا" نسبةً إلى مقاطعة عثمانية تحمل نفس الاسم، والذي كان على الأرجح تطوراً لاسم المنطقة الأقدم "آشور". سُمّيت الإمبراطورية الآشورية على اسم عاصمتها "آشور"، التي جاءت تسميتها نسبةً إلى "الإله آشور". وغالباً ما يشار إلى سوريا محلياً باسم "شمس"، وهو اسم آخر مشتق من إله السماء Baalshamin، الذي كان يعبده أهل تدمر قبل الإسلام.
ماذا عن دور الخرافات والأساطير؟
تصبح الأمور ضبابية إلى حد ما بعد هذه المجموعة، فهناك الكثير من الدول والأقاليم لا يزال أصل تسميتها غامضاً أو محل خلاف.

قد تأتي تسمية "ليبيا" نسبةً إلى ابنة ممفيس وإيبافوس، التي تحمل نفس الاسم في الأساطير الإغريقية. وقد استخدم الإغريق هذا الاسم للإشارة إلى مساحة أوسع من إفريقيا. ومع ذلك، ربما تعود أصل التسمية أيضاً إلى قبيلة "الليبو"، وهو اسم مصري قديم لإحدى قبائل البربر.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّ العديد من أصل تسميات الإمارات السبع المكونة لدولة الإمارات لا تزال غير مؤكدة. قد يأتي سبب تسمية إمارة "أبوظبي"، على سبيل المثال، بهذا الاسم من أسطورة يرجع تاريخها إلى عام 1761 حول غزال كان يشرب من ينبوع بُني مكانه حصن لاحقاً. ويقال أيضاً إنَّ الاسم جاء نسبةً إلى رجل اشتهر بمطاردته للغزلان في تلك المنطقة.
وثمة رواية بأنَّ اسم إمارة "دبي" المجاورة يشير إلى "صغار الجراد" أو قد يكون مشتقاً من كلمة "yadub" وتعني الزحف، في إشارة إلى الخور البطيء الذي لا يزال سمة أساسية تُميّز الإمارة.
ويعتبر أصل تسمية إمارة أم "القيوين" الأكثر غموضاً. ربما كانت تُعرف في السابق باسم "أم القوتين"، ثم تطور الاسم ليصبح "أم القيوين"، لكن لا أحد يعلم تماماً ماهية القوتين المشار إليهما.
وبالنسبة لسلطنة عُمان، قد يكون اسمها مشتقاً من الاسم السومري "Magan" ويعني العاملين في الملاحة البحرية أو عمال بناء السفن. وقد يكون أصل التسمية مأخوذاً من بلدة يمنية كان يُطلق عليها اسم "عمان"، حيث هاجرت بعض القبائل المحلية.
وبالنسبة "لليمن"، قد يكون اسمه مشتقاً من كلمة "يمين" وتعني "على الجانب الأيمن"، إذ يقع اليمن على يمين البحر الأحمر عند النظر شمالاً. وقد يكون الاسم مأخوذاً من كلمة "يُمن" وتعني الحظ الجيد أو السعادة. وكان الرومان يطلقون على تلك المنطقة اسم "Arabia Felix"، أي بلاد العرب السعيدة. وهناك رواية أخرى تشير إلى أنَّ اليمن ربما كانت تسميته نسبةً إلى يامن بن قحطان، أحد أحفاد النبي نوح. وقد يكون الاسم مشتقاً من كلمة "يمان" وتعني "الجنوب" بلغة العرب.
وعند الذهاب أبعد قليلاً باتجاه الشمال، ثمة شيء من الغموض يحيط أيضاً بأصل تسمية دولة "قطر". قد يكون الاسم مشتقاً من كلمة "قطرة" وتعني "السقوط أو التقطر" في إشارة إلى بئر أو مصدر آخر للمياه، أو ربما تعود أصل التسمية إلى كلمة "قُطر" وتعني "منطقة".
وبالعودة إلى بداية النشأة، قد تكون قطر أخذت اسمها من أهم مستوطنة في المنطقة، تُدعى "الزبارة"، وهي منطقة مهجورة حالياً وتعني "التلال الرملية" في اللغة العربية .
ربما جاء أصل تسمية "المغرب" نسبةً إلى العاصمة المغربية السابقة "مراكش"، التي كانت معروفة لدى السكان المحليين في الماضي باسم "Marrukus"، وتعني بالبربرية "أرض الله". ومع ذلك، قد لا يكون أصل التسمية على هذا النحو، إذ أشار البعض إلى أنَّ الاسم يعني "أرض الرحلة"، فيما ذكر آخرون أنَّه يعني "بلد أبناء كوش".