⬅️ قانون أمريكي جديد، يدعم المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في هونغ كونغ، قد يكدّر المحادثات التجارية القائمة مع الصين، لكن بحسب محللين، من المستبعد أن يوقفها أو يخرجها عن مسارها.
ماذا حدث؟
وقَّع الرئيس الأمريكي مشروع قانون يقتضي إجراء مراجعة سنوية، للتحقق من أهليةِ احتفاظ هونغ كونغ بوضعها الخاص في العلاقات مع الولايات المتحدة.
كذلك وقَّع ترامب على مشروع قانونٍ ثانٍ أقرّه الكونغرس، يحظر تصدير ذخائر السيطرة على الحشود إلى شرطة هونغ كونغ، مثل الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل والرصاص المطاطي والبنادق الصاعقة. وذلك بعد أن أخذت هونغ كونغ تشهد منذ عدة شهور، مصادمات عنيفة متزايدة بين المحتجين والشرطة.
ويأتي قانون حقوق الإنسان في وقتٍ يسعى فيه أكبر اقتصادين بالعالم للتوصل إلى اتفاق يحول دون استمرار الحرب التجارية بينهما، كما يقول موقع BBC البريطاني.
كيف كان رد فعل الصين؟
ترامب قال إنه وقَّع على مشروع القانون، المعروف باسم "قانون حقوق الإنسان والديمقراطية"، "بدافعٍ من احترامه للرئيس شي [جين بينغ] والصين وشعب هونغ كونغ".
وردّت الصين بقوة، مهددةً على لسان وزير خارجيتها "باتخاذ تدابير مضادة" في حال واصلت الولايات المتحدة "السير بالطريق الخطأ" فيما يتعلق بالتعامل مع الموضوع.
وقالت وزارة الخارجية الصينية، الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بعد ساعات من توقيع ترامب على القرار: "هذا تدخُّل محض في الشؤون الداخلية للصين. هذا المشروع، الذي ندد به جميع الصينيين، ومن ضمنهم مواطنو هونغ كونغ الوطنيون، مليء بالتحامل والغطرسة".
واستدعت بكين السفير الأمريكي، تيري برانستاد، للمرة الثانية خلال أسبوع، "لمطالبة واشنطن بالكفِّ عن التدخل في الشؤون الداخلية للصين".
على خلاف ذلك، يذهب مايكل هيرسون، من مركز "مجموعة أوراسيا" (Eurasia Group) للاستشارات، إلى أن توقيع ترامب على مشروع القانون "لن يعرقل المفاوضات التجارية أو يوقفها".
ويقول هيرسون: "من المؤكد أن بكين غاضبة من الولايات المتحدة، لتدخُّلها فيما تعتبره الصين شؤونها الداخلية، ولتأييدها الحركة الاحتجاجية".
ويستدرك: "لكن بعض غضب الصين من مشروع القانون هو موقف موجَّه للجمهور المحلي بالأساس، إذ لن تكون بكين منزعجة لدرجةٍ أن يقف هذا الموضوع عقبةً في طريق استمرار المفاوضات المتعلقة بعقد هدنة تجارية بين البلدين".
ما المخاطر التي أصبحت على المحك؟
يقول محللون إن الولايات المتحدة والصين كليهما ترغب في الحيلولة دون توقف المفاوضات لأي سبب كان، بالنظر إلى أن هناك مخاطر كبيرة على المحك.
اشتعل صراع تجاري بين البلدين منذ أكثر من عام، وفرض كل من الطرفين خلاله رسوماً تجارية بمليارات الدولارات على سلع الطرف الآخر.
تواجه الصين مخاطرَ جولةٍ أخرى من الرسوم الأمريكية في 15 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وإذا تعطلت المحادثات، فمن المحتمل أن يمضي فرض هذه الرسوم قدماً. وقد تضع هذه الرسوم عبئاً إضافياً على اقتصادٍ أخذ يشهد بالفعل أبطأ وتيرة نموٍ له منذ عقود.
على النحو نفسه، تريد الولايات المتحدة أيضاً تجنُّب ارتفاع التكاليف والمصاعب الاقتصادية على المستهلكين الأمريكيين، خاصة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تجري العام المقبل.
وقال جوليان إيفانز بريتشارد، كبير المتخصصين بالاقتصاد الصيني في شركة Capital Economics الاستشارية، إن التعريفات الجمركية المفترض تطبيقها في ديسمبر/كانون الأول، تتركز بالأساس على السلع الاستهلاكية؛ ومن ثم سيكون لها "تأثير أكبر في رفع مستوى التضخم، والإضرار بالأسر العادية مقارنةً بتأثير الجولات السابقة من التعريفات".
وأضاف: "يبدو أن إدارة ترامب مترددة في المضي قدماً بفرض التعريفات المقررة في ديسمبر/كانون الأول، لأنها وصلت إلى مرحلةٍ بدأت فيها التعريفات تؤثر سلبياً في الاقتصاد الأمريكي نفسه"، مشيراً إلى أنه "لا تزال هناك حوافز لدى كلا الجانبين للدفع في سبيل التوصل إلى اتفاق، إذا ما تمكنا من الاتفاق على الشروط".
ما مدى أهمية إقرار القانون الأمريكي المتعلق بهونغ كونغ؟
ينصُّ "قانون حقوق الإنسان والديمقراطية" الأمريكي على مراجعةٍ سنوية، للتحقق مما إذا كانت هونغ كونغ تتمتع بقدر الحكم الذاتي والاستقلالية التي تؤهلها للاحتفاظ بوضعها الخاص فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة.
ويشمل الوضع التجاري الخاص لهونغ كونغ عدم تأثرها بالعقوبات أو الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على البر الصيني الرئيسي.
كذلك يُتيح مشروع القانون فرضَ عقوبات "على هؤلاء الذين تثبت مسؤوليتهم عن انتهاكات لحقوق الإنسان في هونغ كونغ". ومع ذلك فإن محللين قالوا إن مشروع القانون لن تكون له عواقب فورية.
ويقول هيرسون: "إن القانون الأمريكي يدعو الإدارة إلى مراجعة الوضع الخاص لهونغ كونغ، ومعاقبة المسؤولين الصينيين عن القمع في هونغ كونغ، لكن من المستبعد أن يتخذ ترامب إجراءات في أي من المجالين".
ما المرحلة التي وصلت إليها المحادثات التجارية الآن؟
شهدت المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، خلال العام الماضي، تقلبات عدة. وكان من أبرز النقاط الشائكة تلك المتعلقة بكيفية وضمانات فرض أي صفقة يجري الاتفاق عليها.
في الآونة الأخيرة، يبدو أن كلا الطرفين يقترب من التوافق على ما يسمى اتفاق "المرحلة الأولى"، والذي يشمل قضايا مثل المشتريات الزراعية، في حين يتجنب القضايا الهيكلية الأكثر حساسية.
كلما اقترب الموعد النهائي للجولة الجديدة من الرسوم الجمركية، المقررة في 15 ديسمبر/كانون الأول، باتت الحاجة إلى عقد اتفاق بين الطرفين أكثر إلحاحاً، غير أن بعض المحللين يذهبون إلى أن إقرار قانون حقوق الإنسان الأمريكي المتعلق بهونغ كونغ قد يعيق استمرار العمل على عقد اتفاق في أقرب وقت.
ويقول ستيفن أولسون، الباحث لدى "مؤسسة هينريش" Hinrich Foundation الاستشارية: "كل الأسباب المنطقية الباعثة على التوصل إلى اتفاق والحيلولة دون فرض مزيدٍ من التعريفات الجمركية، ما تزال قائمة".
"السؤال المطروح هو ما إذا كان استياء [الصين] سيصل إلى درجة التراجع عما يسمى (المرحلة الأولى) من الاتفاق التجاري، والتي فيما يبدو كانت على وشك الانتهاء. غير أنها على الأقل، قد تعقّد، ومن المحتمل تؤخّر، التوصل إلى حل".