بعدما كان مرشحاً شبه توافقي للقوى السياسية تحول النائب محمد الصفدي بسرعة إلى شخص مرفوض من الحراك اللبناني ومنبوذ من طائفته السنية أيضاً، الأمر الذي يطرح سؤالاً ملحاً، من طرح اسم الصفدي لتشكيل الحكومة اللبنانية وورطه في هذه الأزمة التي أثارت عليه الرأي العام حتى في عقر داره بطرابلس؟.
عندما طرح اسم الصفدي أو سرب في البداية، بدا أن هناك تلميحاً إلى أن هناك توافقاً بين حزب الله والتيار الوطني الحر عليه، ولكن سرعان ما جوبه برفض واسع من الحراك، انقلب لرفض أيضاً من تيار المستقبل والمحسوبين عليه وتحول الرجل من مرشح جزئي للحريري إلى مرشح يفرض بدلاً من الحريري الأمر الذي دفعه إلى الاعتذار عن التكليف، بل والقول إنه يزكي الحريري رئيساً للحكومة.
من طرح اسم الصفدي لتشكيل الحكومة اللبنانية؟
عن تسمية الصفدي يقول الصحفي والمحلل السياسي منير الربيع لـ"عربي بوست" إن الصفدي لطالما كان مرشح الرئيس اللبناني ميشال عون وصهره جبران باسيل وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر.
ورغم أن الرفض للصفدي كان متوقعاً وطبيعياً من الشارع الذي يريد إسقاط النخب القديمة ولكن هذا الرفض قد زادته التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية جبران باسيل صهر الرئيس عون، إذ بدا من حديث باسيل أن طرح اسم الصفدي هو من بنات أفكاره، وتحدث عن الإجراءات المرتبطة بالتكليف كأنه الرئيس.
علماً أن باسيل هو أكثر شخصية مرفوضة من الحراك اللبناني ومن الشارع اللبناني برمته، ويعد إخراجه من الحكومة مطلباً واضحاً من النشطاء.
لاحقاً، أوضح المكتب الإعلامي لباسيل، أن ما ورد منسوباً لم يكن نتيجة تصريح أعطاه الوزير، بل "نتيجة أجواء إعلامية على خلفية دردشة صحفية حول الأوضاع، وبالتالي فإن ما ورد يفتقد إلى كثير من الدقة في العناوين والتفاصيل".
في المقابل، علق مصدر سياسي مقرب من تيار المستقبل على تصريحات باسيل بأن الأخير "حدد موعد الاستشارات قبل أن يحددها رئيس الجمهورية.. وأعلن أنّ التشكيل سيتم سريعاً"، مشيراً إلى أن باسيل "يحاول ترميم وضعه على حساب صلاحيات الآخرين، وإذا أراد فعلاً أن يقدم خدمة للعهد ورئاسة الجمهورية ينبغي أن يطلب إجازة من الكلام".
لم تكن المحاولة الأولى للتخلص من الحريري
ويقول منير ربيع "عند احتجاز الحريري في السعودية من قبل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي عام 2017 حاول عون منذ اللحظة الأولى قبول استقالة الحريري (التي قدمها من الرياض عبر التلفاز) والسعي لتكليف الصفدي خلفاً له لكن رفض حزب الله الحريص على وجود الحريري على رأس الحكومة عطل هذا الاقتراح.
ويضيف الربيع أن عون وباسيل كانا يسعيان قبل اندلاع الثورة لتطيير الحريري لأنه بات يعطل اتفاق التسوية وهذا ما بدا جدياً في حادثة قبرشمون (حادث إطلاق نار على موكبي وزيرين في منطقة درزية) ووقوف الحريري إلى جانب جنبلاط بعد محاولات باسيل الدائمة لتطويق جنبلاط وتطويعه.
والحريري رد الصاع صاعين
وتؤكد مصادر خاصة لـ"عربي بوست" أن الحريري كان ينوي في البداية تشكيل الحكومة الجديدة لكنه اصطدم بتعنت باسيل الرافض للخروج من الحكومة، ما جعل عون وباسيل أمام خيار تسمية شخصية كالصفدي.
الأمر الذي تسرب للحريري الرافض في البداية لتسمية شخصية محسوبة عليه فاضطر حينها لقبول صيغة تسمية الصفدي، معولاً على تحالفه السابق معه أو سقوط تسميته في الشارع مما يضطر القوى السياسية بالعودة للحريري.
وتؤكد المصادر أن الحريري تعمد تسريب تسمية الصفدي في محاولة "لجس نبض الشارع" والذي تحرك مباشرة رافضاً تكليف الصفدي.
وتبع ذلك اجتماع رؤساء الحكومات السابقين والذين وضحوا في بيان صادر عنهم رفضهم القطعي لتمسية أي شخصية غير الحريري.
وبعد أن بدا في البداية أن الحريري موافق على ترشيح الصفدي، نفى رؤساء الحكومة السابقون، تمام سلام ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة نفوا المعلومات التي أشارت إلى موافقتهم علي الصفدي، وهو موقف لا يمكن أن يكون بعيداً عن الحريري، خاصة أن السنيورة يعد القيادي الأبرز في تيار المستقبل، وتمام سلام حليف وثيق للحريري، في حين أن ميقاتي يميل إلى إرضاء الحريري رغم المنافسة بينهما خوفاً من تعرضه للاتهام بتقسيم السنة.