عقد مجلس النواب الأمريكي أولى جلسات الاستماع العلنية بشأن تحقيق عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأربعاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني، وقد شهدت الجلسة الإدلاء بأول شهادةٍ علنية منذ تأييد فتح تحقيقٍ رسمي في المزاعم المقدمة ضد ترامب.
وأدلى وليام تايلور جونيور كبير دبلوماسيِّي الولايات المتحدة في أوكرانيا، وجورج كنت وهو مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية يتولى ملف السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا، بشهادتيهما في قضية ضغط ترامب على أوكرانيا للتحقيق في أنشطة نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، الذي يعد أحد منافسي ترامب السياسيين البارزين بالانتخابات المقبلة.
نستعرض هنا أبرز ما جاء في الجلسة، كما نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية:
اعتراف يعزز إقامة الحجة على ترامب
- شَهِد تايلور بأنَّ أحد موظفيه سمع بالمصادفة مكالمةً هاتفية ضغط فيها ترامب على جوردون سوندلاند، سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي، بشأن "التحقيقات". وبعد ذلك، حين سأل الموظفُ سوندلاند عن علاقة ترامب بأوكرانيا، قال سوندلاند إنَّ اهتمام ترامب كان مُنصَبّاً على "التحقيقات المتعلقة ببايدن".
- ويبدو أنَّ هذه التفصيلة الجديدة، التي ذكرها تايلور لأول مرةٍ أمس بعدما عرفها مؤخراً، عزَّزت جوهر حجة الديمقراطيين في تحقيق العزل. فهي تشير إلى أنَّ هوس ترامب بتشويه سمعة خصومه السياسيين دفعه إلى تفضيل مصالحه الخاصة على مصالح البلاد في تعامله مع أوكرانيا.
- وكان هذا أكبر كشف في جلسة الشهادة التي استمرت خمس ساعات، والتي تطابَق معظم ما جاء فيها مع ما قيل خلف الأبواب المغلقة.
مسؤولون يكافحون للحفاظ على معايير السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا
- قال "كِنت" للنواب إنَّ الجهود التي بذلها رودولف غولياني، محامي ترامب الشخصي، للضغط على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي من أجل فتح تحقيقات في أنشطة خصوم ترامب السياسيين- "تفسد علاقة الولايات المتحدة مع أوكرانيا في الوقت الحالي، وه ما يعزز رغبة الرئيس زيلينسكي في عقد لقاء بالبيت الأبيض".
- هذا ويتحجَّج الجمهوريون بأنَّ الإدارة سلَّمت ما يقرب من 400 مليون دولار من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا في النهاية، لكنَّ كِنت وتايلور أوضحا بالتفصيل كيف اختلطت هذه العملية بالجهود المبذولة داخل الإدارة لدفع زيلينسكي إلى إعلان فتح تحقيقات قد تفيد ترامب في حملته، التي يسعى فيها للفوز مرةً أخرى بالرئاسة الأمريكية.
- وتصدَّى "كنت" كذلك لمساعي بعض حلفاء الرئيس الأمريكي إلى انتقاد المسؤولين الأمريكيين الذين يخدمون في أوكرانيا، بحجة أنَّ "تلك الانتقادات قوضت المصالح الوطنية الأمريكية والأوكرانية، وألحقت ضرراً بعلاقاتنا الثنائية المهمة".
الجمهوريون أظهروا كيف يعتزمون الدفاع عن ترامب
- قدَّم الجمهوريون، من خلال محاميهم الرئيسي والأسئلة التي استجوبوا بها الشاهدَين، لمحةً عن الطريقة التي يعتزمون بها التصدي لأقوال مسؤولي الإدارة: إذ وصفوا الشاهدَين بأنَّهما موظفان بيروقراطيان لديهما أجندةٌ محددة وليسا على درايةٍ مباشرة بتصرفات الرئيس الأمريكي.
- وقد حرص الشاهدان على ذكر نبذة موجزة عن خلفياتهما السياسية، مشيرَين إلى أنَّهما خدما تحت قيادة رؤساء جمهوريين وديمقراطيين طوال سنوات خبرتهما الدبلوماسية، التي تصل مجتمعةً إلى 70 عاماً.
البيت الأبيض رفض السماح لمسؤوليه بالإدلاء بشهاداتهم
- سعى محققو مجلس النواب إلى الحصول على شهادة عددٍ من كبار المسؤولين الحاليين والسابقين في الإدارة، ومن ضمنهم ميك مولفاني القائم بأعمال رئيس موظفي البيت الأبيض، وجون بولتون مستشار الأمن القومي السابق، وراسل فوت القائم بأعمال رئيس مكتب الإدارة والميزانية. لكنَّ البيت الأبيض أمر هؤلاء المسؤولين بالامتناع عن الإدلاء بشهاداتهم، وقال الديمقراطيون إنَّهم لن يخوضوا معارك قانونية مطوَّلة لدفع هؤلاء المسؤولين إلى الامتثال لأوامر استدعاء الكونغرس.
- وقد أتاح ذلك فرصةً للجمهوريين لمهاجمة الشاهدَين، لأنهما ليسا على درايةٍ مباشرة بدوافع ترامب، والسبب الذي أدى إلى حجب المساعدات.
الديمقراطيون أظهروا أنَّهم تعلَّموا من جلسات الاستماع السابقة التي كانت تحقق في سلوك الرئيس
- كانت الجلسة معاكسة تماماً للجلسات التي عقدها الديمقراطيون للاستماع إلى روبرت مولر، المستشار الخاص الذي حقق في التدخل الروسي بانتخابات عام 2016، وكوري ليفاندوفسكي أحد مساعدي ترامب السابقين. كان ذلك حسب التصميم.
- إذ تعمَّد النواب ترك مسؤولية الترافُع في الساعات الأولى من الشهادة، لمحاميهم، وهو ما يسمح للمحامين المدرَّبين من كلا الجانبين باتباع نهجٍ موضوعي في الاستجواب على جولاتٍ مطولة، بدلاً من المرافعات الانفعالية السريعة التي عادةً ما يؤديها النواب، الذين كثيراً ما يستخدمون وقتهم في إقامة الحجج السياسية.
- وحافظ النائب آدم شيف، رئيس لجنة الاستخبارات، على ضبط أجواء جلسة الاستماع، ومنع معظم التدخلات الاعتراضية من الجمهوريين، وتصدَّى بسرعةٍ لمحاولاتهم سماع مزيد من المُخبِر الذي كان أول من أثار القلق بشأن سلوك الرئيس.
- وكذلك كان الشاهدان تايلور و "كِنت" أكثر استعداداً للإجابة عن الأسئلة التفصيلية، ولم يخجلا من تقديم آرائهما وملاحظاتهما.
آراء النواب يبدو أنَّها لن تتغير
- كان التصويت المبدئي في مجلس النواب على بدء التحقيق حزبياً بدرجةٍ صارخة، إذ انقسم بين مؤيدين ديمقراطيين ورافضين جمهوريين، باستثناء نائبين ديمقراطيَّين انضما إلى الجمهوريين في رفض التحقيق. وعلى الرغم من الكشف الجديد الذي ظهر يوم الأربعاء، لم يُبدِ أحدٌ من النواب أي تغيير في موقفه بشأن فكرة عزل ترامب.
- إذ خرج نوابٌ من كلا الحزبين من الجلسة، قائلين إنَّها عزَّزت حجج حزبهم. فالنائب جيم جوردان، وهو جمهوريٌّ عن ولاية أوهايو، والذي انضم إلى لجنة الاستخبارات للمشاركة في تحقيق العزل، قال إنَّه "يومٌ جيد للحقائق، ويوم جيد لرئيس الولايات المتحدة".
- وبعد ذلك بدقائق، قال شيف للمراسلين إنَّ الشاهدَين أوضحا وجود قناةٍ مارقة في تولِّي شؤون السياسة الخارجية داخل الإدارة، "حاول السيد ترامب من خلالها تعزيز مصلحته السياسية والشخصية على حساب الأمن القومي للولايات المتحدة".