معركة أخرى تقودها النساء اللبنانيات في التظاهرات الأخيرة التي تعم البلاد منذ نحو شهر كامل، وهي الحصول على الكثير من حقوقهن التي تراها مسلوبة بحسب تقرير.
خلال الاحتجاجات التي أدت إلى استقالة سعد الحريري، خرجت النساء يهتفن ويغلقن الطرقات، ويناقشن المستقبل السياسي للبلاد.
وإحدى وقائع الاحتجاجات اللبنانية التي حققت أعلى نسبة مشاهدة، كانت لامرأة تركل الحارس الشخصي لوزير التعليم أكرم شهيب. وانتشر مقطع الفيديو الذي سجَّل الواقعة بقوة وأصبح رمزاً للمقاومة.
ومساء الأربعاء، 6 نوفمبر/تشرين الثاني، خرجت النساء إلى شوارع العاصمة بيروت يهتفن: "يا سلطة الذكورية، حقوق المرأة ليست هامشية"، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
المرأة اللبنانية والمجتمع المدني
وعلَّقت رند حمنود، النشاطة الحقوقية في العاصمة بيروت: "نساء لبنان لا يخشين النزول إلى الشوارع. لم نَخَف عندما ألقي الغاز المسيل للدموع علينا، ولن نخاف عندما نطالب بحقنا في تقرير مستقبل لبنان. لطالما اضطلعت الكتلة النسوية بدور مهم في المجتمع المدني اللبناني".
وحتى بمعزل عن الأضواء، تأخذ النساء على عاتقهن المهام التقليدية لتحقيق مقاصد الثورة. فمثلاً، استخدمت فايلسا نفر، البالغة من العمر 54 عاماً وهي من قضاء الشوف الذي يبعد نحو ساعة من العاصمة، مطبخها الصغير لتحضير الطعام لمئات المحتجين الجائعين.
وقالت: "المتظاهرون في الشوارع يؤدون واجبهم من أجل بلدنا؛ فهم يعملون ليل نهار لتحويل أحلامنا إلى حقيقة. لذا كنت بحاجة لفعل شيء ما. لا يمكن لأي شخص أن يجلس مكتوف اليدين من دون تقديم المساعدة".
وبمساعدة صديقاتها وزوجها، أمضت فايلسا ليلة كاملة الأسبوع الماضي تُحضِر 200 طبق من المجدرة، وهو طبق لبناني تقليدي يُطهَى من العدس. وتقول: "تملأني روح التعاون، ولا يصيبني التعب أبداً، بسبب السعادة التي تغمرني لأنني أساعد الآخرين. أنا أفعل ذلك من أجل لبنان".
وتعاونت كذلك فايلسا مع شقيقتها لإحضار الخيام للمحتجين الذين يملأون شوارع لبنان، بالرغم من هواء شهر أكتوبر/تشرين الأول البارد. وتقول فايلسا: "غداً، سأحضِّر الحساء للمحتجين؛ فذلك سيدفئهم ويمنحهم الفيتامينات اللازمة".
معاناة اللبنانيين في الاحتجاجات
وقوبلت مشاركة المرأة في الخطاب السياسي ببعض الهجوم، وهو ما كان شبه متوقع؛ إذ سعت بعض التغطية الإعلامية للاستخفاف بجهود المرأة من خلال وصف المتظاهرات بأنهن مجرد "وجوه جميلة" وسط الحشود. إضافة إلى ذلك، شنَّ أنصار الحريري حملات لمنع الناشطات والصحفيات والمتظاهرات من الإبلاغ عن الممارسات العنيفة للسلطات في جميع أنحاء لبنان.
من جانبه، قال علي السباعي، المستشار بمنظمة SMEX غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان والمنصات الرقمية: "رصدنا حالات لتبليغ المستخدمين المؤيدين للحكومة عن أنشطة المحتجين على الإنترنت للتسبب بتعليق حساباتهم وإزالة المحتوى المنشور من وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا أمر خطير؛ لأنه شكل من أشكال الرقابة المارقة على ما يحدث على الأرض. لقد تعاملنا مع 30 حالة عاجلة في جميع أنحاء الاحتجاجات، ونحو 70% من المُبلَّغ عنهم هم من النساء".
واتُّهِم الرجال أيضاً بالكشف عن البيانات الشخصية للنساء؛ مثل أرقام هواتفهن، لتشجيع التحرش.
وفي هذه الأجواء، يأمل كثيرون أن تؤدي الاحتجاجات إلى إصلاحات في نظام قانوني يشعر الكثيرون بأنه يسمح بثقافة التمييز ضد المرأة في لبنان.
وقالت رند حمنود: "لا ينص القانون على تعريف محدَّد للتحرش الجنسي، ولا يجرمه بما يتناسب مع المعايير الدولية. وجميع القوانين التي تخاطب الزواج والطلاق وحضانة الأطفال دائماً ما تحكم لصالح الرجال".
وأضافت: "استقالة رئيس الوزراء ليست النهاية، بل هي مجرد بداية لإحداث ثورة في النظام اللبناني بأكمله الذي يفتقر للعدالة".