قال موقع راديو كندا، إن السعودية تواجه مشاكل في تسديد قيمة شراء مدرعات كندية، مضيفة أن تأخرها في الدفع يثير الكثير من الأسئلة، التي تعيد هذا الملف إلى مقدمة الاهتمامات ودائرة الضوء في كندا، وهو الأمر الذي لا تزال تحاول حكومة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو التملص منه.
من كان يتوقع أن تواجه مشكلة في سداد فواتيرها؟
يقول خبراء كنديون إن الأزمة الدبلوماسية السعودية الكندية قد تكون مسؤولة جزئياً عن التأخر في سداد المستحقات. وتظهر النتائج المالية للربع الأول من العام لشركة "جنرال دايناميكس" أن الرياض لا تزال مدينة بحوالي 3.4 مليار دولار كمتأخرات عن دفع صفقة شراء المركبات المدرعة الكندية التي أُنتجت في فرع الشركة بكندا في أونتاريو.
من جانبه، شدد الأستاذ المساعد والخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة أوتاوا، توماس جونو، على "عدم الاكتفاء بالبدء في البحث في هذا الملف، فمن الضروري أن تكون في وضع إدارة الأزمات. إننا نتحدث عن مبلغ ضخم من المال".
تندرج عملية البيع في إطار الصفقة المثيرة للجدل والتي تبلغ قيمتها 15 مليار دولار والتي جرى التفاوض عليها في ظل حكومة ستيفن هاربر المحافظة والتي وافق عليها جاستن ترودو لاحقاً.
ويُعَدُّ سجل المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان هو أحد أسوأ السجلات في العالم. وإذا استمر هذا الأمر على هذا المنوال، فغالباً ما ستتغير صورة السعودية المرتبطة ببلد يتمتع بوفرة وتدفق الأموال.
كندا ليست وحدها.. السعودية مدينة لكثيرين
يقول راديو كندا، إن هذه الأموال المستحقة ليست فقط من حق كندا. حيث أجلت الحكومة السعودية دفع مليارات الدولارات للشركات الغربية على أمل احتواء مشاكل ميزانيتها. وانخفاض أسعار النفط يجعل مصير أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم أمراً صعباً.
وتتوقع الدولة الخليجية عجزاً بقيمة 50 مليار دولار في العام المقبل، وسيكون هذا هو العجز السابع على التوالي. وبالتالي تراجعت احتمالات النمو في المملكة العربية السعودية باستمرار، على الرغم من وجود أجندة إصلاح طَموحة.
وكانت الصفقة التي تخطت 3 مليارات دولار فعلياً أقل من هذا الرقم مرتين خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك وفقاً لشركة التجارة الكندية. وتُعد الشركة هي الوكالة الفيدرالية التي تعمل كوسيط في هذا النوع من المعاملات. ولجأت شركة جنرال دايناميكس إلى أوتاوا للحصول على مستحقاتها فتلك الصفقة وُقعت بين حكومة وأخرى.
وتابع جونو قائلاً: "في أفضل الأحوال، ستدفع المملكة العربية السعودية المال مع مرور الوقت، لكنه سيكون طويلاً".
إذن ما الذي تخططه أوتاوا حيال ذلك؟ هل سيكون دافعو الضرائب مسؤولين عن تكاليف الفوائد والرسوم المتأخرة؟ هل الرصيد المستحق أكبر حالياً من الرصيد الوارد في التقرير ربع السنوي لشركة جنرال دايناميكس؟ هذه الأسئلة لا تزال بحاجة إلى إجابة.
القضية تثير الرأي العام الكندي
ومن جانبها، أعلنت وزارة الشئون الدولية الكندية إنه نظراً للطبيعة السرية للعقود التجارية، لا يمكن لحكومة كندا الكشف عن مزيد من التفاصيل عنها أو إدارة المؤسسة التجارية الكندية.
سيكون من تبسيط الأمور اعتبار الصعوبات المالية في الرياض هي السبب الوحيد لتراكم المتأخرات. والعامل الثاني الذي يتعلق بتلك المسألة هو الأزمة الدبلوماسية السعودية الكندية.
أضاف جونو: "أجد صعوبة في الاعتقاد بأن سياق العلاقات الثنائية مع المملكة السعودية ليس مسؤولاً جزئياً على الأقل عن هذه المدفوعات المتأخرة".
وتشاحنت الدولتان في أغسطس/آب عام 2018، حيث حثت وزيرة الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، النظام السعودي على "الإفراج الفوري" عن الناشطات في مجال حقوق المرأة المسجونات في أعقاب موجةٍ من الاعتقالات.
لم تستوعب الرياض هذا التوجيه، وطردت السفير الكندي وأعلنت الانتقام الاقتصادي. يضيف جونو أن "المملكة السعودية تتأخَّر في الدفع، وهو ما يتماشى تماماً مع السياسة السعودية العامة مع كندا".
باختصار، في هذا السياق من الجمود الدبلوماسي، قد يكون مبلغ 3.4 مليار دولار غير المدفوع بمثابة "نقطة ارتكاز" للمملكة ضد كندا، التي تُعَدُّ "قدرتها التفاوضية محدودة للغاية".
صمت 17 سبتمبر/أيلول
كان يوم ثلاثاء، في بداية الحملة الانتخابية. في 17 سبتمبر/أيلول، حققت كندا هدف سياستها الخارجية. كانت قد انضمت رسمياً إلى معاهدة تجارة الأسلحة برعاية الأمم المتحدة.
وكان من المفترض أن يكون هذا الأمر مصدر فخر لحكومة ترودو بيد أنه تم تجاهله والتعتم عليه. فلم تصدر كلمة من رئيس الوزراء، ولا بيان من وزارة الخارجية الكندية، وكانت الوزيرة كريستيا فريلاند، حريصة على عدم ذكرها.
وفي الجهة المقابلة، هل يمكن أن تُسلط الأضواء تلقائياً على المركبات المدرعة والمملكة العربية السعودية إبان الحملة الانتخابية؟ وتعهدت الدول الموقعة على معاهدة تجارة الأسلحة بتجنب عمليات نقل الأسلحة إلى الدول وقوات الأمن التي قد تستخدمها لانتهاك حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
ومع ذلك، بعثت مجموعة من المنظمات غير الحكومية المعنية بالمساعدة الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان مؤخراً برسالة إلى رئيس الوزراء جاستين ترودو، تشير إلى أن بيع المركبات المدرعة يتناقض مع هذه المعاهدة.
وجاء في جزء من الرسالة أن المساعي الحميدة التي تبذلها كندا لتنفيذ المادة 7 من معاهدة تجارة الأسلحة محل تساؤل كبير إذا تواصلت الصادرات بمجرد أن تصبح هذه المتطلبات القانونية ملزمة.
يقول موقع راديو كندا، إنه مر أكثر من 12 شهراً منذ تعهد حكومة ترودو بمراجعة صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. جاء هذا الإعلان بعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا. ولا يوجد نتيجة حتى الآن حول دراسة السماح بالتصدير المتعلق بالصفقة التي تقدر قيمتها بـ 15 مليار دولار.
وتمكن جاستن ترودو والليبراليون من القيام بحملة انتخابية دون قلق بشأن ملف المركبات المدرعة. لكن فترة ولاية ثانية لترودو تبدأ. وبالنظر إلى مبلغ 3.4 مليار دولار في الرصيد غير المدفوع، والصمت حول هذا الأمر وكذلك على انضمامه للمعاهدة الدولية، فإن تلك المسألة الشائكة قد تتعمق أكثر فأكثر.