حدث أول إرسال للمعلومات في تاريخ الإنترنت من خلال شبكة وكالة مشاريع الأبحاث المتطورة ARPANET، وهي من أولى شبكات نقل البيانات الحاسوبية في العالم. وكان ذلك عندما اتصل حاسوبان في 29 أكتوبر/تشرين الأول عام 1968، وأرسل كلٌّ منهما إلى الآخر "LO". كان الغرض الأساسي أن يرسلا "Logon"، لكن الشبكة فشلت في منتصف العملية.
يقول موقع El Mundo الإسباني إن الغرض هنا ليس أن نتذكر هذا الحدث المهم، بل إننا نتحدث عن بقية المراحل التي حددت إلى حد كبير، الكيفية التي نتواصل بها اليوم والتي من دونها كان من الممكن جداً أن تكون طريقة قراءة هذه المقالة في إحدى الصحف مختلفة تماماً.
يوجد اليوم على شبكة الإنترنت بالفعل أكثر من 7.4 مليار شخص متصلين بالإنترنت.
1- إنشاء البريد الإلكتروني (1972)
قبل تطبيق WhatsApp، وقبل Messenger القديم من إنتاج Microsoft، كان الأشخاص العاديون يتواصلون عبر البريد الإلكتروني، ويرجع ذلك بالغالب إلى عدم وجود طريقة أخرى في ذلك الوقت.
ليس الأمر كأننا لا نفعل ذلك اليوم، ولكن من النادر جداً أن تكتب رسالة إلى والديك عن طريق البريد الإلكتروني لإخبارهما بشيء ما.
كان راي توملينسون هو الشخص الذي أنشأ البريد الإلكتروني كما نعرفه، وكان أيضاً صاحب فكرة تقسيم عنوان البريد الإلكتروني الرقمي إلى جزأين باستخدام علامة (@)، لتحديد النظام الذي ينتمي إليه.
ومن دون توملينسون، لم تكن الاتصالات الشخصية عبر الإنترنت ستكون هي نفسها في المراحل الأولى من شبكة ARPANET وشبكة الإنترنت: سريعة وبسيطة وآمنة نسبياً. حسناً، ليس كثيراً.
2- كلمات المرور (1978)
على الرغم من أننا نستخدم اليوم كلمات المرور وبروتوكولات الأمان الأخرى لأي شيء تقريباً، فإنه حتى أواخر سبعينيات القرن العشرين، لم يكن الأمر كما هو الآن.
كان الأمر مختلفاً حتى اخترق بعض الطلاب شبكة ARPANET في عام 1973، وتسللوا إلى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، التي لم يكن مسؤولوها قد وضعوا بعدُ بروتوكولات التشفير التي تُبقي أنظمتها في أمان من المتسللين غير المرغوب فيهم.
ومن المفارقات أن هذا شيء لم يكن يعجب ضباط المخابرات الأمريكية، المسؤولين في النهاية عن الشبكة العسكرية، ولكن في النهاية سادت أعمال عالِمي الحاسوب فينت سيرف وروبرت خان.
من دون عملهما، لم تكن ستضطر إلى تذكُّر عدة كلمات مرور لكل خدمة تستخدمها، ولولاهما ما كان للشبكات الخاصة الافتراضية (VPN) أو الشبكات الخفيّة مثل Tor مكان في عصرنا اليوم. فقد كان هذا الإجراء جوهرياً لجعل الإنترنت آمناً، وفي الوقت ذاته يمكن الوصول إليه.
3- ولادة "الإنترنت" الذي نعرفه (1974)
حتى الآن، لم نتحدث عن الإنترنت نفسه، لأنه حتى عام 1974، لم يكن الأمر هكذا؛ بل كان شبكة عسكرية مغلقة تستخدمها مؤسسات أخرى استخداماً آنياً.
ومرة أخرى، طوَّر فينت سيرف وروبرت خان، بروتوكول اتصالات يُعرف باسم TCP، سمح لعدة شبكات بفهم بعضها بعضاً، رغم عدم وجودها على "العقدات" نفسها، وهي نقاط إعادة توجيه لتلقي وتشكيل وتحويل المعلومات الواردة من خلالها. وكانت هذه هي الطريقة التي وُلد بها الإنترنت حقاً.
لم تُعتمد حزمة بروتوكولات الإنترنت TCP / IP اعتماداً رسمياً حتى عام 1983، ولكن حتى اليوم ما زالت تُستخدم في جهازك الحاسوبي وهاتفك المحمول، لتحديد موقعك ومنحك إمكانية الوصول إلى بقية الشبكة. لا يهم ما إذا كنت تستخدم شبكة واي فاي أو شبكات الجيل الخامس، فأنت لا تزال في حاجة إليها للعمل بشكل جيد.
4- إنشاء الشبكة العنكبوتية العالمية WWW (عام 1990)
كانت الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب) أحد اختراعات تيم بيرنرز لي وروبرت كايلو وفريقه CERN (المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية)، الذين كانوا يحاولون التوصل إلى وسيلة لتوصيل أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم بعضها مع بعض، وقد وضعوا بالفعل أسس شبكة المعلومات العالمية التي ينتمي إليها موقعنا وأي موقع آخر.
أساس WWW هو النص التشعبي أو النص الفائق (Hypertext)، وهذا يبدو قديماً للغاية اليوم، لكنه مفهوم لا يزال أساساً للإنترنت إلى حد كبير؛ فما تقرأه في صفحة واحدة يمكن أن يؤدي إلى صفحة أخرى، وهذا بدوره يؤدي إلى صفحة أخرى، ومنها إلى غيرها؛ ومن ثم تنشأ شبكة ويب يُخزَّن فيها جميع المحتوى الرقمي.
5- MOSAIC أول متصفح إنترنت (1993)
للوصول إلى هذه الصفحات السالف ذكرها بشكل صحيح، تحتاج شيئاً للقيام بذلك. وهذا تحديداً هو الموضع الذي يحين عنده دور متصفحات الإنترنت. قبل متصفحي Chrome أو Internet Explorer، كان هناك متصفح Netscape، وقبله بكثير كان هناك Mosaic، وهو أول متصفح في العالم، كان نتيجة جهود مارك أندرسن وزملائه الآخرين في جامعة إلينوي بالولايات المتحدة الأمريكية.
جمع Mosaic بين عناصر نصية ورسومات بسيطة، لجعل تصفح الويب أسهل بكثير.
6- ولادة شركة جوجل (1998)
ذلك هو المكان الذي يذهب إليه جميع المتصفحين الباحثين عن شيء ما على الإنترنت. لم تكن جوجل الأولى، ولكنها كانت التي وصلت إلى عدد أكبر من الأشخاص بصورة أسرع، وهي التي سادت في النهاية، لدرجة أنها حتى اليوم لا تزال أساساً جوهرياً للطريقة التي نستخدم بها الإنترنت.
وُلد مشروع Google في مرآب لطالبَين من جامعة ستانفورد يتشاركان غرفة النوم: وهما لاري بيج وسيرجي برين.
غير أنه في البداية لم يكن يطلق عليه Google، بل BackRub، الذي كان أقل جاذبية.
وخلال سنوات قليلة، انتقلت أوجه التقدم في الإنترنت من الاعتماد على الهيئات العامة، مثل المنظمات العسكرية أو النووية أو الطلاب الجامعيين، إلى الشركات الخاصة.
7- فقاعة الإنترنت الاقتصادية (1997-2001)
هذا هو ما أدى إلى ما يسمى أزمة dotcom. مع انتشار صفحات الويب والشركات المرتبطة بها، بدأ وصول مستثمري القطاع الخاص. أصبح الأمر خارج نطاق السيطرة قليلاً. على الرغم من أن القيمة السوقية لعديد من الشركات التي وُلدت من الإنترنت ومن أجله لم تتوقف عن النمو، فإن قيمتها الحقيقية لم تكن كذلك.
وبعد وقت قصير، وخلال سنوات قليلة، أفلست كثير منها بعد بضع سنوات، نتيجة للثقة بصناديق التمويل الانتهازية، من أجل تمويل المشاريع المشكوك في تحقيقها الربحية.
8- فيسبوك (2004)
تنطبق قصة الطالب الذي يخترع شيئاً ما بغرفة نومه ويصبح مليارديراً في وقت قصير على مارك زوكربيرغ، بل قد يكون مخترع فيسبوك نموذجاً لهذه الحالة النادرة.
بدأت هذه الشبكة الاجتماعية في البداية باسم The Facebook، لكي يجمع طلاب جامعته. لكنها كانت أول شبكة اجتماعية كبرى تنجح حقاً، بعد MySpace، التي لو لم تغرق لكان بإمكانها أن تحل محل فيسبوك بشكل مثالي في هذه القائمة.
لو لم يبع توماس أندرسون موقعه MySpace، فلربما ما كان هناك الآن أي بحث حول ما إذا كان فيسبوك يتسبب في مشكلات للمجتمع أم لا.
9- تحميل الفيديو الأول على موقع يوتيوب (2005)
لا يمكن تخيُّل عالم الإنترنت في عام 2019 من دون فيسبوك، وكذلك من دون يوتيوب، الذي تملكه حالياً شركة جوجل. ولكن في عام 2005، عند إنشائه، كان مشروعاً خاصاً لثلاثة شباب، وهم ستيف تشين وجاويد كريم وتشاد هيرلي، الذين أرادوا تحميل ومشاركة مقاطع الفيديو بسهولة على الإنترنت.
لم يكن يوتيوب أول موقع إلكتروني يخزن مقاطع الفيديو على الإنترنت، لكنه كان الموقع الذي أدى إلى نشر هذه الفكرة وجعل الشباب اليوم يستخدمونه أكثر من التلفزيون التقليدي. في كل الأحوال، تغيرت الطريقة التي نستهلك بها المحتوى السمعي البصري بسبب يوتيوب.
وبينما حقق كثيرون شهرتهم قبل ذلك من خلال الأفلام والتلفزيون، فكثيرون الآن يصبحون مشاهير بسبب يوتيوب.
10- أبل تطلق أول هاتف آيفون (2007)
تُستخدم كثير من المحتويات السابقة على الهاتف المحمول، وهو أمر كان يعود فيه فضل كبير إلى شركة أبل. لم تخترع الشركة فكرة الهاتف الذكي ولم تكن أول من امتلك تطبيقات، لكن آيفون كان العنصر الذي غيّر طريقة استهلاكنا للإنترنت اليوم، والذي كان بمثابة نقطة انطلاق لبقية شركات تصنيع الأجهزة المحمولة.
بعد ما يزيد قليلاً على عشر سنوات، انتقلنا من استهلاك محتوى الإنترنت على جهاز كمبيوتر إلى استهلاكه عبر هاتف نحمله في جيبنا.
ويجب ألا ننتقص من مزايا الهواتف الذكية، لأنه رغم أننا لا نزال نستخدم متصفحات الإنترنت لاستهلاك المحتوى، تفرض التطبيقات -وهي بيئات أكثر انغلاقاً- نفسها بوصفها وسيلة للاتصال بالإنترنت. ربما يتعارض هذا قليلاً مع المفهوم الأصلي لشبكة الإنترنت، ولكن هكذا أصبحت الأمور بعد 50 عاماً من الإنترنت.