هل تنجح شعبية قيس سعيد في احتواء الفرقاء السياسيين؟ تحركات مكوكية داخل قصر قرطاج لتشكيل الحكومة

شهد قصر قرطاج خلال الأيام الأخيرة حراكاً سياسياً كبيراً، تمثَّل في استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد كلَّ الأحزاب ورؤساء القائمات الائتلافية

عربي بوست
تم النشر: 2019/10/30 الساعة 13:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/30 الساعة 13:35 بتوقيت غرينتش
الرئيس التونسي قيس سعيد

شهد قصر قرطاج خلال الأيام الأخيرة حراكاً سياسياً كبيراً، تمثَّل في استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد كلَّ الأحزاب ورؤساء القائمات الائتلافية الممثلة في البرلمان المقبل بشكل متتابع، في إشارة إلى دور محوري قد يلعبه الرئيس الجديد في المشهد السياسي وتكوين الحكومة.

ورغم أنَّ كل الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية قبلت الدعوة للقاء سعيد في قصر قرطاج، فإنه كان لافتاً رفض "الحزب الدستوري الحر" هذه الدعوة، مبرِّراً قراره على لسان رئيسة الحزب عبير موسى بأن "هذه المصافحة الأولى مع الرئيس سابقة لأوانها، في ظل عدم إعلانه عن تشكيلته وفريقه الرئاسي، وعدم تكليفه رسمياً لحركة النهضة بتشكيل الحكومة".

شخصية اعتبارية

من جهته أكد القيادي في حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، أنَّ دعوة رئيس الجمهورية للقاء قادة وممثلين عن الأحزاب الممثلة في البرلمان المقبل تباعاً، ووفقاً لترتيب عدد المقاعد، كان "بادرة جيدة تستحق الإشادة والاستحسان من قيس سعيد، للتعرُّف عن كثب على مختلف مكونات المشهد السياسي، وتقديم نفسه كرئيس للتونسيين جميعاً دون استثناء".

وأضاف الشواشي أن إمكانية أن يلعب قيس سعيد دوراً في تشكيل الحكومة الحالية "سابق لأوانه"، على حد تعبيره. وفسَّر ذلك بأن نتائج الانتخابات التشريعية النهائية لم تُعلن بعد، في انتظار إعادة الانتخابات الخاصة بدائرة ألمانيا.

وأوضح أن لقاء سعيد برئيس الحزب محمد عبو لم يتطرّق لتشكيل الحكومة بشكل أساسي، لكنه "كان مصافحة أولى هنأت فيها الأحزاب الرئيس المنتخب، وتعرف فيها رئيس الجمهورية على توجهات ومكونات البرلمان المقبل"، على حد وصفه.

وأضاف الشواشي أنَّ رئيس الجمهورية يتمتع الآن بحزام شعبي كبير، يمكن أن يستثمره للعب دور مستقبلي مهم في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين.

وتابع أنه إذا نجح سعيد في تقديم نفسه كرئيس يحترم القانون والدستور، ولا يخضع لغير علوية القانون، فسيحظى بحزام سياسي يدعمه ويدعم مبادراته، وحتى يكون شخصية اعتبارية يمكن العودة إليه لتجاوز الخلافات وتقريب وجهات النظر بين الأحزاب ومكونات المشهد السياسي.

توافق مع النهضة

وفي سياق متصل أوضح القيادي في حركة النهضة، الحبيب خضر، أنّ لقاء الرئيس قيس سعيد برئيس الحركة راشد الغنوشي وقيادات عدد من الأحزاب الأخرى "كان فرصة لتوضيح عدد من النقاط حول مستقبل العلاقة بين رئيس الجمهورية وعدد من المبادرات، التي أعلنت مؤخراً فيما يتعلق بتشكيل الحكومة".

وأضاف خضر أن ما رشح على الأقل من اجتماع سعيد بالغنوشي، هو أنه لا علاقة لرئيس الجمهورية من قريب أو بعيد بمبادرة "حكومة الرئيس"، التي أعلنت عنها حركة الشعب، والتي تفوض رئيس الجمهورية انطلاقاً من القاعدة الشعبية والسياسية الكبيرة، بأن يقترح شخصية غير متحزبة لرئاسة الحكومة.

وتابع القيادي في حركة النهضة أنّ رئيس الجمهورية جدَّد دعمه لتكوين حكومة تُبنى على برنامج واضح الملامح والأهداف، وعلى أن تكون تركيبتها وفق الكفاءة، وبعيداً عن المحاصصة الحزبية، و "هو ما يتوافق مع رؤية حركة النهضة للمرحلة المقبلة"، على حد تعبيره.

كان فوز قيس سعيد بالرئاسة مفاجأة كبيرة
كان فوز قيس سعيد بالرئاسة مفاجأة كبيرة

الرئيس "الفرصة"

رئيس "حركة الشعب" زهير المغزاوي، أكد من جهته على أن رئيس الجمهورية تطرَّق خلال لقائه بقيادات الأحزاب التي دعاها لقصر قرطاج إلى مسألة تشكيل الحكومة، حيث جدَّد حرصه على تهيئة كل الظروف الملائِمة، وتجاوز كل الخلافات، بهدف تكوين حكومة جديدة في أقرب الآجال، ووفق المواعيد الدستورية.

وشدَّد المغزاوي على أهمية دور رئيس الجمهورية في هذه المسألة، مؤكداً أنّ "حركة الشعب" متمسكة بمبادرة "حكومة الرئيس"، لأنها تعتقد أن التوافق الشعبي والسياسي الكبير حول قيس سعيد هو فرصة يجب استثمارها لتكوين الحكومة، وتجاوز مطبات الخلافات السياسية، خاصة أن تشكيل الحكومة لن يكون مسألة سهلة، في ظلّ تشتت التمثيل الحزبي في البرلمان، حسب وصفه.

وتابع المغزاوي "هذه رؤيتنا التي نعتقد أنها الطريق الأسلم للمرور لتأسيس ملامح المشهد السياسي المقبل، وإذا كانت الأحزاب الأخرى ترى عكس ذلك فعليها أن تتحمل تبعات اختياراتها".

واختتم حديثه قائلاً: "ما تؤكده حركة الشعب هو أنه سيكون لقيس سعيد دور محوري ومستقبلي فاعل في العملية السياسية، إذا كانت هناك إرادة سياسية قوية من بقية شركائنا السياسيين".

رسائل الرئيس

من جهته استبعد المحلل السياسي علي القاسمي تدخل رئيس الجمهورية في تكوين وتشكيل الحكومة، لأنها لا تدخل ضمن صلاحياته الدستورية.

لكنه أوضح أنه يمكن لقيس سعيد لعب دور مرجعي واعتباري في تقريب وجهات النظر، خاصة بين الفرقاء السياسيين والأحزاب المعنية بتشكيل الحكومة. 

وأضاف أنه لا يمكن المرور على إقالة وزيري الدفاع والداخلية وهما ضمن مجال صلاحياته، مرور الكرام، لأنها كانت رسالة واضحة من رئيس الجمهورية للضغط في اتجاه ضرورة تشكيل حكومة جديدة في أقرب المواعيد، وخاصة أنه لن يتوانى عن تطبيق القانون وممارسة صلاحياته التي يخولها لها الدستور.

علامات:
تحميل المزيد