هل يستقيل عادل عبدالمهدي رئيس وزراء العراق؟، وما الذي دفع عبدالمهدي للتراجع عن الاستقالة في اللحظات الأخيرة، وهل خرج فائزاً من المظاهرات الأخيرة؟
فقد أفادت تقارير بأن عبدالمهدي كان يفكر في تقديم استقالته بعد مطالبة المتظاهرين وخاصة بعدما انضم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لهذه المطالبات بعدما كان يقول إنه يدعم عبدالمهدي، في المقابل لماذا يتمسك الحشد الشعبي باستمرار عبدالمهدي في منصبه؟.
ورغم التقارير التي تفيد بتراجعه عن الاستقالة فإن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي قد يتنحى عن الحكم بالفعل ويقدم استقالته من منصبه، إذا لم تلتزم الكتل السياسية بالتعديل الوزاري وإجراء تحقيق بحادثة الاعتداء على المتظاهرين، حسبما وعدته في اجتماع مصيري انصاع فيه لضغوطها عليه بعدم الاستقالة مقابل عدد الشروط التي طرحها.
يأتي ذلك في وقت وجهت حركة عصائب أهل الحق اتهاماً مباشراً للسفارة الأمريكية والشركات الأمنية الأجنبية العاملة بالعراق بالتورط في حادثة قتل وقنص المتظاهرين في العاصمة بغداد.
وتفاقمت الأزمة السياسية في العراق، إثر استخدام العنف لقمع احتجاجات بدأت مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري في العاصمة العراقية بغداد تطالب بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى المحافظات العراقية الأخرى.
وراح ضحية المظاهرات أكثر من 120 قتيلاً، فضلاً عن إصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، بعد أن استخدمت القوات الحكومية العنف المفرط ضد المحتجين.
عبدالمهدي يتريث عن استقالته بعد اجتماع سياسي
طلبت الكتل السياسية وتحالف الفتح الجناح السياسي للحشد الشعبي من رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي التريث بعد محاولته التنحي من المنصب وتقديم استقالته، بحسب مصدر في مكتب رئيس الحكومة العراقية.
ويقول المصدر غير المخول بالتصريح لـ"عربي بوست"، "بعد أن أعلن مكتب رئيس الوزراء وجود خطاب رسمي مهم موجه للشعب العراقي بعد منتصف ليلة الجمعة، 3 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، سارعت الكتل السياسية بعقد اجتماع مع عبدالمهدي بحضور بعض القادة السياسيين من ضمنهم الجناح السياسي للحشد الشعبي بحضور أبو جهاد ممثل الحشد في مكتب رئيس الوزراء".
ويضيف أن "الكتل والقيادات السياسية طلبت من عبدالمهدي خلال الاجتماع التريث في تقديم استقالته أو تأجيلها إلى إشعار آخر، على اعتبار أن الأوضاع السياسية والأمنية غير مستقرة في البلاد".
ما هي الشروط التي فرضها عبدالمهدي على الكتل السياسية خلال الاجتماع؟
وأوضح المصدر، أن "عبدالمهدي وافق على طلب القيادات السياسية بتاجيل استقالته بشروط أبرزها.
- إجراء تعديل وزاري في الحكومة.
- إجراء تغيير في مناصب بعض القيادات الأمنية في وزارتي الداخلية والدفاع.
- تشكيل لجنة تحقيق بالاعتداءات على المتظاهرين وعدم تدخل المسؤولين في قراراته".
وقال المصدر، "أنه إذا لم تنفذ هذه الشروط فإن عبدالمهدي سيقدم استقالته من الحكومة في نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن قيادات الكتل السياسية بما فيها كتلة الحشد (الفتح) وافقت على شروط رئيس الوزراء دون أي اعتراض".
تغيير الحكومة سيضر الأحزاب وإيران
إجراء أي تغيير في الحكومة أو العملية السياسية العراقية سيضر بمصلحة بعض الكتل السياسية وإيران ودول المنطقة"، بحسب مسؤول في تحالف الفتح الجناح السياسي للحشد الشعبي.
ويقول المسؤول الذي رفض ذكر اسمه لـ"عربي بوست"، إن "رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي أبلغ القيادات السياسية بأنه غير قادر على تحمل المسؤولية وسيقدم استقالته في غضون أيام، إذا لم تسمح له الأحزاب السياسية بالتحرك بحرية والاستماع لمطالب المتظاهرين".
وذكر المسؤول، أن "الأحزاب رفضت رسالة عبدالمهدي بشأن تقديم استقالته، وسارعت إلى عقد اجتماع ضغط خلاله عليه للتراجع عن استقالته".
وأوضح أن "الاحزاب والكتل السياسية ستجد صعوبة في اختيار شخصية بديلة لعبدالمهدي لتسلم رئاسة الوزراء، على اعتبار أن هناك شخصيات تحاول العودة لرئاسة الحكومة العراقية، بعد أن فشلت في مهامها في الحكومات السابقة، بالإضافة إلى أن أي تغيير في العملية السياسية سيضر بمصلحة الأحزاب ودول أخرى".
وهنا استبعد صباح طلوبي النائب عن كتلة سائرون الجناح السياسي لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أن يقدم عبدالمهدي استقالته من رئاسة الحكومة العراقية بالوقت الحالي.
القيادات السياسية ستجد شخصية لتولي رئاسة الوزراء
طلوبي يقول لـ"عربي بوست"، إن "القيادات السياسية ستجد شخصية بديلة لعبدالمهدي لرئاسة الوزراء في حال قام بتنفيذ وعيده بالاستقالة من المنصب، إلا أن هذا لن يحدث لأسباب كثيرة.
وقال إنه لا يمكن إعادة حيدر العبادي إلى رئاسة الوزراء، لأن البلاد لا تتحمل إعادة رئيس وزراء سابق إلى منصبه"، حسب قوله.
وأضاف، أن "الوضع السياسي في البلاد أخذ مجرى آخر بعد التصريحات الأخيرة لرئيس جهاز الأمن الوطني فالح الفياض بشأن المظاهرات والاعتداء على المتظاهرين.
وقال "نتمنى أن تتم إقالة الفياض من منصبه باعتباره هو المسؤول المباشر في تهيج الأوضاع في الساحة العراقية".
وكان رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض بإجراءات وصفها بـ(المدوية) ضد الذين حرضوا على التظاهرات ووصف ما حدث بـ(المؤامرة) وبالفعل (الجنائي الخطير).
ولمح الفياض إلى إمكانية تدخل الحشد الشعبي لقمع المتظاهرين، لافتاً إلى أن الحشد يرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، وإذا ما صدرت لنا أوامر بالتدخل فسنكون جاهزين.
وأقر الفياض ضمناً بالإجراءات الرادعة التي اتخذتها القوات الأمنية ضد المتظاهرين، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية ستدافع عن الدولة التي (بنيناها بالدم) بحسب وصفه.
إقالة المسؤولين لن تكون نهاية التغييرات
"المواطن العراقي يأمل من الحكومة إجراء إصلاحات فعلية تمس حياة المواطن بشكل مباشر، فإن إقالة المسؤولين من مناصبهم ليست المحطة الأولى للإصلاح السياسي، حسب طلوبي.
وقال "إذا توفرت البيئة المناسبة داخل مجلس النواب، قد تتم إقالة رئيس الوزراء أو وزراء أو مسؤولين آخرين من مناصبهم وتشكيل حكومة جديدة".
وكان مجلس النواب العراقي قد صوت في، 10 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، على تسمية ومنح الثقة سها خليل حسين لتولي منصب وزير التربية، فيما وافق على قبول استقالة وزير الصحة علاء الدين العلوان بطلب من رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي.
الحشد يتهم السفارة الأمريكية بقتل المتظاهرين
"الشركات الأمنية الأمريكية والأجنبية العاملة في العراق وراء عمليات قتل وقنص المتظاهرين"، حسب حركة عصائب أهل الحق إحدى فصائل الحشد الشعبي التابعة قيس الخزعلي.
ويقول المتحدث باسم عصائب أهل الحق محمد الربيعي لـ"عربي بوست"، إنه "لم يصدر أي اتهام رسمي من الحكومة أو الجهات السياسية بأن فصائل الحشد الشعبي هي من تقف وراء حادثة الاعتداء على المتظاهرين، إلا أن هناك قوة كبرى لها علاقة بالسفارة الأمريكية تحاول تشويه سمعة الحشد هكذا اتهامات".
ويضيف أن "الحشد مرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة وهي الجهة المسؤولة والمباشرة عن تحركاته، هناك الكثير من أبناء الحشد شاركوا في تظاهرات على اعتبارها شعبية وغير مرتبطة بجهة معينة".
وأشار الربيعي، إلى أنه "لدينا معلومات وأدلة قدمناها إلى الجهات الرسمية العراقية تحتوي على إثباتات وأدلة تشير إلى تورط الشركات الأمنية الأمريكية والأجنبية عن إراقة الدماء وقتل وقنص المتظاهرين في العاصمة بغداد والمحافظات العراقية الأخرى، بتخطيط مباشر من السفارة الأمريكية الغاية لزعزعة أمن واستقرار الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد".
والسيستاني يحمل الحكومة مسؤولية سقوط ضحايا
وكان عبدالمهدي الكربلائي ممثل المرجع الديني علي السيستاني، قد حمل في 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الحكومة مسؤولية سقوط ضحايا من المحتجين وقوات الأمن خلال المظاهرات، وطالب بالوقت ذاته الحكومة والقضاء بإجراء تحقيق يتسم بالمصداقية في كل ما وقع في التظاهرات، والكشف للرأي العام عن العناصر التي أطلقت النار على المتظاهرين وغيرهم.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، تشكيل لجنة تحقيق عليا في الأحداث الدامية التي شهدتها الاحتجاجات في بغداد وعدد من المحافظات.
وقال عبدالمهدي في بيان صحفي: "استجابةً لخطبة المرجعية الدينية العليا واستكمالاً للتحقيقات الجارية، قامت الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق عليا تضم الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب ومفوضية حقوق الإنسان".
وأوضح عبدالمهدي، أن "تشكيل اللجنة يهدف إلى الوصول إلى نتائج موضوعية لإحالة المتسببين بسقوط ضحايا إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، وعدم التواني في ملاحقتهم واعتقالهم وتقديمهم إلى العدالة مهما كانت انتماءاتهم ومواقعهم".