ترامب هدد تركيا بسحق اقتصادها، لكنه نسي أن أنقرة بها أسلحة نووية تابعة لواشنطن!

عربي بوست
تم النشر: 2019/10/08 الساعة 10:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/08 الساعة 10:25 بتوقيت غرينتش
الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والأمريكي دونالد ترامب/ رويترز

قال موقع The Business Insider الأمريكي إن تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن حرب اقتصادية ضد أحد حلفاء الناتو في إشارة إلى تركيا قد يؤدي إلى زعزعة استقرار تحالف أمريكي أساسي كان دوره ضرورياً لتعزيز نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط على مدار عقود، ويُعرّض ترسانة السلاح النووي الأمريكي المُخزّن هناك للخطر.

ومع إعلان ترامب في وقت متأخر من ليلة الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول بأنَّ الولايات المتحدة ستسحب قواتها من شمال شرق سوريا ولن تصد أي توغل للقوات التركية في المنطقة، تكون واشنطن قد تخلَّت عن القوات الكردية التي كان لها دور فعال في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا. وفي الوقت نفسه، أصدر ترامب تحذيراً إلى دولة حليفة للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

كتب ترامب في تغريدة على موقع تويتر صباح يوم الإثنين 7 أكتوبر/تشرين الأول: "إذا فعلت تركيا أي شيء اعتبرته، بحكمتي العظيمة التي لا مثيل لها، تجاوزاً للحدود، سأدمر اقتصاد تركيا بالكامل وأمحوه (وقد فعلت ذلك من قبل)".

في حين تشهد العلاقات الأمريكية – التركية توترات متزايدة جزئياً بسبب قرار تركيا شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400، تبقى حقيقة أنَّ جزءاً كبيراً من ترسانة السلاح النووي الأمريكي مُخزّن في قاعدة "إنجرليك" الجوية في تركيا، والذي يتشكَّل على الأرجح من حوالي 50 قنبلة ذرية من طراز B61.

قصة القنابل النووية في تركيا

وذكرت مجلة "The New Yorker" الأمريكية أنَّ تلك القنابل موجودة هناك منذ ستينيات القرن الماضي. وفي ذلك الوقت، كان المسؤولون الأمريكيون يشعرون بالقلق من أنَّ تركيا وأعضاء الناتو الآخرين قد يستخدمون الأسلحة دون إذن أو معرفة الولايات المتحدة. وفي سبعينيات القرن الماضي، عندما باتت الحرب بين اليونان (التي تُخزّن أيضاً أسلحة نووية) وتركيا وشيكة، نقلت الولايات المتحدة مخزونها النووي من اليونان وأبطلت تفعيل القنابل في تركيا.

وتساءل خبراء عن حكمة امتلاك سلاح نووي في تركيا. في عام 2016، كتب جيفري لويس، مدير برنامج شرق آسيا لمنع الانتشار النووي في مركز جيمس مارتن لدراسات الحد من الانتشار النووي بمعهد ميدلبري الأمريكي للدراسات الدولية، عن الوضع الأمني غير المؤكد للأسلحة بتركيا في أعقاب محاولة انقلاب فاشلة حدثت في ذلك العام.

وكتب لويس في ذلك الوقت أنَّ "القاعدة الجوية ليست حصناً، ولا يُقصد منها أن تتحمَّل حصاراً من الحكومة المضيفة، على الرغم من أنَّ الولايات المتحدة استثمرت الملايين في رفع مستوى تأمين ترساناتها النووية".

ووفقاً لهانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، ثمة العديد من السيناريوهات المحتملة لكيف يمكن أن تكون الترسانة الأمريكية طراز B61 الموجودة في قاعدة "إنجرليك" معرضة للخطر.

وقال كريستنسن لموقع Business Insider الأمريكي في مقابلة عبر الهاتف: "أحد هذه السيناريوهات ينطوي على انهيار العلاقات مع تركيا والتداخل مع عمليات قاعدة "إنجرليك"، وهذا أمر على الأرجح نتائجه غير مؤكدة".

وأضاف: "يتمثَّل السيناريو الآخر في هجوم إرهابي مُنسّق جيداً ينجم عنه فوضى وخراب من الداخل".

وعلى الرغم من أن الأسلحة النووية محمية بشكل جيد للغاية من الناحية المادية لدرجة يصعب معها تخيُّل أنَّها قد تجد طريقها للخارج، شهدت محاولة الانقلاب في عام 2016 استخدام مقاتلة F-16 من القاعدة العسكرية لتفجير البرلمان التركي، وأحد المتآمرين في تدبير الانقلاب كان قائد قاعدة "إنجرليك".

وأشار كريستنسن إلى أنَّ قاعدة "إنجرليك" تختلف اختلافاً جذرياً عن أي موقع تخزين نووي آخر، بالنظر إلى العلاقات السيئة على نحو متزايد بين الولايات المتحدة وتركيا. وقال كريستنسن إنَّه إذا لم تكن الأسلحة موجودة بالفعل هناك، لكان من غير المحتمل نشرها في تركيا.

وقال كريستنسن لموقع Businee Insider إنَّه فيما يتعلق بالإزالة الكاملة للأسلحة، سيكون الأمر بسيطاً من الناحية اللوجستية بقدر إرسال طائرتين طراز C-17 إلى القاعدة وتحميل الأسلحة عليهما -على الأرجح في جنح الظلام لتفادي لفت الانتباه- والعودة مجدداً إلى الولايات المتحدة.

لكن الأمر يختلف تماماً من الناحية السياسية

الأمر ليس سهلاً

قالت جيسيكا فارنوم، نائبة مدير مركز "جيمس مارتن" لدراسات حظر الانتشار النووي في ميدلبري، "لقد شعر عدد منّا منذ محاولة الانقلاب في عام 2016 أنَّ مواصلة الاحتفاظ بالأسلحة في تركيا أصبح غير ممكن على نحو متزايد".

ولعل الطريقة الوحيدة لتجنَّب التداعيات السياسية مع تركيا هي إزالة الترسانة النووية الأمريكية من جميع دول الناتو المخزنّة بها.

وقالت جيسيكا عن الأسلحة: "الأمر لا يتعلق بالأمن فحسب، بل إنَّه لا يخدم أي غرض عسكري".

وأوضحت جيسيكا إنَّه في حين نُشرت الأسلحة في الأساس على أراضي الدول الأعضاء في الناتو لإظهار التزام الولايات المتحدة بالتحالف ضد روسيا ومنع هذه الدول المتحالفة من تطوير أسلحتها النووية الخاصة بها، لكنها لا تفيد حال نشوب صراع حقيقي، حيث أنَّ الأمر سيستغرق جهداً أمريكياً كبيراً للوصول إلى تلك الأسلحة واستخدامها بفعالية.

وقالت: "لا تُمثّل تلك الأسلحة تهديداً عسكرياً جدَّياً، بسبب الإطار الزمني".

وأضافت جيسيكا فارنوم إنَّ خطوة إزالة الأسلحة من جميع دول الناتو ليست سيناريو مرجحاً، مشيرة إلى دفع ترامب لتحديث الترسانة النووية واحتمالية أن تعيق التعقيدات الروتينية الرسمية لحلف الناتو تنفيذ مثل هذه الخطوة.

تحميل المزيد